وابتلاء للعصاة والنبلاء

من طرف **Admin** الثلاثاء 08 مايو 2012, 2:15 am

الحمد لله الذى جعل الدنيا دار مشقة وابتلاء للعصاة والنبلاء ولم ينجو من تعبها أحد حتى الأنبياء ، وجعل الآخرة للمجرمين دار مشقة وعناء وللمتقين دار سعادة وجزاء ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين الأوفياء . ثم أما بعد ………فيا أيها الإخوة يقول الله عز وجل وهو أصدق القائلين : " ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرًا عليما " ( النساء : 147 )
يقول النبى صلى الله علبه وسلم راويا عن الله عزوجل " يا عبادى إنى حرَّمت الظلم على نفسى وجعلته مُحرَّما بينكم فلا تظالموا " قال صلى الله عليه وسلم فى نهاية الحديث مبينا قول الله تعالى " يا عبادى : إنَّما هى أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفَّيكم إيَّاها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه " ( مسلم عن أبى ذر – صحيح الجامع 4345 ) .
أخى المسلم أختى المسلمة من رحمة الله عزوجل أنه يبتلى العبد المؤمن ليُجلَّه ويرفعُ منزلته ويُعْلى درجته فى الجنة لأنه ربما يكون له منزلة عند ربه ولا يبلُغها بعمله فيبتليه بم يكره حتى يُبلِّغهُ هذه المنزلة ، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليكون له المنزلةُ عن الله فما يبلُغها بعمل فلا يزال يبتليه بما يكره حتى يُبلِّغهُ أياها " ( ابن حبان ، والحاكم ، عن أبى هريرة رضى الله عنه حسنه الإمام الألبانى فى صحيح الجامع ) .
فيا أخى المبتلى أبشر بخير إذا كنت مؤمنا فلا تحزن ولكن ينبغى لك أن تفرح لأن الله تعالى أراد أن يجلَّك ويرفع درجتك ويضعك فى مصاف الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، أراد سبحانه وتعالى أن يمثّلك بحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم ، الذى جرَّب كل أنواع البلاء منذ ولادته إلى انتقل إلى الرفيق الأعلى ، فهذا رسول الله أجل وأعظم خلق الله عزوجل يولد يتيما من الأب الذى يرعاه ومن أجل ذلك تزهد فيه المرضعات ليتمه ، ثم تموت أمه وهو لم يتجاوز السنة السادسة من عمره ، فى رحلة عودته من المدينة إلى مكة بعد زيارة قبر أبيه ، فى وسط صحراء قاحلة موحشة ، لا يوجد معه إلا جاريته بركة التى لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها ، فيحفر قبرأمه بنفسه ويدفنها بيده الصغيرة تساعده جاريته بركة ، ثم يعمل فى مهنة من أشق المهن وهى رعى الأغنام ، فلم يتمتع بطفولته ولا بشبابه ، ويجوع ويربط بطنه بالحجر والحجران ، ولم يعش له أبناء ذكور ، ولم يعش له إلا البنات ، ويعيَّرُ بذلك ويطلقون عليه بالأبتر ، ويموت جميع بناته فى حياته إلا السيدة / فاطمة رضى الله عنها ، أيضا يهان من قومه فى سبيل دعوته ، وتكسر ثناياه وخضب لحيته بالدماء ويتهمهوه بالسحر والكذب ، ثم يتهم فى شرف زوجته الطاهرة السيدة / عائشة رضى الله عنها ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم " يا أيها الناس : أيما أحد من المؤمنين أصيب بمصيبة ، فليتعزَّ بمصيبتة بى عن المصيبة التى تصيبه بغيرى ، فإن أحدًا من أمتى لن يصاب بمصيبة بعدى أشدَّ عليه من مصيبتى " ( رواه ابن ماجه عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها ، صحيح الجامع رقم 7879 ) .
أخى المبتلى بالفقر : ألا تحب أن تكون رفيقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجنة ؟ ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب من ربه أن يرزقه حب المساكين ، وأن يحشره فى زمرة المساكين مع أنه لو طلب من ربه الدنيا لصارت له الجبال ذهبا .
* ألا تحب أخى المبتلى بالفقر أن تدخل الجنة قبل أغنياء المؤمنين بخمسمائة عام ؟ فهذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أعنيائهم بنصف يوم وهو خمسمائة عام " ( رواه : أحمد ، والترمذى ، وابن ماجه ، وصحيح الجامع 8076 ) .
* ويامن حرم من نعمة إنجاب الولد ، هل نظرت لمن أعطاه الولد وأصبح فاسقا وفاسدا وأصبح عاقا أو عبئا على والديه .
* ويامن أنجب البنات ولم ينجب البنين ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعش له إلا البنات ، وعُيَّر بذلك وأطلق عليه بأنه رجل أبتر ، فنزل بذلك تطيبا لخاطر النبى صلى الله عليه وسلم يتلى إلى يوم القيامة كما قال تعالى " إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إنا شانئكَ هو الأبتر " .
* ويامن مات له الإبن أو الإبنة ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مات له ثلاث أبناء ذكور وهم صغار ، وله من البنات ثلاث متن فى حياته .
* ويامن ابتلى بالإتهام فى شرفه وعرضه ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم تتهم حبيبة قلبه زوجته الطاهرة ، أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها ، فأنزل الله عزوجل براءتها فى قرآن يُتلى إلى يوم القيامة .
واعلم أخى المسلم واعلمى أختى المسلمة أن بعد الإبتلاء لابد أن يأتى الفرج ، كما قال تعالى : " فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا " وقد صدق القائل : -
يا صحب الهم إن الهم منفرج *** أبشر بخير فإن الفــارج الله
اليأس يقطع أحيانا بصاحبـه *** لا تيأسن فإن الكافـــــى الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة *** لا تجزعنَّ فإن الصانع الله
والله مالك غير الله من أحد *** فحسبك الله فى كل لك الله
وقد بشَّر الله عزوجل الصابرين على الإبتلاءات فقال : " وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " .
أيها الإخوة مع هذه البشارة العظيمة ، ولعلم الله عزوجل بطبيعة النفس البشرية أنها لا تهوى الإبتلاءات ولا تحبه ، أعطى لهم الوقاية من هذه الإبتلاءات فقال : " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء ولكن كذَّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون " ( الأعراف : 96 )
قال تعالى : " وليخشى الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا " ( النساء : 9 )
قال تعالى:"وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءًا غدقا"(الجن : 16)
قال تعالى : "ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما"
قال سيدنا أبوبكر رضى الله عنه " لا ابتلاء إلا بذنب "
ولنبين فى لقاء قادم إن شاء الله تعالى ، كيف يكون الإبتلاء نقمة ؟
فاللهم قنا شر البلاء ودرك الشقاء وشماتة الأعداء ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31