مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم

الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
» كيف عرفت انه نبي..
"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2 Emptyالجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin

» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin

» التدرج في التشريع
"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin

» كتب عليكم الصيام،،
"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin

» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin

» قد نري تقلب وجهك في السماء.،،
"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:38 am من طرف Admin

» الماعون تفسير السعدى
"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:36 am من طرف Admin

» سوره الماعون
"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:34 am من طرف Admin

» اعمالهم كسراب. منتديات ملتقي الدعاه
"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:27 am من طرف Admin

مايو 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
   1234
567891011
12131415161718
19202122232425
262728293031 

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيل
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 6 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 6 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 50 بتاريخ الجمعة 25 مارس 2016, 12:22 am

"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2

اذهب الى الأسفل

"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2 Empty "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2

مُساهمة من طرف Admin الإثنين 21 نوفمبر 2011, 7:21 pm

تفسير سورة الملك | الآية الثانية


"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" الآية :2




** قال بن عاشور: ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور) صفة ل ( الذي بيده الملك ) .

و الآية السابقة ذكرت عموم القدرة و من أعظم ما تظهر فيه
القدرة صفة الخلق فذكر سبحانه هنا مخلوقين من أعجب ما يكون بهما قهر الخلق
و ظهر ملكه و سلطانه عليهم "كل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال و
الإكرام" و هما الموت و الحياة.

و لا يفوت هنا تذكر محاجة إبراهيم صلى الله عليه و سلم للملك
"إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي و يميت قال أنا أحيي و أميت" قالها الملك
بطرا للحق و هو يعلم أنه مقهور بالموت .

فالله العظيم بيده الموت و الحياة فمن ممن دونه يملك ذلك
لنفسه فضلا عن غيره و من ممن يعظم الخلق مهما بلغ من سلطان في الدنيا لا
يدخل تحت هذا القهر فاللهم غفرا.

فهذا مدعاة لوضع الأمور في نصابها الصحيح فالله سبحانه رفع
بعض الخلق على بعض في الدنيا ابتلاء و ليس هذا الحال الذي ستدوم عليه
الأمور و توشك أن تستوي الرؤوس في الآخرة بل لن تستوي فليس المسلمين
كالمجرمين قال سبحانه "و الذين اتقوا فوقهم يوم القيامة".



**"خلق الموت و الحياة":


1 – وردت مجموعة من الأثار أن الحياة فرس جبريل و الموت كبش أملح:

*أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : والذي خلق الموت والحياة قال : الحياة فرس جبريل عليه السلام والموت كبش أملح .

*وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال : خلق الله
الموت كبشا أملح مستترا بسواد وبياض له أربعة أجنحة جناح تحت العرش وجناح
في الثرى وجناح في المشرق وجناح في المغرب .

* و في روضة المحدثين عن ابن عباس قال : الموت و الحياة جسمان
فالموت كبش لا يجد ريحه شىء إلا مات ، و الحياة فرس بلقاء أنثى و هى التى
كان جبريل و الأنبياء يركبونها لا تمر بشىء و لا يجد ريحها شىء إلا حيى .

قال الحافظ فى " الفتح " : من الأخبار الواهية فى صفة البراق .

*و في تفسير اللباب: روى الكلبي عن ابن عبَّاسٍ : أن الله -
تعالى - خلق الموت في صورة كبش أملح لا يمر بشيء ، ولا يجد رائحته شيء
إلاَّ مات ، وخلق الحياة في صورة فرس بلقاء فوق الحمار ودون البَغْل لا تمر
بشيء ، ولا يجد رائحتها شيء إلا حيي .

قلت: و الكلبي ضعيف لا يحتج به.

و فيه :حكى ابنُ عباس ، والكلبي ومقاتلٌ : أن الموت والحياة
يجسمان ، فالموت في هيئة كبْش لا يمر بشيء ، ولا يجد ريحه إلا مات ، وخلق
الحياة على صورة فرس أنثى بلقاءَ وهي التي كان جبريل والأنبياء - عليهم
الصلاة والسلام - يركبونها ، خطوتُها أمدُ البصر فوق الحمار ودون البغل ،
لا تمر بشيء يجد ريحاً إلا يحيى ، ولا تطأ على شيء إلا حيي ، وهي التي أخذ
السَّامري من أثرها ، فألقاها على العِجْل فحيي .

حكاه الثعلبي والقشيري عن ابن عباس ، والماوردي معناه عن مقاتل والكلبي .

**حديث "إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار يجاء
بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة و النار فيقال : يا أهل الجنة هل
تعرفون هذا ؟ فيشرئبون فينظرون و يقولون : نعم هذا الموت و كلهم قد رآه
ثم ينادى : يا أهل النار هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون فينظرون فيقولون
: نعم هذا الموت و كلهم قد رآه فيؤمر به فيذبح و يقال : يا أهل الجنة
خلود و لا موت و يا أهل النار خلود و لا موت" . ‌صححه الألباني

قال القاضي عياض: ( قال بعض أهل المعاني: واختلاف اللونين في
هذا التمثيل يحتمل أنه لاختلاف الحالين، فالبياض لجهة أهل الجنة الذين
ابيضت وجوههم، والسواد لأهل النار الذين اسودت وجوههم) .اه

و في تحفة الأحوذى: قال القرطبي الحكمة في الإتيان بالموت هكذا الإشارة إلى أنهم حصل لهم الفداء به كما فدى ولد إبراهيم بالكبش

وقال بن العربي استشكل هذا الحديث لكونه يخالف صريح العقل لأن
الموت عرض والعرض لا ينقلب جسما فكيف يذبح فأنكرت طائفة صحة هذا الحديث
ودفعته وتأولته طائفة فقالوا هذا تمثيل ولا ذبح هناك حقيقة وقالت طائفة بل
الذبح على حقيقته والمذبوح متولى الموت وكلهم يعرفه لأنه الذي تولى قبض
أرواحهم .

وقال المازري: الموت عندنا عرض من الأعراض وعند المعتزلة ليس
بمعنى بل معناه عدم الحياة وهذا خطأ لقوله تعالى خلق الموت والحياة فأثبت
الموت مخلوقا وعلى المذهبين لا يصح أن يكون كبشا ولا جسما وأن المراد بهذا
التمثيل والتشبيه ثم قال وقد يخلق الله تعالى هذا الجسم ثم يذبح ثم يجعل
مثالا لأن الموت لا يطرأ على أهل الاخرة

وقال القرطبي في التذكرة الموت معنى والمعاني لا تنقلب جوهرا
وإنما يخلق الله أشخاصا من ثواب الأعمال وكذا الموت يخلق الله كبشا يسميه
الموت ويلقى في قلوب الفريقين أن هذا الموت يكون ذبحه دليلا على الخلود في
الدارين .

وقال غيره: لا مانع أن ينشئ الله من الأعراض أجسادا يجعلها
مادة لها كما ثبت في مسلم في حديث أن البقرة وآل عمران يجيئان كأنهما
غمامتان ونحو ذلك من الأحاديث. انتهى

قال صاحب التحفة: هذا القول الأخير هو المعتمد .

2 – قال أبو حيان : ومعنى { خلق الموت } : إيجاد ذلك المصحح وإعدامه ، والمعنى : خلق موتكم وحياتكم أيها المكلفون .

قال بن عاشور: ومعنى خلق الحياة : خلق الحي لأن قوام الحي هو
الحياة ففي خلقه خلق ما به قوامه وأما معنى خلق الموت فإيجاد أسبابه وإلا
فإن الموت عدم لا يتعلق به الخلق بالمعنى الحقيقي ولكنه لما كان عرضا
للمخلوق عبر عن حصوله بالخلق تبعا كما في قوله تعالى ( والله خلقكم وما
تعملون ).

وأيضا لأن الموت تصرف في الموجود القادر الذي من شأنه أن يدفع عن نفسه ما يكرهه .

والموت مكروه لكل حي فكانت الإماتة مظهرا عظيما من مظاهر القدرة لأن فيها تجلي وصف القاهر

فأما الإحياء فهو من مظاهر وصف القادر ولكن مع وصفه المنعم

فمعنى القدرة في الإماتة أظهر وأقوى لأن القهر ضرب من القدرة

ومعنى القدرة في الإحياء خفي بسبب أمرين بدقة الصنع وذلك من آثار صفة العلم وبنعمة كمال الجنس وذلك من آثار صفة الإنعام .

والمعنى : أنه خلق الموت والحياة ليكون منكم أحياء يعملون
الصالحات والسيئات ثم أمواتا يخلصون إلى يوم الجزاء فيجزون على أعمالهم بما
يناسبها.

3 –وقيل : كنى بالموت عن الدنيا ، إذ هو واقع فيها ، وعن
الآخرة بالحياة من حيث لا موت فيها ، فكأنه قال : هو الذي خلق الدنيا
والآخرة ، وصفهما بالمصدرين ، وقدّم الموت لأنه أهيب في النفوس.

روى عطاء عن ابن عباس قال : يريد الموت في الدنيا والحياة في الآخرة دار الحيوان.

4 – قال الرازى: قالوا : الحياة هي الصفة التي يكون الموصوف
بها بحيث يصح أن يعلم ويقدر واختلفوا في الموت ، فقال قوم : إنه عبارة عن
عدم هذه الصفة وقال أصحابنا : إنه صفة وجودية مضادة للحياة واحتجوا على
قولهم بأنه تعالى قال : { الذى خَلَقَ الموت } والعدم لا يكون مخلوقاً هذا
هو التحقيق.

5 - وعن مقاتل : « خَلَقَ المَوْتَ » يعني : النُّطفة
والعلقة والمُضغة ، وخلق الحياة ، يعني خلق إنساناً ، ونفخ فيه الروح ،
فصار إنساناً .

قلت (شريف): و كما قال صاحب التحفة قد ينشئ الله للأعراض
أجساما يوم القيامة و لا يلزم من كون الموت يؤتى به يوم القيامة على هيئة
كبش أملح أن هذه الكيفية التي خلق عليها فهذا لا يستطيع أحد أن يثبته أو
ينفيه إلا بأثر و الأثار الواردة لا حجة فيها إلا الحديث الأخير و كون
الموت و الحياة فيما يبدو للخلق أعراض تعرض للخلق و ليست أجسام محسوسة لا
ينفى أن يكون له من الكيفية و الخلقه ما نجهله و يعلمه الله فالأولى و
الصواب الإيمان بما أوحاه الله سبحانه إلى نبيه و عدم تكلف تأويله و أخذ
العبرة المطلوبة منه و عدم القول و الخوض في الدين بغير علم فلو كان ذلك
مهما في أمر المعاد لأوضحه الله سبحانه غاية الإيضاح و لكنه كعدد أصحاب
الكهف و غير ذلك مما لا نفع في تحقيقه بل المقصود من ذكره العبرة و العظة
لا الانشغال بكيفيته و الله أعلم.

قال تعالي في سورة الإسراء :" (48) وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا
عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) قُلْ
كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي
صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ
أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى
هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51)"

قال بعض أهل التفسير :"أو خلقا مما يكبر في صدوركم" قالوا
الموت فلو كنتم حجارة أو حديدا أو الموت نفسه لم تعجزوا الله سبحانه أن
يبعثكم و يعيدكم و الله لا يعجزه شيء و لا يتعاظمه شيء .

في صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال : دخلت
على النبي صلى الله عليه و سلم وعقلت ناقتي بالباب فأتاه ناس من بني تميم
فقال ( اقبلوا البشرى يا بني تميم ) . قالوا قد بشرتنا فأعطنا مرتين ثم دخل
عليه ناس من أهل اليمن فقال ( اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها
بنو تميم ) . قالوا قد قبلنا يا رسول الله قالوا جئناك نسألك عن هذا الأمر
قال ( كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء
وخلق السماوات والأرض ) .

قال بن حجر في الفتح:قوله كان الله ولم يكن شيء غيره في
الرواية الآتية في التوحيد ولم يكن شيء قبله وفي رواية غير البخاري ولم يكن
شيء معه والقصة متحدة فاقتضى ذلك أن الرواية وقعت بالمعنى ولعل راويها
أخذها من قوله صلى الله عليه و سلم في دعائه في صلاة الليل كما تقدم من
حديث بن عباس "أنت الأول فليس قبلك شيء" لكن رواية الباب أصرح في العدم
وفيه دلالة على أنه لم يكن شيء غيره لا الماء ولا العرش ولا غيرهما لأن كل
ذلك غير الله تعالى .

الله الملك هو الأول فليس قبله شيء و لم يكن له كفئا أحد و هو خالق كل شيء فكل
ما سواه مخلوق مقهور مربوب خلق الله سبحانه الأجسام و المخلوقات المختلفه
فمنها الجماد و منها النبات و منها الأحياء و خلق سبحانه الأعراض التي تعرض
لها خلق الموت و الحياة و الصحة و المرض و السعادة و الشقاء و الألم و
الراحة و الجوع و الشبع و غير ذلك و لا ندرى كيفية خلق هذه الأعراض و هل
لها أجسام لا نعلمها ؟ أم هي كإدراكنا لها مجرد أعراض؟ فلله العلم.

و أحكم الله سبحانه خلقه و أتقنه في كل جزء منه و فرع فترى
ألاف الأبحاث فقط حول مخلوق واحد و لا تشمل كل ما فيه و الخلق أعجز من أن
يخلقوا ذبابة.

و الزمان شيء و المكان شيء و الله خالق كل شيء فهما مخلوقان و
لكن كيفيتهما فهذا تحار فيه الألباب و النهى و ليس فيه أثارة من علم يستدل
بها و نحن خلقنا محاطين بهذه الحدود فلا نتصور غيرها و إعمال العقل في ذلك
لن يوصل لنافع.

و ليس لنا البحث في ذات الله لحديث "تفكروا في خلق الله و لا
تفكروا في الله "حسنه الألباني و لأن ذلك التفكر لن يوصل لشيء لعجز مداركنا
و أفهامنا و حواسنا و علمنا عن ذلك فهو في أحسن أحواله مضيعة للوقت إن لم
يؤدى للضلال المبين فأهل السنة و الجماعة يثبتون ما ثبت بالأثر و لا
يتعرضون للكيفية و لا يزيدون من عند أنفسهم وصفا إلا بدليل فلا ينفون ماجاء
به الأثر و لا يكيفون بالعقول القاصرة و هذا أعدل المسالك و أقومها و الله
أعلم.



*** و هذه علة الخلق الابتلاء والاختبار ليظهر الأوائل
والأفاضل لتتجلى تلك اللحظات الإيمانية الرائعة ليصلي المصلي و يخشع الخاشع
و يتدبر المؤمن و يجاهد المجاهد و يصطفي الله من شاء لجواره في جنة عرضها
السماوات و الأرض .

الدنيا دار اختبار و المرء في كل لحظة يجيب أسئلة الاختبار و
لا فسحه و لا راحة فغير مسموح بالخروج من مكان الاختبار قبل انتهاء الوقت و
ليس معنى ذلك أن المؤمن عليه أن يعمل في الدنيا بلا راحة بل حتى الراحة
فيها سنة يُعمل بها .

و ما أعظم تكريم الأخيار أن يذكر الله أن هذه الدنيا إنما
خلقت ليبتلى الخلق فيظهر أيهم أحسن عملا و قد اصطفاهم الله لهذه الفضيلة
فكأن الدنيا خلقت من أجلهم و لو هانوا فيها و لو أوذوا فيها و لو قتلوا
فيها.

و هناك من الخلق من لا ينتبه إلى هذه العلة فيحيا و لا يعلم
علة خلق الموت و الحياة كأغلب حال أهل الأرض اليوم يحيون حياة الأنعام و
المؤمن لما يعلم علة الخلق يكون له شأن أخر و لو فرط و قصر فهو يؤمن ربه و
يعلم بدايته و مآله.



*** و لا شك أن في الآية أعظم الحث على فعل الخير و
الاستكثار منه و العمل يحتاج لفقه و ليس الفقيه من يعلم الخير من الشر بل
الفقيه من يعلم خير الخيرين و شر الشرين فالدنيا لا تسير دوما كما يشتهى
المرء بل قد يتعرض لما لا يريد و تتعارض الواجبات و قد يبتلى بمحرمات يضطر
لأحدها و على أفضل أحواله لا بد له من تمييز بين الفاضل و المفضول من الخير
فالعمر قصير و الخير كثير و طاقة الإنسان محدودة فالفقه دليل السالك و لا
أعني هنا بالفقه الفقه الاصطلاحي الذي هو الأحكام الشرعية العملية بل أعني
ما هو أعم و أوسع من ذلك بما يشمل كل أحكام الدين .

و لو عجزت الهمة عن إكمال المعالي ففي الضرب بسهم من كل خير سعة و يسر.

و خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه و سلم و السبيل الوحيد و
هو أنفع السبل و السالك بقدر إصابته منه بقدر إصابته للحق فعبادته أفضل
العبادة مطلقا و لو زاد غيرها عليها و سنته أفضل السنن مطلقا و هكذا إلا
أنه ينتبه أن النبي صلى الله عليه و سلم كانت له من الوظائف ما ليس منها
لأحدنا فهو نبي مرسل و قائد للأمة و زوج و والد و مربي و عابد و عالم و
مجاهد و غير ذلك من الفضائل و هناك من الوظائف ما كان النبي صلى الله عليه و
سلم لا يزيد فيها لا في سراء و لا ضراء و لا فراغ و لا شغل عن حد معين فلا
يزاد عليه و هناك من الأعمال ما واظب عليها النبي صلى الله عليه و سلم و
هناك ما كان يتغير مقداره بتغير الأحوال و الأشغال و هكذا فيوضع كل في
نصابه و يقدم الأهم فالمهم و ليس كل الخلق يلجون من كل الأبواب فمن فتح له
في باب من الطاعة فليستعن بالله و كل ميسر لما خلق له.

و من عجز فلا أقل من الدعاء و اللُجأ إلى الله أن يفتح له الباب و أن يعينه على ذكره و شكره و حسن عبادته

و اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة.



*** قال العلماء و قدم الموت على الحياة لوجوه :

أحدها : قال مقاتل : يعني بالموت نطفة وعلقة ومضغة والحياة نفخ الروح .

وثانيها : روى عطاء عن ابن عباس قال : يريد الموت في الدنيا والحياة في الآخرة دار الحيوان.

وثالثها : أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أن
منادياً ينادي يوم القيامة يا أهل الجنة ، فيعلمون أنه من قبل الله عز وجل
فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، فيقول : هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا :
نعم ، ثم يؤتى بالموت في صورة كبش أملح ويذبح ثم ينادي يا أهل الجنة خلود
بلا موت ، ويا أهل النار خلود بلا موت » فظهر بما ذكرناه أن أيام الموت هي
أيام الدنيا وهي منقضية ، وأما أيام الآخرة فهي أيام الحياة وهي متأخرة
فلما كانت أيام الموت متقدمة على أيام الحياة لا جرم قدم الله ذكر الموت
على ذكر الحياة.

ورابعها: إنما قدم الموت على الحياة لأن أقوى الناس داعياً إلى العمل من نصب موته بين عينيه فقدم لأنه فيما يرجع إلى الغرض له أهم .

الخامس: وفي الكلام تقدير : هو الذي خلق الموت والحياة لتحيوا
فيبلوكم أيكم أحسن عملا وتموت فتجزوا على حسب تلك البلوى ولكون هذا هو
المقصود الأهم من هذا الكلام قدم الموت على الحياة .

السادس: الموت أعظم في بيان القدرة و الملك فهو قهر عظيم لكل
حي و لا يخرج أحد من سلطان الموت مهما بلغ سلطانه في الدنيا و هو أهيب في
النفوس من ذكر الحياة.



*** و في التحرير :التعريف في ( الموت ) و ( الحياة ) تعريف
الجنس واللام في ( ليبلوكم ) لام التعليل أي في خلق الموت والحياة حكمة أن
يبلوكم . الخ

وجملة ( ليبلوكم ) إلى آخرها معترضة بين الموصولين و في البحر: وليبلوكم متعلق بخلق.



** و في التحرير:والبلوى : الاختبار وهي هنا مستعارة للعلم أي
ليعلم علم ظهور أو مستعارة لإظهار الأمر الخفي فجعل إظهار الشيء الخفي
شبيها بالاختبار

و في البحر : وسمى علم الواقع منهم باختيارهم بلوى وهي الحيرة ، استعارة من فعل المختبر.



*** "أيكم أحسن عملا":


1 – وردت بعض الأثار في الأية نسوقها:

*روى البيهقي في شعب الإيمان قال : و أنا أبو بكر بن أبي
الدنيا حدثني محمد بن الحسين نا إسحاق بن منصور السلولي(صدوق) نا أسباط بن
نصر(مرتبته عند بن حجر صدوق كثير الخطأ يغرب) عن السدي : { الذي خلق الموت
و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا}

قال : أيكم أكثر للموت ذكرا و له أحسن استعدادا و منه أشد خوفا و حذرا.

قلت : إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبى كريمة السدى ، أبو محمد القرشى الكوفى الأعور .

مرتبته عند ابن حجر : صدوق يهم و رمى بالتشيع

مرتبته عند الذهبـي : حسن الحديث ، قال أبو حاتم : لا يحتج به.

*و في روضة المحدثين عن أبى قتادة قلت : يا رسول الله أرأيت
قول الله عز و جل " أيكم أحسن عملا " ما عنى به ، قال : " أيكم أحسن عقلا "
، ثم قال : " أتمكم عقلا أشدكم لله خوفا و أحسنكم فيما أمر به و نهى عنه
نظرا ، و إن كان أقلكم تطوعا " .

قال الحافظ فى " المطالب ": من كتاب العقل لداود بن المحبر ،
أودعها الحارث بن أبى أسامة فى مسنده ، و هى موضوعة كلها ، لا يثبت منها
شىء .

*و فيها عن ابن عمر رفعه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه تلا
: ( تبارك الذى بيده الملك ) إلى قوله ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) قال : "
أيكم أحسن عقلا ، و أورع عن محارم الله ، و أسرعهم فى طاعة الله عز و جل "
.

قال الحافظ فى " المطالب" : من كتاب العقل لداود بن المحبر ،
أودعها الحارث بن أبى أسامة فى مسنده ، و هى موضوعة كلها ، لا يثبت منها
شىء .

* وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن حاتم عن قتادة في قوله :
الذي خلق الموت والحياة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
إن الله أذل بني آدم بالموت وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت وجعل الآخرة
دار جزاء ثم دار بقاء ".

قال الطبرى:وقد حدثني ابن عبد الأعلى(ثقة)، قال: ثنا ابن
ثور(محمد بن ثور الصنعاني :ثقة)، عن معمر، عن قتادة، في قولهSad الَّذِي
خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ) قال: أذل الله ابن آدم بالموت، وجعل
الدنيا دار حياة ودار فناء، وجعل الآخرة دار جزاء وبقاء.

قلت:السند صحيح إلى قتادة.

و قال:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة(
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ ) ذكر أن نبيّ الله
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أكان يقول: "إنَّ الله أذَلَّ ابْنَ آدَمَ
بالمَوْتِ".

2 –عن ابن عباس والحسن والثوري : أزهدكم في الدنيا.

3 –أن يكون أخلص الأعمال وأصوبها لأن العمل إذا كان خالصاً
غير صواب لم يقبل ، وكذلك إذا كان صواباً غير خالص فالخالص أن يكون لوجه
الله ، والصواب أن يكون على السنة

4 - روي عن الحسن أيكم أزهد في الدنيا وأشد تركاً لها.



*** قال أبو حيان : { وإيكم أحسن عملاً } مبتدأ وخبر ، فقدر
الحوفي قبلها فعلاً تكون الجملة في موضع معموله ، وهو معلق عنها تقديره :
فينظر ، وقدّر ابن عطية فينظر أو فيعلم.

قال الرازى: في تعلق قوله : { لِيَبْلُوَكُمْ } بقوله : { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } وجهان :

الأول : وهو قول الفراء والزجاج : إن المتعلق بأيكم مضمر والتقدير ليبلوكم فيعلم أو فينظر أيكم أحسن عملاً.

والثاني : قال صاحب «الكشاف» : { لِيَبْلُوَكُمْ } في معنى ليعلمكم والتقدير ليعلمكم أيكم أحسن عملاً .



** و في التحرير:و ( أحسن ) تفضيل أي أحسن عملا من غيره
فالأعمال الحسنة متفاوتة في الحسن إلى أدناها فأما الأعمال السيئة فإنها
مفهومة بدلالة الفحوى لأن البلوى في أحسن الأعمال تقتضي البلوى في السيئات
بالأولى لأن إحصاءها والإحاطة بها أولى في الجزاء لما يترتب عليها من
الاجتراء على الشارع ومن الفساد في النفس وفي نظام العالم وذلك أولى
بالعقاب عليه ففي قوله ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) إيجاز.



*** و لم تنص الآية أن المراد العمل الأكثر بل المراد الأحسن و
هو ما اجتمعت فيه الكمية والكيفية التي ترفعه عن غيره فليس المراد الكم
فقط و لا الكيف فقط بل ما يحصل باجتماعه منها الأفضلية .

و الأصل في كل عمل كي يكون مقبولا شرطي الإخلاص و المتابعة ثم
ينظر بعد ذلك لأعظم الأعمال فالذي يليه و العمل الذي يجتمع فيه الإخلاص و
حضور القلب يفوق مثله مما يزيد عليه في الكم في أغلب أحواله إلا لو كانت
الزيادة عظيمة و كما أسلفنا الأحسن هو حال النبي صلى الله عليه و سلم و لو
كان أرفق بالنفس و أقرب فطريق الجنة مغلق إلا لمن خلفه و طريق الكمال لزوم
غرزه حذو القذة بالقذة.

مثال: بكى النبي صلى الله عليه و سلم عند وفاة ابن بنته و قال
صلى الله عليه و سلم:"هذه رحمة يجعلها الله في قلب عباده و إنما يرحم الله
من عباده الرحماء" و اخبرنا النبي صلى الله عليه و سلم أنه وجد في من كان
قبلنا من الأمم من كان يفرح بالبلاء كفرح أحدنا بالرخاء احتسابا للأجر.

فحال النبي صلى الله عليه و سلم أتم و أقرب و هو مراد الله
سبحانه منا و لو فعله أحد منا ما كان في فعله نقص و لا تفريط بل هو الكمال
في حقه في هذا الابتلاء.

لذلك فيصعب جدا الوصول لهذه الدرجات لغير العلماء العاملين
الذين يتقنون الفروق و الفضائل و يقدمون خير الخيرين و يؤخرون شر الشرين
عند التعارض.

فهناك من قعد به علمه و هناك من علم و قعد به عمله أما الأفاضل فهم علموا و عملوا و تنافسهم في منزلة أعلى و درجة أسمى .

و استغفر الله من حديث لم أشم له رائحة و لكن أدونه عسى الله أن يفتح على به و يعمل به من شاء الله من خلقه فيصيبني بذلك خير .



*** و لم تقل الآية أن الغرض من خلق الدنيا البلاء ليظهر
المسيء من المحسن بل المقصود الأوائل و السابقون فهم الغاية من الخلق و هم
صفوته اللهم أجعلنا منهم.



**قال الرازى: اعلم أن الحياة هي الأصل في النعم ولولاها لم
يتنعم أحد في الدنيا وهي الأصل أيضاً في نعم الآخرة ولولاها لم يثبت الثواب
الدائم ، والموت أيضاً نعمة وكيف لا وهو الفاصل بين حال التكليف وحال
المجازاة وهو نعمة من هذا الوجه ، قال عليه الصلاة والسلام :" أكثروا من
ذكر هادم اللذات " وقال لقوم : " لو أكثرتم ذكر هادم اللذات لشغلكم عما أرى
" - قلت : الحديث ضعيف - وسأل عليه الصلاة والسلام عن رجل فأثنوا عليه ،
فقال : " كيف ذكره الموت؟ قالوا قليل ، قال فليس كما تقولون ".

قلت الأثر الأخير رواه عبد الرزاق في مصنفه و رجاله ثقات إلا
إنه مرسل قال: حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن علقمة بن مرثد عن ابن
سابط قال ذكر رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فأحسن عليه الثناء فقال
النبي صلى الله عليه وسلم كيف ذكره للموت فلم يذكر ذلك فقال ما هو كما
تذكرون



** قال الرازى: الابتلاء هو التجربة والامتحان حتى يعلم أنه
هل يطيع أو يعصي ، والحاصل أن الابتلاء من الله هو أن يعامل عبده معاملة
تشبه ( الابتلاء ) على المختبر .



** قال بن عاشور:وتعليل فعل بعلة لا يقتضي انحصار علله في
العلة المذكورة فإن الفعل الواحد تكون له علل متعددة فيذكر منها ما يستدعيه
المقام .

ولا أشك في أن بناء هذا العالم على ناموس الموت والحياة له حكمة عظيمة يعسر على الإفهام الاطلاع عليها .



*** و أسوق لك فصلا ملخصا من كتاب الرحيق المختوم عن أخلاق النبي صلى الله عليه و سلم:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز بفصاحة اللسان، وبلاغة
القول، وكان من ذلك بالمحل الأفضل، والموضع الذي لا يجهل، سلامة طبع،
ونصاعة لفظ، وجزالة قول، وصحة معان، وقلة تكلف، أوتي جوامع الكلم، وخص
ببدائع الحكم، وعلم ألسنة العرب، يخاطب كل قبيلة بلسانها، ويحاورها بلغتها،
اجتمعت له قوة عارضة البادية وجزالتها، ونصاعة ألفاظ الحاضرة ورونق
كلامها، إلى التأييد الإلهي الذي مدده الوحي .

وكان الحلم والاحتمال، والعفو عند المقدرة، والصبر على
المكاره، صفاتٌ أدبه الله بها، وكل حليم قد عرفت منه زلة، وحفظت عنه
هَفْوَة، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يزد مع كثرة الأذي إلا صبرا، وعلى
إسراف الجاهل إلا حلما، وقالت عائشة : ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم
بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثما كان أبعد
الناس عنه، وما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها . وكان
أبعد الناس غضباً، وأسرعهم رضاً .

وكان من صفة الجود والكرم على مالا يقادر قدره، كان يعطي عطاء
من لا يخاف الفقر، قال ابن عباس : كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود
الناس، وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل
ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود
بالخير من الريح المرسلة . وقال جابر : ما سئل شيئاً قط فقال : لا .

وكان من الشجاعة والنجدة والبأس بالمكان الذي لا يجهل، كان
أشجع الناس، حضر المواقف الصعبة، وفر عنه الكماة والأبطال غير مرة، وهو
ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر، ولا يتزحزح، وما شجاع إلا وقد أحصيت له
فَرَّة، وحفظت عنه جولة سواه، قال علي : كنا إذا حمي البأس واحمرت
الحَدَقُ، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب إلى
العدو منه . قال أنس : فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق ناس قِبَلَ الصوت،
فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعاً، وقد سبقهم إلى الصوت، وهو
على فرس لأبي طلحة عُرْي، في عنقه السيف، وهو يقول : ( لم تُرَاعوا، لم
تُرَاعوا ) .

وكان أشد الناس حياء وإغضاء، قال أبو سعيد الخدري : كان أشد
حياء من العذراء في خِدْرها، وإذا كره شيئاً عرف في وجهة . وكان لا يثبت
نظره في وجه أحد، خافض الطرف نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء،
جُلُّ نظره الملاحظة، لا يشافه أحداً بما يكره حياء وكرم نفس، وكان لا يسمي
رجلاً بلغ عنه شيء يكرهه، بل يقول . ( ما بال أقوام يصنعون كذا ) .

وكان أحق الناس بقول الفرزدق :

يغضي حياء ويغضي من مهابته ** فلا يكلم إلا حين يبتسم

وكان أعدل الناس، وأعفهم، وأصدقهم لهجة، وأعظمهم أمانة، اعترف
له بذلك مجاوروه وأعداؤه، وكان يسمي قبل نبوته الأمين، ويُتَحاكم إليه في
الجاهلية قبل الإسلام، روي الترمذي عن على أن أبا جهل قال له : إنا لا
نكذبك، ولكن نكذب بما جئت به، فأنزل الله تعالى فيهم : { فَإِنَّهُمْ لاَ
يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ } [
الأنعام : 33 ] . وسأل هرقل أبا سفيان، هل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما
قال ؟ قال : لا .

وكان أشد الناس تواضعاً، وأبعدهم عن الكبر، يمنع عن القيام له
كما يقومون للملوك، وكان يعود المساكين، ويجالس الفقراء، ويجيب دعوة
العبد، ويجلس في أصحابه كأحدهم، قالت عائشة : كان يخصف نعله، ويخيط ثوبه،
ويعمل بيده كما يعمل أحدكم في بيته، وكان بشراً من البشر يَفْلِي ثوبه،
ويحلب شاته، ويخدم نفسه .

وكان أوفي الناس بالعهود، وأوصلهم للرحم، وأعظمهم شفقة ورأفة
ورحمة بالناس، أحسن الناس عشرة وأدباً، وأبسط الناس خلقاً، أبعد الناس من
سوء الأخلاق، لم يكن فاحشاً، ولا متفحشاً، ولا لعاناً، ولا صخابا في
الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، وكان لا يدع أحدا يمشي
خلفه، وكان لا يترفع على عبيده وإمائه في مأكل ولا ملبس، ويخدم من
خَدَمَه، ولم يقل لخادمه أف قط، ولم يعاتبه على فعل شيء أو تركه، وكان يحب
المساكين ويجالسهم، ويشهد جنائزهم، ولا يحقر فقيراً لفقره . كان في بعض
أسفارة فأمر بإصلاح شاة، فقال رجل : على ذبحها، وقال آخر : على سلخها، وقال
آخر على طبخها، فقال صلى الله عليه وسلم : ( وعلي جمع الحطب ) ، فقالوا :
نحن نكفيك . فقال : ( قد علمت أنكم تكفوني ولكني أكره أن أتميز عليكم، فإن
الله يكره من عبده أن يراه متميزاً بين أصحابه ) ، وقام وجمع الحطب .

ولنترك هند بن أبي هالة يصف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
؛ قال هند فيما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان،
دائم الفكرة، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح
الكلام ويختمه بأشداقه ـ لا بأطراف فمه ـ ويتكلم بجوامع الكلم، فصلاً، لا
فضول فيه ولا تقصير، دمثاً ليس بالجافي ولا بالمهين، يعظم النعمة وإن دقت،
لايذم شيئاً، ولم يكن يذم ذواقاً ـ ما يطعم ـ ولا يمدحه، ولا يقام لغضبه
إذا تعرض للحق بشيء حتى ينتصر له، لا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها ـ سماحة ـ
وإذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح
غض طرفه، جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام .

وكان يخزن لسانه إلا عما يعنيه، يؤلف أصحابه ولا يفرقهم، يكرم
كريم كل قوم، ويوليه عليهم، ويحذر الناس، ويحترس منهم من غير أن يطوي عن
أحد منهم بشره .

يتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويصوبه،
ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو
يملوا، لكل حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق، ولا يجاوزه إلى غيره .

الذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة .

كان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ولا يوطن الأماكن ـ لا
يميز لنفسه مكاناً ـ إذا انتهي إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر
بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه ،
من جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم
يرده إلا بها أو بميسور من القول، وقد وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أبا،
وصاروا عنده في الحق متقاربين، يتفاضلون عنده بالتقوي، مجلسه مجلس حلم
وحياء وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم ـ لا تخشي
فلتاته ـ يتعاطفون بالتقوي، يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويرفدون ذا
الحاجة، ويؤنسون الغريب .

كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ،
ولا صَخَّاب، ولا فحاش، ولا عتاب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يقنط
منه . قد ترك نفسه من ثلاث : الرياء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس
من ثلاث : لا يذم أحداً، ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما
يرجو ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه، كأنما على رءوسهم الطير، وإذا سكت
تكلموا . لا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ،
حديثهم حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويعجب مما يعجبون منه، ويصبر
للغريب على الجفوة في المنطق، يقول : إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها
فأرفدوه، ولا يطلب الثناء إلا من مكافئ .

وقال خارجة بن زيد : كان النبي صلى الله عليه وسلم أوقر الناس
في مجلسه، لا يكاد يخرج شيئاً من أطرافه، وكان كثير السكوت، لا يتكلم في
غير حاجة، يعرض عمن تكلم بغير جميل، كان ضحكه تبسماً، وكلامه فصلا لا فضول
ولا تقصير، وكان ضحك أصحابه عنده التبسم توقيراً له واقتداء به .

وعلى الجملة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم محلي بصفات
الكمال المنقطعة النظير، أدبه ربه فأحسن تأديبه، حتى خاطبه مثنياً عليه
فقال : { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [ القلم : 4 ] ، وكانت هذه
الخلال مما قرب إليه النفوس، وحببه إلى القلوب، وصيره قائداً تهوي إليه
الأفئدة، وألان من شكيمة قومه بعد الإباء، حتى دخلوا في دين الله أفواجاً .

وهذه الخلال التي أتينا على ذكرها خطوط قصار من مظاهر كماله
وعظيم صفاته، أما حقيقة ما كان عليه من الأمجاد والشمائل فأمر لا يدرك
كنهه، ولا يسبر غوره، ومن يستطيع معرفة كنه أعظم بشر في الوجود بلغ أعلى
قمة من الكمال، استضاء بنور ربه، حتى صار خلقه القرآن ؟

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنَّك حَميد مجيد .

اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميد مجيد .

قلت (شريف): سبحان الله و من يطيق هذا و لكن ما لا يؤخذ كله لا يترك كله اللهم أعنا و أغفر لنا التقصير.



**" وَهُوَ العزيز الغفور " : قال بن عاشور:وجملة ( وهو
العزيز الغفور ) تذييل لجملة ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) إشارة إلى صفاته
تعالى تقتضي تعلقا بمتعلقاتها لئلا تكون معطلة في بعض الأحوال والأزمان
فيفضي ذلك إلى نقائضها .اه

فهو العزيز الغالب الذي لا يعجزه من أساء العمل ، الغفور لمن تاب من أهل الإساءة .

قال الرازى:واعلم أن كونه عزيزاً غفوراً لا يتم إلا بعد كونه
قادراً على كل المقدورات عالماً بكل المعلومات أما أنه لا بد من القدرة
التامة ، فلأجل أن يتمكن من إيصال جزاء كل أحد بتمامه إليه سواء كان عقاباً
أو ثواباً ، وأما أنه لا بد من العلم التام فلأجل أن يعلم أن المطيع من هو
والعاصي من هو فلا يقع الخطأ في إيصال الحق إلى مستحقه ، فثبت أن كونه
عزيزاً غفوراً لا يمكن ثبوتها إلا بعد ثبوت القدرة التامة والعلم التام ،
فلهذا السبب ذكر الله الدليل على ثبوت هاتين الصفتين في هذا المقام ، ولما
كان العلم بكونه تعالى قادراً متقدماً على العلم بكونه عالماً ، لا جرم ذكر
أولاً دلائل القدرة وثانياً دلائل العلم .



*** و أسوق لك من لسان العرب مختصرا مفيدا في معنى العزيز و العزة و مشتقات الكلمة و ما يليق منها بالله سبحانه:

العَزِيزُ من صفات الله عز وجل وأَسمائه الحسنى:

1 - قال الزجاج هو الممتنع فلا يغلبه شيء.

2 - وقال غيره هو القوي الغالب كل شيء.

3 - وقيل هو الذي ليس كمثله شيء.

4 - وهو الذي يَهَبُ العِزَّ لمن يشاء من عباده .

* والعِزُّ خلاف الذُّلِّ وفي الحديث قال لعائشة هل تَدْرِينَ
لِمَ كان قومُك رفعوا باب الكعبة ؟ قالت لا قال تَعَزُّزاً أَن لا يدخلها
إِلا من أَرادوا أَي تَكَبُّراً وتشدُّداً على الناس وجاء في بعض نسخ مسلم
تَعَزُّراً براء بعد زايٍ من التَّعْزير والتوقير فإِما أَن يريد توقير
البيت وتعظيمه أَو تعظيمَ أَنفسهم وتَكَبُّرَهم على الناس.

*والعِزُّ في الأَصل القوة والشدة والغلبة .

*والعِزُّ والعِزَّة الرفعة والامتناع .

وفي التنزيل العزيز ولله العِزَّةُ ولرسوله وللمؤمنين أَي له العِزَّة والغلبة سبحانه .

وفي التنزيل العزيز من كان يريد العِزَّةَ فللَّه العِزَّةُ
جميعاً أَي من كان يريد بعبادته غير الله فإِنما له العِزَّة في الدنيا
ولله العِزَّة جميعاً أَي يجمعها في الدنيا والآخرة بأَن يَنْصُر في الدنيا
ويغلب .

و أَعِزَّةٍ على الكافرين أَي جانبُهم غليظٌ على الكافرين
قال الأَزهري يَتَذَلَّلُون للمؤمنين وإِن كانوا أَعِزَّةً ويَتَعَزَّزُون
على الكافرين وإِن كانوا في شَرَف الأَحْساب دونهم .

ورجل عزِيزٌ مَنِيع لا يُغْلب ولا يُقْهر وقوله .

وأَعَزَّه اللهُ وعَزَزْتُ عليه كَرُمْت عليه .

وقوله تعالى وإِنه لكتاب عَزِيزٌ لا يأْتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خَلْفه أَي: حُفِظَ وعَزَّ مِنْ أَن يلحقه شيء من هذا.

وتَعَزَّزَ الرجلُ صار عَزِيزاً وهو يَعْتَزُّ بفلان
واعْتَزَّ به وتَعَزَّزَ تشرَّف وعَزَّ عَليَّ يَعِزُّ عِزّاً وعِزَّةً
وعَزازَةً كَرُمَ

وأَعْزَزتُه أَكرمته وأَحببته.

وعَزَّ عَلَيَّ أَنْ تفعل كذا وعَزَّ عَلَيَّ ذلك أَي حَقَّ واشتدَّ

وأُعْزِزْتُ بما أَصابك عَظُم عليَّ .

يقال عَزَّ عليَّ يَعِزُّ أَن أَراك بحال سيئة أَي يشتدُّ ويشق عليَّ .

*والعِزَّةُ الشدَّة والقوَّة يقل عَزَّ يَعَزُّ بالفتح إِذا اشتدَّ .

وعَزَزْتُ القومَ وأَعْزَزْتُهم وعَزَّزْتُهم قَوَّيْتُهم وشَدَّدْتُهم .

وفي التنزيل العزيز أذِلَّةٍ على المؤْمنين أَعِزَّةٍ على الكافرين أَي أَشِداء عليهم .

وعَزَّ الشيءُ يَعِزُّ عِزّاً وعِزَّةً وعَزازَةً وهو عَزِيز قَلَّ حتى كاد لا يوجد وهذا جامع لكل شيء .

وعَزَّه يَعُزُّه عَزًّا قهره وغلبه وفي التنزيل العزيز وعَزَّني في الخِطاب أَي غلبني في الاحتجاج .

وفي المثل من عَزَّ بَزَّ أي غَلَبَ سَلَبَ والاسم العِزَّة وهي القوّة والغلبة

وقوله عَزَّ على الريح الشَّبُوبَ الأَعْفَرا أَي غلبه وحال بينه وبين الريح فردَّ وجوهها

وعازَّني فَعَزَزْتُه أَي غالبني فغلبته

والعِزُّ المطر الغَزير

واسْتَعَزَّ فلان بحقِّي أَي غَلَبَني

واسْتُعِزَّ بفلان أَي غُلِبَ في كل شيءٍ من عاهةٍ أَو مَرَضٍ أَو غيره

وفي الحديث أَن فلانا اسْتُعِزَّ برسول الله صلى الله عليه
وسلم في مرضه الذي مات فيه أَي اشتدّ به المرضُ وأَشرف على الموت يقال
عَزَّ يَعَزُّ بالفتح

* قوله « يقال عز يعز بالفتح إلخ » عبارة النهاية يقال عز يعز
بالفتح إِذا اشتد واستعز به المرض وغيره واستعز عليه إذا اشتد عليه وغلبه
ثم يبنى الفعل للمفعول ) إِذا اشتدَّ واسْتُعِزَّ عليه إِذا اشتد عليه
وغلبه .

ومُعَزَّزٌ بكم أَي مشدد بكم ومُثَقَّل عليكم الأَمرُ.

وفلانٌ مِعْزازُ المرض أَي شديده ويقال له إِذا مات أَيضاً قد اسْتُعِزَّ به .



*** و نختم الآية هنا بما يسر الأبرار و يكيد الكفار فنقول:
أن الله سبحانه علمنا في هاتين الآيتين علوما غزيرة هي أصول لحقائق الكون
أما انعكاساتها في الواقع و أثرها في الكون من أحداث فهذا لا يحصيه إلا
الله سبحانه .

فبدأت السورة أن الله سبحانه متقدس في ذاته متصف بكل كمال و
متعالي عن كل نقص و ملك كل في يده و لا يعجزه شيء قط و علمتنا الآية أن من
آثار ملكه و قدرته خلق الموت و الحياة و ابتلاء الخلق بما يظهر أيهم أحسن
عملا .

و الله عزيز لا تضره معصية و لا تنفعه طاعة فهو ممتنع قوى لا
يبلغ أحد ضره فيضره و لا نفعه فينفعه فإذا رأيت في الدنيا من بعض الخلق
إجراما فأعلم أن شر الدنيا ليس بشر و أنه لم يُمَكن في القدرة الحقيقة على
الأذى إنما أعطي بعضها ابتلاء و اختبارا له و به أما الآخرة فيظهر فيها
الخير و الشر الحقيقي أناس يأكلون الزقوم و يشربون الحميم و يلبسون النار و
يحيون في النار أمنيتهم شربة ما أو أن يخفف عنهم يوما واحدا فقط من العذاب
السرمدي فقط يوما واحدا و لا يجابون هذه لمحة من حياتهم و لا زيادة لهم
إلا في العذاب .فإذا رأيت الطغاة في دنيا البشر فأعلم أن الله ملك عادل لا
يرضى بالظلم و يوشك كل منهم أن يلقى حسابه .

فلا تغتر بتقلبهم في البلاد و طول عمرهم فالدنيا قصيرة و لكن
الابتلاء يهيأ لنا أنها طويلة و الله منتقم منهم يحاسبون على النقير و
القطمير حيث لا ملك لهم و لا نصير و سيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون .

و لا تغتر بكثرة العصيان حولك فالكون كله يسبح الله و لكنا لا
نفقة تسبيحه و الدنيا دار ابتلاء نبتلى فيها بذلك ليظهر الصديق من الزنديق
و يوشك الأمر أن ينقضي و الدنيا أن تزول .

فالله عزيز و لكن حكمته اقتضت وجود الشرور في الدنيا و إمهال بعض المجرمين و العصاة فلا يغرنك ذلك.

و الله مع عزته غفور يمهل العصاة بل و الكفار المجرمين و لولا
فضله و رحمته ما زكى من العباد أحد أبدا و لو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا
ما ترك على ظهرها من دابة فلا يقنط من رحمته إلا ضال فالواجب على خلقه من
حق عظمته لا يطيقونه و لكنه سبحانه رضي باليسير من العمل و تجاوز عن الكثير
من الزلل كتب على نفسه الرحمة و ما ذكرنا وقود للقلوب لتتوجه إليه و تحبه
وتؤثره و ترجو خيره و تحذر عذابه و لا تقنط من رحمته لعظيم عظمته و لكن
تعلم أنه مع ذلك غفور واسع المغفرة يغفر و يستر و يقبل العذر و يضاعف
اليسير و يؤت من لدنه أجرا عظيما.

فتأمل في الكمال الناشىء من اقتران العزة بالغفران بسابق ما
أسلفنا من الصفات فرب عزيز لا يغفر و رب ملك غفور يذل و الله عزيز غفور لا
يذل أبدا و هو مع عزته و امتناعه و استغناءه يغفر و يرحم .

فالكمال و فيض الخير و الملك و القدرة و العزة و الغفران هذه المعاني العظيمة هي التي ينبغي للمسلم أن يعرفها عن ربه من هذه الآيات.



*** الفوائد العملية في الآية:

1 – التأمل في عظمة ملك الله و قدرته المتمثلة في خلق الموت و الحياة و تدبر القهر لكل مخلوق في الموت .

2 – التأمل في الفرق بين المخلوقين مهما بلغوا و بين الخالق سبحانه و عدم الاغترار بأهل الباطل مهما بلغوا.

3 – شرف السابقين فهم صفوة الله من خلقه و لأجلهم خلق الموت و
الحياة و الله أعلم – و ليس معني قولنا هذا أن هذه هي العلة الوحيدة بل هي
علة رئيسية -.

4 – كل يسوس نفسه بما يصلح لحاله و يقترح الضرب بسهم في كل
طاعة و لو قل هذا السهم و اللجأ و الدعاء و الاقتداء بالنبي صلى الله عليه و
سلم فهو سبيل الكمال البشرى الذى أراده الله منا .

5 –التعلم ليحصل الفقة في الأعمال بتمييز خير الخيرين و شر الشرين عند التعارض.

6 – قراءة الفصل السابق ذكره من حال النبي صلى الله عليه و سلم و محاولة التأسي به أو قراءة ذلك الفصل ثلاث مرات.

7 – علاقة صفة العزة و المغفرة بما سبق.

8 – التأمل في صفة العزة و المغفرة و اقترانهما معا و مع ما سبق من الصفات.

9 – إعطاء البشر منزلتهم التي تليق بهم في القلب فلا يرفعون عنها.

_______محمدشوقى__________
إلهي ♡
كم تعصف بي رياح الفتن والمصائب فأجدني كالشريد الحائر.. لكن رحمتك الواسعة ما أسرع أن تأخذ بيدي إلى دوحة الإيمان فلك الحمد على لطفك وكرمك ..
Admin
Admin
الشيخ محمدشوقى المدير العام

عدد المساهمات : 7494
نقاط : 25556
تاريخ التسجيل : 16/08/2011
العمر : 52
الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001995123161

https://qqqq.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى