جيش بلقيس ((..نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ..))

حاولت ملكة سبأ (بلقيس) مواجهة الأزمة السياسية التى حلت بالعرش وبالبلاد معها وهى أزمة الدعوة التى وجهها النبى الملك سليمان لها عبر الخطاب الذى حمله الهدهد إليهم.

ها هى الملكة تحاول تصدير المسئولية لقيادة الجيش فعقدت اجتماعا مطولا مع القادة تشرح فيه أبعاد الأزمة وما تحمله من نذر استعمال القوة، ويسجل القرآن محاولة بلقيس فى توريط الجيش وتحميله المسئولية حيث قالت لهم ((قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلأُ إِنِّى أُلْقِىَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ)) النمل (29).

فيسارع قادة الجيش إلى إعلان رفضهم هذا التوريط ومحاولة الملكة تصدير المسئولية إليهم وتخليها هى ومستشاريها السياسيين عن المسئولية، فيقول قادة الجيش ((نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُوْلُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِى مَاذَا تَأْمُرِينَ)) النمل (33).. هكذا دائما شرفاء القادة، يتقنون مهام وظيفتهم الوطنية.. ولا يتجاوزونها حرصا على التخصص العلمى والاختصاص الوظيفى، وأهم فإن استراتيجية الساسة عمادها الحوار والمناورة وفتح الأبواب الدبلوماسية لإيجاد المخرج اللائق من الأزمة وذلك عبر آليات كثيرة مثل التفاوض والتحكيم والصلح وإنشاء معاهدات جديدة أو تعديل وثائق قديمة.. إلخ.

أما استراتيجية قيادة الجيش فقوامها غير هذا، فهم يبنون استراتيجيتهم على الإحاطة بالعدو وحساب قواته وأسلحته، وتقدير إمكانياته وخططه والإعداد للانتصار عليه عبر آليات عسكرية هى:
1ــ الحصار 2ــ التدافع 3ــ الهجوم الخاطف 4ــ الاستنزاف 5ــ الردع
فإذا لم ينفع كل ذلك فلا مناص من 6ــ الاجتياح 7ــ الأسر 8ــ الإبادة.. إلخ.

لذلك سارع قادة الجيش الشرفاء بالرد على بلقيس قائلين Sad

(نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُوْلُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِى مَاذَا تَأْمُرِينَ)) النمل(33) .. هكذا عادت الكرة مرة أخرى فى ملعب الملكة ومستشاريها السياسيين فبدأت بشرح تصورها لطبيعة الملوك وحبهم للسلطة وإن كان حبهم للمال أشد...إنها أجادت وصف الملوك إجادة بليغة لأنها ملكة بنت ملوك، وقررت فتح أول أبواب الحوار مع الملك سليمان من أقرب طريق كما يدون القرآن: ((قَالَتْ إِنَّ المُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّى مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المُرْسَلُونَ (35) )) النمل (34 ــ 35)

وتفشل حيلة الملكة لأن سليمان ليس بملك مستبد ولكنه نبى لبس مسئولية الملك ليضرب المثل الأعلى ويرسم النموذج الحق لما يجب أن يكون عليه الملوك واضطرت بلقيس إلى إعلان الاستسلام وصحبت كبار مستشاريها فوجدت إكراما وأدبا واقتدارا وإعجازا لدرجة أنها نظرت إلى صفاء الزجاج البلورى فى مجلس سليمان فظنته بحيرة ماء فرفعت ذيل ثوبها، فقال لها الملك «لا عليك لا تخافى بلل الثياب فليس هذا ماء ولا بحيرة، ((إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ)) النمل (44) أى بناء من الزجاج الخالص يتحمل الإقامة والحركة ولا يخشى سكانه أى عدوان خارجى، ويصور القرآن هذا المشهد ((قِيلَ لَهَا ادْخُلِى الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ)) النمل (44)
وهكذا رأينا أمانة قادة الجيش كانت السبب فى نجاة ملكة سبأ وشعبها وبلادها، وكانت الطريق الممهد لإسلام هذا الشعب.

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31

جيش بلقيس ((..نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ..))

جيش بلقيس ((..نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ..))

جيش بلقيس ((..نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ..)) :: تعاليق