بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
أبريل 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | |
7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 |
14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 |
21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 |
28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 8 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 8 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 50 بتاريخ الجمعة 25 مارس 2016, 12:22 am
عقيدة المؤمن الوافيه فى القدر.......
صفحة 1 من اصل 1
عقيدة المؤمن الوافيه فى القدر.......
شرح وافٍ لعقيدة أهلِ الحَقِّ في القَدَرِ وبيانُ أنّ الإنسانَ مختارٌ تحت مشيئةِ الله وأنّ الله هو معِين المؤمن على إيمانهِ وهو معِين الكافر على كفره من غير أن يرضى ربُّنا بالشَّرِّ أو يحبَّه أو يأمرَ به
.
أيُّها الإنسان، إنّ الله، سبحانَه وتعالى، قدَّر عليك في الأزل، قبل أن يخلقَك، مصيرَك الذي ستصيرُ إليه في هذه الدنيا.. ثمّ لمّا خلقك جعلك تنساق باختيارك إلى مصيرك المحتوم الذي لا يتغيّر ولا يتبدّل ولا يمكِنُك الفِرارُ منه.. فأنت أيُّها العبد الفقير إلى الله تعالى منساقٌ باختيارك إلى قدَرِك الذي شاءه اللهُ لك قبل أن يخلُقَك، فإن كان قدَرُك شرًّا فأنت منساقٌ إليه باختيارك ولا بُدَّ لك من أن تصيبَه، وإن كان قدَرُك خيرًا فأنت منساق إليه باختيارك ولا بُدَّ لك من أن تصيبَه..ا
.
واعلم أيُّها الإنسان، أنّ الله تعالى لم يعطِك القدرة على أن تختار لنفسك أمرًا لم يشأه الله لك في الأزل، وإنّما العبد يختار لنفسه ما شاء الله له في الأزل.. فمن شاء اللهُ له في الأزل أن يكون في هذه الدنيا كافرًا يُلْهِمْهُ الكفرَ فيختارُه، ومن شاء اللهُ له في الأزل أن يكون في هذه الدنيا مؤمنًا يُلْهِمْهُ الإيمانَ فيختارُه.. فالعباد ينساقون باختيارهم إلى الهدى أو الضلال على حسَب ما شاء اللهُ لهم في الأزل.. وهو معنى قول الله تعالى في سورة الشمس ((ونفسٍ وما سوّاها.. فألهَمَها فجورَها وتقواها)).. وهو معنى قولهِ تعالى في سورة التكوير ((وما تشاءون إلّا أنْ يشاءَ اللهُ رَبُّ العالَمين)).. وهو معنى قول الإمامِ السلفيِّ أبي جعفرٍ الطَّحَاوِيِّ المتوفَّى سنةَ إحدى وعشرينَ وثلاثِمِائةٍ للهجرة في كتابه (العقيدةُ الطَّحَاوِيّة) :[[لا مشيئةَ للعباد إلّا ما شاء لهم]]، أي إلّا ما شاء اللهُ لهم..ا
.
ولا شكَّ في أنّ اللهَ يثيبُ جميعَ الذين ماتوا على دين الإسلام لأنّهم ماتوا مؤمنين، يثيبُهم في الجنّة نعيمًا لا ينقطع، ولا تكون إثابتُه لهم واجبةً عليه، وذلك لأنّ الله تعالى ليس عليه واجبٌ يَلْزَمُهُ، بلِ اللهُ يثيبُ المؤمنينَ في الجنّة بفضلهِ على إيمانِهم الذي شاءه لهم في الأزل قبل أن يخلُقَهم، ويعذِّب الكافرينَ الذين أنكروا دعوةَ رسله عذابًا شديدًا لا نهايةَ له، يعذِّبهم على كفرهم الذي شاءه لهم في الأزل قبل أن يخلُقَهم..ا
.
روى رسولُ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، عن ربِّه عزَّ وجلَّ :[[{فمَن وجَد خيرًا فلْيَحْمَدِ اللهَ، ومن وجَد غيرَ ذلك فلا يَلُومَنَّ إلّا نفسَه}]]..ا
والحديث صحيح رواه الإمامُ مسلم في[(صحيحه)/كتاب البِرِّ والصِّلة والآداب]..ا
والمعنى أنّ من وجد الإيمانَ في قلبه فلْيَحْمَدِ اللهَ على أنّ اللهَ ألهمه إيّاه من غير وجوبٍ عليه، وأمّا من وجد نفسَه منساقًا في الكفر والمعاصي فليتَّهم نفسَه بالتقصير ولا يَحْمِلْ ذنبَه على ربِّه، فمَن هداه الله فبفضله، أي من غير أن تكون هدايتُه له واجبةً على الله، ومَنْ أضلَّه اللهُ فبعدله لأنّه لا يُتَصَوَّرُ منه ظلمٌ..ا
يقول الله تبارك وتعالى في سورة الأنبياء ((لا يُسْأَلُ عمّا يفعلُ وهم يُسْأَلُون))..ا
.
ومن سلَّم للهِ تعالى أنّه حكيمٌ في فعلهِ علِم أنّ اللهَ ما ظلَم أحدًا من عبادِه ولا يظلِم أحدًا..ا
قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :[[(لو أنّ الله عذَّب أهلَ سماواتهِ وأهلَ أرضهِ لعذَّبهم وهو غيرُ ظالم لهم)]]..ا
وهو حديث صحيح رواه ابن ماجه وأبو داود..ا
.
أحَبَّ اللهُ لعبادِه الخيرَ وأمَرَهم به ورضِيَه لهم، وكَرِهَ لهم الشَّرَّ ونهاهم عنه ولم يَرْضَهُ لهم..ا
يقولُ الله تعالى في سورة الزُّمَرِ ((ولا يرضى لعبادِه الكفرَ))..ا
.
وما دخل أحد من العالَمين النارَ لولا أنّ الله شاء له دخولَها، وما دخل أحد من العالَمين الجنّة لولا أنّ الله شاء له دخولَها..ا
وما ضَلَّ أحد من العالَمين لولا أنّ الله أضلَّه، وما اهتدى أحد من العالَمين لولا أنّ الله هداه..ا
وذلك لأنّه لا يكون إلّا ما شاء الله، والله أعلم بما سيكون.. ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن..ا
يقولُ الله تعالى في سورة الأنعام ((من يشإ اللهُ يُضْلِلْهُ ومن يشأ يجعلْه على صِراطٍ مستقيم))..ا
وقال سيِّدنا موسى لربِّه لمّا رأى بعضَ قومه قد ارتدُّوا عن عبادةِ الله إلى عبادة العجل ((إنْ هي إلّا فتنتُك تُضِلُّ بها من تشاءُ وتَهْدِي من تشاء))[الأعراف/155]..ا
وقال الإمامُ حُجَّةُ الإسلام أبو جعفرٍ الطَّحَاوِيُّ المتوفَّى سنةَ 321 للهجرة في كتابه (العقيدةُ الطَّحَاوِيّة) :[[لا مشيئةَ للعباد إلّا ما شاء لهم]]، أي إلّا ما شاء اللهُ لهم، وذلك لأنّ العبادَ مختارون تحت مشيئةِ الله، ينساقون باختيارهم إلى الهدى أو الضلال على حسَب ما شاء الله لهم في الأزل..ا
.
لا خالقَ للخير إلّا اللهُ وحدَه ولا خالقَ للشَّرِّ إلّا اللهُ وحدَه، ولا خالقَ للعبادِ وأعمالِهم ونيّاتِهم ومشيئاتِهم ومعتقداتِهم اللاتي في قلوبهم والخواطرِ التي تطرأ على قلوبهم إلّا اللهُ وحدَه..ا
قال أهلُ التوحيد :[[لا خالقَ إلّا اللهُ وحدَه]].. أي لا مُوجِدَ من العدم إلّا اللهُ وحدَه..ا
يقول الله تعالى في سورة فاطِر ((هل من خالقٍ غيرُ الله))..ا
ويقول في سورة الزُّمَرِ ((اللهُ خالقُ كلِّ شيء))..ا
وقال الإمامُ الحُجَّةُ أبو جعفرٍ الطَّحَاوِيُّ في كتابه (العقيدةُ الطَّحَاوِيّة) :[[وأفعالُ العباد خَلْقُ الله]]، أي مخلوقاتُ الله..ا
أفعالُنا خَلْقُ الله أي مخلوقاتُ الله.. أي لا مُوجِدَ لها من العدم إلّا اللهُ وحدَه، وذلك لأنّ المخلوقَ يستحيلُ في العقل أن يوجِد من العدم..ا
قال أهلُ الحَقِّ :[[وليس للعبد إلّا الكَسْبُ]]..ا
ومرادُهم أنّ الله تعالى هو وحدَه الذي خلَق الإيمانَ في قلوبِ المؤمنينَ من عبادِه لأنّه قبل أن يخلُقَهم شاء لهم في الأزل أن يكونوا في هذه الدنيا مؤمنين، فلمّا خلقهم خلَق الإيمانَ في قلوبهم إنفاذًا لمشيئته تعالى.. فالإيمانُ كَسْبُ العبد، أي فعلُ العبد، أي عمَلُه الإختياريُّ، واللهُ خالقُه.. ويؤيِّده قولُ الله تعالى في المؤمنين ((أولئك كَتَبَ في قلوبهم الإيمانَ))[الحشر/22]..ا
وهو، سبحانَه وتعالى، وحدَه الذي خلَق الكفرَ في قلوبِ الكافرينَ من عبادِه لأنّه قبل أن يخلُقَهم شاء لهم في الأزل أن يكونوا في هذه الدنيا كافرين فلمّا خلَقهم خلَق الكفرَ في قلوبهم إنفاذًا لمشيئتهِ سبحانَه تعالى.. فالكفرُ كَسْبُ العبد، أي فعلُ العبد، أي عمَلُه الإختياريُّ، والله خالقُه.. ويؤيِّده قولُ الله تعالى عن الكافرين ((وما يأتيهم من رسولٍ إلّا كانوا به يستهزؤون.. كذلك نَسْلُكُهُ في قلوب المجرمين))[الحِجْر/11/12]..ا
.
والكَسْبُ هو المقدورُ الحاصِل بالقدرة القديمةِ في محلِّ القدرة الحادثة.. وهذا أحسن ما قيل في الكَسْبِ..ا
يقولُ الله تعالى في سورة الأنفال مخاطبًا نبيَّه صلَّى الله عليه وسلَّم ((وما رَمَيْتَ إذ رَمَيْتَ ولكنَّ اللهَ رَمَى))..ا
فأثبت اللهُ لنبيِّه مُحَمَّدٍ الرميَ ونفاه عنه، فإذا نُسِبَ الفعلُ إلى القدرة القديمة، أي إلى قدرة الله، سُمِّيَ خَلْقًا وسُمِّيَ القادرُ خالقًا، وإذا نُسِبَ الفعلُ إلى القدرة الحادثة، أي إلى قدرة العبد، سُمِّيَ كَسْبًا وسُمِّيَ الفاعلُ كاسِبا..ا
.
ولا بُدَّ من القولِ بالكَسْبِ تصحيحًا للتكليفِ والثوابِ والعِقابِ لامتناع الجمع بين اعتقادِ الجبر المحض والتكليف.. وحاصِلُه أنّ الأفعالَ تُنْسَبُ إلى الخَلْقِ شرعًا لإقامةِ الحُجَّةِ عليهم ولا فاعلَ في الحقيقةِ إلّا اللهُ تعالى.. فمراعاةُ الظاهر شريعةٌ ومراعاةُ الباطن حقيقة.. وفي هذا المذهب جمعٌ بينهما..ا
قال الزَّرْكَشِيُّ في كتابه[(تشنيفُ المسامع)/ص430]:[[ينفرد الله تعالى بالخَلْقِ ونُثْبِتُ الكسبَ للعبد.. وهو، سبحانَه وتعالى، الذي خَلَقَ كَسْبَ العبد.. قدَّر اللهُ للعبد قدرةً هي استطاعتُه تَصْلُحُ للكسب لا للإبداع.. والله تعالى خالقٌ غيرُ مكتسِب والعبد مكتسِب غيرُ خالق]]..ا
.
يَحُولُ ربُّنا بين مَنْ شاء من عبادِه وبين الإيمان، ويَحُولُ بين من شاء من عبادِه وبين الكفر.. وهو تفسير قولهِ تعالى في سورة الأنفال ((واعلموا أنّ اللهَ يَحُولُ بين المرءِ وقلبه)).. وهو ما نقله البيهقيُّ في (كتاب القَدَرِ) والحاكمُ في (المستدرَك) عن ابن عبّاس في تفسير هذه الآية.. ويؤيِّد ما ذكرناه قولُ الله تعالى في سورة البقرة ((ختم اللهُ على قلوبهم وعلى سمْعِهم، وعلى أبصارهم غشاوةٌ، ولهم عذاب عظيم))..ا
.
ولقد اختصر علماؤنا وأئمّتُنا هذا البحثَ بقولهم :[[إنّ الله تعالى هو معِين المؤمن على إيمانه وهو معِين الكافر على كفره من غير أن يرضى ربُّنا بالكفر أو يحبَّه أو يأمرَ به.. وهو، سبحانَه وتعالى، الذي ألهم فاعلَ الخير فعلَ الخير وهو الذي ألهم فاعلَ الشَّرِّ فعلَ الشَّرِّ من غير أن يرضى ربُّنا بالشَّرِّ أو يحبَّه أو يأمرَ به]]..ا
يقول الله تعالى في سورة الشمس ((ونَفْسٍ وما سوّاها.. فألهَمَها فجورَها وتقواها))..ا
يقول مولانا الشيخ عبد الله الهَرَرِيُّ في (الشرح القويم) ما نصُّه :[[أهلُ السُّنَّةِ متّفقون على أنّ الله هو المعِين على الخير وهو المعِين على الشَّرِّ.. والإعانةُ التمكين.. أي أنّ الله هو الذي يمكِّن العبدَ من فعل الخير وهو الذي يمكِّنه من فعل الشَّرِّ.. صرَّح بذلك إمامُ الحرمَين وأبو سعيدٍ المتولّي قبلَه والشيخ مُحَمَّدٌ الباقرُ النقشبنديُّ والأميرُ الكبيرُ المالكيُّ صحابُ (المجموع).. وقد جهِل هذا الاعتقادَ الحقَّ الضروريَّ بعضُ جهَلَة النقشبنديّة في هذا العصر]]انتهى..ا
أنظر[(الشرح القويم)/ط6/ص238]لمولانا الشيخ عبدِ الله الهَرَرِيِّ رحمه الله..ا
وانظر المزيد من التفاصيل في[(صريح البيان)/ط1/ص185]لمولانا الشيخ عبدِ الله الهَرَرِيِّ رحمه الله..ا
.
أحَبَّ اللهُ لعبادِه الخيرَ وأمَرَهم به ورضِيَه لهم، وكَره لهم الشَّرَّ ونهاهم عنه ولم يَرْضَهُ لهم..ا
ومَنْ خَلَقَ اللهُ الكفرَ في قلبه فهو ضالٌّ، أضلَّه الله الذي يُضِلُّ من يشاء ويَهْدِي من يشاء، ولا يقدِر أحد على أن يخلق الإيمانَ في قلبه إلّا اللهُ وحدَه..ا
يقول الله تعالى في سورة النساء ((
.
أيُّها الإنسان، إنّ الله، سبحانَه وتعالى، قدَّر عليك في الأزل، قبل أن يخلقَك، مصيرَك الذي ستصيرُ إليه في هذه الدنيا.. ثمّ لمّا خلقك جعلك تنساق باختيارك إلى مصيرك المحتوم الذي لا يتغيّر ولا يتبدّل ولا يمكِنُك الفِرارُ منه.. فأنت أيُّها العبد الفقير إلى الله تعالى منساقٌ باختيارك إلى قدَرِك الذي شاءه اللهُ لك قبل أن يخلُقَك، فإن كان قدَرُك شرًّا فأنت منساقٌ إليه باختيارك ولا بُدَّ لك من أن تصيبَه، وإن كان قدَرُك خيرًا فأنت منساق إليه باختيارك ولا بُدَّ لك من أن تصيبَه..ا
.
واعلم أيُّها الإنسان، أنّ الله تعالى لم يعطِك القدرة على أن تختار لنفسك أمرًا لم يشأه الله لك في الأزل، وإنّما العبد يختار لنفسه ما شاء الله له في الأزل.. فمن شاء اللهُ له في الأزل أن يكون في هذه الدنيا كافرًا يُلْهِمْهُ الكفرَ فيختارُه، ومن شاء اللهُ له في الأزل أن يكون في هذه الدنيا مؤمنًا يُلْهِمْهُ الإيمانَ فيختارُه.. فالعباد ينساقون باختيارهم إلى الهدى أو الضلال على حسَب ما شاء اللهُ لهم في الأزل.. وهو معنى قول الله تعالى في سورة الشمس ((ونفسٍ وما سوّاها.. فألهَمَها فجورَها وتقواها)).. وهو معنى قولهِ تعالى في سورة التكوير ((وما تشاءون إلّا أنْ يشاءَ اللهُ رَبُّ العالَمين)).. وهو معنى قول الإمامِ السلفيِّ أبي جعفرٍ الطَّحَاوِيِّ المتوفَّى سنةَ إحدى وعشرينَ وثلاثِمِائةٍ للهجرة في كتابه (العقيدةُ الطَّحَاوِيّة) :[[لا مشيئةَ للعباد إلّا ما شاء لهم]]، أي إلّا ما شاء اللهُ لهم..ا
.
ولا شكَّ في أنّ اللهَ يثيبُ جميعَ الذين ماتوا على دين الإسلام لأنّهم ماتوا مؤمنين، يثيبُهم في الجنّة نعيمًا لا ينقطع، ولا تكون إثابتُه لهم واجبةً عليه، وذلك لأنّ الله تعالى ليس عليه واجبٌ يَلْزَمُهُ، بلِ اللهُ يثيبُ المؤمنينَ في الجنّة بفضلهِ على إيمانِهم الذي شاءه لهم في الأزل قبل أن يخلُقَهم، ويعذِّب الكافرينَ الذين أنكروا دعوةَ رسله عذابًا شديدًا لا نهايةَ له، يعذِّبهم على كفرهم الذي شاءه لهم في الأزل قبل أن يخلُقَهم..ا
.
روى رسولُ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، عن ربِّه عزَّ وجلَّ :[[{فمَن وجَد خيرًا فلْيَحْمَدِ اللهَ، ومن وجَد غيرَ ذلك فلا يَلُومَنَّ إلّا نفسَه}]]..ا
والحديث صحيح رواه الإمامُ مسلم في[(صحيحه)/كتاب البِرِّ والصِّلة والآداب]..ا
والمعنى أنّ من وجد الإيمانَ في قلبه فلْيَحْمَدِ اللهَ على أنّ اللهَ ألهمه إيّاه من غير وجوبٍ عليه، وأمّا من وجد نفسَه منساقًا في الكفر والمعاصي فليتَّهم نفسَه بالتقصير ولا يَحْمِلْ ذنبَه على ربِّه، فمَن هداه الله فبفضله، أي من غير أن تكون هدايتُه له واجبةً على الله، ومَنْ أضلَّه اللهُ فبعدله لأنّه لا يُتَصَوَّرُ منه ظلمٌ..ا
يقول الله تبارك وتعالى في سورة الأنبياء ((لا يُسْأَلُ عمّا يفعلُ وهم يُسْأَلُون))..ا
.
ومن سلَّم للهِ تعالى أنّه حكيمٌ في فعلهِ علِم أنّ اللهَ ما ظلَم أحدًا من عبادِه ولا يظلِم أحدًا..ا
قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :[[(لو أنّ الله عذَّب أهلَ سماواتهِ وأهلَ أرضهِ لعذَّبهم وهو غيرُ ظالم لهم)]]..ا
وهو حديث صحيح رواه ابن ماجه وأبو داود..ا
.
أحَبَّ اللهُ لعبادِه الخيرَ وأمَرَهم به ورضِيَه لهم، وكَرِهَ لهم الشَّرَّ ونهاهم عنه ولم يَرْضَهُ لهم..ا
يقولُ الله تعالى في سورة الزُّمَرِ ((ولا يرضى لعبادِه الكفرَ))..ا
.
وما دخل أحد من العالَمين النارَ لولا أنّ الله شاء له دخولَها، وما دخل أحد من العالَمين الجنّة لولا أنّ الله شاء له دخولَها..ا
وما ضَلَّ أحد من العالَمين لولا أنّ الله أضلَّه، وما اهتدى أحد من العالَمين لولا أنّ الله هداه..ا
وذلك لأنّه لا يكون إلّا ما شاء الله، والله أعلم بما سيكون.. ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن..ا
يقولُ الله تعالى في سورة الأنعام ((من يشإ اللهُ يُضْلِلْهُ ومن يشأ يجعلْه على صِراطٍ مستقيم))..ا
وقال سيِّدنا موسى لربِّه لمّا رأى بعضَ قومه قد ارتدُّوا عن عبادةِ الله إلى عبادة العجل ((إنْ هي إلّا فتنتُك تُضِلُّ بها من تشاءُ وتَهْدِي من تشاء))[الأعراف/155]..ا
وقال الإمامُ حُجَّةُ الإسلام أبو جعفرٍ الطَّحَاوِيُّ المتوفَّى سنةَ 321 للهجرة في كتابه (العقيدةُ الطَّحَاوِيّة) :[[لا مشيئةَ للعباد إلّا ما شاء لهم]]، أي إلّا ما شاء اللهُ لهم، وذلك لأنّ العبادَ مختارون تحت مشيئةِ الله، ينساقون باختيارهم إلى الهدى أو الضلال على حسَب ما شاء الله لهم في الأزل..ا
.
لا خالقَ للخير إلّا اللهُ وحدَه ولا خالقَ للشَّرِّ إلّا اللهُ وحدَه، ولا خالقَ للعبادِ وأعمالِهم ونيّاتِهم ومشيئاتِهم ومعتقداتِهم اللاتي في قلوبهم والخواطرِ التي تطرأ على قلوبهم إلّا اللهُ وحدَه..ا
قال أهلُ التوحيد :[[لا خالقَ إلّا اللهُ وحدَه]].. أي لا مُوجِدَ من العدم إلّا اللهُ وحدَه..ا
يقول الله تعالى في سورة فاطِر ((هل من خالقٍ غيرُ الله))..ا
ويقول في سورة الزُّمَرِ ((اللهُ خالقُ كلِّ شيء))..ا
وقال الإمامُ الحُجَّةُ أبو جعفرٍ الطَّحَاوِيُّ في كتابه (العقيدةُ الطَّحَاوِيّة) :[[وأفعالُ العباد خَلْقُ الله]]، أي مخلوقاتُ الله..ا
أفعالُنا خَلْقُ الله أي مخلوقاتُ الله.. أي لا مُوجِدَ لها من العدم إلّا اللهُ وحدَه، وذلك لأنّ المخلوقَ يستحيلُ في العقل أن يوجِد من العدم..ا
قال أهلُ الحَقِّ :[[وليس للعبد إلّا الكَسْبُ]]..ا
ومرادُهم أنّ الله تعالى هو وحدَه الذي خلَق الإيمانَ في قلوبِ المؤمنينَ من عبادِه لأنّه قبل أن يخلُقَهم شاء لهم في الأزل أن يكونوا في هذه الدنيا مؤمنين، فلمّا خلقهم خلَق الإيمانَ في قلوبهم إنفاذًا لمشيئته تعالى.. فالإيمانُ كَسْبُ العبد، أي فعلُ العبد، أي عمَلُه الإختياريُّ، واللهُ خالقُه.. ويؤيِّده قولُ الله تعالى في المؤمنين ((أولئك كَتَبَ في قلوبهم الإيمانَ))[الحشر/22]..ا
وهو، سبحانَه وتعالى، وحدَه الذي خلَق الكفرَ في قلوبِ الكافرينَ من عبادِه لأنّه قبل أن يخلُقَهم شاء لهم في الأزل أن يكونوا في هذه الدنيا كافرين فلمّا خلَقهم خلَق الكفرَ في قلوبهم إنفاذًا لمشيئتهِ سبحانَه تعالى.. فالكفرُ كَسْبُ العبد، أي فعلُ العبد، أي عمَلُه الإختياريُّ، والله خالقُه.. ويؤيِّده قولُ الله تعالى عن الكافرين ((وما يأتيهم من رسولٍ إلّا كانوا به يستهزؤون.. كذلك نَسْلُكُهُ في قلوب المجرمين))[الحِجْر/11/12]..ا
.
والكَسْبُ هو المقدورُ الحاصِل بالقدرة القديمةِ في محلِّ القدرة الحادثة.. وهذا أحسن ما قيل في الكَسْبِ..ا
يقولُ الله تعالى في سورة الأنفال مخاطبًا نبيَّه صلَّى الله عليه وسلَّم ((وما رَمَيْتَ إذ رَمَيْتَ ولكنَّ اللهَ رَمَى))..ا
فأثبت اللهُ لنبيِّه مُحَمَّدٍ الرميَ ونفاه عنه، فإذا نُسِبَ الفعلُ إلى القدرة القديمة، أي إلى قدرة الله، سُمِّيَ خَلْقًا وسُمِّيَ القادرُ خالقًا، وإذا نُسِبَ الفعلُ إلى القدرة الحادثة، أي إلى قدرة العبد، سُمِّيَ كَسْبًا وسُمِّيَ الفاعلُ كاسِبا..ا
.
ولا بُدَّ من القولِ بالكَسْبِ تصحيحًا للتكليفِ والثوابِ والعِقابِ لامتناع الجمع بين اعتقادِ الجبر المحض والتكليف.. وحاصِلُه أنّ الأفعالَ تُنْسَبُ إلى الخَلْقِ شرعًا لإقامةِ الحُجَّةِ عليهم ولا فاعلَ في الحقيقةِ إلّا اللهُ تعالى.. فمراعاةُ الظاهر شريعةٌ ومراعاةُ الباطن حقيقة.. وفي هذا المذهب جمعٌ بينهما..ا
قال الزَّرْكَشِيُّ في كتابه[(تشنيفُ المسامع)/ص430]:[[ينفرد الله تعالى بالخَلْقِ ونُثْبِتُ الكسبَ للعبد.. وهو، سبحانَه وتعالى، الذي خَلَقَ كَسْبَ العبد.. قدَّر اللهُ للعبد قدرةً هي استطاعتُه تَصْلُحُ للكسب لا للإبداع.. والله تعالى خالقٌ غيرُ مكتسِب والعبد مكتسِب غيرُ خالق]]..ا
.
يَحُولُ ربُّنا بين مَنْ شاء من عبادِه وبين الإيمان، ويَحُولُ بين من شاء من عبادِه وبين الكفر.. وهو تفسير قولهِ تعالى في سورة الأنفال ((واعلموا أنّ اللهَ يَحُولُ بين المرءِ وقلبه)).. وهو ما نقله البيهقيُّ في (كتاب القَدَرِ) والحاكمُ في (المستدرَك) عن ابن عبّاس في تفسير هذه الآية.. ويؤيِّد ما ذكرناه قولُ الله تعالى في سورة البقرة ((ختم اللهُ على قلوبهم وعلى سمْعِهم، وعلى أبصارهم غشاوةٌ، ولهم عذاب عظيم))..ا
.
ولقد اختصر علماؤنا وأئمّتُنا هذا البحثَ بقولهم :[[إنّ الله تعالى هو معِين المؤمن على إيمانه وهو معِين الكافر على كفره من غير أن يرضى ربُّنا بالكفر أو يحبَّه أو يأمرَ به.. وهو، سبحانَه وتعالى، الذي ألهم فاعلَ الخير فعلَ الخير وهو الذي ألهم فاعلَ الشَّرِّ فعلَ الشَّرِّ من غير أن يرضى ربُّنا بالشَّرِّ أو يحبَّه أو يأمرَ به]]..ا
يقول الله تعالى في سورة الشمس ((ونَفْسٍ وما سوّاها.. فألهَمَها فجورَها وتقواها))..ا
يقول مولانا الشيخ عبد الله الهَرَرِيُّ في (الشرح القويم) ما نصُّه :[[أهلُ السُّنَّةِ متّفقون على أنّ الله هو المعِين على الخير وهو المعِين على الشَّرِّ.. والإعانةُ التمكين.. أي أنّ الله هو الذي يمكِّن العبدَ من فعل الخير وهو الذي يمكِّنه من فعل الشَّرِّ.. صرَّح بذلك إمامُ الحرمَين وأبو سعيدٍ المتولّي قبلَه والشيخ مُحَمَّدٌ الباقرُ النقشبنديُّ والأميرُ الكبيرُ المالكيُّ صحابُ (المجموع).. وقد جهِل هذا الاعتقادَ الحقَّ الضروريَّ بعضُ جهَلَة النقشبنديّة في هذا العصر]]انتهى..ا
أنظر[(الشرح القويم)/ط6/ص238]لمولانا الشيخ عبدِ الله الهَرَرِيِّ رحمه الله..ا
وانظر المزيد من التفاصيل في[(صريح البيان)/ط1/ص185]لمولانا الشيخ عبدِ الله الهَرَرِيِّ رحمه الله..ا
.
أحَبَّ اللهُ لعبادِه الخيرَ وأمَرَهم به ورضِيَه لهم، وكَره لهم الشَّرَّ ونهاهم عنه ولم يَرْضَهُ لهم..ا
ومَنْ خَلَقَ اللهُ الكفرَ في قلبه فهو ضالٌّ، أضلَّه الله الذي يُضِلُّ من يشاء ويَهْدِي من يشاء، ولا يقدِر أحد على أن يخلق الإيمانَ في قلبه إلّا اللهُ وحدَه..ا
يقول الله تعالى في سورة النساء ((
_______محمدشوقى__________
إلهي ♡
كم تعصف بي رياح الفتن والمصائب فأجدني كالشريد الحائر.. لكن رحمتك الواسعة ما أسرع أن تأخذ بيدي إلى دوحة الإيمان فلك الحمد على لطفك وكرمك ..
مواضيع مماثلة
» مثل المؤمن مثل النحلة
» من صفات المؤمن
» عجبا لأمر المؤمن كله خير
» أمثال المؤمن والكافر
» الشتاء ربيع المؤمن
» من صفات المؤمن
» عجبا لأمر المؤمن كله خير
» أمثال المؤمن والكافر
» الشتاء ربيع المؤمن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin
» قد نري تقلب وجهك في السماء.،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:38 am من طرف Admin
» الماعون تفسير السعدى
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:36 am من طرف Admin
» سوره الماعون
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:34 am من طرف Admin
» اعمالهم كسراب. منتديات ملتقي الدعاه
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:27 am من طرف Admin