الغش مفسد للعباد ومخرب للبلاد))

من طرف **Admin** الجمعة 07 يونيو 2013, 1:34 am

((الغش مفسد للعباد ومخرب للبلاد))
◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘◘

الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبى بعده , وبعد :ـ

1 – يقيم الاسلام حياة الناس على اساس العدل, ويبنى معاملاتهم على القسط ، وبهذ جاء الرسل ، وبه نطقت الكتب .

يقول رب العزة ” لقد ارسلنا رسلنا بالبينات , وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ” الحديد .

وقال تعالى :ـ “والسماء رفعها ووضع الميزان .ألا تطغو فى الميزان .واقيمو
الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان “الرحمن. والايات فى هذا المعنى كثيرة .

2 – ولا يقتصر الامر فى الايات التى ذكرناها أو التى فى معناها على
الميزان الحسى الذى يتعامل به الناس فى الاسواق , وإنما ينسحب على كل
معاملة يباشرها الانسان, وعليه ـ وفق أوامر الله . أن يراعى فيها القسط دون
مجاملة لقريب أو حبيب ,ودون جود على عدو أو بعيد .

يقول رب العزة
” يا ايها الذين اَمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو
الوالدين والاقربين ” النساء . ويقول أيضا ” يا ايها الذين اَمنوا كونوا
قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم أو الوالدين والاقربين “النساء
.ويقول ايضا ” يا ايها الذين اَمنو كونوا قوامين لله شهدا بالقسط , ولا يجد
منكم شناَن قوم على ألا تعدلوا, إعدلوا هو أقر للتقوى”المائدة .

3
– وتحقيقاً لهذا الهدف السامى حرم الإسلام الغش بكل صوره وأشكاله , وجاءت
كلمات النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا المجال قاطعة, ففى صحيح مسلم من
حديث أبى هريرة رضى الله عمه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال” من غش أمتى
فليس منى” .

والغش نقيض النصح, فإذا كان الاسلام يلزم إتباعه بأن
يتناصحوا فيما بينهم , وبايع النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه على النصح
لكل مسلم , وبين أن الدين النصيحة , فإن الغشاش إنسان خان هذه الامانة ,
وضحك على المسلمين بالكذب والزور ليحقق منفعة عاجلة لنفسه ولم يلتفت الى
روابط الانسانية أو الدين التى بينه وبين الاخريين , وباع أخرته بدنياه,
أثر هواه على رضا مولاه.

وبهذا يكون الغش مفيداً للعباد أى فساد,
فضلاً عن انعدام البركة به فى النفس والمال والولد .وأما عن أثر الغش فى
تخريب البلاد فإنه يفقد الثقة بين الناس, ويحيل حياتهم إلى خصومات ومنازعات
, ويؤسس لفئات تتقدم المشهد دون كفاءة أو مؤهلات ’ مما بجعل الناس ضحية
لطبيب جاهل , أو قاضى ظالم , أو عالم يفسد أكثر مما يصلح ……..الخ.

فضلا عن لحوق غضب الله تعالى بكل المجتمع مالم ينكر ، وعموم البلاء فى كل
البلاد ، وفى الحديث ” يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهم ، وأعوذ
بالله أن تدركوهم ” وذكر من بينهم ( ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا
أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجوار السلطان عليهم ) .

4 – وتتنوع صور الغش وتتعدد ، وأبرزها مايلى:

(أ‌) الغش فى البيوع والمعاملات ، وهو المتبادر إلى الذهن عند انطلاق كلمة الغش .

(ب‌) الغش فى الزواج مع خطواته الأولى بالتدليس والخداع قبله من جهة الزوج
أو والد العروس ، وفيما بين الزوجين بعد إنشائه فى المعاملة بينهما ، وفى
الحديث الذى أخرجه الإمام أحمد فى مسنده إشارة إلى بعض ألوان هذا الغش ،
وفيه : عن سلمى بنت قيس قالت : بايعت رسول الله r فى نسوة من الأنصار ،
قالت : كان فيما أخذ علينا ” لا تغششن أزواجكن ولما سألنه ما غش أزواجنا
قال : ان تحابين أوتهادين بماله غيره ” .

(ج) الغش مع الرعية ،
ويكون بكذب الراعى مع رعيته ، وعدم قيامه بمسئولياته تجاههم ، وفى صحيح
مسلم من حديثة r إشارة إلى هذا النوع من الغش بقوله : ” لا يسترعى الله
عبدا رعية ، يموت حين يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة ” وفى
تفسير معنى الغش المقصود هنا جاء فى رواية أخرى لمسلم ” ما من أمير يلى أمر
المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح الآلم يدخل معهم الجنة ” .

(د) الغش فى الامتحانات . وهو الآفة الكبرى التى صارت ظاهرة أجتماعية خطيرة وصار فى المجتمع من يحميها ويفرضها بقوة السلاح احيانا .

ومع طول الإلف والاعتياد لها صارت حقا مكتسبا ، وصار من يقاومها أو يرفضها كالمريض بين الأصحاء وكالخائن بين الأمناء .

وقد تسببت هذه الظاهرة فى نشوء أجيال عديمة المعرفة ، مشوهة الأخلاق ،
تسعى إلى الهدم لا إلى البناء ، وتعودبسفينة الوطن إلى الوراء .

وهناك مظاهر أخرى للغش غير ما ذكرت ، ولكن فى الإشارة ما يغنى عن العبارة ، وكل لبيب بالإشارة يفهم .

5 – ولأجل سلامة الإنسان فى دينه ودنياه ، والسمو به إلى المكانة اللائقة
به يدعونا الإسلام إلى تبنى المصداقية والشفافية فى التعامل بين المسلمين
بعضهم مع بعض ، ويبين أن من يتصف بذلك هو أرقى الناس عند الله منذلة
وأرفعهم عنده قدرا .

ففى سنن الترمزى من حديث أنس رضى الله عنه
قال : قال لى رسول الله r : ” يا بنى إن قدرت أن تصبح وتمسى ليس فى قلبك غش
لأحد فافعل , ثم قل لى : يل بنى , وذلك من سنتى ’ ومن أحيا سنتى فقد أحبنى
, ومن أحبنى كان معى الجنة “

وأورد الامام أحمد فى مسنده قصة
لرجل بشَر النبى صلى الله عليه وسلم بأنه من أهل الجنة لثلاثة أيام متوالية
… وجاء فى نهاية الحديث عندما راه الصحابى عبد الله بن عمرو لايذيد عن
غيره فى صلاة أو صيام قال الرجل :- “ما هو إلا ما رأيت يا بن أخي، غير أني
لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا، ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله
إياه، قال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: “هذه التي بلغت بك وهي
التي لا نطيق”.

وجاء عن بعض التابعين أنه قال: لو دخلت الجامع
وهو غاص بأهله وقيل لي من خير هؤلاء؟ لقلت: “من هو أنصحهم لهم، فإذا أشاروا
إلى أحد وقالواهذا انصح المسلمين لهم، لقت هو خيرهم، ولو قيل لى من شرهم ؟
لقلت أغشهم لهم، فاذا أشاروا الى أحدهم بأنه بتلك الصفة لقلت هو شرهم”..

وفقنا الله جميعا لما فيه رضاه
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

أ.د / طلعت عفيفي

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
	1	2	3	4	5	6
7	8	9	10	11	12	13
14	15	16	17	18	19	20
21	22	23	24	25	26	27
28	29	30