عضل النساء اى ظلمهن

من طرف **Admin** الجمعة 21 أكتوبر 2011, 2:26 am

عضل النساء
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي منّ على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إله الأولين والآخرين ، الذي أسبغ على عباده نعمه ووَسِعَهم برحمته وهو أرحم الراحمين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أرسله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ويكمل لهم به الدين ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً .
أما بعد : فاتقوا الله تعالى عباد الله ، واعلموا أن الإسلام حرر العباد من عبودية الجاهلية ، ونقلهم من ذلِّ الكفر وظلماته إلى عزّ الدين ونوره وبرهانه ، وبيَّن حقَّ كلِّ مسلم ومسلمة ، ومنحها لهم كاملةً غيرَ منقوصة ، فأعطى كلاًّ منهما ما يلائم فطرتَه وطبيعتَه .
عباد الله : لقد كانت المرأة في الجاهلية تُشتَرى وتُباع كالبهيمة وسائر المتاع ، تُملَك ولا تَملِك ، وتورَث ولا ترِث ، ضاعت حقوقُها بين أبواب الذلّ والاحتقار ، حتى وصل الأمر إلى أن تُحرَق مع زوجها إذا مات ، وتوأَد خشية الفقر والعار ، قال الله تعالى { وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَىٰ مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوء مَا بُشّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى ٱلتُّرَابِ أَلاَ سَآء مَا يَحْكُمُونَ } .
حتى في الزواج فإن المرأة في الجاهلية تُزوَّج على من لا ترتضيه ، في أنواعٍ من أنكحة الشغار والبدل والاستبضاع والإكراه على البغاء ، وإذا غضب عليها زوجها تركها معلَّقةً ، لا هي بذات زوج ولا هي بمطلقة .
وحين أذن الله لشمس الإسلام أن تطلع ، ولنور رسالة محمد  أن يسطع ، رفع الله عن المرأة ما كانت تعيش فيه من ذل واحتقار ، وأكرمها وحفظ لها حقوقها ، فخاطب الله النساء كما خاطب الرجال في مواضع عديدة من القرآن الكريم ، وطلب الله من عباده أن يعاشروا النساء بالمعروف {وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} .
عباد الله : هذه مكانة المرأة عموماً في الجاهلية ثم في الإسلام ، وسنتكلم في هذه الخطبة عن مسألة من مسائل الزواج ، يتجلّى فيه موقف الجاهلية وموقف الإسلام ، ألا وهي مسألة عَضْل المرأة ومنعِها من الزواج من الخاطب الكفء إذا تقدّم إليها ورغِب كلُّ واحدٍ منهما في الآخر .
العضلُ في الجاهلية مسلكٌ من مسالك الظلمةِ الذين يستغلّون حياءَ المرأة وخجلَها وبراءتَها وحسنَ ظنّها وسلامةَ نيَّتها ، وما ذلك إلا لعصبيةٍ جاهلية ، أو حميَّة قبلية أو طمعٍ في مزيدٍ من المال أو أنانية في الحبس من أجل الخدمة .
العضلُ فيه إهدار لكرامة المرأة ، بل إلغاءٌ لإنسانيتها من غير خوف من الله ولا حياء من خلق الله ، ومن غير نظرٍ في العواقب ، ولا رعاية لحقوق الرحِم والأقارب ، مخالفةٌ لدين الله والفطرة ، ومجانبةٌ لمسلك أهل العقل والحكمة ، ومجافاةٌ للخلق الكريم .
عباد الله : وفي هذا الزمن تتكرر هذه المأساة وهذه الجريمة التي حرمها الإسلام ونهى عنها وهي من صفات أهل الجاهلية ألا وهي عضل النساء بأن يمتنع الولي عن تزويج المرأة إذا خطبها كفء وقد رضيته ، وما منعها هذا الوليُّ إلا لدنيا ، إما طمعاً في مالها ، أو طلباً لمهرٍ كثير ، أو من أجل حبسها لخدمته والقيام على شؤونه ، أو حصرُ الزواج وحجرُه بأحدِ الأقارب من أبناء العم أو الخال أو غيرهم والمرأة لا تريده ، أو أن أقاربها لا يريدونها ، وحصرُها في أقاربها أو حجرُها عليهم وقد يكون هذا القريب فاسق وماجن مبتلى بالمخدرات أو بشلة سيئة من الأصحاب .
لا إله إلا الله ، هذا كله ظلمٌ وعدوان وتمسُّك بالعصبية الجاهلية ، والحميَّة القبلية ولا حول ولا قوة إلا بالله .
عباد الله : إن من الظلم البيِّن حرمانَ الفتيات من الزواج بمثل هذه الأعذار والحجج الواهية ، حتى أصبح الحال لا يخفى على أحد من كثرة وازدياد عدد العوانس في البيوت والله المستعان .
عباد الله : إن المطلوبَ من الولي المساعدةُ على الإحصان والعفاف ، والنبي قال : ((إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض )) رواه الترمذي .
فاتقوا الله رحمكم الله جميعاً وقوموا بمسؤولياتكم .
أما علمتم أنكم ستسألون عن هذه الأمانة ؟!
أنزعت الرحمة من قلوبكم ، ولا تنزع الرحمة إلا من شقي ؟! نعم هناك بعض الأولياء هداهم الله قد خانوا الأمانة التي حُمِّلوها في بناتهم وفتياتهم ، بمنعهنّ من الزواج من الأكفاء دينًا وخُلقًا وأمانة ، والرسول يقول: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)) ، فقد يتقدم إليهم الخاطب الكُفء فيماطلونه ويعتذرون له بأعذار واهية ، وقد يتعذرون بحجرها على أقاربها وفيهم من لا يكون ذا دين وخلق ، ولكن لأنه قريبها ، وكأنها حجر عليه ، لا يا عباد الله ، اتقوا الله ، وخافوا الله ، وأعلموا أنكم ستنتقلون من هذه الدنيا ، وسيسألكم الله عن هذه الأمانة .
أيها المسلمون : إن في عضل النساء وحجرهن على الأقارب وهم غير صالحين فيه جناية على النفس وعلى الفتاة وعلى المجتمع ، والمعيار الذي لا بد أن يكون دائماً بين أعيينا هو كفاءة الدين ، قال المصطفى : ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)) ، نعم وإن في عضل النساء ورَدُّ الأكفاء فيه جناية على النفس وعلى الفتاة وعلى الخاطب وعلى المجتمع أيضاً .
بل قال أهل العلم : إذا تكرّر من الوليّ ردّ الخُطاب من غير سبب صحيح صار فاسقاً ودخل عليه النقصُ في دينه وإيمانه .
ما علم هؤلاء المساكين أن هذا عضلٌ وظلمٌ وخيانة ، فأين الرحمة في هؤلاء الأولياء ؟!
كيف لا يفكرون بالعواقب ؟!
أيسُرُّهم أن يلقوا الله عز وجل وهم ظالمين لبناتهم .
بعض الآباء قد يتعذر ويقول أنا أعرف بمصلحة بنتي وسأزوجها بمن أراه ، نقول هذا حسن إذا كان كفواً ورضيته ، ولكن الله الله لا تظلمها ، ولا تزوجها بمن لا تريد هي وخصوصاً إن كان فاسقاً ، معروفاً بالسيرة السيئة ولو كان أقرب الناس إليك .
وبعض الآباء قد يزوج موليته بمن يريد هو ولا ينظر لعواقب الزواج ، ولا يفكر بما تؤول إليه الأمور من طلاق وغيره ، فقد سمعنا من زوج ابنته من كبير السن الذي جاوز الستين والفتاة لم تتجاوز العشرين من عمرها ، وبدون اختيارها ، لا لشيء إلا لأنه قد يكون قريب لها كابن عم أو غيره .
ألا تعلمون عباد الله أن هذا ظلم ، يوم أن تجبر على ما لا تريد ، ولو كان قريب لها ، فالعبرة بالصالح وبأخذ إذنها ، فهي التي ستعيش حياتها وكل فتاة تؤمل في من يسعدها ، وتعيش حياتها معه .
أما الإجبار والظلم فلا يرضاه الله ، نعم كيف يجرؤ مسلم على الظلم ، والظلم ظلمات يوم القيامة ووالله لتقفن يوم القيامة أنت ومن ظلمت وسائلك الله عن ذلك ، فاجعل لنفسك مخرجاً .
عباد الله : ومن الناس من منع بناته من الزواج ويتعذر بأنه لم يأتي نصيبها بعد وهو يرد الخطاب ، فلهذا نقول اعلم يا عبد الله أن المغريات والمثيرات قد كثرت اليوم ؛ فصور تثير الغرائز ، وقصص وأغاني تفجر بركان الجنس ، ومغريات أخر ؛ فرحمة بالفتيات يا أولياء أمور النساء ! خذوا على أيديهم واقتادوهم إلى حيث الصلاح .
عباد الله : والله إن المسلم إذا رأى هذه المغريات ، ورأى هذه التصرفات الفتاكة بمجتمعنا ، يعتصر قلبه ألماً ، ويتمنى أن يتقي الله كل ولي أمر في بنياته وأن يزوجهن إذا تقدم الكف ، اتقوا الله أيها المسلمون ، اتقوا الله أيها الأولياء فيما ولاكم الله ، إنكم إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ، تعرِّضون الفتيات للزيغ والعنوسة ، والولي راعٍ ومسؤول عن رعيته ، فعليه تفقُّدُ أحوال مولياته ، وتلمُّس حاجاتِهن ، وتقديرُ مشاعرهن ، وإيجاد الأساليب لحمايتهن ووقايتهن ، وبذل ما يجلب الخير والسعادة لهن ، بل لقد قال بعض أهل العلم : إن المرأة إذا اختارت كفئًا ، واختار الولي كفئًا غيرَه ، فيقدَّم الذي اختارته ، فإن امتنع كان عاضلاً ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنّسَاء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً .
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدَ من خافه واتقاه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا ربّ لنا سواه ، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله شرع السبيل الواضحة ، ودلّ على التجارة الرابحة ، صلـى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
اعلموا عباد الله أنني ما تكلمت عن هذا الموضوع إلا نتيجة ما نسمع من قضايا وشكاوى متعددة ، البيوت امتلأت من النساء ، أصبح عدد النساء يفوق عدد الرجال ، وكم في البيوت من مظلومة معضولة مقهورة والأب لاهي في دنياه ، لا يهمه حال بناته ، تقول إحداهن وقد وصلتني منها رسالة وهي ممن حجرها والدها على أبناء عمها وليس فيهم من يريد الزواج ، وتقول اتقوا الله فينا يا ناس ، من ينقذنا من الظلم والقهر ، عمري تجاوز الثلاثين وأخواتي ثلاث ، ظلمنا والدنا وقهرنا وعضلنا ، ينام قرير العين ، ونحن لا نعرف طعم الراحة لأننا نعيش حياة الظلم إلى آخر رسالتها ....
عباد الله : إن عضل البنات وما يترتب على ذلك من مفاسد عظيمة ، لقضية خطيرة ومشكلة اجتماعية جديرة بالعناية والاهتمام ، وهي مسؤولية الجميع ، كل على قدر مكانته وعمله ، ولعل من واجبكم -أيها الإخوة- النصح والتوعية ، لمن وقع في هذا الشر المستطير ، والأمر الخطير ، وتذكيره بالله –عز وجل-، وتحذيره من مغبة عضله ؛ يقول النبي "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار ، وحرم عليه الجنة". فقال رجل: وإن كان يسيرًا يا رسول الله!! فقال "وإن كان قضيبًا من أراك". حتى ولو كان عود مسواك ، فإن كان عود السواك ظلمًا يدخل النار ، فكيف بعضل امرأة تقف في حيرة من أمرها ، فإن رفعت أمر أبيها إلى القضاء ، فقد يعاب عليها ذلك ، وإن صبرت وحبست آلامها ودموعها ، فقد تنفجر يومًا من الأيام أو تموت ، فالموت أمر تتمناه ، كما تقول إحداهن ، ولكنها تعلم أن قاتل نفسه في النار ، أم تسير في الحرام ، إرضاءً لرغبتها واستجابة لنداء فطرتها ، لا ، فهي الشريفة العفيفة .
عباد الله : يقول " من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه " رواه مسلم ويقول النبي " من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترًا من النار " ولكن انتبه أيها الأب وأيها الراعي إلى الشرط والقيد ألا وهو الإحسان إليهن ، فهذا الحديث مفهومه من ابتلي من هذه البنات بشيء فلم يحسن إليهن كان من أهل النار ، أجارنا الله وإياكم من النار ، ألا وإن من عدم الإحسان العضل والظلم .
أيها المسلمون ، أيها الآباء : إلى متى هذا العضل ، إلى متى هذا الظلم ، تذكروا أيها الآباء أنكم موقوفون بين يدي الله تعالى غدا ومسئولون عنهن قال ( الرجل راع على أهله وهو مسئول عن رعيته) واحذروا العضل أيها الأولياء ، اتقوا الله فيمن تحت أيديكم من البنات ، اتقوا الله عز وجل في مسؤولياتكم ، وأحسنوا إلى بناتكم ، بادروا بتزويجهن متى ما تقدم الخاطب الكفؤ في دينهم وأخلاقهم ، ((إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)).
صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه فقال .......
اللهم احفظ نساءنا وفتياتنا من كيد الكائدين ، وتربص المتربصين ، واجعلهن بالصحابيات مقتديات، وعن الضلال معرضات ، وللكتاب والسنة مقتفيات ، اللهم من أراد بنسائنا سوءا ، اللهم أشغله بنفسه ، واجعل كيده في نحره ، واجعل تدميره تدميرا عليه يا سميع الدعاء ، اللهم اهد أولياء الأمور واعنهم على تزويج مولياتهم من الأكفاء يا رب العالمين .
اللهم إنا نعوذ بك من الظلم وما قرب إليه من قول أو عمل ..........

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31