مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم

الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
» كيف عرفت انه نبي..
شرح اسماء الله الحسنى 3 Emptyالجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin

» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
شرح اسماء الله الحسنى 3 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin

» التدرج في التشريع
شرح اسماء الله الحسنى 3 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin

» كتب عليكم الصيام،،
شرح اسماء الله الحسنى 3 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin

» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
شرح اسماء الله الحسنى 3 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin

» قد نري تقلب وجهك في السماء.،،
شرح اسماء الله الحسنى 3 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:38 am من طرف Admin

» الماعون تفسير السعدى
شرح اسماء الله الحسنى 3 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:36 am من طرف Admin

» سوره الماعون
شرح اسماء الله الحسنى 3 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:34 am من طرف Admin

» اعمالهم كسراب. منتديات ملتقي الدعاه
شرح اسماء الله الحسنى 3 Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:27 am من طرف Admin

أبريل 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
 123456
78910111213
14151617181920
21222324252627
282930    

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيل
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 3 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 3 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 50 بتاريخ الجمعة 25 مارس 2016, 12:22 am

شرح اسماء الله الحسنى 3

اذهب الى الأسفل

شرح اسماء الله الحسنى 3 Empty شرح اسماء الله الحسنى 3

مُساهمة من طرف Admin الأحد 02 أكتوبر 2011, 10:50 pm

- الخالق:

• (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ....) الآية , هذه الأسماء الثلاثة مترابطة في المعنى.

• هذا الاسم من أشهر الأسماء , وهو بهذا اللفظ والإطلاق لا يسمى به سوى الله تبارك وتعالى , وإن كان المخلوق بوصف بأنه يخلق كما قال عزوجل عن عيسى عليه السلام: (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي... ) الآية , وسيأتي بيانه.

• لله سبحانه أسماء خاصة لا يسمى بها غيره كـ:
( الله - الرحمن - الحكم ( إذا روعي في المعنى) - الخالق - الرب )

• في كلام العرب: مادة خَـلَـقَ تدور على ثلاثة معاني:

1- ملاسة في الشيء ( أن يكون الشيء أملس ) , فهذا يقال عنه خلق هذا الشيء بمعنى صار أملسا , ومن ذلك يقال للثياب القديمة ( خَـلَـقْ ) أي هذا الثوب القديم ذهب ما فيه من أثر النسيج الجديد وما فيه من النتوءات , وهكذا الفرش.

2- تطلق ويراد بها الإيجاد , إما أن يكون هذا الإيجاد على غير مثال سابق , وهذا في خلق الله عزوجل ولا يكون إلا لله تبارك وعلا كخلق السماوات والأرض على غير مثال سابق , وإما أن يكون قد أوجد شيئا على مثال سابق , وكذلك يكون هذا الإيجاد من غير شيء , وإما أن يكون هذا الشيء قد خُـلّق من شيء آخر , كما خُلق الإنسان من نطفة , وآدم من التراب.

3- التقدير فالعرب تقول خلق بمعنى قدّر , ولا شك أن الشيء لا يكون إلا بعد أن قُدّر , فالتقدير يكون أولا ثم بعد ذلك الإيجاد قم يكون التشكيل والتصوير , كما قال زهير بمدحه لملك من الملوك:
لأنت تفري ما خلقت ** وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
وهو المراد بالآية التي جاءت في أواخر سورة الحشر , فيصبح الخالق هو المقدر في الآية.

• الذي يصلح أن يقال اسم الله الخالق من أي اُخذ هو المعنى الثاني والثالث أي الإيجاد أو التقدير , وأما الملاسة فلا علاقة له.

• بعض الآيات التي تدل على معنى الإيجاد:

- (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ) خلقنا هنا بمعنى أوجدنا وليس بمعنى قدرنا.
- (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) بمعنى أوجدناه بقدر , ولو قلنا أنه بمعنى التقدير لصار ( قدرناه بقدر ) وهذا تكرار لا معنى له.
- (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ) بمعنى أوجد كل شيء فقدره تقديرا.
- (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ) بمعنى الإيجاد الأول , والإنشاء الأول , حيث خلق الله عزوجل الناس ابتداءا وأوجدهم ثم بعد ذلك يعيدهم مرة أخرى في اليوم الآخر.
- (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلْ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) أي هذا الذي أوجده الله عزوجل وأنشأه على عير مثال سابق.
- (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَاسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْعَالِينَ ) ليس معناه لما قدّرت بيدي , لأن الله أوجد آدم ثم أمر إبليس بالسجود له , وإنما معناه لماذا لا تسجد لما خلقت بيدي.

• فكما ترون أن الآيات تدل على معنى الإيجاد قطعا.
• وهكذا بعض الآيات تدل على معنى التقدير خاصة ولا تدل على معنى الإيجاد , وهناك آيات أخرى تحتمل الأمرين كقوله تعالى: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) أي أحسن الموجدين المبدعين المنشئين ويحتمل معنى آخر قال به طائفة من السلف وهو بمعنى أحسن المقدرين , ولقائل يقول أنها تدل على معنى ثالث وهو أحسن المصورين الذي أعطى كل مخلوق شكله.


• فإذا تبين من خلال معرفتنا لمعنى الخالق والبارئ والمصور أن في الآية التي في أواخر سورة الحشر أن الخالق هو المقدر , والبارئ هو الموجد بعد أن قدر , ثم بعد ذلك أعطى كل شيء هيئة تخصه وصورة فهذا هو المصور.

• وقد أحسن من جمع بين هذه الأسماء فقال:
خلق الأشياء بقدرته ** وبنور الحكمة صورها
وبراها وفق مشيئته ** وبغير مثال قــدرها
• وقال الآخر:
يا خالق النطفة الأولى وبارئها ** بلا مثال تعالى الخالق البارئ
مصور كل شيء وفق حكمته ** فالماء والطين غير النور والنار
• وقال ثالث:

لا شيء مثلك في وصف ولا ذات ** يا خالق الأرض بدعا والسماوات
وليس قبلك شيء كي نسميه ** وليس بعدك شيء في النهايات
والكون مبتدع إذ أنت موجده ** بلا مثال شبيه في البدايات
بقدرة مالها حد تنظمه ** على الحقيقة في ماض ولا آت

• وقفة تأمل في خلق الله عزوجل:

وقفة تأمل في النطفة:

• النطفة التي تخرج من الإنسان ويخرج منها الملايين من هذه الحيوانات التي يكون الواحد منها ملقحا للبويضة , والعجيب أن هذا الحيوان أو هذه الخلية التي تخرج من هذا الرجل تحمل نصف الخصائص الوراثية , وما يكون عند المرأة في البويضة يحمل النصف الآخر! , ثم بعد ذلك يحصل الازدواج ويحصل التكامل ويحصل هذا الإنسان الذي كونه الله هذا التكوين في أحسن تقويم , من جهة المعنى فجعله الله على الفطرة السوية الصحيحة , ومن جهة المبنى فجعله الله بهذا الخلق العجيب المتناسق , ووضع فيه كل شيء في محله .

فهذه الخلية حينما تخرج من الإنسان لتلقح هذه البويضة تمشي مسافة طويلة بالنسبة لحجمها الصغير , فهي تقطع مثل طولها مائة ألف مرة , وذلك كما لو أن الإنسان الذي لا يتجاوز طوله في كثير من الأحيان عن متر ونصف المتر , كما لو قطع خمسين ومائة كيلو من المترات , ومن غير أن يتوقف لحظه , ومن غير أن يستريح.

وهذه الخلية تبدأ بالانقسام ولا يحصل هناك خلط ولا خلل البتة , فهي تسير سيرا دقيقا وتنقسم انقساما عجيبا لا تفاوت فيه ولا اختلال بوجه من الوجوه , فكل خلية منشعبة تذهب إلى مكانها الصحيح الذي قدر الله عزوجل أن تكون فيه , فهذه تكون كبدا , وهذه تكون كُلى , وأخرى تكون قلبا , وأخرى تكون عينا , فلماذا لا تجتمع هذه الخلايا فتكون أكبادا كثيرة؟ , ولا نشاهد للإنسان إلا قلبا واحدا , (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ).

إذا تأمل العبد هذه القطرة الصغيرة المهينة التي هي مستقذرة التي هي أصل خلق الإنسان والتي لو مر عليها ساعة من الزمان لأنتنت وتغيرت , كيف استخرجها الله عزوجل من صلب الرجل ؟ ومن تراب المرأة! , خلق الله هذا الإنسان من أخلاط من أمشاج وجعله في أطوار, كيف استله في هذا الموضع من الرجل والمرأة ثم جمع بين هذين المائين من طرق ضيقة وخفية , ثم تجري وتستقر في الرحم , من غير الحاجة إلى عملية جراحية , فالله عزوجل ينظم في بطن الأم مئات بل آلاف العمليات الجراحية في كل لحظة في كل ساعة من غير حاجة إلى إدخالها في مستشفى ومن غير حاجة إلى شق البطن أو إضاءة في ظلمات ثلاث , يخلق الله عزوجل الإنسان خلقا من بعد خلق في هذه الظلمات من غير حاجة إلى شق أو إضاءة أو أشعة أو إلى غير ذلك , من الذي يقلبنا في الأرحام كيف يشاء؟ , هو الله الخالق البارئ الذي عرفناه بهذه الأسماء الكريمة من أجل أن نتعبده بها , ومن أجل أن يقوم في القلوب مقتضى هذه الأسماء من الإقرار بوحدانيته سبحانه , لأن الإقرار بربوبيته وأنه هو الخالق وأنه هو البارئ , إن ذلك يستلزم أن يكون هو المعبود وحده لا شريك له.

ثم انظر كيف قدر الله عزوجل اجتماع هذين المائين مع بعد كل منهما عن صاحبه , فكيف ساقهما من أعماق العروق والأعضاء فجمعها في موضع واحد!؟ , فالله يقلب هذه النطفة البيضاء المشرقة يقلبها كيف يشاء , فتصير بعد ذلك علقة حمراء تضرب إلى السواد , ثم بعد ذلك يجعلها في أطوار أخرى وقسمها فيكون لها سمع وبصر وقلب وعقل وأسنان ويد ورجل وما إلى ذلك ولو اجتمع الإنس والجن على أن يخلقوا لها شيء من ذلك ما استطاعوا , بل لو اجتمعوا على أن يخلقوا لها شعرة واحدة لعجزوا عن ذلك , فمن هذا صنعه في قطرة ماء فكيف صنعه في ملكوت السماوات وعلوها وسعتها واستدارتها وعظم خلقها وحسن بناءها ؟ ..

والعلماء من أهل الطب قد درسوا هذه الخلية التي يتكون منها الجنين , وحاولوا أن يتعرفوا سر خلقها , فاكتشفوا أن مركزية هذه الخلية هي ما يسمى بالنواة , بحيث إن غياب هذه النواة يجعل استمرار هذه الحياة مستحيلا إلا في حالات استثنائية كما يقولون , ومن هنا ظن العلماء أن سر الحياة يكمن في النواة فانطلقوا ينقبون ليكشفوا أسرار هذه النواة وعجائبها ثم فوجئوا بأنهم أمام أشكال عجيبة غريبة ضمن هذه النواة , تحب وتتعطش للألوان بشكل غريب , هذه الأشكال الغريبة التي هي أشبه ما يكون بالمقصات هي ما يسمى بالكروموسومات , عثر فيها على سر خطير هو سر الوراثة بالنسبة لخلق الإنسان , فهي ملخص للإنسان في جزء صغير جدا , فكل ما بالإنسان من أخلاط ومزاج وعروق ودم وعروق وسمات ومزايا وأذواق وأشكال ولحم وعظام ولون وقامة كل ذلك قد تلخص بمقدار يسير هو واحد من المليون! جعلت فيه كل هذه الخصائص فانظر إلى دقة صنع الله عزوجل.

البشر لو استطاعوا أن يصنعوا جهازا مسجلا صغيرا أو استطاعوا أن يصنعوا كاميرا صغيرى أو نحو ذلك عُدّ ذلك إنجازا عظيما! , ثم أيضا بعدما يحصل هذا اللقاح لهذه البويضة فإن نمو الإنسان لا يمشي على وتيرة واحدة وتسلسل واحد , فهو يمشي بأحوال وأطوار متعددة , مرة في زيادة الخلايا فتصبح هذه رجل وهذه يد , وفي آخر المراحل يزيد وزن الجنين ليخرج بأحسن صورة , فمن الذي قدر له هذا التقدير؟ فإذا صار الإنسان عمره ثمانين يوما فإنه يبدو على هيئة إنسان صغير , ثم بعد ذلك تتخلق العين والأحشاء والأطراف وما إلى ذلك.


وقفة تأمل في الفم:

• انظر إلى فمك هذا الذي تأكل به الطعام , فحينما تتأمل في هذه الأسنان فإنك تجد ثلاثة أنواع منها: القواطع , والأنياب , والأضراس , وهذه الأخيرة أي الأضراس على نوعين: أضراس أمامية , وأضراس خلفية, وأما القواطع والأنياب فلكل منها جذر واحد , وأما الأضراس الأمامية فلها جذران , والأضراس الخلفية لها ثلاثة جذور نظرا لسعته وضخامته وامتلاءه , فمن الذي دبر هذا التدبير ؟

ثم انظر إلى هذه الملائمة بين هذه الأسنان وبين هذه الأضراس , لماذا لا يخرج لبعض الناس أضراس في مقدمة الفم ؟ وتكون الأسنان في آخر الفم! , هل رأيتم شيئا من ذلك ؟

لماذا لا يكون بعض الناس بهذه المثابة؟ , ثم إذا كان الأمر متحدا في جميع الخلق , فلماذا كانت هذه في الأمام وهذه متوسطة وهذه متأخرة ؟ ويكون بعض الأضراس بعد ذلك ؟ ... أقول كل ذلك قسمه الله عزوجل وقدره ورتبه ترتيبا عجيبا ليتحقق من ذلك الغرض الذي خلق من أجله.

فهذه القواطع يقطع بها الإنسان الخبز ونحوه , ثم هو بعد ذلك بهذه الأنياب التي تنتهي برأس مدبب يناسب لتمزيق اللحوم وما شابهها , وأما الأضراس الأمامية والخلفية فإن نهايتها مسطحة وعليها رؤوس صغيرة مدببة , وذلك من أجل أن تعمل عملها في طحن هذا الطعام الذي قطعته ابتداءا في أول الفم , ثم بعد ذلك يوجهه اللسان يحركه يمنة ويسره ليتوزع على هذه الأضراس , ولولا وجود هذا اللسان لكان الطعام يتكتل في وسط الفم ثم يتعين الإنسان في توجيهه للأضراس , ويحتاج بعد ذلك إلى إعمال الأصابع لتوجيه الطعام للأضراس لتقوم بدورها المطلوب.

ثم انظر إلى هذا اللعاب الذي لو كان مستمرا لتعب الإنسان من كثرة التفل , ولو كان منقطعا قليلا لا يكفي لتعب الإنسان من مضغ الطعام ولغص بأدنى الأشياء , فالله عزوجل جعله يفرز إفرازا مقدرا مرتبا محددا يليق بالحال المطلوبة.

معرفة هذه الأمور ينمي معرفة الرب تبارك وتعالى , ويملأ نفس الإنسان وقلبه تعظيما للخالق جل جلاله , ويقوده قودا إلى الإقرار بوحدانيته.

فأقول في هذا الفم الذي نأكل به الطعام , أقول تأملوا كيف شقه الله عزوجل في أحسن موضع وفي أليق موضع , تصور لو كان هذا الفم في رجل الإنسان ؟ أو في يده ؟ أو كان خلف رأسه ! كيف يكون حاله ؟ وقد أودع الله فيه من المنافع وآلات الذوق والكلام وآلات الطحن والقطع ما يبهر العقول , وجعل الله عزوجل وسط هذا الفم جعل فيه اللسان وجعل فيه ترجمانا للملك أعني القلب , فهو يترجم عن منونات الإنسان ويخبر عما في فؤاده , فهو كالبريد عن القلب وكالرسول له, وجعل هذا البريد في حسن منيع فجعله مصونا محفوظا مستورا غير بارز ولا مكشوف , فالأذن مكشوفة والأنف مكشوف , وكذلك العين مكشوفة , لأن الإنسان يحتاج أن يسمع بإذنه فهي بحاجة إلى أن تكون ظاهرة , والعين الإنسان بحاجة أن يبصر الأشياء بها فلا بد أن تكون ظاهرة , والأنف يحتاج الإنسان أن يتنفس منه فلا بد أن يكون ظاهرا إلى الخارج , وأما اللسان فله شأن آخر فهو مؤد عن القلب ومعبر عنه وليس مستقبلا للقلب , وإنما هو ترجمان له , فجعله الله مستورا لعدم الحاجة لإبرازه , وأيضا جعله الله عزوجل من ألطف الأعضاء ومن ألينها , وجعلها من أشدها رطوبة , وهو لا يتصرف إلا بواسطة هذه الرطوبة المحيطة به , فلو كان بارزا للخارج لكان عرض للحرارة واليبوسة وصار ناشفا , فمنعه ذلك من التصرف وسهولة الحركة , والإنسان إذا أصابه العطس لربما وجد أثر ذلك في لسانه , فهو أحيانا يعجز عن التعبير لشدة الجفاف الذي أصابه , وفيه سبعة عشر عضلة تحركه إلى كافة الإتجاهات , وفيه ثلاثة أعصاب لتنظيم نقل الحس.

وعلى سطح هذا اللسان يوجد تسعة آلاف نتوء ذوقي , وإذا حرك الإنسان لسانه بطريقة معينة صدر منه صوت معين , وإذا حركات باتجاه آخر صدر منه صوت آخر , والإنسان لا يجد كلفة بالكلام فيتكلم بكل يسر وسهولة وطلاقة , من الذي يسر له ذلك؟ , وإذا بدأ الإنسان يأكل الطعام بدأت هذه الغدد بالإفراز وهي محيطة بهذا اللسان عن يمينه وعن شماله ومن أمامه أعني تحته.

فأقول تأمل هذا العجب في صنع الله عزوجل , وكيف أن هذا اللسان نستخدمه في كثير من الأحيان في القيل والقال , نستخدم هذا اللسان فيما لا يرضي الله , بالغيبة والنميمة والسب والشتم والوقوع في أعراض المسلمين وما إلى ذلك.

ثم إن الله عزوجل زين هذا الفم أيضا بالأسنان , فرصها فيه رصا عجيبا , فصارت بطريقة بديعة جميلة , تُحسن الإنسان بحيث لو سقط شيء منها لبدا القبح ظاهرا فيحتاج الإنسان إلى معالجة هذا الأثر فيركب أسنانا أو ضرسا أو يرقع ضرسا مكسورا أو نحو ذلك ليتدارك النقص الذي ظهر فيه , فالإنسان لا يعرف قدر النعمة إلا إذا فقدها.

ثم أيضا جعله الله عزوجل قوام الإنسان لأنه يأكل عن طريقه , وتصور حال الناس الذين لا يتمكنون من ذلك – نسأل الله لنا ولكم العافية – ممن يصابون بأمراض بالبلعوم أو في المريء أو نحو ذلك , أين يرسل إليهم الطعام؟ من أين يصلهم هذا الطعام ؟ , يصلهم إما عن طريق فتحة في أعلى الصدر , أو عن طريق الأنف بليات وعذاب وشقاء ومما يشبه ذلك.

ثم انظر كيف زينه الله من الخارج بالشفتين , فصار زينة له وحلية , وصار ذلك أيضا سببا في فصاحته , لأن الشفتين تشتركان في عملية التصويت وعملية إبراز الكلام وفصاحته , ثم هي أيضا جعلها الله لحما لا عظم فيه من أجل أن يتمكن الإنسان من الحركة بها في كل يسر وسهولة.

فهو يكشر عن أسنانه ويبتسم ويبدي مشاعره بهذه الشفاه بطريقة عجيبة , ثم أيضا هو يحتاج إلى هذه الشفاه أن تكون بهذه الحالة العجيبة من غير عظام ليتمكن من مص الشراب , ولو كان في الشفتين شيء من العظام لما تمكن من ذلك بيسر وسهولة , ثم جعلها الله عزوجل طبقا وغطاءا , فلولا وجود الشفتين لصار الفم مكشوفا ولصار عرضة للغبار , ولصار شكله في حال من القبح , ولذلك أخبرنا الله عزوجل عن أهل النار أن وجوههم باسرة , ومعنى باسرة في قول طائفة من السلف أنه إذا احترق الوجه فإنها تبدو الأسنان , تتقلص الشفتان فإذا انقلصت ظهرت الأسنان.






وقفة تأمل في اليد:

• إذا تأمل الإنسان في حاله وفي صنع الله عزوجل العجيب في بدنه رأى من ذلك عجائب وغرائب , ومن ذلك اليد التي يبطش بها الإنسان فجعلت عريضة وجعل لها خمسة أصابع , وهذه الأصابع قد جعل لكل واحد منها ثلاثة أعظم سوى الإبهام فله عظمين , ثم انظر كيف جعله الله عزوجل في طرفها , بحيث أن الإنسان يستطيع أن يقبض ويبسط ويستطيع هذا الإبهام أن يلتف عليها جميعا.

الذين يحاولون صنع ما يسمى بالرجل الآلي يقولون أنهم لو استطاعوا أن يصلوا إلى أن هذه اليد لهذا الإنسان الآلي تستطيع أن تربط الخيوط التي تكون في الحذاء يكونون بذلك أنجزوا انجازا كبيرا عظيما!.

ثم انظر كيف شد الله أطراف هذه الأصابع بالأظفار , زينة لها وكي يستطيع الإنسان أن يأخذ بها الأشياء الدقيقة التي لا يستطيع أخذها بمجرد أطراف الأصابع , وجعلها الله سبحانه حماية لأطراف اليد , وأيضا لغير الإنسان سلاحا يقاتل بها أعني المخالب , وأيضا يحتاجها الإنسان ليحك بها , ثم انظر كيف تمتد هذه اليد في كل يسر وسهولة إلى ما احتاج إليه من بدنه فيحك الإنسان جلده ويصلح شؤونه ويفعل ما يريد , حيث طولها الله عزوجل , تأمل لو كانت هذه اليد قصير بقدر شبر كيف يكون حال الإنسان وما مدى انتفاعه بها ؟

ثم انظر إلى أطراف هذه الأصابع كيف جعل الله بها هذه الخطوط الدقيقة التي يقال لها البصمات , ولا يمكن أن يتشابه اثنان في العالم في هذه الخيوط ا, وبذلك استطاع الناس أن يعرفوا بذلك المجرمين , واستطاعوا أن يميزوا الأشخاص بعضهم عن بعض.

وقفة تأمل في العظام:

• وتأمل أيضا فيما جعل الله عزوجل في خلقك من هذه العظام فلو خلا منها الإنسان لصار كتلة من اللحم لا يستطيع أن ينهض ولا يستطيع أن يقوم ولا يستطيع أن يتحرك الحركة المطلوب , ولا يتنقل في شؤونه , ولا يأخذ ويعطي ويقاتل ويدفع ولا غير ذلك , إنما هو قطعة من اللحم تتلبط في مكانها.

فجعل الله عزوجل هذه العظام قواما لهذا البدن , وخلقها الله عزوجل وقدرها تقديرا عجيبا , وفاوت بينها بالخلق , فمنها الصغار ومنها الكبار ومنها الدقاق ومنها الغلاظ ومنها الطويل والقصير والمنحني والمستدير والمجوف والمصمت ومنها ما يكون خشنا ومنها ما يكون أملسا , فالذي يكون في أطرافها وعند نهاياتها يكون أملسا في غاية الملاسة من أجل أن لا يحتك بغيره ومن أجل أن تسهل الحركة , ولو كان خشنا لحصل بذلك احتكاك وفساد لهذه العظام وآلام لا يحصيها إلا الله عزوجل , ثم جعل الله بين هذه المفاصل جعل بينها سائلا , كالزيوت والشحوم التي توضع في مواضع الاحتكاك في الآلات لتسهل الحركة , ثم انظر كيف جعل الله عزوجل هذه العظام على هيئات مختلفة , فحينما تكون الحاجة للاستدارة والحركة في النواحي مختلفة يركبها الله تركيبا يتناسب مع ذلك , انظر إلى رقبة الإنسان تتحرك إلى الأمام وإلى الخلف واليمين والشمال , ويستطيع الإنسان أن يتلفت بكل يسر وسهولة , وانظر إلى نهاية الفخذ مع الورك , كيف أن العظم جعله الله مستديرا , بحيث إن الإنسان يمكن أن يتحرك حركة مرنة بهذا التكوين والتصريف العجيب.
وأما المفصل الذي يكون في الركبة , فإن الله دبره تدبيرا يتناسب مع الحاجة , حيث أنه بحاجة إلى تحريكه إلى الأمام والخلف , ولو كان يتحرك إلى اليمين والشمال لكان هذا سببا في تعثر الإنسان , ثم انظر أيضا كيف جعل الله عزوجل هذه العظام التي في الفم جعلها بهذه الهيئات التي وصفنا في بعض المرات الماضية لتكون آلة للطحن أو القطع أو غير ذلك من الأغراض التي جعلها الله عزوجل لها.

ثم انظر أيضا كيف أن الله فصلك هذا التفصيل , ولو جعلك عظما واحدا لكان ذلك سببا لمشكلات , فأنت لا تستطيع أن تقوم وتنهض وتجلس وتركع وتسجد , ثم لما كان ظهر الإنسان بحاجة إلى حركة في غاية المرونة لم يجعله من عظم واحد أو عظمين , وإنما جعله من هذه الفقار الكثيرة ليتمكن من التحرك بكل يسر وسهولة , ثم أن الله عزوجل شد أطراف هذه العظام بأوتار شدها بعضلات وشدها بعصب وجعلها بمنزلة الأربطة التي تشد طرفا إلى طرف , ثم جعل الله عزوجل في أطراف كل واحد من هذه العظام جعل فيها زوائد وجعل في الطرف الآخر ثغورا ومداخل لأطراف هذا العظم فيدخل هذا في هذا ثم بعد ذلك يتكون منه هذا التركيب البديع, من الذي صنعه ومن الذي أبدعه ومن الذي جعله في هذه الهيئة وفي هذا الموضع وجعله في هيئة أخرى في موضع آخر , فإذا أراد الإنسان أن يتحرك صار ذلك عليه يسيرا سهلا.
ثم انظر كيف جعل الله عزوجل العظام التي بأسفل البدن جعلها قوية ومتينة , لأن البدن يقوم عليها ويعتمد , وأما العظام التي لا يقوم عليها الإنسان في قيامه وقعوده بجعله الله عزوجل دقيقة لا تحتاج إلى هذه الضخامة وهذه القوة.


وقفة تأمل في الأذن:

• ثم انظر إلى هذه الأذن كيف جعلها الله عزوجل ظاهرة لتستقبل الأصوات , فإن الحكمة من خلقها هي أن يستقبل بها الإنسان المسموعات , ثم انظر كيف جعل الله بها هذه الدوائر والغضاريف وذلك لحكم عظيمة , جعل الله عزوجل هذه الإذن كالصدفة لتجمع الصوت ثم تؤديه بعد ذلك إلى داخلها , وجعل هذه التجاويف والتعوجات جعلها لتمسك الهواء والصوت إلى الداخل ثم تنكسر حدته قبل أن يضرب في داخل الإذن فتتأذى منه , ومن حكمة ذلك أيضا أن الله عزوجل يطول بذلك على كل ما أراد أن يدخل بهذه الأذن من النمل والحشرات فهو يحتاج إلى عمل ووقت ومعالجة من أجل الوصول إلى ثقبها ثم يتنبه الإنسان بعد ذلك ثم يخرجه , فلو كانت الأذن مجرد ثقب لكان سهلا أن تدخل عليها الذر وما إلى ذلك فيتأذى بها الإنسان , ثم أيضا جعل الله عزوجل سائلا في هذه الأذن مر الطعم من أجل أنه لا يتمكن شيئا من هذه الحشرات إلى الوصول داخل هذه الأذن , فإذا بلغ هذا الموطن بدأ يبحث على حيلة ليخرج وينجو بنفسه لأن لا يموت , فلا يستطيع أن يتجاوز هذا الموضع داخلا إلى بطن الأذن فهذا من حكمة الرب جل جلاله.



وقفة تأمل في الرأس:

• وأما الرأس فقد جعله الله عزوجل عاليا , وجعل فيه هذه العظام القوية التي تحيط بما حواه من كل جانب , حتى أن بعض العلماء المتقدمين يقولون إن هذه العظام التي ركب الله عزوجل بعضها في بعض بالرأس يقولون أنها تبلغ خمسة وخمسين عظما مختلفة الأشكال والمقادير والمنافع فجعلها الله عزوجل بهذا التداخل والتشابك حتى صارت كأنها لُحمة واحدة , فإذا أصيب واحد منها سلم الآخر , ثم جعلها الله عزوجل محكمة مشدودة لا يدخل إليها الهواء , وذلك لحماية الدماغ وحماية الحواس التي جعلها الله عزوجل في هذا الرأس , فهذا الرأس هو أكرم شيء في الإنسان فيه الوجه وفيه الحواس السمع والبصر والذوق والشم , وفيه فوق ذلك أيضا فيه الدماغ الذي فيه اتصال بالقلب , وهذا القلب هو موضع العقل , فجعله الله عزوجل مرتبطا بهذا الدماغ وأحاطه بهذه الحماية العجيبة كل ذلك صنع هذا الخالق البديع في صنعه وفي فعله وفي خلقه تبارك وتعالى , وجعله الله عزوجل في الأعلى لأن فيه أغلى الأشياء , ولأن فيه البصر والسمع والإنسان يحتاج في بصره إلى أن يكون في مكان مرتفع , تصور لو كان بصر الإنسان في رجله أو في ركبته! , كيف يكون عرضة لكل لطمة ولكل آفة! , كيف تكون الحماية لهذا البصر لو كان في رجل الإنسان؟ ثم كيف يستطيع أن يبصر الأشياء وبصره في رجله أو بطنه وإنما جعله الله عزوجل في هذا المكان المرتفع كالبرج يبصر به الأشياء من بعيد , وكذلك السمع فهو بحاجة إلى أن يسمع الأصوات من بعيد , فجعله الله عزوجل في هذا الموضع المرتفع في الإنسان , فصار البصر في مقدم الرأس كالطليعة له وكالحارس الكاشف للبدن .



وقفة تأمل في الشعر:

• وقد زين الله هذا الرأس بهذا الشعر الذي صار حسنه به وجعله لباسا له , كل ذلك لحكمة عظيمة , ويعرف الإنسان قدر هذه النعمة إذا فقد شيئا من ذلك , وأنتم ترون الناس يبحثون عن العيادات التي تزرع لهم شعرا اصطناعيا أو تقول أنها تستطيع أن تصنع لهم بصيلات ينبت بها شعر طبيعي لهؤلاء الناس , ما شأن الإنسان حينما يسقط شعره أو يصاب بالصلع؟ , لاسيما إذا كانت امرأة , كثيرا من الناس لربما رفضوا بعض العلاج الضروري كالذين يصابون بالسرطان – أجارنا الله وإياكم من ذلك – بعضهم يرفض هذا العلاج ومن أسباب رفضه أنه يشوه صورته كما يقولون , حيث أن شعره يتساقط , مع أن هذا الشعر لا يتساقط إلى الأبد ولكن يرجع إليه ثانية.





وقفة تأمل في العين:


• ثم انظر بعد ذلك إلى هذه العين التي جعلها الله عزوجل في هذا الرأس , وابن القيم يقول إن الله عزوجل ركب كل عين من سبع طبقات , لكل طبقة وصف مخصوص ومقدار مخصوص ومنفعة مخصوصة , لو فقدت طبقة من تلك الطبقات السبع أو زالت عن هيئتها وموضعها لتعطلت العين عن الإبصار بالكلية , ثم إن الله عزوجل جعل في وسط هذه الطبقات السبع جعل خلقا دقيقا عجيبا , وهو ما يسمى بإنسان العين وهو صغير جدا بقدر العدسة يبصر به الإنسان , وجعله من العين بمنزلة القلب من الأعضاء فهو ملكها , وتلك الطبقات التي جعلها الله عزوجل بمنزلة الحراس لهذه العين أعني بذلك الأجفان , التي تكون بمنزلة الآلة الماسحة –مثل مساحة السيارة- تمسح عن هذه العين ما يعلق بها من الغبار والأشياء العالقة بالجو , ثم إنها أيضا حماية لها فإذا شعرت العين بالخطر تحرك هذا الجفن بشكل تلقائي , لا يحتاج منك إلى أمر أن تأمره من أجل أن يتحرك ليحمي هذه العين , ثم إنه يريح هذه العين في بعض الأحوال كالنوم ونحوه , فجعله الله عزوجل غطاءا للعين وسترا لها وحفظا وزينة وهما أيضا أعني الجفنين يلقيان الأذى عن هذه العين ويلقيان القذى والغبار ويحميانها من الحر ومن البرد , ثم إن الله عزوجل غرس في أطراف هذه الأجفان غرس فيها الشعر , زينة وحفظا أيضا لهذه العين , ثم إن الله أودع هذه العين هذا البصر الذي يبصر به الأشياء , وإذا انطفأ هذا البصر والنور الذي في هذه العين لم ينتفع الإنسان بها , ثم إن الله عزوجل أجرى في هذه العين عينا ملحا , من أجل أن لا تنتن هذه العين , فهي تحتاج إلى رطوبة , وهي أيضا لو كانت هذه الرطوبة حملة لكان ذلك سببا في تلف شحم العين وتلفا لبعض أعضائها فتضرر من ذلك فتتعفن , فجعل الله عزوجل هذا السائل جعله ملحا , من أجل أن يعقمها وينظفها ويحافظ على رطوبتها من غير أضرار ومن غير آفات يورثها ذلك , والله تعالى أعلم , ثم إذا وقع في هذه العين شيء من القذى أو الأذى فإن هذا الدمع يدر بطريقة تلقائية ليغسل هذه العين ويزيل ما علق عليها من أذى وقذى وغبار ومن آفات , كل هذا أبدعه الله عزوجل وصنعه وركبه في جسمك أيها الإنسان وأنت ساهٍ لاهٍ لا تدري عن شيء من هذه الأمور , وإنما إذا فقد الإنسان شيء منها , أو أصابه الضرر , صار عنده ثقافة واسعة بهذا العضو , وآثار هذا العضو , والحاجة إليه , وما يترتب على فقده , وما هي الأدواء والأمراض التي تصيبه , حينما يصاب الإنسان في مرض في عينه أو في أذنه لربما أخذ ثقافة واسعة عن الأدوية والأسباب والنتائج والآثار الجانبية وما يتعلق بذلك , وصار يحدث الناس , كل من زاره أعطاه تصورا عن هذا العضو الذي لربما كان قبل هذا المرض لم يعرف كيف يعمل هذا العضو , وما هي الآفات التي تصيبه , ولم يخطر بباله شيء من ذلك , وإنما ركب الله ذلك فيه من غير جهد منه ولا كسب ولا عمل فتبارك الله أحسن الخالقين.




وقفة تأمل في الأنف:

• ثم انظر إلى هذا الأنف كيف جعله الله عزوجل على هذه الهيئة , وجعل طرفه الأعلى قصبة دقيقة , ليتحقق الغرض , وهو أن يدخل الهواء دون سائر الأشياء , فهو لا يحتاج أن يكون في طرفه الأعلى عريضا فيدخل معه كل شيء , وإنما هو بحاجة إلى هذه الدقة ليمنع دخول الغبار والقذى والأذى والحشرات وما إلى ذلك , ثم إن الله جعل فيه شعرا ليمنع دخول الغبار ليكون بمنزلة المصفاة ولأن لا يدخل فيه شيئا فيصل إلى الرأس , ثم إن جعل الله عزوجل له منخرين مع أنه عضو واحد أعني الأنف , وذلك أن الإنسان بالنسبة للعين والأذن , كل واحد منها يعد حاسة مستقلة , إذا فقد هذا عوض بالآخر , حتى إن العلماء يقولون إن الإنسان إذا فقد واحدة من أعينه فإن نورها ينتقل إلى الأخرى فيتضاعف نورها , الحاصل أن الأنف لما كان حاسة واحدة جعل الله عزوجل له منخرين , فإذا تأذى هذا أو تضرر أو تعطل بزكام أو بغيره من الآفات , فإن الآخر ينتفع به ويعوض عن الآخر , وجعل طرفه الأسفل جعله عريضا مقارنة بطرفه الأعلى , وذلك ليتحقق الغرض ليدخل الماء فيغسل , ثم ليدخل أكبر قدر من الهواء فيتنفس الإنسان بطريقة سهلة , فيصل ذلك إلى قلبه من غير شعور بالحرج والضيق وانحباس النفس , فالله تبارك وتعالى صنعه هذا الصنع , وأبدعه بهذه الطريقة , كل ذلك لحكم عظيمة بالغة , قد لا نتصورها ولا تخطر لنا على بال.

وقفة تأمل في القلب:

• فهذا القلب الذي هو ملك الجوارح وزنه يقرب من واحدا وعشرين وثلاثمائة غرام , وحجمه بقدر قبضة اليد , تبلغ ضربات الرجل ما يقرب من ستين إلى ثمانين ضربة في الدقيقة الواحدة , وينبض في العام أربعين مليون مرة , وفي كل ضخة يدخل إلى القلب حوالي ربع رطل من الدم , ويضخ في يوم واحد ألفين ومائتين من الجوالين من الدم , وحوالي ست وخمسين مليون جالون على مدى الحياة يعني من الدم , فلو أن الإنسان قيل له تكفل بهذا القلب لمدة ساعة واحدة , فهو كما قلنا في الدقيقة الواحدة تبلغ الضربات ما بين ستين إلى ثمانين ضربة , فلو قيل له أنت موكل بهذا القلب في ساعة واحدة فقط , كيف يكون شانه؟ , لا يستطيع أن يلتفت إلى شيء إطلاقا , لا يستطيع أن يأكل ولا يتكلم مع الناس ولا يناقش ولا ينتفع بأي وجه من وجوه الانتفاع , في شغله في عمله في نومه .. لا يستطيع أن ينام لأن هذا القلب سيتعطل , فانظر كيف تعمل هذه الأشياء دون أن يشعر الإنسان , ولو وكلت إليه لضاع وضيعها , وهذا القلب يستطيع لو أنه استعمل آلة تحرك الأشياء أو رافعة صغيره يستطيع بكل نبضة من هذه النبضات هي بقدر قوة رافعة ترفع شيئا أو ثقلا بمقدار أو على زنة رطلي , ترفعه على مقدار قدمين , بكل نبضة يمكن أن يرفع هذا المقدار من الموزونات على هذا الارتفاع , وذلك بنبضة واحدة! .




أما الدم الذي يمر عبر هذا القلب , فإن الدفعة الواحدة التي تمر من خلال القلب بوقت لا يتجاوز نصف الثانية , وأما الطريق من القلب إلى الرئة ثم إلى القلب مرة أخرى , فإن ذلك يستغرق ست ثواني فقط , وأما الدم الذاهب إلى الدماغ فإنه يعود إلى القلب مرة ثانية في ثماني ثواني , بينما يعود الدم الذاهب إلى أصابع القدم في ثماني عشرة ثانية , وهذا الدم فيه تركيب عجيب , فهو يحوي خمسة ملايين من كريات الدم الحمراء , في كل متر مكعب واحد منه , الملي متر فيه خمسة ملايين كرية حمراء من كريات الدم ومجموع ما في الدم من الكريات الحمراء خمس وعشرين مليون كرية حمراء , ولو فرشناها كبساط تفرش سطحا مقداره ثلاثة آلاف وأربعمائة وخمسين مترا مربعا , وإذا صفت واحدة بعد الآخر على هيئة الخيط فإنها من دم الإنسان الواحد , فإن مجموع أقطار هذه الكريات يقولون إنه ينشئ طولا يغلف الكرة الأرضية ست إلى سبع مرات .


وقفة تأمل في النَفس:

• وأما النفس الذي يتنفسه الإنسان , فإنه يتنفس في كل يوم خمسا وعشرين ألف مرة , تصور! لو أعطيت هذه الرئة للإنسان وقيل له تنفس أنت لمدة يوم واحد , ينفه في هذه الرئة ثم يعصرها , ما الذي سيحدث؟ هو سيتعب , لو الإنسان طلب منه أن ينفخ بالونة واحدة لتعب ومل , فالإنسان يتنفس ما يقرب من خمس وعشرين ألف مرة يسحب فيها مائة وثمانين مترا مكعبا من الهواء , وفي مجموع دم الإنسان كما ذكرنا خمس وعشرين مليون كرية دم حمراء تنقل الأكسجين , وخمس وعشرين مليار كرية بيضاء لمقاومة الجراثيم , ولمناعة البدن , ومليون مليون صفيحة دموية لحفظ الدم ضد النزيف , ولإيجاد التخثر عندما تحصل الجروح , والكرية الواحدة من كريات الدم متوسط العمر الذي تعيشه مائة وعشرين يوما , وفي هذه المدة تقطع في العروق مسافة طويل تنقل بها الأكسجين , وقدر هذه الرحلة ما يقرب من خمسين ومائة وألف كيلومتر عبر عروق البدن .
















وقفة تامل في البدن عامة:

• وجسم الإنسان يحوي أكثر من ستمائة عضلة , وأكثر من مائتين عظم , وتحوي العضلة المتوسطة الحجم على عشرة ملايين ليف عضلي , وتحوي عظمة الفخذ بمفردها أكثر من ثلاثين ألف عمود من الكلف , أما عضلات الإنسان مجتمعا فإن عملها لو أردنا أن نقدره فإنه يساوي ما حمولته ( في يوم واحد طبعا ) عشرين طنا , وأما المعدة ففيها من غدد الإفراز ما يقارب خمسة وثلاثين مليون غدة , وأما الدماغ ففيه من الخلايا العصبية ثلاث عشرة مليار خلية عصبية , ومائة مليار خلية دبغية استنادية تحرس الخلايا العصبية , وفي العين مائة وأربعين مليون مستقبلا للضوء , وتحت جلد الإنسان من المكيفات التي يقال لها الغدد العرقية لتلطيف البدن فيه ما يقرب من خمسة إلى خمسة عشر مليون مكيف يعني غدة عرقية , وفي كبد الإنسان ما يقرب من ثلاث مائة مليار خلية يمكن أن تتجدد كليا كل أربعة أشهر , وأما الكلى فإن الكلية الواحدة للإنسان تزن خمسين ومائة جرام فقط , هي صغيرة كما تعلمون , وفيها مليون وحدة وظيفية لتصفية الدم , ويرد إلى الكلية الواحدة خلال أربع وعشرين ساعة ألف وثمنمائة لتر من الدم , ويعاد امتصاص معظم ذلك , ويطرح منه حوالي لتر ونصف وهو المعروف بالبول , وكل شيء في هذا الإنسان يتجدد من الخلايا والكريات وغير ذلك ويتغير إلا شيئا واحدا إلا الخلايا العصبية كما يقول الأطباء.

هذه الخلايا العصبية تبقى وتستمر ولا تتلف ولا تتجدد ولا تزداد , والأطباء يقولون لو كانت تتلف وتتجدد فذلك يعني أن الإنسان يفقد ذاكرته تماما كل ستة أشهر , فهو يحتاج إلى أن يتعلم حتى مبادئ اللغة والنطق والحروف من جديد , فانظر إلى رحمة الله وبديع صنعه.

وأنت أيها الإنسان فانظر إلى صنيعك في اليوم الواحد , الإنسان يأكل في اليوم الواحد ما يقرب من ثلاثة إلى أربعة أرطال من الطعام , ويشرب في اليوم الواحد لترا ونصف اللتر من السوائل أو أكثر , ويتنفس ثلاث وعشرين ألف مرة , ويدق قلبه مائة ألف مرة في اليوم , ويختزن في ذاكرته من الصور التي شاهدها نصف مليون صورة جديدة كل يوم! , ويتخلص الإنسان في كل يوم من قدر أوقيه من الأملاح المعدنية , ويفرز لترا ونصف من اللعاب يوميا تقريبا , ويفز أيضا مثل هذا المقدار من العرق , وأما الكريات البيضاء في الدم فإنها تمثل محطات الدفاع الأولى للبدن , فهي بمثابة الفرق والدوريات المتجولة , فتقوم بحراسة هذا البدن من الجراثيم وتهاجمها , وأما الغدد اللمفاوية فهي تصطاد الجراثيم حينما لا تنجح مقاومة الكريات البيضاء لهذه الجراثيم , فهي خط الدفاع الثاني وهي أقوى من الكريات البيضاء , وحينما يحصل هذا العراك بين هذه الغدد اللمفاوية وبين الجراثيم تتضخم هذه الغدد ويزيد حجمها من جراء هذا القتال الدائر مع هذه الجراثيم الغازية , فهذه من الجنود التي خلقها الله عزوجل في بدنك وأنت لا تشعر وأنت ساهٍ لاهٍ , ثم في فترات هذه المعارك الضارية تحصل أشياء وتفاعلات وتعلن حالة الطوارئ فالبدن ليس له شهية إلى أن يأكل , والعرق يتصبب , والحرارة ترتفع , والوجه يتغير , ويشعر الإنسان بشيء من الإرهاق والتعب العام والخمول والضعف ونبضات القلب تتسارع والنشاط العام يحصل فيه شيء من الفتور , كل لك بمقاومة هذا العدو الصائل وأنت لا تدري شيئا عن ذلك كله , فالله عزوجل هو الذي قدر هذا الشيء وقضاه وصنعه وخلقه وبرئه وتبارك الله أحسن الخالقين , وقد أحسن من قال:

يا مدرك الأبصار والأبصار لا ** تدري له ولكنه إدراكا
إن لم تكن عيني تراك فإنني ** في كل شيء أستبين علاكا

• وقفة تأمل في الأفلاك:

• هذه النجوم التي نشاهدها ليلا , يقول أهل الفلك أنها تبتعد في كل ثانية بسرعة فائقة عن مكانها وتتحرك حركة مدهشة سريعة طبقا لنظام محدد وقواعد محكمة , بحيث إنها مع هذه السرعة والانتقال العجيب لا تصطدم مع بعضها , ولا يحصل اختلال في سرعتها , فهي تسرع سرعة منضبطة محددة لا تزيد ولا تنقص.

وهذه الأرض التي نعيش عليها فيها من العجائب والغرائب التي أودعها الله عزوجل فيها شيئا يبعث إلى العجب , فهي تتحرك حول الشمس بحركة منضبطة تمام الانضباط , ولا يمكن أن يحدث أدنى تغيير في سرعتها في هذه الحركة عندما تدور حول الشمس حتى بعد مرور مئات السنين , فإنها تبقى بهذه الحركة لا تزيد ولا تنقص , ولا تضطرب ولا تختل.

وهذا القمر الذي نشاهده ليلا , فهو يتبع حركة الأرض ويدور في فلك مقرب منضبط , مع تفاوت يسير جدا , ويتكرر ذلك بعد كل ثمانية عشر عاما ونصف العام بدقة فائقة , وتلك هي حال جميع الأجرام السماوية.

ويقول أهل الفلك بأن مجرات النجوم يتداخل بعضها في بعض , فتدخل مجرة في مجرة , والمجرة الواحدة يقولون إنها تشتمل على البلايين من السيارات المتحركة فتتداخل مع مجرة أخرى تحمل مثل ذلك أو قريبا من هذا العدد الهائل , وتتحرك سياراتها مع الأخرى , ثم تخرج منها بعد هذا التداخل بسياراتها جميعا , دون أن يحدث أي تصادم بين سيارات المجرتين , فهذا كله يجري بدقة عجيبة من غير اضطراب ولا اختلال ولا تفاوت في هذا الخلق العجيب الذي أبدعه الله تبارك وتعالى.

وقشرة هذه الأرض التي نعيش عليها , يقول العلماء بأن هذه القشرة لو كانت أكثر سمكا بمقدار عشرة أقدام من سمكها الحالي لما وجد الأكسجين , وبدون الأكسجين كما هو معلوم تستحيل الحياة حياة ذوات الأرواح , ولو كان الغلاف الهوائي ألطف مما هو عليه الآن يقولون لاخترقت النيازك كل يوم غلاف الأرض الخارجي , ولرأيناها مضيئة في الليل , ولسقطت على كل بقعة في الأرض وأحرقتها , فهذه النيازك التي تنهال على هذا الكوكب ثم هي تتلاشى في هذا الفضاء يقولون إنها تواصل رحلتها بسرعة أربعين ميلا في الثانية , ونتيجة لهذه السرعة العظيمة , فلو كان هذا الغلاف أضعف مما هو عليه الآن , لخرقت كل شيء يمكن اختراقه على الأرض , حتى تصبح الأرض خضرا بعد عين , وعجائب الله عزوجل لا يمكن عدها وحصرها.

وهذا رجل من علماء الغرب قد تخصص في هذه العلوم الفلكية حصل له موقف عجيب مع أحد علماء المسلمين الذين لهم اشتغال بالعلوم الطبيعية والرياضية , يقول هذا العالم المسلم وهو من علماء الهند وهو ( عناية الله المشرقي ) يقول كان في يوم الأحد من أيام سنة تسعة وتسعمائة بعد الألف , يعني من تاريخ النصارى , يقول كانت السماء تمطر بغزارة وخرجت من بيتي لقضاء حاجة ما , فإذا بي أرى الفلكي المشهور ( السير جمس جنس ) الأستاذ بجامعة كيمبوردج , ذاهبا إلى الكنيسة والإنجيل والشمسية تحت إبطه , فدنوت منه وسلمت عليه فلم يرد علي , فسلمت عليه مرة أخرى , فسألني ماذا تريد مني ؟ فقلت له أمرين: الأول أن شمسيتك تحت إبطك رغم شدة المطر , فابتسم وفتح شمسيته على الفور , يقول فقلت له وأما الأمر الآخر: ما الذي يدفع رجلا ذائع الصيت في العالم أن يتوجه إلى الكنسية ؟ وأما هذا السؤال توقف لحظة ثم قال عليك أن تأخذ شاي المساء عندي , يقول وعندما وصلت إلى داره في المساء في تمام الساعة الرابعة بالضبط , وجدته ينتظرني وعندما دخلت عليه في غرفته , وجدت عليه منضدة صغيرة موضوع عليها أدوات الشاي , وكان البروفيسور منهمكا في أفكاره , وعندما شعر بوجودي سألني ماذا كان سؤالك؟ ودون أن ينتظر الرد بدأ يلقي محاضرة عن تكوين الأجرام السماوية ونظامها المدهش وأبعادها وفواصلها اللامتناهية وطرقها ومداراتها وجاذبيتها حتى أنني شعرت بقلبي يهتز بهيبة الله وجلاله , وأما هو فوجدت شعر رأسه قائما والدموع تنهمر من عينيه ويداه ترتعدان من خشية الله , وتوقف فجأة ثم بدأ يقول يا عناية الله عندما ألقي نظرة على روائع خلق الله يبدأ وجودي يرتعش من الجلال الإلهي , وعندما أركع أمام الله وأقول له إنك لعظيم أجد أن كل جزء من كياني يؤيدني في هذا الدعاء وأشعر بسكون وسعادة عظيمين ( هذا كافر!! ) يقول وأحس بسعادة تفوق سعادة الآخرين ألف مرة! , أفهمت يا عناية الله لماذا أذهب إلى الكنيسة! يقول عناية الله فأحدثت هذه المحاضرة طوفانا في عقلي , وقلت له لقد تأثرت جدا من التفاصيل العلمية التي رويتها لي , وتذكرت في هذه المناسبة آية من آي كتابي ( يعني القرآن ) فلو سمحت لي قرأتها عليك , فهز رأسه قائلا بكل سرور اقرأ , فقرأت عليه الآية التالية: (وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) فصرخ هذا الرجل وقال ماذا قلت! إنما يخشى الله من عباده العلماء , مدهش وغريب وعجيب جدا إن الأمر الذي كشفت عنه دراسة ومشاهدة استمرت خمسين سنة , من أنبأ محمدا به ؟ هل هذه الآية موجودة في القرآن حقيقة , لو كان الأمر كذلك فاكتب شهادة مني أن القرآن كتابا موحى من عند الله , ( طبعا نحن نعرف أن القرآن هو كتاب موحى من عند الله ولسنا بحاجة إلى شهادته ولسنا بشك من كتابنا , ثم إن هذه الآية: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) إنما هي في علماء الشريعة وليس في علماء الطبيعة , لكن على كل حال هؤلاء قد تقودهم علومهم إلى معرفة الله عزوجل أحيانا كما في مثل هذا الموقف , وقد تقودهم علومهم إلى مزيد من الإلحاد كما هو الغالب ) ثم يقول هذا الرجل لقد كان محمدا أميا ولا يمكنه أن يكشف بهذا السر عن نفسه ولكن الله أخبره بهذا السر , مدهش وغريب وعجيب جدا!.

وهذا طبيب اشترك مع بعض الأطباء في تصنيع قلب اصطناعي , بهره عجيب صنع الله عزوجل في خلق الإنسان فما وسعه إلا أن يقول إن جسمنا هو الكمال ذاته وهو غاية ما تصل إليه التقنية , ومهما يكن نوع الآلة التي يمكن أن تصنع ومهما بلغت من التعقيد والكمال فإننا نجد في تركيب جسمنا ما هو أفضل منها , ونظرة واحدة نلقيها على تكون الطفل في رحم أمه تقنعنا بأعجوبة المراحل التي يمر بها , كما تقنعنا بأنه لا بد من هذه الصنعة المركبة العجيبة من صانع ماهر , وكلما تعمق الإنسان في تشريح جسمه وأدرك دقائقه ازداد إيمانا بوجود الخالق , يقول إن عملية الأكل والبلع والهضم وتحويل الطعام إلى دم وسكر وأحماض والاحتفاظ بالنافع منه وطرح الفضلات كل أولئك يدعو بلسان الواقع إلى الإقرار بوجود الخالق , فهذا رجل ليس من المسلمين بهره دقة صنع الله تبارك وتعالى فيك أيها الإنسان فما وسعه إلا أن يقر بهذا الإقرار , وصدق الله عزوجل حيث يقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) فالله تبارك وتعالى يذكر بعجيب خلقه , سواء كان ذلك في خلق الإنسان أم الأفلاك أم في خلق الحيوان , والله تبارك وتعالى يقول: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنْ الْخَلْقِ غَافِلِينَ وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ) ويقول الله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَ

_______محمدشوقى__________
إلهي ♡
كم تعصف بي رياح الفتن والمصائب فأجدني كالشريد الحائر.. لكن رحمتك الواسعة ما أسرع أن تأخذ بيدي إلى دوحة الإيمان فلك الحمد على لطفك وكرمك ..
Admin
Admin
الشيخ محمدشوقى المدير العام

عدد المساهمات : 7494
نقاط : 25556
تاريخ التسجيل : 16/08/2011
العمر : 52
الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001995123161

https://qqqq.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى