مر الحسن حين برجل يضحك
، سأله: يابن أخي.. هل جزت الصراط؟
فقال الرجل: لا، قال: فهل علمت إلى الجنة تصير أم إلى النار؟
فقال: لا، قال: ففيم الضحك؟
عافاك الله والأمر هول، فما رُؤي الرجل ضاحكًا حتى مات الحسن
أي سفر أطول من هذا السفر؟
وأي زاد تحتاج؟
إنه -أيها الحبيب-
زاد الآخرة (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).
أما الموت الذي لم نذقه بعد فلا نَعرفُ ألمه وشدته إلا حين يقع.. فكل منا سيمر بتلك اللحظات العصيبة والدقائق الرهيبة... الأنفاس مشدودة، والعين حائرة كسيرة... إنها لحظة الاحتضار.
وحين تفتح عينك وملك الموت واقف على رأسك.. تُفكر في ماذا تلك اللحظات؟!
ونحن لم نذق الموت بَعُد.. ألمه وغُصَصه وكُربه.. ما هي؟
لحظاتُ لنرى حال من سبقنا إلى ذلك
فهذا عمر بن العاص لما احتضر سأله ابنه عن صفة الموت فقال: والله لكأن جنبي في تخت ولكأني أتنفس من سَم إبرَهَ، وكأن غصن شوك يجر به قدمي إلى هامتي
وسأل عمر -رضي الله عنه- كعبًا فقال: أخبرني عن الموت؟
قال: يا أمير المؤمنين، هو مثل شجرة كثيرة الشوك في جوف ابن آدم، فليس منه عرق ولا مفصل، وهو كرجل شديد الذراعين فهو يعالجها وينتزعها، فبكى عمر.
هذا هو الموت وهذه شدته.. سيكون تفكيرك في تلك اللحظات منحصرًا في أي الأبواب ستدخل، وفي أي الدارين تسكن؟
إن الموت هو الخطبُ الأفظع، والأمر الأشنع، والكأس التي طعمها أكره وأبشع، وإنه الحادث الأهدم للذَّات، والأقطع للراحات، والأجلب للكريهات، فإن أمرًا يُقَطِّعُ أوصالك، ويُفِّرقُ أعضاءك، ويَهدم أركانك، لهو الأمر العظيم والخطب الجسيم، وإن يومه لهو اليوم العظيم.
كيف ونحن نعلم أن وراء الموت القبر وظلمته والصراط ودقته والحساب وشدته أهوالٌ وأهوال.. إنها رحلة ستنتهي بالجميع إلى محط الرحال هناك حيث النهاية جنةٌ أو نار