بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 23 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 23 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
القرآن الكريم نور يهدى إلى الله و إلى طريقه
صفحة 1 من اصل 1
القرآن الكريم نور يهدى إلى الله و إلى طريقه
قال الله تعالىأَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)[سورة الأنبياء:30].
القرآن الكريم نور يهدى إلى الله و إلى طريقه... و لكل آية من آيـات القرآن إشعـاع خـاص بها ... منه مـا يهدي إلى صـراط الله المستقيم و سعـادة الدارين و الاطمئنـان بهمـا..
و منـه مـا يلقي على آيــات الله فى الكون فـيـتـعمق فى أسـرارهـا بحكمة خـالقهـا، يعي منهـا المتدبر بحسـب علمه و تخـصـصـه، ليهتدي بهـا إلى عظمـة الخـالق الذي وسع كل شيء رحمـة و علمـا... وعندمـا يعجز العلم عن الوصول إلى تفسير كيف بدأ الخلق و من هو القائم عليه حتى يستمر ويسير بهذا النظام الثابت والواحد فى كل شيء و كيف ينتهي... نجد فى آيـات القرآن الرد التـام و الكـامل و التي هي بمثابة إعلان من الله أنه هو الخالق و الحي القيوم والقائم على كل هذا... ودليل و برهان على حقائق مطلقة يدركها العربي و الأعجمي تنتهي إلى الإيمان بعظمة الله و قدرته... يأتي هذا البرهان بالقول الذي يعجز عن أن يأتي بمثله من فى الأرض جميعـا و لو اجتمعوا له... وما نتطرق إليه فى هذا المقال وجه واحد من أوجه الإعجاز فى هذه الآيات... و هو الإعجاز الذي يراه مهندس تطبيقي... ولكن هناك الإعجاز الأدبي والبلاغي و الجمالي والتضافرى والتركيبي والعلمي وأوجه أخرى يراهـا كل إنسان بحسب معارفه وتخصصه فى كل آية و كلمة و حرف من هذه الآيات... دليلا على صدق هذه الرسالة... خاتمة رسالات الله إلى خلقه و التي تتناسب مع هذا العصر و علومه.
و لنـنظر إلى آيات نـقرأهـا فى القرآن الكريم أو نراهـا فى هذا الكون البديع و نختص فى هذا المقال بآيات جاءت متعاقبة فى سورة الأنبياء حيث يقول الحق :
(أو لم ير الذين كفـروا أن السماوات والأرض كـانتـا رتقـا فـفـتقـنـاهمـا و جـعلنـا من المـاء كل شيء حي أفلا يـؤمنـون، وجعلنـا فى الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنـا فيهـا فـجـاجـا سبـلا لعلهم يهتدون، وجعلنـا السمـاء سـقفـا محفـوظـا وهم عن آيــاتهـا معرضون وهو الذي جعل الليل و النهار والشمس والقمر كل فى فلك يسبحون) الأنبيـاء (30 ـ 33 ).
ثم ننظر لمتابعة نفس الموضوع إلى آيـة جـاءت فى نهـاية نـفس السورة لتعـبر عمـا يحدث للسماء فى يـوم القـيـامة حيث يقول الحق(يوم نطوى السماء كطي السجل للكتب، كما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا عليـنا، إنـا كنـا فـاعلين)[سورة الأنبياء:104].
تخـاطب هذه الآيـات الكـافـرون بوحدانية الله وقدرته فى كل زمـان، فتعرض عليهم بأقوى الأسـانيد العلمية و الأدلة المـرئية مـا يـؤيد دعوته إلى كل الأنبياء و إلى خـاتم المرسلين أنه لا إله إلا الله... أو لمالآيــات بقول الحق... أو لم يـر ... دليلا على أن من له الرؤية السليمـة سـوف يصل إلى هذه الحقـائق.
و قد أقـر جمهور علمـاء الطبيعـة أن خلق هذا الكـون جـاء من مـادة واحدة ملأت الكون فى بدايته... وأن هذه المـادة المنتـشرة التي ملأت الكون فى بـداية خلقـه جـاءت جميعهـا من أصل واحــد ومن نبت واحد بحيث تـشابهـت في كل أركـان هذا الكون.. فقد رأوا نفس الذرات والعنـاصـر والمركبات فى كل أركان الأرض بل وعلى سطح القمـر وفى المريخ والشمـس والكواكب الأخرى..و فى النجوم و المجـرات جميعهـا.. فالمعـادن التي على الأرض هي نفس المعـادن التي وجدتهـا مركبات الفضـاء فوق سطح القمـر والمـريخ... والغـازات التي تكون الشمس وتحيط بهـا هي نفـس الغـازات التي نجدهـا فى معـاملنـا على الأرض.. وجميع الكواكب تخضع فى حركتهـا إلى نفس القوانين التي تخضع لهـا الأرض.. وجميع النجوم تخضع فى تفـاعلاتهـا إلى نفس القوانين التي تخضع لهـا الشمس ولهـا نفس مكونـاتهـا.. لهذا وضع العلمـاء نـظريـاتهم عن بداية هذا الكون أن المـادة التي جـاء منهـا خلق الكون كـانت جميعهـا مجتمعـة فى حـالة إنضغـاط لإنهائي قبل ولادة الكون...ثم وقع على قدر تخيلهم حدث بدأ و انتهى فى لحظة واحدة و نشأ عنه انـتـشار هذه المادة فى الكون كله و أسموا هذا الحدث " الانفجـار الكبير "... ثم تحولت مـادة الكون بعـد هذا الانفجـار إلى إشـعـاع مـلأ الكون كله... ثم تحول الإشعاع بفعل بـرودة الكون إلى ذرات تمـاثلت جميعهـا فى تكوينهـا و أشكـالهـا... ثم تجمعت الذرات فى نظـام واحد إلى نـجـوم ثم كواكب تـابعة للنجوم... وتجمعت النجوم فى مجـرات و حـارات.. أي تشـابهت النجوم و الكواكب والمجـرات منذ بداية الكون و اتزنت وانتظمت بجميع مكونـاتهـا على حد قولهم بفعل انفجـار كبير لم يستغرق سـوى لحظـة واحدة.
لقد أصـابت النظـرية فى أن مــادة الكون كما رآها هؤلاء نشأت جميعهـا من أصـل واحد ومن مـصـدر واحــد لأن نـسيج الكون كـله متـشـابه فى كـل شيء... ولكن إنكـار يـد الخـالق الذي دبــر أن يأتي هذا الكون من منشـأ واحد ثم إرجـاع هذه النـشـأة إلى انفجـار كبـير جاء فى لحظة وحدة يمثل تعـامي عن الحـقـائق... فمـا ينـشـأ عن انفجـار كبير هو الدمـار و ليس عمـارة الكون بهذا النظـام الكامل والوحدة الرائـعــة... هو الفوضى وليس اتـزان النجوم فى مجراتهـا والكواكب فى أفـلاكهـا منذ اللحظة الأولى... هو الاختلاف و ليس تـشـابه الكون فى كل أركـانه و أنحـائه
كيف يكون هذا الكمـال والاتزان والتمـاثل نتيجة لانفجار عشوائي... ثم مـا الذي أحدث انفجـار هذه المـادة وفى هذا الوقت القصير بحيث تملأ مـادته الكون كله على اتـســاعه بهذه الدقة المتنـاهية و التماثل التام فينـشـأ عنه كـون متسع يـتسم بالكمـال والجمـال و الوحدة و الاتـزان منذ لحظـته الأولى... إن العلم المجرد من الإيمان يقف عـاجزا عن الرد عن هذه الاستفسارات... و لا يستطيع أحدا أن يملك الرد على كل هذه الاستفـسـارات سوى خـالق هذا الكون الذي أنـشأه و شــهد نـشــأتـه... خـالق لم يرضى أن يترك النـاس فى حـيرة و شـك عندمـا يدركون مـا فى هذا الكون من تمـاثل أو تشابه جاء منذ بدايته دون أن يجدوا لهذا تفسـيراً.... فـأرسل كتـاباً يهدى به إلى الحق و الحقيقة وإلى صـراط الله المـستقيم... فجـاءت هذه الآية بالرد الحق على كل مـا رآه العلمـاء وحاولوا أن يـجدوا له سبـبـاً...( أو لم يـر الذين كفـروا أن السماوات و الأرض كـانتـا رتقـاً ففـتقـنـاهمـا )... أي أن وراء هذا الكمـال والوحدة والاتـزان حالقا قديراً.. جعل ولادة هذا الكون من نسيج واحد أو رتق واحد، ثم فصل أو فتق هذا الرتق الذي كان يجمع السماوات والأرض فى حيز محدود من نسيج واحد إلى خيوط تـشابهت جميعهـا فى أشكـالهـا و خـامـاتها... فجـاء هذا الفتق بحكمته و علمه إلى هذه الأفلاك والأجسام والنجوم والكواكب والمجرات والحارات التي تشابهت جميعا فى تكوينها وقوانينهـا وطاعتهـا و خاماتها و نسيجها وذراتها و عناصرها وتسبيحها... لهذا جـاء التوحيد والتمـاثل والاتزان والإبداع فى كل أرجـاء الكون.. ... هكذا جـاءت كلمتـا( الرتق و الفتق ) بكل المعاني التي عبرت عن كل مـا وجده و حـار فى تفسيره العلمـاء و ليرد على من ينكروا أن وراء نظم هذا الكون وانتظامه بالمنطق والتفسير و العلم والحكمة خـالق قدير وعظيم... و هل يـتأتى إحكام هاتان الكلمتـان لأحد سوى خـالق السماوات و الأرض... خـالق الرتق و محدث الفتق....إنهـا حكمة لا تتأتى لأحــد غيره.. وهذا هو الرد المعجز على كل من ينكر فضله وآياته فى عمـارة هذا الكون و فى كتابه.
لقد كان الكون عبارة عن كتلة واحدة مجتمعة وحدث انفجار هائل لا يمكن تصوره كان على أثره خلق الكواكب والحيوانات والإنسان وهذا نفس الكلام الذي حدثنا عنه الله في قرآنه قبل أكثر من 1400 سنة
ثم تأتى الآية التـالية بدليل آخــر أمـام الكـافرين بوحدانية خـالق هذا الكون و الحياة، فكمـا خلق الله الكون من نسيج واحد جـاء فتقه و نشره بقدرته فصـار لهذا الكون اتسـاعه و إبداعه، جعل من الماء كل شيء حي فيقول الحق وجعلنـا من المـاء كل شيء حي.. من ينظر إلى هذه النجوم العملاقة يجد أنهـا جـاءت من أحد عنصري المــاء و هو الهيدروجين ثم نجد نتيجة مـا يحدث فى هذه النجوم من تفاعلات أثنـاء حياة النجم أو عند انقباضه يتحول النجم إلى مجموعة من العناصر الأخرى التي لهـا ذرات عمـلاقة...
هناك من يدعى أن بعض هذه الذرات العملاقة قد كونت بالصدفة الأحمـاض النووية والأمينية العملاقة ثم اشتركت هذه الأحمـاض بالصدفة أيضـا فى تكوين أول خلية جـاءت إلى الأرض، ثم دبت بهذه الصدفة الحياة فى تلك الخلية دون أن يعرفوا مــادة الحياة أو يقولوا مـا هي عناصر الحياة التي دبت فى الخلية بحيث ينشأ منهـا كل هذا الخلق، إن العقل البشرى يوقن أن مـا يحويه عنصري المـاء ( ذرتي الهيدروجين و الأكسيجين ) من إلكترونات و بروتونات و نيوترونات وجسيمات نووية و ذرية أخرى لا نعلم منهـا إلا القليل يمكن أن يتراص ويأتلف ليكون كل العنـاصر التي تراصت وترتبت لتكوين تلك الأحمـاض الامينية و النووية... و لكن هذا الترتيب والتنسيق لهذه المكونات والذرات لا يمكن أن يتأتى إلا بـإعجـاز خالق مبدع... فالأحمـاض النووية وهي تشكل وحدة بنـاء نواة الخلية التي تتمركز بداخل الخلية وتراقب عملهـا، لها عدد من الذرات الداخلة فى تركيبهـا يصل إلى ملايين الذرات بترتيـبـات محددة، ونواة الخلية التي لها هذا التركيب هي المسئولة عن متابعة قيام الخلية بوظـائفهـا وانقسامها وتعاملهـا مع المحيط الخارجي وتعاونهـا مع باقي الخلايـا المحيطة بهـا فى الجسم البشرى أو جسم أي كائن حي... وجميع الخلايا الحية على الأرض سواء كانت نباتية أو حيوانية تتمـاثل جميعهـا فى هذا الترتيب، و لو اختل هذا الترتيب بأي درجة مهمـا كانت ضآلتهـا لانهـار بناء الخلية و لمـا كانت لهـا القدرة على القيام بوظـائفهـا المتعددة... إذا كيف تقوم الصدفة بهذا الترتيب المعجز لهذه الذرات و بهذا النظام المبهر لجزيئاتها العملاقة لكي تؤدى كل هذه الوظائف... إن هذا التفسير الذي افترضه العلماء لإنكار يد الخـالق لوحد االذى دبر هذا التركيبي الثابت شيء بعيد عن كل عقل و كل منطق... و كذلك الأحماض الامينيه التي تشكل جسم الخلية وهي المسئولة عن تنفيذ مـا تحدده لهـا النواة من مهــام و القيام به على أتم وجه.... وللأحمـاض الامينية أيضا جزيئـات عملاقة تتكون من ملايين الذرات التي لهـا ترتيب خـاص و مبهـر و لو اختلفت فى ترتيب أي منهـا مـا كان لها أن تؤدى مـا لهـا من مهـام...وكل الخلايا الحية قد جـاءت بهذا التركيب ومن هذه الأحمـاض وكلهـا جميعـاً جـاءت من نفس مكونات المـاء كمـا أثبتت علومنـا... و لكن حكمة الخـالق جعلت كل خلية تختلف عمـا تؤديه أي خلية أخرى بحسب موقعهـا فى نبات أو حيوان أو حشرة أو طير أو فى أمعـاء أو فى سـاق وبحسب ما تختزنه نواتهـا من أسرار... ويطلق العلماء على مادة الخلية الحية اسم البروتوبلازم... و عنصري المـاء والماء نفسه هو المكون الرئيسي لهذه المادة كما جاء فى هذه الآية بهذا النص المعجز... فـإذا جف المـاء فى الخلية توقفت حياة هذه الخلية.
و إذا نظرنـا إلي الحب الذي يلقى فى الأرض بدون المـاء فلن تكتب له الحـياة أو الحركة، فـإذا ارتوت الأرض فإن هذه الحبوب تعود و تدب فيهـا الحياة والنمـاء والحركة والاخضرار بما تحصل عليه من المـاء، فنـجدهـا بهذا المـاء قادرة على أن تذيب ما فى الأرض من عنـاصر وأملاح فتمتص من الأرض مـا تمتصه لتكون به أحمـاضـا نووية و أمينية ينشأ بهـا خـلايـا أخرى، و تستمر الخلايـا فى التكاثر ويستمر النبات فى النمو و النمـاء... مـا هو سـر هذا المـاء الذي لا تستقيم الحياة يدونه، فمن هذا المـاء جاء خلق كل خلية... وبدون هذا الماء لن تكون للنبات حياة، وبدون النبات لن تكون للإنسان أو الحيوان أو أي شيء آخـر حـياة، و كل المخلوقات تسير على هذه السنة الثابتة.
هكذا تبلغنـا هذه الآية الكريمة أن كل النجوم و الكواكب و المجرات و مـا يملأ الكون من جـاء من نسيج واحد تفتق بأيدي خـالق واحد فكـان هذا التماثل والوحدة، و جـاء خلق كل الأحـياء على الأرض من مـاء واحد وبيد خـالق واحد فكان هذا التماثل و الوحدة، ألا يدل هذا على وحدانية خـالق هذا الرتق وهذا الماء الذي جعلهمـا من أسراره... إن العلم قد وصل إلى وحدة نسيج هذا الكون... ثم عجز عن تفسير سـر هذه الوحدة فلجئوا إلى نظرية الانفجـار الكبير... و لو نظر هؤلاء العلمـاء إلى هذا الإعلان الذي جـاء منذ أربعة عشر قرنـا فى خـاتم رسـالات رب السماوات و الأرض لسلموا من هذا الـخـلط... ثم أن العلم وصل إلى أن المـاء هو مـادة الحياة. و لكن العلمـاء عجزوا عن معرفة كيف يمكن لهذا الجزيء الذي تتكون منه الماء هو من ذريتين صغيرتين أن يتحول إلى هذه الجزيئـات العملاقة التي تتكون منهـا الأحماض الامينية و النووية و البروتوبلازم و مكونات الخلية الحية، ثم كيف تتحول هذه الجمادات إلى شيء حي يتحرك و يتنفس و يتكاثر و يتكامل مع الخلايا الأخرى... لو كانت الصدفة هي المسئولة عن هذه الترتيبات و هذا أبعد شيء عن العقل، فمـا هي مادة الحياة... الرد هو التسليم بقول الحق أنه هو الذي جعل من المـاء مـا وهبه الحياة فأصبح حي...و قد جـاء إعلانه لخلقه عمـا حـاروا فى تفسيره بهذا النص المعجـز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه... ... إنهـا قدرة الخـالق على كل شيء و إعجـازه فى كل شيء.. فمـا للكـافرين لا يؤمنون... و لهذه جـاء قول الحق بعد هذه الإثبـاتات... أفلا يــؤمـنـون.. نحن نؤمن و نسلم بخالقنا.. فـأمامنـا هذا الإعجـاز الذي فتح الله إليه قلوبنـا و أزال من عليهـا هذا الوقر الذي يصيب قلوب و آذان و أبصـار الكافرين... و ندعو الله لهم بالهداية إلى هذا النور الذي أرسله سبحـانه ليكون لنـا نورا يهدى إلى الحق و إلى صراط الله المستقيم.
لقد اختص الخـالق هذه الأرض بـرحمته حتى تحتضن الحياة والأحياء عليهـا، والآيـات التـالية تذكرنـا بهذه الرحمـة الإلهية، و لكي نتعرف على مظــاهر هذه لرحمة لا بد لنـا من إطلالة قصيرة على الكواكب الأخرى فى مجمـوعتنـا الشمسية كي نرى لم عجزت هذه الكواكب عن احتضـان أي نوع من أنواع الحياة عليهـا.
نبدأ بعطــارد، وهو أصغـر كوكب يدور حول الشمس و أقربهـا إليهـا، و كتلته أصغـر من كتلة الأرض و لهذا تقل قدرته على جذب الأشـيـاء إلى أقل من ربع الجـاذبية الأرضية ممـا يفقده القدرة على الاحتفـاظ بغلاف جوى مثل الغلاف الجوى للأرض، يحميه من القصف المباشر للنيازك، و لهذا نجد سطح هذا الكوكب مغطى بالبثور و الفوهات نتيجة الـصدام المباشر مع النيازك، كمـا تلعب مكونـات هذا الكوكب دورا أســاسيا فى سـرعة دورانه حول نفسه حيث أصـابته بالبطء الشديد فيصل اليوم فى عطـارد إلي 60 يومـا من أيـام الأرض، و لهذا ترتفع درجة حرارة سطحه المضيء إلى 400 درجة مئوية... و نتيجة هذا الارتفاع فى درجات الحرارة لا يوجد أثـر للمـاء على هذا الكوكب و كذلك أي أثر لحياة بجيولوجية من أي نوع، و من المشاهد أن هذا الكوكب غير متزن حيث أن سطحه غير مستقر و يهبط بصورة مستمرة مـمـا جعل التجـاعيد تغطى وجهه، و بالتالي فإنـه غير ممهـد لقيـام الحياة عليه بأي صورة.
ثم إذا انتقلنـا إلى كوكب الزهـرة، وهو كوكب من كواكب المجموعة الشمسية و يـساوى الأرض فى الكتلة و الحجم.. ولهذا نجد أن له جـاذبية تعادل جـاذبية الأرض مـمـا مكنته من الاحتفاظ بغـلاف جـوى... و لكننـا نجد أن سماء هذا الكوكب الذي احتفظ بهـا قد امتلأت بغـاز ثاني أكسيد الكربون مع سحب من حـامض الكبريتيك... و غـاز ثاني أكسيد لكربون غـاز ثـقيل و له قدرة عـالية على امتصـاص أشعة الشمس ممـا جعل جو هذا الكوكب جحيمـا لا يطـاق كمـا أن سحبه تسقط أمطـارا حمضية حولت سطح هذا الكوكب إلى كيان هش لا يحتمل السير عليه... ويصل طول اليوم الواحد فى الزهرة إلى 243 من أيـام الأرض نتيجة لاختلاف أبعاده و بعده عن الشمس، مما جعل درجة حرارة الوجه المضيء تصل إلى 450 درجة و الضغط الجوى فيه يصل إلى 90 ضعف الضغط لجوى على الأرض... و هكذا نجد هذا الكوكب بأرضه و سمـائه غير قـادرين على الاحتفاظ بالمـاء و من ثم بأي حياة بيولوجيه على سطحه.
ثم إذا نظرنـا إلى المريخ و هو أقرب كوكب إلى الأرض، فنجد أنه يدور حول نفسه مرة واحدة كل 24 سـاعة مثل الأرض، و لكن الغلاف الجوى الذي يحيط بالمريخ يتكون أسـاسـا من غـاز ثاني أكسيد الكربون عند ضغط منخفض جدا، و لأن المريخ أبعد عن الشمس من الأرض فنجد أن درجة الحرارة على سطحه تصل إلى الصفر فى أيام الصيف الشديد و تهبط إلى 123 درجة مئوية تحت الصفر فى أيام الشتاء.. و نتيجة لهذا الانخفاض فى درجات الحرارة على سطح المريخ، نجد أن المـاء المتجمع عليه فى حـالة جليد دائم، و لعـل هذا هو السبب فى اختفـاء أي أثـر للحياة على سطح المريخ.
و قد فشلت جميع الرحلات التي ذهبت إلى المريخ أو إلى أي كواكب أخرى من كواكب المجموعة الشمسية فى العثور على أي أثر للحياة على هذه الكواكب، فقد اختص خـالق الأرض بأسباب لم يهبها أو يهيئها سوى للأرض بحيث تكون لديهـا هذه القدرة على احتضان الحياة عليهـا، و هذا مـا تبينه الآيــات التالية، و نبدأ أولا بهذه للآية الكريمة: و جعلنـا فى الأرض رواسي أن تميد بهم فقد أرسى الخـالق فى هذه الأرض الكتلة و المكونات التي تنضبط بها قدرة الأرض على جذب الأشياء فوقهـا فتنضبط عليهـا حركة البشر و جميع المخلوقات فلا تميد بهم و لا تنهـار من تحتهم، و كذلك أدى استقرار القشـرة الأرضية إلى استقرار الغلاف الجوى و ضغطه الثابت و استقرار المـاء فى البحـار و الأنهـار و كذلك استقرت على الأرض حياة البشر، و جعل الخالق بهذه الرواسي مـا يرسى للأرض فلكـا ثـابتا حول الشمس و حول نفسهـا لا تحيد عنهما، بحيث تتزن سـرعـتهـا و بعدهـا عن الشمس فتنضبط عليهـا درجـات الحرارة و اتـزان حرارتهـا المفقودة أثناء الليل مع مـا تكتسبه من حرارة أثناء النهـار، وكذلك جعل للأرض بهذه الرواسي مجالا مغناطيسيا يحدد ميلا لمحور الأرض مع محور دورانها حول الشمس، فكـان للأرض بهذا الميل فصولا محددة كل عـام و مسارات للسحاب و الرياح و خرائط للأمطـار، ممـا أتاح للبشر الحياة المستقرة عليهـا.
إن من يتدبر هذه الكلمـات أن تميد بهم و التي تدل على أن الخـالق قد ضبط كتلة الأرض أو مـا أودعه الخـالق فى الأرض من رواسي بحيث لا تميد بهم فلا تتقلص القشرة الأرضية تحت أقدامهم كمـا يحدث فى عطـارد، و لا يطيرون من فوقهـا كما يحدث على القمر و لا يلتصقون بهـا كمـا يحدث فى المريخ، و تحفظ لهم غلافـا جويـا حاميا بالضغط المناسب، و تحقق لهم درجة الحرارة المناسبة لهم بحيث مكنهم من الحياة عليهـا، وقد تحددت بهذه الرواسي و تكوينهـا الذي لا يعلمـه إلا الله البعد المناسب عن الشمس و الميل المطلوب مع محور الشمس و السرعة المطلوبة حول الشمس و حول نفسهـا فلا يكون للأرض انحرافـات عن المعدلات المطلوبة لحياة الأحياء عليهـا، و مـا ذا يحدث لو لم تكن لهـا هذه الرواسي و مـادت الأرض عن فلكهـا و مسـارهـا حول الشمس بأدنى انحراف فزاد مثلا بعدهـا عن الشمس بأدنى مقدار، ستتجمد المياه والحياة كلهـا على الأرض لأن الطاقة الساقطة عليهـا تتغير بتغير مربع بعدهـا عن الشمـس، ومـاذا يحدث لو اقتربت بـقدر يسير من الشمس لا يتعدى مثلا 1 % من بعدهـا الحالي ، سيصل متوسط درجـات الحرارة على الأرض إلى مـا يزيد عن درجـة غليان المـاء ، أي عن 100 درجة مئوية وهذا الحد كـافيـا لتحول كل مياه البحار و المحيطات والأنهـار إلى بخـار أو سحب و تتوقف الحياة على الأرض ، وسيتغير أطوال الفصول ومقدار أيام لسنة الشمسية ممـا يؤدى إلى هلاك كل مـا نقوم بزراعته و نـتغذى عليه نحن و كل الأحياء ، و مـاذا يحدث أيضـا لو لم تكن فى الأرض رواسي بهذا القدر المحكم فتبـاطأت سرعة الأرض حول نفسهـا فيتكرر لنـا مـا يحدث على كوكب الزهرة ، فتزيد درجة حرارة الوجه المضيء و تفقد البحار ميـاهها على هذا الوجه ، و تتجمد المياه فى البحـار على الوجه المعتم و تتوقف الحياة عليه ، و كذلك يلتصق الأحياء على الأرض كمـا يحدث على هذا الكوكب ، و بنفس هذه التأثيرات لو زادت سرعة دوران الأرض حول محورهـا ، فـينخفض متوسط درجـات الحرارة على الوجهين و نطير من على سطح لأرض كمـا يحدث فى القمـر ، و لا يبقى لنا غلاف جوى مثل عطارد ، هكذا جـاءت حكمة الخـالق و علمـه فى تحديد الرواسي التي يتحدد بهـا كل شيء فترسو حياتنـا و نرسو على هذا الكوكب الذي أعده الخـالق ليحتضننـا عليه بكل الرحمة ، فكانت للأرض هذه الرواسي حتى لا تميد بنـا كما جاء فى قول الحق و جعلنـا فى الأرض رواسي أن تميد بـهم إن الحرف أن جـاء إعلانـا بأن الخـالق أحكم كل شيء فى هذا الكون فدبر رواسي الأرض بهذا التقدير الحكيم و بهذا العلم الدقيق حتى يكون للأرض مـا لهـا من استقرار و رسو دون أي انحراف أو تجـاوز فتكون مرسى لهذا الكائن الذي مهد خالفه كل شيء من أجله .
ثم تستكمل الآية الكريمة فى فضل الله علينـا فى هذه الأرض التي يسرهـا لنـا بقوله سبحانه و جعلنـا فيهــا فجــاجــا سـبلا إن من يذهب إلى القمـر و لا يجد عليه سـوى فوهـات أو على عطـارد فلا يجد عليه سـوى التجـاعيد أو إلى الزهرة فلا يجد إلا تربة هـشة لا يستطيع السير عليهـا، سيستشعر نعمـة الله علينـا فى هذه الفجـاج التي يسرهـا الله لنـا على الأرض كي نحيـا و نسير عليهـا و تيسـر لنـا سـبل الزراعة و التجـارة و الصنـاعة و الترحـال و الانتقال بسهولة و يسـر، فقد امتدت القشرة الأرضية فى تمـاسـك و صـلابة و استواء و امتداد... فاتسعت رقعتهـا للغـابـات و الوديان و الطرق و الأنهـار و البحـار القرى و المدن و كل مـا يبغيه البشر من سبل لحياتهم و متاعهم و رزقهم و أنعامهم و عرباتهم و طـائراتهم ، لقد يسـر الله هذه الفجـاج ليهتدوا إلى سبل الرزق و الحياة و التعارف ثم يهتدون إلى خـالقهم و مانحهم هذه النعم و موفر لهم هذه الأرض بانبسـاطهـا و امتدادهـا و طرقهـا ، و هكذا كان ختام هذه الآية بهذه الكلمـات لعلهم يهتدون... أليس فى هذه السبل و الفجاج هداية إلى معرفة فضل الله علينا و هداية إلى الحياة على الأرض و الانتفاع بخبراتها.
ثم تأتى الآية التـالية لتذكرنـا بفضل الخـالق فى أن يخصنا بسمـاء تحفظنـا من فوقنـا برحمته، فنرى فضل الله فى خلقهـا لنـا بهذه الكيفية من يستعرض الكواكب من حولنـا فلا يرى لها سمـاءا حافظة و محفوظة مثل سماء الأرض، فبها غـلاف جـوى يحمينـا من أشعة الشمس الضـارة، فيسمح هذا الغلاف بمرور مـا ينـفـعـنـا من هذه الأشعة و يحتجز مــا يضرنـا بطبقة تسمى طبقة الأوزون، ثم اختص هذا الغلاف بنسبة عـالية من غازي الأكسيجين و النيتروجين، و كلاهمـا لا يمتصـان أشعة الشمس فتنفذ الأشعة النافعة من خلالهمـا لتصل أشعة الشمس إلى النبات ليختزن الطـاقة اللازمة له و لمن حوله، ثم أن وجود هذه النسبة من الأكسيجين فى الهواء الجوى تحرق أي نيازك قبل أن تصل إلى الأرض فلا ترى هذه الفوهـات و البثور على أرضهـا مثل باقي الكوكب التي لم يخصها الله برحمته، و فى الهواء نسبة ضئيلة من غـاز ثاني أكـسيد الكربون القـادر على امتصاص أشعة الشمس لا تتعدى جزء من الواحد بالمـائة كي يتغذى عليها النبات، و لكن لو زادت لحدث لنـا مثل ما يحدث على كوكب الزهرة الذي يـسـتحيل الحياة عليه، و قد حفظه الخالق لنا بهذا الثبات حتى نتمكن من الحياة على الأرض إلى أن يشـاء الله، ثم نجد أن غـاز الأكسيجين يؤدى أدوارا عديدة أخرى فى حياتنـا حيث يحترق به الغذاء فى أجسامنـا و النار من حولنا، و كذلك غـاز النيتروجين و مـا يؤديه فى حياة النبات الذي يتغذى عليه
كل هذه الأدوار تؤديهـا سمـاءً حفظهـا الخالق لنـا و حفظنـا بهـا كسقف يمنع عنـا أن يصيبنـا من فوقنـا مـا يصيب كواكب أخرى حولنــا و يتيح لنـا الحياة عليهـا دون أن نحترق أو نختنق ، هل جـاءت سماء أرضنـا كمـا قال خـالقهـا سقفـا محفوظا بكل هذه الخصوصيات و الآيـات بدون تدبير أو تنظيم أو تقدير خـالق عـزيز عليم ... كيف نعرض عن كل هذه الآيـات و لا نتدبرها حق التدبر... هكذا يعاتبنـا الخـالق بقوله سبحانه و هم عن آيـاتهـا معرضون فالسمـاء كلهـا آيـات على عظمة خـالقهـا و رحمته و عزته و علمه.. علينـا أن نتدبر بهـا بهذا الاستدلال المعجز الذي أرسله الخـالق إلينا فى خـاتم كتبه.. و هل يستطيع بشرا أن يضع لفظـا جـامعـا يصف هذه السمـاء و مـا تؤديه من أدوار فى حياتنـا كسقف حـافظ و محفوظ لنـا و لأرضنـا بأبدع و أروع من هذه الكلمـات... إنهـا كلمـات جاءت حقا من خالق الأرض و السمـاء.
ثم تأتى الآية التالية التي تذكرنـا بـفضل الله و آيـاته فى هذه الأشياء التي من حولنـا.. فى الليل و النهـار.. الشمس و القمــر... كيف انتظمـت و توافقت مع حياتنا و خلقنا و عملنا و راحتنا و دورات حياتنا و أعمـارنـا و انتظم بهم كل شيء من حولنا.. الحياة المستقرة و العمل نهارا و النوم ليلا ومـا يناسب أجسامنا من درجـات الحرارة و ضغط الهواء.. نحن لا نستطيع أن نحيا على كوكب الزهرة الذي يصل طول اليوم فيه إلى 243 مثيله على الأرض فتصل درجة الحرارة على سطحه إلى مئات الدرجات .. إنه لا يتوافق مع حياتنـا و مع تكويننـا و مع خلقنـا... فمن سخر كل هذه الأشياء لنـا... من سخر كل هذا التوافق و الانسجام بيننا و بين كل هذه الأفلاك... من دبر للأرض و خلقهـا تدور حول نفسهـا بهذه السرعة الثابتة أمام الشمس ليأتي الليل و النهـار منسجمـا مع بعد الأرض عن الشمس و راحة الإنسان و حرارته و حياته و سعيه... من سخر الأرض تدور حول الشمس بهذا الخضوع و هذا الثبات فيأتي هذا التعاقب للفصول بهذا الإبداع و الالتزام فى كل أنحاء الأرض ومع مـائهـا و هوائهـا و رمـالهـا و سحابهـا و كل شيء عليـهـا... من سخر للقمر دورته حول الأرض و أمام الشمس فيأتي هلالا و بدرا و تتعاقب أشكاله بهذا الإبداع و الانسجام مع كل مـا خلق الله على الأرض... أنهم جميعـا يسبحون لخـالقهم بهذا الالتزام و هذه الطـاعة المتنـاهية و المتمثلة فى هذا الانسجام الشامل و الكـامل.
لقد أعلن العلمـاء أنه حتى نرى كوكبـا آخر يمكن أن تقوم حياة عليه فى هذا الكون فيجب أن تكون له كتلة مثل كتلة الأرض و حجمـا مثل حجم الأرض و قمرا مثل قمر الأرض و له زاوية ميل و سرعة دوران حول نفسه و حول شمسه مثل مـا للأرض و أن تكون له شمسا مثل شمسنا عمرا و حجما و كتلة و إشعاعا و أبعادا و ثباتـا.. وأن يكون لهم جميعا نفس الأفلاك و الظروف و المقادير... و هذايسبح كل شئ بنفس هذه التسبيحات و فى نفس هذه الأفلاك.. و هذا مـا تنص عليه هذه الآية فى نهايتهـا كل في فلك يسبحون .. فإنهـا سبـاحة وتسبيح بعلم خـالق عزيز وعليم وقدير ومقدر لكل شيء بحكمته.. فهـل لنا أن نسبح معهم.
الشكل التالي يبين كواكب المجموعة الشمسية بحسب بعدها عن الشمس
كمـا رأينـا أن يد الخـالق هي التي بدأت هذا لكون، و كيف أيقن العلمـاء بهـا بعد أن تداعت نظرياتهم فى الانفجـار الكبير و اعترفوا أن من ينظـر إلى الكون يشعـر أن هناك يد خـالق واحد نسقت كل هذا الكون فجـاء كله وحدة واحدة أوله مثل آخره، و أعلن الخـالق عن أن يده هي اليد العليـا فى هذا الكون المنتظم فى خاتم كتبه بآيات يعجز البشـر عن أن يأتــوا بمثلهــا، و لكن نرى أن هؤلاء العلمـاء يتخبطون مرة ثانية و هم يحـاولون أن يعرفوا كيف ينتهي هذا الكون دون اللجوء إلى الله... فقد أثبتت نظـريـاتهم بأنه أي الكون يتمدد و يتسع دائمـا.. و قد أشـار الحق فى خـاتم كتبه إلى هذه الحقيقة الجـامعة بقوله سبحـانه و السمـاء بنينـاهـا بأيد و إنــا لموسعون ( الآية 47 من سورة الذاريات ) ... هكذا تفسر الآية أن هذا التوحد و التماثل و التشابه فى بناء هذا الكون قد جـاء لأن يدا واحدة كان لهـا مـطلق الخلق و التشكيل فيه.. يدا تعلن عن نفسهـا و لا أحد غيرها يتطـاول أن يدعى سوى هذا... و تأتى هذه الآية أيضـا لنـقـر بالحقيقة الأخرى التي اكتشفهـا العلمـاء أن إرادته وحده هي التي جعلت هذا الكون يتسع و يتمدد دائمـا، و يتم هذا التوسع بنفس الانتظام و على نفس السنة منذ أن بدأ خلق المكان و الزمـان منذ أن شـاء الله فتق الرتق الأول حتى يومنـا هذا... و يأتي سـؤال آخــر من العلم و العلمــاء... إلى متى يستمر فتق هذا الرتق الذي بدأ منه الخلق فى التمدد و التوسع... إذا كان هذا الرتق محدودا فهو لن يستمـر فى التمدد و التوسع إلى الأبد.. و لكن سوف تأتى لحظـة معينة بحسب نظريات العلماء سيبلغ فيها المكان و الزمان نهايتهما... و سوف تـعود المـادة التي ملأت هذا الكون فتتجمع مرة أخرى و يتساقط الكون فى حدث أطلقوا عليه اسم الانسحاق العظيم و هو اسم مرادف للاسم الذي أطلقوه على بداية الكون بالانفجار العظيم... حيث سينسحق هذا الكون كمـا تسحق النجوم التي ملأت الكون عن آخره فتتحول إلى ثقوب سوداء.
و يبقى السؤال الذي لا رد له إلا الإيمان بخالق هذا الكون وباعثه.. متى تأتى هذه اللحظة.. و مـاذا يحدث بعدهـا.. و هل ستكون هناك دورة جديدة يتجدد فيهـا المكان و الزمان مرة أخرى... و من له اليد العليا فى تحديد هذه اللحظة.. هل هي المـادة ذاتهـا التي تقوم بهذا الحدث من تلقـاء نفسهـا ودون أي إرادة أعلى.
إنـنـا و نحن نواجه أقوال العلمـاء و هم يذكرون هذا الحديث نشعر بأنـنـا أمام افتراضات عقلانية و غير قادرة على إقامة الدليل على شيء محدد فلم يرى أحد كيف بدأ الخلق و كيف ستكون نهايته...و لكننا سنحاول بالقدر الذي أتاحه الله لنـا من العلم و هذا النور الذي بين أيدنـا أن نتدبر فى خلق الله... فالكون له بداية كمـا أثبت العلم و العلمـاء و أقـر الخـالق هذه الحقيقة فى قرآنه .. و كل شيء له بداية بهذا الإبداع و الانسجام و الانتظام لا بد أن له مبدأ.. و هذا مـا أقره الخـالق و أعلن أنه هو المبدأ فى قرآنه.. وكل شيء له بداية أيضـا فإن لـه نهـاية.. وهذا مـا أثبته العلمـاء أيضـا بنظريتاهم و أسـانيدهم... و لكن لن يستطيع أن يصف تلك اللحظـات الأخيرة لهذا الكون سوى خـالق الكون و مسيره.. فهو مبدأ الكون و العالم و المقدر و القادر و العالم بنهـايته وكيف ينهيه.. هو الموجود من قبل و من بعد و له اليد فى كل شيء... و لكننا نوقن بما يسره الله لنا من علمه أنه لا بد أن يعود هذا الكون مرة أخرى بشكل لا يـعلمه إلا خـالقه و مبدؤه... و كل مـا توصلنـا إليه هو محض فروض بنيت على المنطق العلمي و مـا اكتشفه العلمـاء من توسع الكون بالقياسات العلمية و عبرت عنهـا كلمـات شــاذة مثل الانفجار العظيم و الانسحاق العظيم لا يستطيع أحد إدراكها أو يتخيل حدوثهـا لو كان له ذرة من العقل و المنطق و البصيرة، و لكن معرفة هذا لن تتأتى دون الإيمان بالله خالق الكون و مبدعه و القائم على أمره و القادر عليه.
تعالوا نترك الآن أقوال العلمـاء و نقف أمام قول الحق فى نهاية نفس السورة التي عبرت فى أولهـا عن بداية الخلق، حيث تحدثنـا عن يوم القيامة، اليوم الذي قدره الخالق لنهـاية حياتنـا الأرضية و بداية حياة أخرى لا يعلمهـا إلا هو: يوم نطوى السماء كطي السجل للكتاب، كما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا علينـا إنـا كنـا فـاعلين أي أن السمـاء كانت مطوية فى هذا الرتق الذي عبرت عنه الآيات الأولى فى السـورة، ثم إذا جـاء أمره فى نهـاية الحياة الدنيـا سوف تعود و تطوى بقدرته مرة أخرى... لتعود سيرتهـا الأولى.. ثم مـا ذا يكون بعد ذلك هذا علمــه وحده.
هكذا يكون تعبير الخالق عن خلقه.. كلمـات ذات معنى يفهمهـا المرء دون صخب أو تعب أو ضجر أو ملل.. فليس انسحاق عظيم.. و لكن طي بيد الخالق الذي فتق أو أفرد صفحـات هـذه المادة التي ملأت الكون برحمته و علمه و فضله...و انسحاق مادة الكون لا يدل على انقباض المكان... و لكن الطي يحوى انحسار المكان و الزمان و الكون كله... و الانسحاق معناه التحول إلى العدم.. و لكن الطي معناه إعـادة الشيء إلى أصله و بدايته... و الانسحاق معناه الغوغائية و أللانتظام ... ولكن الطي معناه الحكمة و الـتمهل و النظام... والانسحاق معناه أن المادة هي المسيطرة و تنسحق وقتمـا تشاء... ولكن الطي يبيد الخالق الذي جـاءت البداية بيديه و كما بدأ أول خلق يعيده كما تذكر الآيات...والانسحاق معناه اللاعودة أو النهاية لكل شيء... و لكن الطى معناه نهـاية مرحلة و بداية أخرى... هل يستطيع عـالم مهمـا بلغ علمـه أن يأتي بكل هذه المعاني فى كلمـات محدودة أوعت كل شيء.. و هل يستطيع عـالم أن يقرر هذه الحقائق بهذه القدرة و الطلاقة و البيان.. إننـا حقـا أمام أنوار الحق تضيء لنـا الحقائق التي تخرجنا من الظالمات إلى النور.. ظلمـات المـادية التي تصور المـادة على أن لهـا القدرة على أن تنفجر وقتمـا تشاء و تنسحق وقتمـا تشـاء.. و تصورنـا ألعوبة فى يد مـادة بلا عقل أو تفكير فتقوم بنفسهـا بانفجـار كبير فتنشأ كونـا متسعـا و متوسعـا منتظما و منسقا، أو تنتهي و تتحول بدون مقدمـات من تلقاء نفسهـا بانسحاق عظيم فينتهي الكون كله بمكانه و زمانه.. هل يقبل العقل مـا يقوله المـاديون بهذه المسميات المادية الغير متعقله أم يقبل هذه الآيات من خالق السماء و الأرض... (يوم نطوى السماء كطي السجل للكتاب كمـا بدأنـا أول خلق نعيده وعدا علينـا إنـا كنـا فاعلين)... صدق الله العظيم
لقد أثبت العلم أن من كانوا ينادون بأن المـادة هي أصل كل شيء بدعوى قـانون بقـاء المـادة قد وقعوا فى وهم شديد.. فالمـادة ليست بـاقية كما أعتقد هؤلاء بعد إثبات أن المـادة تتحول إلى طـاقة و الطـاقة أيضـا ليست باقية كمـا ظن الناس قديمـا.. فهي تهبط من الدرجة الأعلى إلى الأدنى و لا تعود مرة أخرى... و هكذا أتضح أن المـادة لهـا نهـاية و أن المـادية وهم فى وهم.. و لهذا انهـارت المـادية فى العـالم أسـسـا و تطبيقـا و فلسفة.. و انهـارت معهـا الشيوعية و كل أدع يائها ... وأعلن أهلهـا أنهـا كانت أسوأ مـا عرفته البشرية من نظريات أو فلسفات ... فليس للمـادة من إرادة.. و لكن إرادة الخالق هي التي فتقت المـادة فى البداية لتنتشر فى الكون الآخذ فى التوسع و تطـويهـا فى النهـاية لتعود كمـا أراد لهـا خـالقهـا، و لا مناص لنـا من لاعتراف بقدرته و العودة إليه فى تفسير كيف بدء الخلق ثم كيف ينتهي.. فلم نشهد و لم يشهد أحد على الأرض هذه اللحظة، حيث يقول الحق ما أشهدتهم خلق السماوات و الأرض و لا خلق أنفسهم ( الكهف 51 ) لهذا فلا بد لنـا أيضـا من الاعتراف أنه بعد نهـاية الكون فسوف ينبعث مرة أخرى ليعود كمـا يريد له خالقه و ومبدؤه ثم معيده.. و لهذا نجد أن هذه المعاني قد جاءت فى كتاب الله العزيز عدة مرات ( الله الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ) [الروم 11 ]، (أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير) [العنكبوت: 19] لنفطن إلى هذه الحقيقة التي لم نراها عند بدء الخلق أو لا نعرفهـا لأن الكون لم ينتهي بعد ... و لكن الخالق يضعهـا أمـامنـا حتى لا نضل ونشقى... فبأي حديث بعده يؤمنون صدق الله العظيم
القرآن الكريم نور يهدى إلى الله و إلى طريقه... و لكل آية من آيـات القرآن إشعـاع خـاص بها ... منه مـا يهدي إلى صـراط الله المستقيم و سعـادة الدارين و الاطمئنـان بهمـا..
و منـه مـا يلقي على آيــات الله فى الكون فـيـتـعمق فى أسـرارهـا بحكمة خـالقهـا، يعي منهـا المتدبر بحسـب علمه و تخـصـصـه، ليهتدي بهـا إلى عظمـة الخـالق الذي وسع كل شيء رحمـة و علمـا... وعندمـا يعجز العلم عن الوصول إلى تفسير كيف بدأ الخلق و من هو القائم عليه حتى يستمر ويسير بهذا النظام الثابت والواحد فى كل شيء و كيف ينتهي... نجد فى آيـات القرآن الرد التـام و الكـامل و التي هي بمثابة إعلان من الله أنه هو الخالق و الحي القيوم والقائم على كل هذا... ودليل و برهان على حقائق مطلقة يدركها العربي و الأعجمي تنتهي إلى الإيمان بعظمة الله و قدرته... يأتي هذا البرهان بالقول الذي يعجز عن أن يأتي بمثله من فى الأرض جميعـا و لو اجتمعوا له... وما نتطرق إليه فى هذا المقال وجه واحد من أوجه الإعجاز فى هذه الآيات... و هو الإعجاز الذي يراه مهندس تطبيقي... ولكن هناك الإعجاز الأدبي والبلاغي و الجمالي والتضافرى والتركيبي والعلمي وأوجه أخرى يراهـا كل إنسان بحسب معارفه وتخصصه فى كل آية و كلمة و حرف من هذه الآيات... دليلا على صدق هذه الرسالة... خاتمة رسالات الله إلى خلقه و التي تتناسب مع هذا العصر و علومه.
و لنـنظر إلى آيات نـقرأهـا فى القرآن الكريم أو نراهـا فى هذا الكون البديع و نختص فى هذا المقال بآيات جاءت متعاقبة فى سورة الأنبياء حيث يقول الحق :
(أو لم ير الذين كفـروا أن السماوات والأرض كـانتـا رتقـا فـفـتقـنـاهمـا و جـعلنـا من المـاء كل شيء حي أفلا يـؤمنـون، وجعلنـا فى الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنـا فيهـا فـجـاجـا سبـلا لعلهم يهتدون، وجعلنـا السمـاء سـقفـا محفـوظـا وهم عن آيــاتهـا معرضون وهو الذي جعل الليل و النهار والشمس والقمر كل فى فلك يسبحون) الأنبيـاء (30 ـ 33 ).
ثم ننظر لمتابعة نفس الموضوع إلى آيـة جـاءت فى نهـاية نـفس السورة لتعـبر عمـا يحدث للسماء فى يـوم القـيـامة حيث يقول الحق(يوم نطوى السماء كطي السجل للكتب، كما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا عليـنا، إنـا كنـا فـاعلين)[سورة الأنبياء:104].
تخـاطب هذه الآيـات الكـافـرون بوحدانية الله وقدرته فى كل زمـان، فتعرض عليهم بأقوى الأسـانيد العلمية و الأدلة المـرئية مـا يـؤيد دعوته إلى كل الأنبياء و إلى خـاتم المرسلين أنه لا إله إلا الله... أو لمالآيــات بقول الحق... أو لم يـر ... دليلا على أن من له الرؤية السليمـة سـوف يصل إلى هذه الحقـائق.
و قد أقـر جمهور علمـاء الطبيعـة أن خلق هذا الكـون جـاء من مـادة واحدة ملأت الكون فى بدايته... وأن هذه المـادة المنتـشرة التي ملأت الكون فى بـداية خلقـه جـاءت جميعهـا من أصل واحــد ومن نبت واحد بحيث تـشابهـت في كل أركـان هذا الكون.. فقد رأوا نفس الذرات والعنـاصـر والمركبات فى كل أركان الأرض بل وعلى سطح القمـر وفى المريخ والشمـس والكواكب الأخرى..و فى النجوم و المجـرات جميعهـا.. فالمعـادن التي على الأرض هي نفس المعـادن التي وجدتهـا مركبات الفضـاء فوق سطح القمـر والمـريخ... والغـازات التي تكون الشمس وتحيط بهـا هي نفـس الغـازات التي نجدهـا فى معـاملنـا على الأرض.. وجميع الكواكب تخضع فى حركتهـا إلى نفس القوانين التي تخضع لهـا الأرض.. وجميع النجوم تخضع فى تفـاعلاتهـا إلى نفس القوانين التي تخضع لهـا الشمس ولهـا نفس مكونـاتهـا.. لهذا وضع العلمـاء نـظريـاتهم عن بداية هذا الكون أن المـادة التي جـاء منهـا خلق الكون كـانت جميعهـا مجتمعـة فى حـالة إنضغـاط لإنهائي قبل ولادة الكون...ثم وقع على قدر تخيلهم حدث بدأ و انتهى فى لحظة واحدة و نشأ عنه انـتـشار هذه المادة فى الكون كله و أسموا هذا الحدث " الانفجـار الكبير "... ثم تحولت مـادة الكون بعـد هذا الانفجـار إلى إشـعـاع مـلأ الكون كله... ثم تحول الإشعاع بفعل بـرودة الكون إلى ذرات تمـاثلت جميعهـا فى تكوينهـا و أشكـالهـا... ثم تجمعت الذرات فى نظـام واحد إلى نـجـوم ثم كواكب تـابعة للنجوم... وتجمعت النجوم فى مجـرات و حـارات.. أي تشـابهت النجوم و الكواكب والمجـرات منذ بداية الكون و اتزنت وانتظمت بجميع مكونـاتهـا على حد قولهم بفعل انفجـار كبير لم يستغرق سـوى لحظـة واحدة.
لقد أصـابت النظـرية فى أن مــادة الكون كما رآها هؤلاء نشأت جميعهـا من أصـل واحد ومن مـصـدر واحــد لأن نـسيج الكون كـله متـشـابه فى كـل شيء... ولكن إنكـار يـد الخـالق الذي دبــر أن يأتي هذا الكون من منشـأ واحد ثم إرجـاع هذه النـشـأة إلى انفجـار كبـير جاء فى لحظة وحدة يمثل تعـامي عن الحـقـائق... فمـا ينـشـأ عن انفجـار كبير هو الدمـار و ليس عمـارة الكون بهذا النظـام الكامل والوحدة الرائـعــة... هو الفوضى وليس اتـزان النجوم فى مجراتهـا والكواكب فى أفـلاكهـا منذ اللحظة الأولى... هو الاختلاف و ليس تـشـابه الكون فى كل أركـانه و أنحـائه
كيف يكون هذا الكمـال والاتزان والتمـاثل نتيجة لانفجار عشوائي... ثم مـا الذي أحدث انفجـار هذه المـادة وفى هذا الوقت القصير بحيث تملأ مـادته الكون كله على اتـســاعه بهذه الدقة المتنـاهية و التماثل التام فينـشـأ عنه كـون متسع يـتسم بالكمـال والجمـال و الوحدة و الاتـزان منذ لحظـته الأولى... إن العلم المجرد من الإيمان يقف عـاجزا عن الرد عن هذه الاستفسارات... و لا يستطيع أحدا أن يملك الرد على كل هذه الاستفـسـارات سوى خـالق هذا الكون الذي أنـشأه و شــهد نـشــأتـه... خـالق لم يرضى أن يترك النـاس فى حـيرة و شـك عندمـا يدركون مـا فى هذا الكون من تمـاثل أو تشابه جاء منذ بدايته دون أن يجدوا لهذا تفسـيراً.... فـأرسل كتـاباً يهدى به إلى الحق و الحقيقة وإلى صـراط الله المـستقيم... فجـاءت هذه الآية بالرد الحق على كل مـا رآه العلمـاء وحاولوا أن يـجدوا له سبـبـاً...( أو لم يـر الذين كفـروا أن السماوات و الأرض كـانتـا رتقـاً ففـتقـنـاهمـا )... أي أن وراء هذا الكمـال والوحدة والاتـزان حالقا قديراً.. جعل ولادة هذا الكون من نسيج واحد أو رتق واحد، ثم فصل أو فتق هذا الرتق الذي كان يجمع السماوات والأرض فى حيز محدود من نسيج واحد إلى خيوط تـشابهت جميعهـا فى أشكـالهـا و خـامـاتها... فجـاء هذا الفتق بحكمته و علمه إلى هذه الأفلاك والأجسام والنجوم والكواكب والمجرات والحارات التي تشابهت جميعا فى تكوينها وقوانينهـا وطاعتهـا و خاماتها و نسيجها وذراتها و عناصرها وتسبيحها... لهذا جـاء التوحيد والتمـاثل والاتزان والإبداع فى كل أرجـاء الكون.. ... هكذا جـاءت كلمتـا( الرتق و الفتق ) بكل المعاني التي عبرت عن كل مـا وجده و حـار فى تفسيره العلمـاء و ليرد على من ينكروا أن وراء نظم هذا الكون وانتظامه بالمنطق والتفسير و العلم والحكمة خـالق قدير وعظيم... و هل يـتأتى إحكام هاتان الكلمتـان لأحد سوى خـالق السماوات و الأرض... خـالق الرتق و محدث الفتق....إنهـا حكمة لا تتأتى لأحــد غيره.. وهذا هو الرد المعجز على كل من ينكر فضله وآياته فى عمـارة هذا الكون و فى كتابه.
لقد كان الكون عبارة عن كتلة واحدة مجتمعة وحدث انفجار هائل لا يمكن تصوره كان على أثره خلق الكواكب والحيوانات والإنسان وهذا نفس الكلام الذي حدثنا عنه الله في قرآنه قبل أكثر من 1400 سنة
ثم تأتى الآية التـالية بدليل آخــر أمـام الكـافرين بوحدانية خـالق هذا الكون و الحياة، فكمـا خلق الله الكون من نسيج واحد جـاء فتقه و نشره بقدرته فصـار لهذا الكون اتسـاعه و إبداعه، جعل من الماء كل شيء حي فيقول الحق وجعلنـا من المـاء كل شيء حي.. من ينظر إلى هذه النجوم العملاقة يجد أنهـا جـاءت من أحد عنصري المــاء و هو الهيدروجين ثم نجد نتيجة مـا يحدث فى هذه النجوم من تفاعلات أثنـاء حياة النجم أو عند انقباضه يتحول النجم إلى مجموعة من العناصر الأخرى التي لهـا ذرات عمـلاقة...
هناك من يدعى أن بعض هذه الذرات العملاقة قد كونت بالصدفة الأحمـاض النووية والأمينية العملاقة ثم اشتركت هذه الأحمـاض بالصدفة أيضـا فى تكوين أول خلية جـاءت إلى الأرض، ثم دبت بهذه الصدفة الحياة فى تلك الخلية دون أن يعرفوا مــادة الحياة أو يقولوا مـا هي عناصر الحياة التي دبت فى الخلية بحيث ينشأ منهـا كل هذا الخلق، إن العقل البشرى يوقن أن مـا يحويه عنصري المـاء ( ذرتي الهيدروجين و الأكسيجين ) من إلكترونات و بروتونات و نيوترونات وجسيمات نووية و ذرية أخرى لا نعلم منهـا إلا القليل يمكن أن يتراص ويأتلف ليكون كل العنـاصر التي تراصت وترتبت لتكوين تلك الأحمـاض الامينية و النووية... و لكن هذا الترتيب والتنسيق لهذه المكونات والذرات لا يمكن أن يتأتى إلا بـإعجـاز خالق مبدع... فالأحمـاض النووية وهي تشكل وحدة بنـاء نواة الخلية التي تتمركز بداخل الخلية وتراقب عملهـا، لها عدد من الذرات الداخلة فى تركيبهـا يصل إلى ملايين الذرات بترتيـبـات محددة، ونواة الخلية التي لها هذا التركيب هي المسئولة عن متابعة قيام الخلية بوظـائفهـا وانقسامها وتعاملهـا مع المحيط الخارجي وتعاونهـا مع باقي الخلايـا المحيطة بهـا فى الجسم البشرى أو جسم أي كائن حي... وجميع الخلايا الحية على الأرض سواء كانت نباتية أو حيوانية تتمـاثل جميعهـا فى هذا الترتيب، و لو اختل هذا الترتيب بأي درجة مهمـا كانت ضآلتهـا لانهـار بناء الخلية و لمـا كانت لهـا القدرة على القيام بوظـائفهـا المتعددة... إذا كيف تقوم الصدفة بهذا الترتيب المعجز لهذه الذرات و بهذا النظام المبهر لجزيئاتها العملاقة لكي تؤدى كل هذه الوظائف... إن هذا التفسير الذي افترضه العلماء لإنكار يد الخـالق لوحد االذى دبر هذا التركيبي الثابت شيء بعيد عن كل عقل و كل منطق... و كذلك الأحماض الامينيه التي تشكل جسم الخلية وهي المسئولة عن تنفيذ مـا تحدده لهـا النواة من مهــام و القيام به على أتم وجه.... وللأحمـاض الامينية أيضا جزيئـات عملاقة تتكون من ملايين الذرات التي لهـا ترتيب خـاص و مبهـر و لو اختلفت فى ترتيب أي منهـا مـا كان لها أن تؤدى مـا لهـا من مهـام...وكل الخلايا الحية قد جـاءت بهذا التركيب ومن هذه الأحمـاض وكلهـا جميعـاً جـاءت من نفس مكونات المـاء كمـا أثبتت علومنـا... و لكن حكمة الخـالق جعلت كل خلية تختلف عمـا تؤديه أي خلية أخرى بحسب موقعهـا فى نبات أو حيوان أو حشرة أو طير أو فى أمعـاء أو فى سـاق وبحسب ما تختزنه نواتهـا من أسرار... ويطلق العلماء على مادة الخلية الحية اسم البروتوبلازم... و عنصري المـاء والماء نفسه هو المكون الرئيسي لهذه المادة كما جاء فى هذه الآية بهذا النص المعجز... فـإذا جف المـاء فى الخلية توقفت حياة هذه الخلية.
و إذا نظرنـا إلي الحب الذي يلقى فى الأرض بدون المـاء فلن تكتب له الحـياة أو الحركة، فـإذا ارتوت الأرض فإن هذه الحبوب تعود و تدب فيهـا الحياة والنمـاء والحركة والاخضرار بما تحصل عليه من المـاء، فنـجدهـا بهذا المـاء قادرة على أن تذيب ما فى الأرض من عنـاصر وأملاح فتمتص من الأرض مـا تمتصه لتكون به أحمـاضـا نووية و أمينية ينشأ بهـا خـلايـا أخرى، و تستمر الخلايـا فى التكاثر ويستمر النبات فى النمو و النمـاء... مـا هو سـر هذا المـاء الذي لا تستقيم الحياة يدونه، فمن هذا المـاء جاء خلق كل خلية... وبدون هذا الماء لن تكون للنبات حياة، وبدون النبات لن تكون للإنسان أو الحيوان أو أي شيء آخـر حـياة، و كل المخلوقات تسير على هذه السنة الثابتة.
هكذا تبلغنـا هذه الآية الكريمة أن كل النجوم و الكواكب و المجرات و مـا يملأ الكون من جـاء من نسيج واحد تفتق بأيدي خـالق واحد فكـان هذا التماثل والوحدة، و جـاء خلق كل الأحـياء على الأرض من مـاء واحد وبيد خـالق واحد فكان هذا التماثل و الوحدة، ألا يدل هذا على وحدانية خـالق هذا الرتق وهذا الماء الذي جعلهمـا من أسراره... إن العلم قد وصل إلى وحدة نسيج هذا الكون... ثم عجز عن تفسير سـر هذه الوحدة فلجئوا إلى نظرية الانفجـار الكبير... و لو نظر هؤلاء العلمـاء إلى هذا الإعلان الذي جـاء منذ أربعة عشر قرنـا فى خـاتم رسـالات رب السماوات و الأرض لسلموا من هذا الـخـلط... ثم أن العلم وصل إلى أن المـاء هو مـادة الحياة. و لكن العلمـاء عجزوا عن معرفة كيف يمكن لهذا الجزيء الذي تتكون منه الماء هو من ذريتين صغيرتين أن يتحول إلى هذه الجزيئـات العملاقة التي تتكون منهـا الأحماض الامينية و النووية و البروتوبلازم و مكونات الخلية الحية، ثم كيف تتحول هذه الجمادات إلى شيء حي يتحرك و يتنفس و يتكاثر و يتكامل مع الخلايا الأخرى... لو كانت الصدفة هي المسئولة عن هذه الترتيبات و هذا أبعد شيء عن العقل، فمـا هي مادة الحياة... الرد هو التسليم بقول الحق أنه هو الذي جعل من المـاء مـا وهبه الحياة فأصبح حي...و قد جـاء إعلانه لخلقه عمـا حـاروا فى تفسيره بهذا النص المعجـز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه... ... إنهـا قدرة الخـالق على كل شيء و إعجـازه فى كل شيء.. فمـا للكـافرين لا يؤمنون... و لهذه جـاء قول الحق بعد هذه الإثبـاتات... أفلا يــؤمـنـون.. نحن نؤمن و نسلم بخالقنا.. فـأمامنـا هذا الإعجـاز الذي فتح الله إليه قلوبنـا و أزال من عليهـا هذا الوقر الذي يصيب قلوب و آذان و أبصـار الكافرين... و ندعو الله لهم بالهداية إلى هذا النور الذي أرسله سبحـانه ليكون لنـا نورا يهدى إلى الحق و إلى صراط الله المستقيم.
لقد اختص الخـالق هذه الأرض بـرحمته حتى تحتضن الحياة والأحياء عليهـا، والآيـات التـالية تذكرنـا بهذه الرحمـة الإلهية، و لكي نتعرف على مظــاهر هذه لرحمة لا بد لنـا من إطلالة قصيرة على الكواكب الأخرى فى مجمـوعتنـا الشمسية كي نرى لم عجزت هذه الكواكب عن احتضـان أي نوع من أنواع الحياة عليهـا.
نبدأ بعطــارد، وهو أصغـر كوكب يدور حول الشمس و أقربهـا إليهـا، و كتلته أصغـر من كتلة الأرض و لهذا تقل قدرته على جذب الأشـيـاء إلى أقل من ربع الجـاذبية الأرضية ممـا يفقده القدرة على الاحتفـاظ بغلاف جوى مثل الغلاف الجوى للأرض، يحميه من القصف المباشر للنيازك، و لهذا نجد سطح هذا الكوكب مغطى بالبثور و الفوهات نتيجة الـصدام المباشر مع النيازك، كمـا تلعب مكونـات هذا الكوكب دورا أســاسيا فى سـرعة دورانه حول نفسه حيث أصـابته بالبطء الشديد فيصل اليوم فى عطـارد إلي 60 يومـا من أيـام الأرض، و لهذا ترتفع درجة حرارة سطحه المضيء إلى 400 درجة مئوية... و نتيجة هذا الارتفاع فى درجات الحرارة لا يوجد أثـر للمـاء على هذا الكوكب و كذلك أي أثر لحياة بجيولوجية من أي نوع، و من المشاهد أن هذا الكوكب غير متزن حيث أن سطحه غير مستقر و يهبط بصورة مستمرة مـمـا جعل التجـاعيد تغطى وجهه، و بالتالي فإنـه غير ممهـد لقيـام الحياة عليه بأي صورة.
ثم إذا انتقلنـا إلى كوكب الزهـرة، وهو كوكب من كواكب المجموعة الشمسية و يـساوى الأرض فى الكتلة و الحجم.. ولهذا نجد أن له جـاذبية تعادل جـاذبية الأرض مـمـا مكنته من الاحتفاظ بغـلاف جـوى... و لكننـا نجد أن سماء هذا الكوكب الذي احتفظ بهـا قد امتلأت بغـاز ثاني أكسيد الكربون مع سحب من حـامض الكبريتيك... و غـاز ثاني أكسيد لكربون غـاز ثـقيل و له قدرة عـالية على امتصـاص أشعة الشمس ممـا جعل جو هذا الكوكب جحيمـا لا يطـاق كمـا أن سحبه تسقط أمطـارا حمضية حولت سطح هذا الكوكب إلى كيان هش لا يحتمل السير عليه... ويصل طول اليوم الواحد فى الزهرة إلى 243 من أيـام الأرض نتيجة لاختلاف أبعاده و بعده عن الشمس، مما جعل درجة حرارة الوجه المضيء تصل إلى 450 درجة و الضغط الجوى فيه يصل إلى 90 ضعف الضغط لجوى على الأرض... و هكذا نجد هذا الكوكب بأرضه و سمـائه غير قـادرين على الاحتفاظ بالمـاء و من ثم بأي حياة بيولوجيه على سطحه.
ثم إذا نظرنـا إلى المريخ و هو أقرب كوكب إلى الأرض، فنجد أنه يدور حول نفسه مرة واحدة كل 24 سـاعة مثل الأرض، و لكن الغلاف الجوى الذي يحيط بالمريخ يتكون أسـاسـا من غـاز ثاني أكسيد الكربون عند ضغط منخفض جدا، و لأن المريخ أبعد عن الشمس من الأرض فنجد أن درجة الحرارة على سطحه تصل إلى الصفر فى أيام الصيف الشديد و تهبط إلى 123 درجة مئوية تحت الصفر فى أيام الشتاء.. و نتيجة لهذا الانخفاض فى درجات الحرارة على سطح المريخ، نجد أن المـاء المتجمع عليه فى حـالة جليد دائم، و لعـل هذا هو السبب فى اختفـاء أي أثـر للحياة على سطح المريخ.
و قد فشلت جميع الرحلات التي ذهبت إلى المريخ أو إلى أي كواكب أخرى من كواكب المجموعة الشمسية فى العثور على أي أثر للحياة على هذه الكواكب، فقد اختص خـالق الأرض بأسباب لم يهبها أو يهيئها سوى للأرض بحيث تكون لديهـا هذه القدرة على احتضان الحياة عليهـا، و هذا مـا تبينه الآيــات التالية، و نبدأ أولا بهذه للآية الكريمة: و جعلنـا فى الأرض رواسي أن تميد بهم فقد أرسى الخـالق فى هذه الأرض الكتلة و المكونات التي تنضبط بها قدرة الأرض على جذب الأشياء فوقهـا فتنضبط عليهـا حركة البشر و جميع المخلوقات فلا تميد بهم و لا تنهـار من تحتهم، و كذلك أدى استقرار القشـرة الأرضية إلى استقرار الغلاف الجوى و ضغطه الثابت و استقرار المـاء فى البحـار و الأنهـار و كذلك استقرت على الأرض حياة البشر، و جعل الخالق بهذه الرواسي مـا يرسى للأرض فلكـا ثـابتا حول الشمس و حول نفسهـا لا تحيد عنهما، بحيث تتزن سـرعـتهـا و بعدهـا عن الشمس فتنضبط عليهـا درجـات الحرارة و اتـزان حرارتهـا المفقودة أثناء الليل مع مـا تكتسبه من حرارة أثناء النهـار، وكذلك جعل للأرض بهذه الرواسي مجالا مغناطيسيا يحدد ميلا لمحور الأرض مع محور دورانها حول الشمس، فكـان للأرض بهذا الميل فصولا محددة كل عـام و مسارات للسحاب و الرياح و خرائط للأمطـار، ممـا أتاح للبشر الحياة المستقرة عليهـا.
إن من يتدبر هذه الكلمـات أن تميد بهم و التي تدل على أن الخـالق قد ضبط كتلة الأرض أو مـا أودعه الخـالق فى الأرض من رواسي بحيث لا تميد بهم فلا تتقلص القشرة الأرضية تحت أقدامهم كمـا يحدث فى عطـارد، و لا يطيرون من فوقهـا كما يحدث على القمر و لا يلتصقون بهـا كمـا يحدث فى المريخ، و تحفظ لهم غلافـا جويـا حاميا بالضغط المناسب، و تحقق لهم درجة الحرارة المناسبة لهم بحيث مكنهم من الحياة عليهـا، وقد تحددت بهذه الرواسي و تكوينهـا الذي لا يعلمـه إلا الله البعد المناسب عن الشمس و الميل المطلوب مع محور الشمس و السرعة المطلوبة حول الشمس و حول نفسهـا فلا يكون للأرض انحرافـات عن المعدلات المطلوبة لحياة الأحياء عليهـا، و مـا ذا يحدث لو لم تكن لهـا هذه الرواسي و مـادت الأرض عن فلكهـا و مسـارهـا حول الشمس بأدنى انحراف فزاد مثلا بعدهـا عن الشمس بأدنى مقدار، ستتجمد المياه والحياة كلهـا على الأرض لأن الطاقة الساقطة عليهـا تتغير بتغير مربع بعدهـا عن الشمـس، ومـاذا يحدث لو اقتربت بـقدر يسير من الشمس لا يتعدى مثلا 1 % من بعدهـا الحالي ، سيصل متوسط درجـات الحرارة على الأرض إلى مـا يزيد عن درجـة غليان المـاء ، أي عن 100 درجة مئوية وهذا الحد كـافيـا لتحول كل مياه البحار و المحيطات والأنهـار إلى بخـار أو سحب و تتوقف الحياة على الأرض ، وسيتغير أطوال الفصول ومقدار أيام لسنة الشمسية ممـا يؤدى إلى هلاك كل مـا نقوم بزراعته و نـتغذى عليه نحن و كل الأحياء ، و مـاذا يحدث أيضـا لو لم تكن فى الأرض رواسي بهذا القدر المحكم فتبـاطأت سرعة الأرض حول نفسهـا فيتكرر لنـا مـا يحدث على كوكب الزهرة ، فتزيد درجة حرارة الوجه المضيء و تفقد البحار ميـاهها على هذا الوجه ، و تتجمد المياه فى البحـار على الوجه المعتم و تتوقف الحياة عليه ، و كذلك يلتصق الأحياء على الأرض كمـا يحدث على هذا الكوكب ، و بنفس هذه التأثيرات لو زادت سرعة دوران الأرض حول محورهـا ، فـينخفض متوسط درجـات الحرارة على الوجهين و نطير من على سطح لأرض كمـا يحدث فى القمـر ، و لا يبقى لنا غلاف جوى مثل عطارد ، هكذا جـاءت حكمة الخـالق و علمـه فى تحديد الرواسي التي يتحدد بهـا كل شيء فترسو حياتنـا و نرسو على هذا الكوكب الذي أعده الخـالق ليحتضننـا عليه بكل الرحمة ، فكانت للأرض هذه الرواسي حتى لا تميد بنـا كما جاء فى قول الحق و جعلنـا فى الأرض رواسي أن تميد بـهم إن الحرف أن جـاء إعلانـا بأن الخـالق أحكم كل شيء فى هذا الكون فدبر رواسي الأرض بهذا التقدير الحكيم و بهذا العلم الدقيق حتى يكون للأرض مـا لهـا من استقرار و رسو دون أي انحراف أو تجـاوز فتكون مرسى لهذا الكائن الذي مهد خالفه كل شيء من أجله .
ثم تستكمل الآية الكريمة فى فضل الله علينـا فى هذه الأرض التي يسرهـا لنـا بقوله سبحانه و جعلنـا فيهــا فجــاجــا سـبلا إن من يذهب إلى القمـر و لا يجد عليه سـوى فوهـات أو على عطـارد فلا يجد عليه سـوى التجـاعيد أو إلى الزهرة فلا يجد إلا تربة هـشة لا يستطيع السير عليهـا، سيستشعر نعمـة الله علينـا فى هذه الفجـاج التي يسرهـا الله لنـا على الأرض كي نحيـا و نسير عليهـا و تيسـر لنـا سـبل الزراعة و التجـارة و الصنـاعة و الترحـال و الانتقال بسهولة و يسـر، فقد امتدت القشرة الأرضية فى تمـاسـك و صـلابة و استواء و امتداد... فاتسعت رقعتهـا للغـابـات و الوديان و الطرق و الأنهـار و البحـار القرى و المدن و كل مـا يبغيه البشر من سبل لحياتهم و متاعهم و رزقهم و أنعامهم و عرباتهم و طـائراتهم ، لقد يسـر الله هذه الفجـاج ليهتدوا إلى سبل الرزق و الحياة و التعارف ثم يهتدون إلى خـالقهم و مانحهم هذه النعم و موفر لهم هذه الأرض بانبسـاطهـا و امتدادهـا و طرقهـا ، و هكذا كان ختام هذه الآية بهذه الكلمـات لعلهم يهتدون... أليس فى هذه السبل و الفجاج هداية إلى معرفة فضل الله علينا و هداية إلى الحياة على الأرض و الانتفاع بخبراتها.
ثم تأتى الآية التـالية لتذكرنـا بفضل الخـالق فى أن يخصنا بسمـاء تحفظنـا من فوقنـا برحمته، فنرى فضل الله فى خلقهـا لنـا بهذه الكيفية من يستعرض الكواكب من حولنـا فلا يرى لها سمـاءا حافظة و محفوظة مثل سماء الأرض، فبها غـلاف جـوى يحمينـا من أشعة الشمس الضـارة، فيسمح هذا الغلاف بمرور مـا ينـفـعـنـا من هذه الأشعة و يحتجز مــا يضرنـا بطبقة تسمى طبقة الأوزون، ثم اختص هذا الغلاف بنسبة عـالية من غازي الأكسيجين و النيتروجين، و كلاهمـا لا يمتصـان أشعة الشمس فتنفذ الأشعة النافعة من خلالهمـا لتصل أشعة الشمس إلى النبات ليختزن الطـاقة اللازمة له و لمن حوله، ثم أن وجود هذه النسبة من الأكسيجين فى الهواء الجوى تحرق أي نيازك قبل أن تصل إلى الأرض فلا ترى هذه الفوهـات و البثور على أرضهـا مثل باقي الكوكب التي لم يخصها الله برحمته، و فى الهواء نسبة ضئيلة من غـاز ثاني أكـسيد الكربون القـادر على امتصاص أشعة الشمس لا تتعدى جزء من الواحد بالمـائة كي يتغذى عليها النبات، و لكن لو زادت لحدث لنـا مثل ما يحدث على كوكب الزهرة الذي يـسـتحيل الحياة عليه، و قد حفظه الخالق لنا بهذا الثبات حتى نتمكن من الحياة على الأرض إلى أن يشـاء الله، ثم نجد أن غـاز الأكسيجين يؤدى أدوارا عديدة أخرى فى حياتنـا حيث يحترق به الغذاء فى أجسامنـا و النار من حولنا، و كذلك غـاز النيتروجين و مـا يؤديه فى حياة النبات الذي يتغذى عليه
كل هذه الأدوار تؤديهـا سمـاءً حفظهـا الخالق لنـا و حفظنـا بهـا كسقف يمنع عنـا أن يصيبنـا من فوقنـا مـا يصيب كواكب أخرى حولنــا و يتيح لنـا الحياة عليهـا دون أن نحترق أو نختنق ، هل جـاءت سماء أرضنـا كمـا قال خـالقهـا سقفـا محفوظا بكل هذه الخصوصيات و الآيـات بدون تدبير أو تنظيم أو تقدير خـالق عـزيز عليم ... كيف نعرض عن كل هذه الآيـات و لا نتدبرها حق التدبر... هكذا يعاتبنـا الخـالق بقوله سبحانه و هم عن آيـاتهـا معرضون فالسمـاء كلهـا آيـات على عظمة خـالقهـا و رحمته و عزته و علمه.. علينـا أن نتدبر بهـا بهذا الاستدلال المعجز الذي أرسله الخـالق إلينا فى خـاتم كتبه.. و هل يستطيع بشرا أن يضع لفظـا جـامعـا يصف هذه السمـاء و مـا تؤديه من أدوار فى حياتنـا كسقف حـافظ و محفوظ لنـا و لأرضنـا بأبدع و أروع من هذه الكلمـات... إنهـا كلمـات جاءت حقا من خالق الأرض و السمـاء.
ثم تأتى الآية التالية التي تذكرنـا بـفضل الله و آيـاته فى هذه الأشياء التي من حولنـا.. فى الليل و النهـار.. الشمس و القمــر... كيف انتظمـت و توافقت مع حياتنا و خلقنا و عملنا و راحتنا و دورات حياتنا و أعمـارنـا و انتظم بهم كل شيء من حولنا.. الحياة المستقرة و العمل نهارا و النوم ليلا ومـا يناسب أجسامنا من درجـات الحرارة و ضغط الهواء.. نحن لا نستطيع أن نحيا على كوكب الزهرة الذي يصل طول اليوم فيه إلى 243 مثيله على الأرض فتصل درجة الحرارة على سطحه إلى مئات الدرجات .. إنه لا يتوافق مع حياتنـا و مع تكويننـا و مع خلقنـا... فمن سخر كل هذه الأشياء لنـا... من سخر كل هذا التوافق و الانسجام بيننا و بين كل هذه الأفلاك... من دبر للأرض و خلقهـا تدور حول نفسهـا بهذه السرعة الثابتة أمام الشمس ليأتي الليل و النهـار منسجمـا مع بعد الأرض عن الشمس و راحة الإنسان و حرارته و حياته و سعيه... من سخر الأرض تدور حول الشمس بهذا الخضوع و هذا الثبات فيأتي هذا التعاقب للفصول بهذا الإبداع و الالتزام فى كل أنحاء الأرض ومع مـائهـا و هوائهـا و رمـالهـا و سحابهـا و كل شيء عليـهـا... من سخر للقمر دورته حول الأرض و أمام الشمس فيأتي هلالا و بدرا و تتعاقب أشكاله بهذا الإبداع و الانسجام مع كل مـا خلق الله على الأرض... أنهم جميعـا يسبحون لخـالقهم بهذا الالتزام و هذه الطـاعة المتنـاهية و المتمثلة فى هذا الانسجام الشامل و الكـامل.
لقد أعلن العلمـاء أنه حتى نرى كوكبـا آخر يمكن أن تقوم حياة عليه فى هذا الكون فيجب أن تكون له كتلة مثل كتلة الأرض و حجمـا مثل حجم الأرض و قمرا مثل قمر الأرض و له زاوية ميل و سرعة دوران حول نفسه و حول شمسه مثل مـا للأرض و أن تكون له شمسا مثل شمسنا عمرا و حجما و كتلة و إشعاعا و أبعادا و ثباتـا.. وأن يكون لهم جميعا نفس الأفلاك و الظروف و المقادير... و هذايسبح كل شئ بنفس هذه التسبيحات و فى نفس هذه الأفلاك.. و هذا مـا تنص عليه هذه الآية فى نهايتهـا كل في فلك يسبحون .. فإنهـا سبـاحة وتسبيح بعلم خـالق عزيز وعليم وقدير ومقدر لكل شيء بحكمته.. فهـل لنا أن نسبح معهم.
الشكل التالي يبين كواكب المجموعة الشمسية بحسب بعدها عن الشمس
كمـا رأينـا أن يد الخـالق هي التي بدأت هذا لكون، و كيف أيقن العلمـاء بهـا بعد أن تداعت نظرياتهم فى الانفجـار الكبير و اعترفوا أن من ينظـر إلى الكون يشعـر أن هناك يد خـالق واحد نسقت كل هذا الكون فجـاء كله وحدة واحدة أوله مثل آخره، و أعلن الخـالق عن أن يده هي اليد العليـا فى هذا الكون المنتظم فى خاتم كتبه بآيات يعجز البشـر عن أن يأتــوا بمثلهــا، و لكن نرى أن هؤلاء العلمـاء يتخبطون مرة ثانية و هم يحـاولون أن يعرفوا كيف ينتهي هذا الكون دون اللجوء إلى الله... فقد أثبتت نظـريـاتهم بأنه أي الكون يتمدد و يتسع دائمـا.. و قد أشـار الحق فى خـاتم كتبه إلى هذه الحقيقة الجـامعة بقوله سبحـانه و السمـاء بنينـاهـا بأيد و إنــا لموسعون ( الآية 47 من سورة الذاريات ) ... هكذا تفسر الآية أن هذا التوحد و التماثل و التشابه فى بناء هذا الكون قد جـاء لأن يدا واحدة كان لهـا مـطلق الخلق و التشكيل فيه.. يدا تعلن عن نفسهـا و لا أحد غيرها يتطـاول أن يدعى سوى هذا... و تأتى هذه الآية أيضـا لنـقـر بالحقيقة الأخرى التي اكتشفهـا العلمـاء أن إرادته وحده هي التي جعلت هذا الكون يتسع و يتمدد دائمـا، و يتم هذا التوسع بنفس الانتظام و على نفس السنة منذ أن بدأ خلق المكان و الزمـان منذ أن شـاء الله فتق الرتق الأول حتى يومنـا هذا... و يأتي سـؤال آخــر من العلم و العلمــاء... إلى متى يستمر فتق هذا الرتق الذي بدأ منه الخلق فى التمدد و التوسع... إذا كان هذا الرتق محدودا فهو لن يستمـر فى التمدد و التوسع إلى الأبد.. و لكن سوف تأتى لحظـة معينة بحسب نظريات العلماء سيبلغ فيها المكان و الزمان نهايتهما... و سوف تـعود المـادة التي ملأت هذا الكون فتتجمع مرة أخرى و يتساقط الكون فى حدث أطلقوا عليه اسم الانسحاق العظيم و هو اسم مرادف للاسم الذي أطلقوه على بداية الكون بالانفجار العظيم... حيث سينسحق هذا الكون كمـا تسحق النجوم التي ملأت الكون عن آخره فتتحول إلى ثقوب سوداء.
و يبقى السؤال الذي لا رد له إلا الإيمان بخالق هذا الكون وباعثه.. متى تأتى هذه اللحظة.. و مـاذا يحدث بعدهـا.. و هل ستكون هناك دورة جديدة يتجدد فيهـا المكان و الزمان مرة أخرى... و من له اليد العليا فى تحديد هذه اللحظة.. هل هي المـادة ذاتهـا التي تقوم بهذا الحدث من تلقـاء نفسهـا ودون أي إرادة أعلى.
إنـنـا و نحن نواجه أقوال العلمـاء و هم يذكرون هذا الحديث نشعر بأنـنـا أمام افتراضات عقلانية و غير قادرة على إقامة الدليل على شيء محدد فلم يرى أحد كيف بدأ الخلق و كيف ستكون نهايته...و لكننا سنحاول بالقدر الذي أتاحه الله لنـا من العلم و هذا النور الذي بين أيدنـا أن نتدبر فى خلق الله... فالكون له بداية كمـا أثبت العلم و العلمـاء و أقـر الخـالق هذه الحقيقة فى قرآنه .. و كل شيء له بداية بهذا الإبداع و الانسجام و الانتظام لا بد أن له مبدأ.. و هذا مـا أقره الخـالق و أعلن أنه هو المبدأ فى قرآنه.. وكل شيء له بداية أيضـا فإن لـه نهـاية.. وهذا مـا أثبته العلمـاء أيضـا بنظريتاهم و أسـانيدهم... و لكن لن يستطيع أن يصف تلك اللحظـات الأخيرة لهذا الكون سوى خـالق الكون و مسيره.. فهو مبدأ الكون و العالم و المقدر و القادر و العالم بنهـايته وكيف ينهيه.. هو الموجود من قبل و من بعد و له اليد فى كل شيء... و لكننا نوقن بما يسره الله لنا من علمه أنه لا بد أن يعود هذا الكون مرة أخرى بشكل لا يـعلمه إلا خـالقه و مبدؤه... و كل مـا توصلنـا إليه هو محض فروض بنيت على المنطق العلمي و مـا اكتشفه العلمـاء من توسع الكون بالقياسات العلمية و عبرت عنهـا كلمـات شــاذة مثل الانفجار العظيم و الانسحاق العظيم لا يستطيع أحد إدراكها أو يتخيل حدوثهـا لو كان له ذرة من العقل و المنطق و البصيرة، و لكن معرفة هذا لن تتأتى دون الإيمان بالله خالق الكون و مبدعه و القائم على أمره و القادر عليه.
تعالوا نترك الآن أقوال العلمـاء و نقف أمام قول الحق فى نهاية نفس السورة التي عبرت فى أولهـا عن بداية الخلق، حيث تحدثنـا عن يوم القيامة، اليوم الذي قدره الخالق لنهـاية حياتنـا الأرضية و بداية حياة أخرى لا يعلمهـا إلا هو: يوم نطوى السماء كطي السجل للكتاب، كما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا علينـا إنـا كنـا فـاعلين أي أن السمـاء كانت مطوية فى هذا الرتق الذي عبرت عنه الآيات الأولى فى السـورة، ثم إذا جـاء أمره فى نهـاية الحياة الدنيـا سوف تعود و تطوى بقدرته مرة أخرى... لتعود سيرتهـا الأولى.. ثم مـا ذا يكون بعد ذلك هذا علمــه وحده.
هكذا يكون تعبير الخالق عن خلقه.. كلمـات ذات معنى يفهمهـا المرء دون صخب أو تعب أو ضجر أو ملل.. فليس انسحاق عظيم.. و لكن طي بيد الخالق الذي فتق أو أفرد صفحـات هـذه المادة التي ملأت الكون برحمته و علمه و فضله...و انسحاق مادة الكون لا يدل على انقباض المكان... و لكن الطي يحوى انحسار المكان و الزمان و الكون كله... و الانسحاق معناه التحول إلى العدم.. و لكن الطي معناه إعـادة الشيء إلى أصله و بدايته... و الانسحاق معناه الغوغائية و أللانتظام ... ولكن الطي معناه الحكمة و الـتمهل و النظام... والانسحاق معناه أن المادة هي المسيطرة و تنسحق وقتمـا تشاء... ولكن الطي يبيد الخالق الذي جـاءت البداية بيديه و كما بدأ أول خلق يعيده كما تذكر الآيات...والانسحاق معناه اللاعودة أو النهاية لكل شيء... و لكن الطى معناه نهـاية مرحلة و بداية أخرى... هل يستطيع عـالم مهمـا بلغ علمـه أن يأتي بكل هذه المعاني فى كلمـات محدودة أوعت كل شيء.. و هل يستطيع عـالم أن يقرر هذه الحقائق بهذه القدرة و الطلاقة و البيان.. إننـا حقـا أمام أنوار الحق تضيء لنـا الحقائق التي تخرجنا من الظالمات إلى النور.. ظلمـات المـادية التي تصور المـادة على أن لهـا القدرة على أن تنفجر وقتمـا تشاء و تنسحق وقتمـا تشـاء.. و تصورنـا ألعوبة فى يد مـادة بلا عقل أو تفكير فتقوم بنفسهـا بانفجـار كبير فتنشأ كونـا متسعـا و متوسعـا منتظما و منسقا، أو تنتهي و تتحول بدون مقدمـات من تلقاء نفسهـا بانسحاق عظيم فينتهي الكون كله بمكانه و زمانه.. هل يقبل العقل مـا يقوله المـاديون بهذه المسميات المادية الغير متعقله أم يقبل هذه الآيات من خالق السماء و الأرض... (يوم نطوى السماء كطي السجل للكتاب كمـا بدأنـا أول خلق نعيده وعدا علينـا إنـا كنـا فاعلين)... صدق الله العظيم
لقد أثبت العلم أن من كانوا ينادون بأن المـادة هي أصل كل شيء بدعوى قـانون بقـاء المـادة قد وقعوا فى وهم شديد.. فالمـادة ليست بـاقية كما أعتقد هؤلاء بعد إثبات أن المـادة تتحول إلى طـاقة و الطـاقة أيضـا ليست باقية كمـا ظن الناس قديمـا.. فهي تهبط من الدرجة الأعلى إلى الأدنى و لا تعود مرة أخرى... و هكذا أتضح أن المـادة لهـا نهـاية و أن المـادية وهم فى وهم.. و لهذا انهـارت المـادية فى العـالم أسـسـا و تطبيقـا و فلسفة.. و انهـارت معهـا الشيوعية و كل أدع يائها ... وأعلن أهلهـا أنهـا كانت أسوأ مـا عرفته البشرية من نظريات أو فلسفات ... فليس للمـادة من إرادة.. و لكن إرادة الخالق هي التي فتقت المـادة فى البداية لتنتشر فى الكون الآخذ فى التوسع و تطـويهـا فى النهـاية لتعود كمـا أراد لهـا خـالقهـا، و لا مناص لنـا من لاعتراف بقدرته و العودة إليه فى تفسير كيف بدء الخلق ثم كيف ينتهي.. فلم نشهد و لم يشهد أحد على الأرض هذه اللحظة، حيث يقول الحق ما أشهدتهم خلق السماوات و الأرض و لا خلق أنفسهم ( الكهف 51 ) لهذا فلا بد لنـا أيضـا من الاعتراف أنه بعد نهـاية الكون فسوف ينبعث مرة أخرى ليعود كمـا يريد له خالقه و ومبدؤه ثم معيده.. و لهذا نجد أن هذه المعاني قد جاءت فى كتاب الله العزيز عدة مرات ( الله الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ) [الروم 11 ]، (أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير) [العنكبوت: 19] لنفطن إلى هذه الحقيقة التي لم نراها عند بدء الخلق أو لا نعرفهـا لأن الكون لم ينتهي بعد ... و لكن الخالق يضعهـا أمـامنـا حتى لا نضل ونشقى... فبأي حديث بعده يؤمنون صدق الله العظيم
مواضيع مماثلة
» من حرص الصحابة رضوان الله عليهم على القرآن الكريم
» فضائل سور القرآن الكريم كما حققها العلامة الألباني - رحمه الله -
» أرجى آية في القرآن الكريم؟
» ما حكم إهداء قراءة القرآن الكريم للرسول صلى الله عليه وسلم أو لغيره
» واجبنا نحو القرآن الكريم
» فضائل سور القرآن الكريم كما حققها العلامة الألباني - رحمه الله -
» أرجى آية في القرآن الكريم؟
» ما حكم إهداء قراءة القرآن الكريم للرسول صلى الله عليه وسلم أو لغيره
» واجبنا نحو القرآن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin