خطبه الجمعه، صفات المؤمنين في القران

من نفحات خطبة الغد 
٢٠ جمادى الأولى ١٤٤٣
٢٤ / ١٢ / ٢٠٢١
من صفات المؤمنين في القرآن الكريم 

العناصر
١- الإيمان من أعظم نعم الله عز وجل على الناس
٢- للمؤمنين صفات كثيرة في القرآن الكريم
٣- من صفات المؤمنين في القرآن الكريم 

وبعد
فالايمان من أعظم نعم الله عز وجل على الإنسان قال تعالى 

يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

فلابد أن تشكر الله ليلك ونهارك على نعمة الإيمان التى امتن الله عليك بها

وللإيمان شعب كثيرة كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ ".

وقد ذكر القرآن جمهرة من صفات المؤمنين أذكر اهم خطوطها العريضة اجمالا

اولا:
هم موقنون بربهم ومعتقدين أركان الإيمان لا يتسرب الشك إلى قلوبهم 

قال تعالى 
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ

فهم مستمدون إيمانهم وقوة إيمانهم من إيمان نبيهم 
كما قال تعالى
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ... 
اي والمؤمنون كذلك وايمان النبي كما نعلم إيمان لا يخالطه أي شك 
إيمان راسخ جعل النبي صلى الله عليه وسلم يعلنها صراحة لعمه
يا عم لو ضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الدين لا أتركه حتى يظهره الله أو أهلك دونه 

كذلك إيمان المؤمنين معه لابد أن يكون بهذا الرسوخ لا يرضون بالمساومة عليه بأي حال ولسان حالهم 
قول الله تعالى لنبيه 
 قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ"لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ "وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ"وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ"وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ"لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" 

فايمانهم ثابت لا يتزحزح وهم مؤمنون بالله وملائكته قال تعالى في صفات النبي والمؤمنين 

كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ

ثانيا 
هم موالون لإخوانهم من المسلمين
  يحبونهم ولا يوالون غيرهم قال تعالى
لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ
فهم لا يوالون غير المؤمنين ولا يتخذونهم لهم بطانة 
لكن لما اتخذ المؤمنون غيرهم بطانة تكالبت عليهم الأمم وهانوا على الناس وما ذلك إلا لأنهم تركوا أمر الله لهم الذي أمرهم به في القرآن 

لان علاقة المؤمنين بعضهم بعضا لها خصوصية 
قال تعالى وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

وقال صلى الله عليه وسلم مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ".

فمن صفات المؤمنين 
انهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحب بعضهم بعضا مهما تباعدت أجسادهم ونأت بلادهم 
ويحبون أن تعم بلادهم الخيرات 

يقول ابن عباس إني لأسمع بالقاضي العادل في بلد فأفرح به ولعلي لا احتكم اليه ابدا

فالمؤمن محب للخير عند إخوانه المؤمنين وما ذلك إلا لنقاء سريرته ومحبته للخير

*** كما أن المؤمنين لنقاء قلوبهم يتأثرون بالآيات يفرحون ويدعون عند آيات الرحمة ويتشوقون إلى ما فيها من أسرار اسماء الجمال
اما اذا مروا بالآيات التى تبرز فيها أسرار الكمال فإذا قلوبهم وجله 
قال تعالى
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ

أخرج ابن ماجة في سننه من حديث  حُذَيْفَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فَكَانَ إِذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ اسْتَجَارَ، وَإِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَنْزِيهٌ لِلَّهِ سَبَّحَ.

فالمؤمنون معايشون للقرآن متأثرون به ينصتون له اذا تلي .. ويتفاعلون معه اذا رتل كل ذلك وهم معه في غاية الادب والوقار لأنهم يعرفون أن الله سامع لهم 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ ".

ومعنى اذن استمع

**كما أن من صفاتهم أنهم منضبوطون في كل علاقتهم
فهم في علاقتهم بربهم مؤمنون به مسلّمون له ملتزمون أمره فهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة
قال تعالى 
قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون...ويأدون الزكاة ..قال تعالى والذين هم للزكاة فاعلون

** كما انهم معرضون عن اللغو ملتفتون لما يصلحهم
 قال تعالى
 والذين هم عن اللغو معرضون
 
***كما انهم لا يخوضون في أمور غيرهم فضلا عن أعراضهم ويظنون بالناس خيرا كما قال تعالى 

لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ

كما انهم حافظون لفروجهم قال تعالى (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم او ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين

وهم ليسوا حافظين لفروجهم بالامتناع عن معاصي الفروج بل هم قاطعون على الشيطان طريقه من اول الأمر فهم غاضون أبصارهم قال تعالى

قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم أن الله خبير بما يصنعون
وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

*** صفات كثيرة في القرآن وكل ذلك وتاج رؤوس المؤمنين كمال التوكل على الله 

كما قال تعالى في ختام غير آيه وعلى الله فليتوكل المؤمنون 

والخلاصة أن المؤمن هو من اشرب الإيمان قلبه واختلط بلحمه ودمه فكانت حياته لله فأصبح كل عمله... عظيمه كالايمان بالله وقليله كاماطة الأذى عن الطريق كله لله وحده
 
ولابد أن يعلم المؤمن أن شعب الايمان داخل فيها أركان الإسلام ومقام الاحسان بل هو مقام الولاية لله رب العالمين

أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين 
كتبه د.محمد سالم