بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 28 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 28 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
بعض قصص عن الفاروق عمر رضى الله عنه
صفحة 1 من اصل 1
بعض قصص عن الفاروق عمر رضى الله عنه
القصة الحادية والعشرون
صدق عوف
فى كوكبة من الصحابة جلس عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهو يومئذ أمير المؤمنين ... تحلقوا حوله يتجاذبون أطراف الحديث ... ويتنقلون بين رياض السيرة العطرة .
فقالوا يمدحون عمر رضى الله عنه : والله مارأينا رجلا أقضى بالقسط ولاأقول بالحق , ولاأشد على المنافقين منك ياأمير المؤمنين , فأنت خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
غضب عوف بن مالك رضى الله عنه الذى كان يجلس بينهم , وتميز غضبا من قولهم فثار صائحا : كذبتم والله !! لقد رأينا خيرا منه بعد النبى صلى الله عليه وسلم .
قال عمر رضى الله عنه : من هو ياعوف ؟!!
قال عوف رضى الله عنه : أبو بكر رضى الله عنه .
قال عمر رضى الله عنه : صدق عوف وكذبتم , والله لقد كان أبو بكر أطيب من ريح المسك , وأنا أضل من بعير أهلى .
القصة الثانية والعشرون
لن آكل السمن حتى يشبع الناس
اشترت امرأة عمر بن الخطاب رضى الله عنه سمنا بستين درهما .
فلما رآه قال : ماهذا ؟
قالت : سمن , اشتريته من مالى وليس من نفقتك .
فقال : لن أذوقه حتى يشبع منه الناس .
القصة الثالثة والعشرين
عمر رضى الله عنه يعرف نفسه بنفسه
بخطى متثاقلة و وجسد أرهقه الحزن , صعد عمر بن الخطاب رضى الله عنه المنبر , وصاح بالقوم الذين ضاق بهم المسجد :
أيها الناس : لقد رأيتنى وأنا أرعى غنم خالات لى من بنى مخزوم نظير قبضة من تمر .
ثم نزل من فوق المنبر , وارتفعت همهمات الدهشة : لماذا جمعنا عمر ؟! وماهذا الكلام الذى يقوله ؟! والله مافهمنا شيئا .
فتقدم عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه قاطعا هذا الهمس , وجلس بين يديه سائلا : ماذا أردت إلى هذا ياأمير المؤمنين ؟
حرك عمر رضى الله عنه شفتيه المرتعشتين : ويحك ياابن عوف خلوت بنفسى , فقالت : أنت أمير المؤمنين , وليس بينك وبين الله أحد , فمن ذا أفضل منك ؟! فأردت أن أعرفها قدرها .
القصة الرابعة والعشرين
اتق الله يا أمير المؤمنين
قام أمير المؤمنين , ورجل خلاف , فقال الرجل فى غضب : اتق الله يا أمير المؤمنين .
فقال رجل من القوم : أتقول لأمير المؤمنين اتق الله !
فقال عمر رضى الله عنه : دعه فليقلها لى , نعم ماقال , ولا خير فيكم إذا لم تقولوها لنا , ولاخير فينا إذا لم نقبلها منكم .
القصة الخامسة والعشرين
فيك عيبان
صعد عمر رضى الله عنه المنبر ذات يوم , وصاح بالناس يريد منهم النصح :
أنشدكم الله , لايعلم رجل منى عيبا إلا عابه
فارتفعت الهمهمات , وكثر اللغط , فقام رجلا قائلا :
فيك عيبان .
تهلل وجه عمر رضى الله عنه ةابتسم قائلا : وماهما يرحمك الله ؟
قال الرجل : لك قميصان تلبس واحدا وتخلع الآخر , وتجمع بين لونين من ألوان الطعام , ولايسع ذلك الناس .
فقال عمر رضى الله عنه : والله لن أجمع بين قميصين , ولابين طعامين .
فظل كذلك - رحمه الله - حتى لقى الله .
القصة السادسة والعشرين
لم يكن لى ثوب غيره
امتلأ المسجد عن آخره , وبدأ الناس يتبادلون النظرات المتسائلة فى صمت : لماذا تأخر أمير المؤمنين , وأين هو الأن ؟
وبعد لحظات دخل عمر رضى الله عنه المسجد , وصعد المنبر , وأقبل على الناس متعذرا :
إنما حبسنى غسل ثوبى هذا كان يغتسل , ولم يكن لى ثوب غيره .
عدالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
لما نزلت بالمسلمين شدة أيام خلافة الفاروق رضي اللع عنه وارضاه
كان طعام عمر الزيت وكان مداوماً على أكل الزيت حتى اصفر وجهه الذي كان كقطعة القمر حتى صارت بطنه تحدث أصواتاً فكان يقول لبطنه صوتي او لا تصوتي لن تذوقي اللحم حتى يشبع أطفال المسلمين .
القصة السابعة والعشرين
فطنة جرير
تربع عمر بن الخطاب رضى الله عنه على أسفل جدار صغير وحوله هالة من أصحابة ، تنساب الكلمات من أفواههم , حاملة العظة والطرفة , وبينما هم كذلك ارتفعت بينهم رائحة كريهة .
فقال عمر رضى الله عنه : عزمت على صاحب هذه الريح أن يقوم فيتوضأ .
تبادل القوم النظرات , وأحسوا بالحرج , فقال جرير بن عبد الله رضى الله عنه : ياأمير المؤمنين نتوضأجميعا ... أراد بذلك أن لايعرف من الذى أخرج الريح , فلا يصاب بالحرج .
ابتسم عمر بن الخطاب رضى الله عنه قائلا : رحمك الله !! نعم السيد كنت فى الجاهلية , نعم السيد أنت فى الإسلام .
القصة الثامنة والعشرين
لو ملت لعدلناك
عند مشربة بن حارثة رأى عمر بن الخطاب محمد بن سلمة رضى الله عنهما , وكان رجلا لايخشى فى الله شيئا , ويقول الحق و ولو كان فيه موته .
فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : كيف ترانى يامحمد ؟
قال محمد بن سلمة رضى الله عنه : أراك كما أحب , وكما يحب من يحب لك الخير , أراك قويا على جمع المال , عفيفا عنه , عدلا فى قسمه , ولو ملت لعدلناك كما يعدك السهم فى الثقاب .
فقال عمر رضى الله عنه فرحا : الحمد لله الذى جعلنى فى قوم إذا ملت عدلونى .
القصة التاسعة والعشرين
اجعل بينى وبينك رجلا
نشب خلاف بين عمر بن الخطاب , وأبى بن كعب رضى الله عنهما , فقال عمر رضى الله عنه : اجعل بينى وبينك رجلا .
قبل أبى بن كعب رضى الله عنه فجعل بينهما زيد بن ثابت رضى الله عنه , فأتياه , فقال عمر رضى الله عنه : أتيناك لتحكم بيننا , وفى بيته يؤتى الحكم .
فلما دخلا عليه وسع زيد بن ثابت رضى الله عنه صدر فراشه لأمير المؤمنين , وقال مشيرا بيده ك هاهنا ياأمير المؤمنين .
تغير وجه عمر رضى الله عنه وقال : هذا أول جور جرت فى حكمك , ولكن أجلس مع خصمى .
فجلس عمر وأبى بن كعب رضى الله عنهما بين يدى زيد بن ثابت رضى الله عنه وادعى أبى وأنكر عمر رضى الله عنهما , فقال زيد لأبى فى رجاء : اعف عن أمير المؤمنين من اليمين , وما كنت لأسألك لأحد غيره .
بادر عمر رضى الله عنه زيد بن ثابت وأبى بن كعب , فحلف اليمين , ثم أقسم ثانية : لايدرك زيد القضاء حتى يكون عمر ورجل من عرض ( عامة ) المسلمين عنده سواء .
القصة الثلاثون
عمر رضى الله عنه يخوض المخاضة
ذهب أمير المؤمنين رضى الله عنه إلى الشام , وقبيل الوفود المحتشدة لأستقباله عرضت له مخاضة ( بركة ماء ) , فنزل عن بعيره , وخلع نعليه وأرسلهما وراء ظهره , ثم خاض الماء ممسكا بخطام بعيره , وظل كذلك حتى بلغ الوفود .
فقال أبو عبيده رضى الله عنه : قد صنعت صنيعا عظيما عند أهل الأرض , يعنى أهل الشام .
فضرب عمر رضى الله عنه بيده على صدره قائلا : أواه .. لوغيرك يقولها ياأبو عبيده ... إنكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس , فأعزكم الله بالإسلام , فهما تطلبوا العزة بغيركم يذلكم الله .
القصة الحادية والثلاثون
أتعبت من بعدك
فى شوارع المدينة , خرج عمر بن الخطاب رضى الله عنه يعدو فى عجل , فلقاه على بن أبى طالب رضى الله عنه قائلا : إلى أين ياأمير المؤمنين ؟
يجيبه عمر رضى الله عنه دون أن يتوقف : بعير أفلت من إبل الصدقة .
قلب على رضى الله عنه يديه قائلا : أتعبت من بعدك .
فقال عمر رضى الله عنه : والذى بعث محمدا بالحق , لو أن عنزا ذهبت بشاطئ الفرات لأخذ بها عمر يوم القيامة .
القصة الثانية والثلاثون
فضل أسامة بن زيد رضى الله عنهما
كان بوسع التاريخ أن يمر عليه سريعا كما مر على آلاف , بل ملايين غيره ,ولكنه توقف عنده ليضيف إليه صفحات خالدة , مازال يرن صداها حتى اليوم .. إنه أسامة بن زيد رضى الله عنهما .
فقد فرض له عمر بن الخطاب رضى الله عنه أكثر مما فرض لإبنه عبد الله رضى الله عنه .
فقال عبد الله رضى الله عنه : ياأبت فرضت لأسامة بن زيد أربعة آلاف , وفرضت لى ثلاثة آلاف , وما كان لأبيه أكثر مما كان لك , وليس له من الفضل أكثر مما لى .
قال عمر رضى الله عنه : هيهات ... إن أباه أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك , وكان هو أحب إلى رسول الله منك .
فرضى عبد الله بن عمر رضى الله عنهما بما فرض له من عطاء .
القصة الثالثة والثلاثون
عففت فعفوا
لما وضع بين يدى عمر رضى الله عنه سيف كسرى ومنطقته وزبرجه قال : إن أقواما أدوا هذا لذووا أمانة .
فقال على بن أبى طالب رضى الله عنه الذى كان يجلس لجواره : إنك عففت فعفت الرعية .
القصة الرابعة والثلاثون
عمر رضى الله عنه يقبل رأس ابن حذافه
فى السنة التاسعة عشرة للهجرة أرسل عمر بن الخطاب رضى الله عنه جيشا لحرب الروم وفيهم رجل يقال له : عبد الله بن حذافه من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم , فأسره الروم , وذهبوا به مكبلا فى قيوده إلى ملكهم .
فقالوا له : هذا الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .
نزل الملك عن عرشه , وتقدم فى بطء إلى عبد الله بن حذافة الذى قام فى وسط البلاط فى عزة وثبات , مازادته القيوم إلا هيبة وقوة و تصفحه الملك بنظراته النافذة , وشرد فى هؤلاء المسلمين الذين هانت عندهم الدنيا , وأداروا ظهورهم للنشوة والمتعة , اقترب الملك من عبد الله بن حذافة قائلا : هل لك أن تتنصر وأشركك فى ملكى ومالى ؟
قال عبد الله فى ثبات : لو أعطيتنى جميع ماتملك وجميع ماملكته العرب على أن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طرفة عين مافعلت .
قال الملك فى حدة : إذن أقتلك .
قال عبد الله : أنت وذاك .
فأمر به فصلب , وقال للرماة : ارموه قريبا من يديه ورجليه .
فأمطر الرماة عبد الله بن حذافة بالسهام , والملك يعرض عليه التنصر , فما زاده ذلك إلا إيمانا , ثم أمر به فأنزل , ثم أمر أن يسجن وكان يقدموا له لحم الخنزير والخمر فلم يأكل حتى إنحنيت رقبته وقرب هلاكه فدعاه الملك وقال له أعلم أن دينكم يبيح لكم لحم الخنزير والخمر فى الضرورة عندما لايوجد غيرهم فقال له نعم أعلم ذلك ولكن خشيت أن أشمت أعداء الإسلام بالإسلام فأطعموة وأعادوه للسجن وأدخلوا عليه ملكة جمال الروم وهى عارية كيوم ولدتها أمها وكانت ترمى بنفسها عليه فكان يفر منها وظلت هكذا فترة حتى يئست منه وخرجت وقالت : أأدخلتمونى على بشر أم على حجر والله لايعلم أأنثى أنا أم ذكر .
ثم دعا الملك بقدر فصب فيه زيت حتى احترق , ثم دعا بأسيرين من المسلمين , فأمر بأحدهما فألقى وظل يتقلب حتى ذاب لحمه وبانت عظامه , وهو يعرض عليه , فكان أشد إباء من قبل .
ثم أمر به أن يلقى فيه , فلما ذهب الجنود به بكى , وسالت دموعه , فقيل للملك : إنه قد بكى .
فظن أنه خاف وجذع , فقال ضاحكا : ردوه .
فعرض عليه النصرانية , فأبى .
فقال الملك متعجبا ذاهلا : ماأبكاك إذن ؟!
قال عبد الله : أبكانى أنى قلت فى نفسى : تلقى الساعة فى هذا القدر فتذهب نفس واحدة و فكنت أشتهى أن يكون بعدد كل شعرة فى جسدى أنفس تلقى فى سبيل الله .
هز الملك رأسه إعجابا وحيرة من هذا الرجل الذى احتقر الموت , ثم تقدم ناحيته هامسا : هل لك أن تقبل رأسى وأخلى عنك ؟
قال عبد الله فرحا : تخلى عنى وعن جميع أسارى المسلمين ؟!
قال الملك : وعن جميع أسارى المسلمين .
قال عبد الله : فقلت فى نفسى : عدو من أعداء الله أقبل رأسه يخلى عنى وعن جميع أسارى المسلمين , لاأبالى .
ثم تقدم عبد الله بن حذافة , فقبل رأسه , فدفع إليه الأسارى , فقدم بهم على عمر بن الخطاب رضى الله عنه , فأخبره بخبره .
تهلل وجه عمر رضى الله عنه , وانشرح صدره صائحا : حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة , وأنا أبدأ .
فنهض عمر رضى الله عنه وانحنى يقبل رأس عبد الله بن حذافة رضى الله عنه وأرضاه .
القصة الخامسة والثلاثون
الفارس والغنائم
هجعت الحرب , وخمدت قرقعة السيوف , وتناثرت أشلاء القتلى , وارتفعت راية الإيمان خفاقة تعلن نصر المسلمين , فانطلق الأبطال يجمعون الغنائم التى ازدحمت بها ساحة المعركة .
وكان من بين هؤلاء الفرسان رجل مغوار لايشق له غبار , أصاب من الأعداء خلقا كثيرا , فأعطاه أبو موسى الأشعرى رضى الله عنه نصيبه ولم يوفه , فأبى أن يأخذه إلا جميعه , لايترك منه خردلة , فضربه أبو موسى عشرين سوطا وحلق رأسه .
جمع الرجل شعره المتناثر على الأرض فى صرة , وذهب به إلى المدينة , فلما دخل على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه أخرج الرجل شعره من جيبه , فضرب به صدر عمر رضى الله عنه .
فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : مالك ؟
فذكر الرجل قصته , ثار بركان الغضب الراقد فى صدر أمير المؤمنين , فكتب إلى أبو موسى الأشعرى :
سلام عليك , أما بعد : فإن فلان بن فلان أخبرنى بكذا وكذا , وإنى أقسم عليك إن كنت فعلت مافعلت فى ملأ من الناس جلست له فى ملأ من الناس فاقتص منك , وإن كنت فعلت مافعلت فى خلاء فاقعد له فى خلاء فليقتص منك .
القصة السادسة والثلاثون
الملك الهارب
أعلن جبلة بن الأيهم ملك غسان إسلامه , ووفد على عمر بن الخطاب رضى الله عنه بأبهة الملك والسلطنة , فتلقاه بالترحيب , وأنزله منزلة عظيمة .
وبينما كان جبلة بن الأيهم يطوف يوما بالبيت الحرام , وطئ على إزاره المهيب أعرابى من بنى فزارة , فضربه على وجهه , فشكاه الأعرابى إلى أمير المؤمنين الذى استدعى جبلة .
وقال فى حزم وعدل : إما أن ترضيه و وإما ان يضربك كما ضربته .
استعظم ذلك على جبلة بن الأيهم , وتولى كبرا , وقال فى زهو : ألا تفرقوا بين الملك والسوقة ؟!!
قال عمر رضى الله عنه : لا ... قد جمع بينكما الإسلام .
قال جبلة : إذن أتنصر , فقال عمر رضى الله عنه : ضربت عنقك !!
فلما رأى جبلة حزم عمر رضى الله عنه , وصلابته , طلب منه فرصة إلى الغد , فأخذ قومة وفر هاربا تحت جنح الظلام إلى القسطنطينية ولحق بهرقل .
القصة السابعة والثلاثون
بشر صاحبك بغلام
أزاح أمير المؤمنين عن جسده رداء الليل , وراح يشق الظلام الحالك , وإذا به يسمع أنين إمرأة ينبعث من بيت من شعر لم يكن بالأمس .
دنا عمر رضى الله عنه فرأى رجلا يجلس القرفصاء أمام الباب فسلم عليه , ثم قال : من الرجل ؟
قال : رجل من أهل البادية جئت إلى أمير المؤمنين أصيب من فضله .
قال عمر رضى الله عنه : ماهذا الصوت الذى أسمعه فى البيت ؟
فقال الرجل : انطلق يرحمك الله لحاجتك .
قال عمر رضى الله عنه : على ذلك ... ماهذا الصوت ؟
فقال الرجل : امرأة تلد .
قال عمر رضى الله عنه : عندها أحد ؟
فقال الرجل : لا .
فنهض عمر رضى الله عنه مسرعا حتى أتى منزله , فقال لزوجته أم كلثوم بنت على رضى الله عنهما : هل لك فى أجر ساقه الله إليك ؟
قالت : ماهو ؟
قال : إمرأة غريبة تلد ليس عندها أحد .
قالت : نعم إن شئت .
قال : فخذى معك مايصلح المرأة لولادتها من الخرق والدهن وجيئينى بقدر شحم ودقيق , فجاءت به , وحمل عمر رضى الله عنه ذلك كله وقال لإمرأته : انطلقى ... فمشت خلفه حتى بلغا بيت الشعر .
فقال لها : ادخلى إلى المرأة .
وجاء حتى قعد إلى الرجل , وأشعل النار تحت القدر , وأخذ ينفخ والدخان يتخلل لحيته حتى أنضجها , وولدت المرأة , وصدح صوت الطفل .
فقالت أم كلثوم : ياأمير المؤمنين ... بشر صاحبك بغلام .
فلما سمع الأعرابى كلمة أمير المؤمنين , فشهق بشدة , وتنحى هيبة لعمر رضى الله عنه .
فقال له عمر رضى الله عنه : مكانك كما كنت .
وحمل القدر , ووضعها عند الباب , ثم قال : أشبعيها , ففعلت ثم أخرجت القدر فوضعتها على الباب , فقام عمر رضى الله عنه فأخذها فوضعها بين يدى الرجل وقال كل ... كل ... فإنك قد سهرت من الليل .
ثم قال عمر رضى الله عنه لأمرأته : اخرجى .
وقال للرجل : إذا كان غدا فأتنا نأمر لك بما يصلحك , ففعل الرجل , فأجازه وأعطاه .
القصة الثامنة والثلاثون
الشيخ التائب
ذات مساء , خرج الفاروق رضى الله عنه حاملا درته بين يديه يتبعه ابن مسعود رضى الله عنه , فإذا هو بضوء نار , فأتاه حتى دخل دارا , فإذا بشيخ اشتعل رأسه شيبا , جالس وبين يديه شراب وأمه تغنى , فلم يشعر حتى هجم عليه عمر رضى الله عنه .
فقال : ما رأيت كالليلة منظرا أقبح من شيخ ينتظر أجله !!
رفع الرجل رأسه قائلا : ياأمير المؤمنين إن ماصنعته أنت أقبح ! تجسست , وقد نهيت عن التجسس , ودخلت بغير إذن .
قال عمر رضى الله عنه : صدقت .
ثم خرج تجهش عيناه بالبكاء ويقول فى حزن : ثكلت عمر أمه , إن لم يغفر له ربه , كان يستخفى به من أهله , فيقول : الآن رآنى عمر فيتتابع فيه .
وهجر الشيخ مجلس عمر رضى الله عنه حينا , فبينما عمر رضى الله عنه جالس فى ثلة من الناس إذا بالرجل قد جاء شبه المستخفى حتى جلس فى أخريات المجلس , فرآه عمر رضى الله عنه .
قال : على بهذا الشيخ .
فأتى فقيل له : أجب أمير المؤمنين .
قام الرجل , وقد تساوره خوف من عمر رضى الله عنه , وأنه سيوقع به العذاب , بما رأى منه .
فقال عمر رضى الله عنه : أدنه منى , فما زال يدنيه حتى أجلسه إلى جنبه , والتقم أذنه هامسا : أما والذى بعث محمدا بالحق رسولا ماأخبرت أحدا من الناس بما رأيت منك , ولاابن مسعود فإنه كان معى .
قال الرجل فاغرا فاه : ياأمير المؤمنين أدن منى أذنك , فالتقم أذنه , ولا أنا والذى بعث محمدا بالحق رسولا ماعدت إليه حتى جلست مجلسى هذا .
فرفع عمر رضى الله عنه صوته يكبر , فما يدرى الناس من أى شئ يكبر .
القصة التاسعة والثلاثون
انطلق بنا إلى فلان
فقد عمر رضى اللع عنه رجلا كان يغشى مجلسه مدة , فخشى أن يكون قد أصابه مكروه , فقال لعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه : انطلق بنا إلى منزل فلان فننظر .
فأتيا منزل الرجل , ووجدا بابه مفتوحا , وهو جالس , وامرأته تصب له فى الإناء شرابا .
همس عمر لابن عوف رضى الله عنهما : هذا الذى شغله عنا .
قال ابن عوف رضى الله عنه : ومايدريك مافى الإناء ؟
قال عمر رضى الله عنه طاردا ماتسرب إليه من الوساوس : أتخاف أن يكون هذا هو التجسس ؟
قال ابن عوف رضى الله عنه مؤكدا : بل هو التجسس .
قال عمر رضى الله عنه : ومالتوبة من هذا ؟
قال ابن عوف رضى الله عنه : لاتعلمه بما اطلعت عليه من أمره , ولايكونن فى نفسك إلا خيرا .
ثم انصرفا من حيث قدما .
القصة الأربعون
عمر رضى الله عنه يتسور بيتا
فى ساعة متأخرة من الليل , اتدفع عمر بن الخطاب رضى اله عنه فى شعاب المدينة , يهتك الظلام بخطوات ثابتة , فسمع صوت رجل فى بيت يتغنى بكلمات ساقطة , فتسور عمر بن الخطاب رضى الله عنه البيت عليه .
وقال : ياعدو الله , أظننت أن الله يسترك وأنت فى معصية .
فقال الرجل : ياأمير المؤمنين لاتعجل على , إن كنت عصيت الله واحدة , فقد عصيت الله فى ثلاث :
تجسست وقد قال تعالى :" ولاتجسسوا " , وتسور ت على وقال الله تعالى :" وأتوا البيوت من أبوابها " , ودخلت بغير إذن وقال الله تعالى :" لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ".
قال عمر رضى الله عنه : فهل عندك من خير إن عفوت عنك ؟!
قال الرجل : نعم .
فعفا عنه وخرج وتركه .
القصة الحادية والأربعون
رجل تهتف به النساء
فى هاجرة الليل , سمع عمر بن الخطاب رضى الله عنه امرأة , وهى تهتف من خدرها :
هل من سبيل إلى خمر فأشربها أم هل سبيل إلى نصر بن حجـاج
إلى فتـى ماجـد الأعـراق مقتبـل سهـل المحيـا كريـم غيـر ملـجـاج
فقال عمر رضى الله عنه وقد بدت عليه علامات الغضب : لايكون معى رجل تهتف به النساء فى خدورهن , على بنصر بن حجاج .
وعندما قدم عليه نصر بن حجاج قص شعره , فخرجت وجنتان كأنهما شقتا قمر , وأمره عمر رضى الله عنه أن يطوق رأسه بعمامه , ففعل .
ثم قال له : لاتساكننى ببلد أنا فيه
فبعثه عمر رضى الله عنه إلى البصرة .
خشيت المرأة التى سمعها عمر رضى الله عنه على نفسها , فدست إليه أبياتا تقول فيها :
فبعث إليها عمر رضى الله عنه : قد بلغنى عنك خير , وإنى لم أخرجه من أجلك , ولكن بلغنى أنه يدخل على النساء , فلست آمنهن .
القصة الثانية والأربعون
ماذا تقول لربك ؟!
أطلق رجل حنجرته صائحا : ياأمير المؤمنين انطلق معى فأعدنى على فلان فإنه ظلمنى .
فرفع عمر رضى الله عنه الدرة فضرب بها رأس الرجل وقال : تدعون عمر وهو معرض لكم حتى إذا اشتغل بأمر من أمور المسلمين أتيتموه : أعدنى ... أعدنى .
وانصرف الرجل وهو يتذمر غيظا .
فقال عمر رضى الله عنه : على بالرجل .
فأعطاه الدره وقال له : امسك ... لتقتص منى .
قال الرجل : لا ولكن أدعها لله ولك .
فقال عمر رضى الله عنه : ليس كذلك , إما تدعها لله وإرادة ماعنده , أو تدعها لى فأعلم ذلك .
قال الرجل : أدعها لله .
فقال عمر رضى الله عنه : انصرف .
ثم ذهب عمر رضى الله عنه يمشى حتى دخل منزله , ونحن معه , فافتتح الصلاة , فصلى ركعتين و ثم جلس فقال :
يا ابن الخطاب ... كنت وضيعا فرفعك الله , وكنت ضالا فهداك الله , وكنت ذليلا فأعزك الله , ثم حملك على رقاب المسلمين فجاء رجل يستعديك فضربته , ماتقول لربك غدا إذا أتيته .
قال الأحنف رضى الله عنه : فجعل عمر يعاتب نفسه معاتبة ظننت أنه من خير أهل الأرض .
القصة الثالثة والأربعون
رسالة من عمر رضى الله عنه إلى نيل مصر
فى شهر بؤونة من الأشهر القبطية , اجتمع أهل مصر عند عمر و بن العاص رضى الله عنه وقالوا : أيها الأمير , إن لنيلنا هذا سنة لايجرى إلا بها .
فقال لهم : وماهى ؟!
قالوا : إنه إذا كان اثنتى عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها , فأرضيناها , وجعلنا عليها شيئا من الحلى والثياب أفضل مايكون , ثم ألقينا بها فى النيل .
بدت علامات الغضب الممزوج بالحزن على وجه عمرو بن العاص رضى الله عنه وقال : إن هذا لايكون فى الإسلام , فإن الإسلام يهدم ماقبله .
فأقام أهل مصر شهر بؤونة وأبيب ومسرى النيل لايجرى بقليل أو كثير من الماء , حتى هموا بالرحيل .
فكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنهما بذلك , فأرسل إليه عمر رضى الله عنه : قد أصبت , إن الإسلام يهدم ماقبله , وقد بعثت إليك ببطاقة , فالقها فى داخل النيل إذا أتاك كتابى .
ولما قدم الكتاب على عمرو بن العاص رضى الله عنه فتح البطاقة فإذا فيها :
من عبد الله , عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر
أما بعد : فإن كنت تجرى من قبلك فلا تجر , وإن كان الواحد القهار يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك .
فألقى عمرو بن العاص رضى الله عنه البطاقة فى النيل قبل يوم الصليب بيوم , وقد تهيأ أهل مصر للرحيل , فأصبحوا يوم الصليب وقد أجراه الله ستة عشرة ذراعا , وقطعت تلك السنة السوء عن أهل مصر .
الفصة الرابعة والأربعون
عمر رضى الله عنه يستغيث بأمير مصر
اختفت السحب من السماء , وابتلعت الأرض ماءها , وحاصر الجدب الجزيرة العربية , وضرب الفقر بأطنابه على المدينة , ومزق الجوع أفئدة الأطفال الرضع , وأكباد الشيوخ الرتع .
فكتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى عامله بمصر عمرو بن العاص رضى الله عنه :
من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاص بن العاص , سلام :
أما بعد : فلعمرى ياعمرو ماتبالى إذا شبعت أنت ومن معك أن أهلك أنا ومن معى , فياغوثاه , ثم ياغوثاه .
اضطرب عمرو بن العاص رضى الله عنه من رسالة أمير المؤمنين , وأحس بالأسف , ولم يهنأ بطعام ولاشراب حتى جهز الزاد والزواد للمسلمين فى شبه الجزيرة , ثم كتب إلى أمير المؤمنين :
لعبد الله عمر أمير المؤمنين من عمرو بن العاص أما بعد :
فيالبيك , ثم يالبيك , وقد بعثت إليك بعير أولها عندك وأخرها عندى , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
القصة الخامسة والأربعون
عمر وبعث أسامة رضى الله عنهما
لم يجاوز جيش أسامة بن زيد رضى الله عنه الخندق حتى ارتفع صوت الناعى فى سماء المدينة : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم .
توقف الجيش عن السير , وأقبل أسامة رضى الله عنه على عمر بن الخطاب رضى الله عنه قائلا : ارجع إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فاستأذنه , يأذن لى فليرجع الناس , فإن معى وجوههم وحدهم , ولا آمن على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأثقال المسلمين أن يتخطفهم المشركون .
وقالت الأنصار : فإن أبى إلا أن نمضى , فأبلغه عنا واطلب إليه أن يولى أمرنا رجلا أقدم سنا من أسامة .
خرج عمر بأمر أسامة , فأتى أبا بكر , فأخبره بما قال أسامة .
قال أبو بكر رضى الله عنه : لو اختطفتنى الكلاب والذئاب لم أرد قضاء قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال عمر رضى الله عنه : فإن الأنصار أمرونى أن أبلغك أنهم يطلبون إليك أن تولى أمرهم رجلا أقدم سنا من أسامة .
فوثب أبو بكر رضى الله عنه كالأسد الثائر , وكان جالسا , فأخذ بلحية عمر رضى الله عنه وصاح : ثكلتك أمك وعدمتك ياابن الخطاب ! استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأمرنى أن أنزعه ؟!
انصرف عمر رضى الله عنه يجر خلفه رداء الخجل , فلما أقبل على الأنصار قالوا له : ماصنعت ؟!
فقال عمر رضى الله عنه : امضوا ثكلتكم أمهاتكم , مالقيت فى سبيلكم اليوم من خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم !.
القصة السادسة والأربعون
سراقة يلبس تاج كسرى
لبس سراقة بن مالك درعه , وتوشح سيفه , وامتطى صهوة فرسه , واندفع ينهب الأرض بحثا عن النبى صلى الله عليه وسلم , ولكنه مالبث أن عثر عليه , وعندما أبصرت عينه معجزاته صلى الله عليه وسلم .
قال : والله يامحمد إنى لأعلم أنه سيظهر دينك , ويعلو أمرك فعاهدنى إذا أتيتك فى ملكى أن تكرمنى , وأكتب لى بذلك .
فأمر النبى صلى الله عليه وسلم الصديق رضى الله عنه , فكتب له على لوح عظيم .
وقال له النبى صلى الله عليه وسلم : كيف بك ياسراقة إذا لبست سوارى كسرى ؟!
ثم أسلم سراقة وقدم المدينة على النبى صلى الله عليه وسلم , ودارت الأيام دورتها , وانتصر المسلمون فى القادسية , وحملت الغنائم إلى المدينة , وكان من بينها تاج كسرى , وثيابه المنسوجة بخيوط الذهب , وثيابه المنظوم بالجواهر , وسواره اللذان لم تر العين مثلهما قط .
فصاح عمر رضى الله عنه : أين سراقة بن مالك ؟!
فأتى إليه وألبسه قميص كسرى وسواريه , وقلده سيفه , ووضع على رأسه تاجه , وأخذ يتبختر بهم , والدموع تسيل من عينيه , ولسان حاله يقول : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم رفع عمر رضى الله عنه رأسه إلى السماء قائلا : اللهم إنك منعت هذاالمال رسولك , وكان أحب إليك منى وأكرم , ومنعته أبو بكر وكان أحب إليك منى وأكرم , وأعطيتنيه , فأعوذ بك أن تكون قد أعطيتن
صدق عوف
فى كوكبة من الصحابة جلس عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهو يومئذ أمير المؤمنين ... تحلقوا حوله يتجاذبون أطراف الحديث ... ويتنقلون بين رياض السيرة العطرة .
فقالوا يمدحون عمر رضى الله عنه : والله مارأينا رجلا أقضى بالقسط ولاأقول بالحق , ولاأشد على المنافقين منك ياأمير المؤمنين , فأنت خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
غضب عوف بن مالك رضى الله عنه الذى كان يجلس بينهم , وتميز غضبا من قولهم فثار صائحا : كذبتم والله !! لقد رأينا خيرا منه بعد النبى صلى الله عليه وسلم .
قال عمر رضى الله عنه : من هو ياعوف ؟!!
قال عوف رضى الله عنه : أبو بكر رضى الله عنه .
قال عمر رضى الله عنه : صدق عوف وكذبتم , والله لقد كان أبو بكر أطيب من ريح المسك , وأنا أضل من بعير أهلى .
القصة الثانية والعشرون
لن آكل السمن حتى يشبع الناس
اشترت امرأة عمر بن الخطاب رضى الله عنه سمنا بستين درهما .
فلما رآه قال : ماهذا ؟
قالت : سمن , اشتريته من مالى وليس من نفقتك .
فقال : لن أذوقه حتى يشبع منه الناس .
القصة الثالثة والعشرين
عمر رضى الله عنه يعرف نفسه بنفسه
بخطى متثاقلة و وجسد أرهقه الحزن , صعد عمر بن الخطاب رضى الله عنه المنبر , وصاح بالقوم الذين ضاق بهم المسجد :
أيها الناس : لقد رأيتنى وأنا أرعى غنم خالات لى من بنى مخزوم نظير قبضة من تمر .
ثم نزل من فوق المنبر , وارتفعت همهمات الدهشة : لماذا جمعنا عمر ؟! وماهذا الكلام الذى يقوله ؟! والله مافهمنا شيئا .
فتقدم عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه قاطعا هذا الهمس , وجلس بين يديه سائلا : ماذا أردت إلى هذا ياأمير المؤمنين ؟
حرك عمر رضى الله عنه شفتيه المرتعشتين : ويحك ياابن عوف خلوت بنفسى , فقالت : أنت أمير المؤمنين , وليس بينك وبين الله أحد , فمن ذا أفضل منك ؟! فأردت أن أعرفها قدرها .
القصة الرابعة والعشرين
اتق الله يا أمير المؤمنين
قام أمير المؤمنين , ورجل خلاف , فقال الرجل فى غضب : اتق الله يا أمير المؤمنين .
فقال رجل من القوم : أتقول لأمير المؤمنين اتق الله !
فقال عمر رضى الله عنه : دعه فليقلها لى , نعم ماقال , ولا خير فيكم إذا لم تقولوها لنا , ولاخير فينا إذا لم نقبلها منكم .
القصة الخامسة والعشرين
فيك عيبان
صعد عمر رضى الله عنه المنبر ذات يوم , وصاح بالناس يريد منهم النصح :
أنشدكم الله , لايعلم رجل منى عيبا إلا عابه
فارتفعت الهمهمات , وكثر اللغط , فقام رجلا قائلا :
فيك عيبان .
تهلل وجه عمر رضى الله عنه ةابتسم قائلا : وماهما يرحمك الله ؟
قال الرجل : لك قميصان تلبس واحدا وتخلع الآخر , وتجمع بين لونين من ألوان الطعام , ولايسع ذلك الناس .
فقال عمر رضى الله عنه : والله لن أجمع بين قميصين , ولابين طعامين .
فظل كذلك - رحمه الله - حتى لقى الله .
القصة السادسة والعشرين
لم يكن لى ثوب غيره
امتلأ المسجد عن آخره , وبدأ الناس يتبادلون النظرات المتسائلة فى صمت : لماذا تأخر أمير المؤمنين , وأين هو الأن ؟
وبعد لحظات دخل عمر رضى الله عنه المسجد , وصعد المنبر , وأقبل على الناس متعذرا :
إنما حبسنى غسل ثوبى هذا كان يغتسل , ولم يكن لى ثوب غيره .
عدالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
لما نزلت بالمسلمين شدة أيام خلافة الفاروق رضي اللع عنه وارضاه
كان طعام عمر الزيت وكان مداوماً على أكل الزيت حتى اصفر وجهه الذي كان كقطعة القمر حتى صارت بطنه تحدث أصواتاً فكان يقول لبطنه صوتي او لا تصوتي لن تذوقي اللحم حتى يشبع أطفال المسلمين .
القصة السابعة والعشرين
فطنة جرير
تربع عمر بن الخطاب رضى الله عنه على أسفل جدار صغير وحوله هالة من أصحابة ، تنساب الكلمات من أفواههم , حاملة العظة والطرفة , وبينما هم كذلك ارتفعت بينهم رائحة كريهة .
فقال عمر رضى الله عنه : عزمت على صاحب هذه الريح أن يقوم فيتوضأ .
تبادل القوم النظرات , وأحسوا بالحرج , فقال جرير بن عبد الله رضى الله عنه : ياأمير المؤمنين نتوضأجميعا ... أراد بذلك أن لايعرف من الذى أخرج الريح , فلا يصاب بالحرج .
ابتسم عمر بن الخطاب رضى الله عنه قائلا : رحمك الله !! نعم السيد كنت فى الجاهلية , نعم السيد أنت فى الإسلام .
القصة الثامنة والعشرين
لو ملت لعدلناك
عند مشربة بن حارثة رأى عمر بن الخطاب محمد بن سلمة رضى الله عنهما , وكان رجلا لايخشى فى الله شيئا , ويقول الحق و ولو كان فيه موته .
فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : كيف ترانى يامحمد ؟
قال محمد بن سلمة رضى الله عنه : أراك كما أحب , وكما يحب من يحب لك الخير , أراك قويا على جمع المال , عفيفا عنه , عدلا فى قسمه , ولو ملت لعدلناك كما يعدك السهم فى الثقاب .
فقال عمر رضى الله عنه فرحا : الحمد لله الذى جعلنى فى قوم إذا ملت عدلونى .
القصة التاسعة والعشرين
اجعل بينى وبينك رجلا
نشب خلاف بين عمر بن الخطاب , وأبى بن كعب رضى الله عنهما , فقال عمر رضى الله عنه : اجعل بينى وبينك رجلا .
قبل أبى بن كعب رضى الله عنه فجعل بينهما زيد بن ثابت رضى الله عنه , فأتياه , فقال عمر رضى الله عنه : أتيناك لتحكم بيننا , وفى بيته يؤتى الحكم .
فلما دخلا عليه وسع زيد بن ثابت رضى الله عنه صدر فراشه لأمير المؤمنين , وقال مشيرا بيده ك هاهنا ياأمير المؤمنين .
تغير وجه عمر رضى الله عنه وقال : هذا أول جور جرت فى حكمك , ولكن أجلس مع خصمى .
فجلس عمر وأبى بن كعب رضى الله عنهما بين يدى زيد بن ثابت رضى الله عنه وادعى أبى وأنكر عمر رضى الله عنهما , فقال زيد لأبى فى رجاء : اعف عن أمير المؤمنين من اليمين , وما كنت لأسألك لأحد غيره .
بادر عمر رضى الله عنه زيد بن ثابت وأبى بن كعب , فحلف اليمين , ثم أقسم ثانية : لايدرك زيد القضاء حتى يكون عمر ورجل من عرض ( عامة ) المسلمين عنده سواء .
القصة الثلاثون
عمر رضى الله عنه يخوض المخاضة
ذهب أمير المؤمنين رضى الله عنه إلى الشام , وقبيل الوفود المحتشدة لأستقباله عرضت له مخاضة ( بركة ماء ) , فنزل عن بعيره , وخلع نعليه وأرسلهما وراء ظهره , ثم خاض الماء ممسكا بخطام بعيره , وظل كذلك حتى بلغ الوفود .
فقال أبو عبيده رضى الله عنه : قد صنعت صنيعا عظيما عند أهل الأرض , يعنى أهل الشام .
فضرب عمر رضى الله عنه بيده على صدره قائلا : أواه .. لوغيرك يقولها ياأبو عبيده ... إنكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس , فأعزكم الله بالإسلام , فهما تطلبوا العزة بغيركم يذلكم الله .
القصة الحادية والثلاثون
أتعبت من بعدك
فى شوارع المدينة , خرج عمر بن الخطاب رضى الله عنه يعدو فى عجل , فلقاه على بن أبى طالب رضى الله عنه قائلا : إلى أين ياأمير المؤمنين ؟
يجيبه عمر رضى الله عنه دون أن يتوقف : بعير أفلت من إبل الصدقة .
قلب على رضى الله عنه يديه قائلا : أتعبت من بعدك .
فقال عمر رضى الله عنه : والذى بعث محمدا بالحق , لو أن عنزا ذهبت بشاطئ الفرات لأخذ بها عمر يوم القيامة .
القصة الثانية والثلاثون
فضل أسامة بن زيد رضى الله عنهما
كان بوسع التاريخ أن يمر عليه سريعا كما مر على آلاف , بل ملايين غيره ,ولكنه توقف عنده ليضيف إليه صفحات خالدة , مازال يرن صداها حتى اليوم .. إنه أسامة بن زيد رضى الله عنهما .
فقد فرض له عمر بن الخطاب رضى الله عنه أكثر مما فرض لإبنه عبد الله رضى الله عنه .
فقال عبد الله رضى الله عنه : ياأبت فرضت لأسامة بن زيد أربعة آلاف , وفرضت لى ثلاثة آلاف , وما كان لأبيه أكثر مما كان لك , وليس له من الفضل أكثر مما لى .
قال عمر رضى الله عنه : هيهات ... إن أباه أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك , وكان هو أحب إلى رسول الله منك .
فرضى عبد الله بن عمر رضى الله عنهما بما فرض له من عطاء .
القصة الثالثة والثلاثون
عففت فعفوا
لما وضع بين يدى عمر رضى الله عنه سيف كسرى ومنطقته وزبرجه قال : إن أقواما أدوا هذا لذووا أمانة .
فقال على بن أبى طالب رضى الله عنه الذى كان يجلس لجواره : إنك عففت فعفت الرعية .
القصة الرابعة والثلاثون
عمر رضى الله عنه يقبل رأس ابن حذافه
فى السنة التاسعة عشرة للهجرة أرسل عمر بن الخطاب رضى الله عنه جيشا لحرب الروم وفيهم رجل يقال له : عبد الله بن حذافه من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم , فأسره الروم , وذهبوا به مكبلا فى قيوده إلى ملكهم .
فقالوا له : هذا الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .
نزل الملك عن عرشه , وتقدم فى بطء إلى عبد الله بن حذافة الذى قام فى وسط البلاط فى عزة وثبات , مازادته القيوم إلا هيبة وقوة و تصفحه الملك بنظراته النافذة , وشرد فى هؤلاء المسلمين الذين هانت عندهم الدنيا , وأداروا ظهورهم للنشوة والمتعة , اقترب الملك من عبد الله بن حذافة قائلا : هل لك أن تتنصر وأشركك فى ملكى ومالى ؟
قال عبد الله فى ثبات : لو أعطيتنى جميع ماتملك وجميع ماملكته العرب على أن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طرفة عين مافعلت .
قال الملك فى حدة : إذن أقتلك .
قال عبد الله : أنت وذاك .
فأمر به فصلب , وقال للرماة : ارموه قريبا من يديه ورجليه .
فأمطر الرماة عبد الله بن حذافة بالسهام , والملك يعرض عليه التنصر , فما زاده ذلك إلا إيمانا , ثم أمر به فأنزل , ثم أمر أن يسجن وكان يقدموا له لحم الخنزير والخمر فلم يأكل حتى إنحنيت رقبته وقرب هلاكه فدعاه الملك وقال له أعلم أن دينكم يبيح لكم لحم الخنزير والخمر فى الضرورة عندما لايوجد غيرهم فقال له نعم أعلم ذلك ولكن خشيت أن أشمت أعداء الإسلام بالإسلام فأطعموة وأعادوه للسجن وأدخلوا عليه ملكة جمال الروم وهى عارية كيوم ولدتها أمها وكانت ترمى بنفسها عليه فكان يفر منها وظلت هكذا فترة حتى يئست منه وخرجت وقالت : أأدخلتمونى على بشر أم على حجر والله لايعلم أأنثى أنا أم ذكر .
ثم دعا الملك بقدر فصب فيه زيت حتى احترق , ثم دعا بأسيرين من المسلمين , فأمر بأحدهما فألقى وظل يتقلب حتى ذاب لحمه وبانت عظامه , وهو يعرض عليه , فكان أشد إباء من قبل .
ثم أمر به أن يلقى فيه , فلما ذهب الجنود به بكى , وسالت دموعه , فقيل للملك : إنه قد بكى .
فظن أنه خاف وجذع , فقال ضاحكا : ردوه .
فعرض عليه النصرانية , فأبى .
فقال الملك متعجبا ذاهلا : ماأبكاك إذن ؟!
قال عبد الله : أبكانى أنى قلت فى نفسى : تلقى الساعة فى هذا القدر فتذهب نفس واحدة و فكنت أشتهى أن يكون بعدد كل شعرة فى جسدى أنفس تلقى فى سبيل الله .
هز الملك رأسه إعجابا وحيرة من هذا الرجل الذى احتقر الموت , ثم تقدم ناحيته هامسا : هل لك أن تقبل رأسى وأخلى عنك ؟
قال عبد الله فرحا : تخلى عنى وعن جميع أسارى المسلمين ؟!
قال الملك : وعن جميع أسارى المسلمين .
قال عبد الله : فقلت فى نفسى : عدو من أعداء الله أقبل رأسه يخلى عنى وعن جميع أسارى المسلمين , لاأبالى .
ثم تقدم عبد الله بن حذافة , فقبل رأسه , فدفع إليه الأسارى , فقدم بهم على عمر بن الخطاب رضى الله عنه , فأخبره بخبره .
تهلل وجه عمر رضى الله عنه , وانشرح صدره صائحا : حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة , وأنا أبدأ .
فنهض عمر رضى الله عنه وانحنى يقبل رأس عبد الله بن حذافة رضى الله عنه وأرضاه .
القصة الخامسة والثلاثون
الفارس والغنائم
هجعت الحرب , وخمدت قرقعة السيوف , وتناثرت أشلاء القتلى , وارتفعت راية الإيمان خفاقة تعلن نصر المسلمين , فانطلق الأبطال يجمعون الغنائم التى ازدحمت بها ساحة المعركة .
وكان من بين هؤلاء الفرسان رجل مغوار لايشق له غبار , أصاب من الأعداء خلقا كثيرا , فأعطاه أبو موسى الأشعرى رضى الله عنه نصيبه ولم يوفه , فأبى أن يأخذه إلا جميعه , لايترك منه خردلة , فضربه أبو موسى عشرين سوطا وحلق رأسه .
جمع الرجل شعره المتناثر على الأرض فى صرة , وذهب به إلى المدينة , فلما دخل على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه أخرج الرجل شعره من جيبه , فضرب به صدر عمر رضى الله عنه .
فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : مالك ؟
فذكر الرجل قصته , ثار بركان الغضب الراقد فى صدر أمير المؤمنين , فكتب إلى أبو موسى الأشعرى :
سلام عليك , أما بعد : فإن فلان بن فلان أخبرنى بكذا وكذا , وإنى أقسم عليك إن كنت فعلت مافعلت فى ملأ من الناس جلست له فى ملأ من الناس فاقتص منك , وإن كنت فعلت مافعلت فى خلاء فاقعد له فى خلاء فليقتص منك .
القصة السادسة والثلاثون
الملك الهارب
أعلن جبلة بن الأيهم ملك غسان إسلامه , ووفد على عمر بن الخطاب رضى الله عنه بأبهة الملك والسلطنة , فتلقاه بالترحيب , وأنزله منزلة عظيمة .
وبينما كان جبلة بن الأيهم يطوف يوما بالبيت الحرام , وطئ على إزاره المهيب أعرابى من بنى فزارة , فضربه على وجهه , فشكاه الأعرابى إلى أمير المؤمنين الذى استدعى جبلة .
وقال فى حزم وعدل : إما أن ترضيه و وإما ان يضربك كما ضربته .
استعظم ذلك على جبلة بن الأيهم , وتولى كبرا , وقال فى زهو : ألا تفرقوا بين الملك والسوقة ؟!!
قال عمر رضى الله عنه : لا ... قد جمع بينكما الإسلام .
قال جبلة : إذن أتنصر , فقال عمر رضى الله عنه : ضربت عنقك !!
فلما رأى جبلة حزم عمر رضى الله عنه , وصلابته , طلب منه فرصة إلى الغد , فأخذ قومة وفر هاربا تحت جنح الظلام إلى القسطنطينية ولحق بهرقل .
القصة السابعة والثلاثون
بشر صاحبك بغلام
أزاح أمير المؤمنين عن جسده رداء الليل , وراح يشق الظلام الحالك , وإذا به يسمع أنين إمرأة ينبعث من بيت من شعر لم يكن بالأمس .
دنا عمر رضى الله عنه فرأى رجلا يجلس القرفصاء أمام الباب فسلم عليه , ثم قال : من الرجل ؟
قال : رجل من أهل البادية جئت إلى أمير المؤمنين أصيب من فضله .
قال عمر رضى الله عنه : ماهذا الصوت الذى أسمعه فى البيت ؟
فقال الرجل : انطلق يرحمك الله لحاجتك .
قال عمر رضى الله عنه : على ذلك ... ماهذا الصوت ؟
فقال الرجل : امرأة تلد .
قال عمر رضى الله عنه : عندها أحد ؟
فقال الرجل : لا .
فنهض عمر رضى الله عنه مسرعا حتى أتى منزله , فقال لزوجته أم كلثوم بنت على رضى الله عنهما : هل لك فى أجر ساقه الله إليك ؟
قالت : ماهو ؟
قال : إمرأة غريبة تلد ليس عندها أحد .
قالت : نعم إن شئت .
قال : فخذى معك مايصلح المرأة لولادتها من الخرق والدهن وجيئينى بقدر شحم ودقيق , فجاءت به , وحمل عمر رضى الله عنه ذلك كله وقال لإمرأته : انطلقى ... فمشت خلفه حتى بلغا بيت الشعر .
فقال لها : ادخلى إلى المرأة .
وجاء حتى قعد إلى الرجل , وأشعل النار تحت القدر , وأخذ ينفخ والدخان يتخلل لحيته حتى أنضجها , وولدت المرأة , وصدح صوت الطفل .
فقالت أم كلثوم : ياأمير المؤمنين ... بشر صاحبك بغلام .
فلما سمع الأعرابى كلمة أمير المؤمنين , فشهق بشدة , وتنحى هيبة لعمر رضى الله عنه .
فقال له عمر رضى الله عنه : مكانك كما كنت .
وحمل القدر , ووضعها عند الباب , ثم قال : أشبعيها , ففعلت ثم أخرجت القدر فوضعتها على الباب , فقام عمر رضى الله عنه فأخذها فوضعها بين يدى الرجل وقال كل ... كل ... فإنك قد سهرت من الليل .
ثم قال عمر رضى الله عنه لأمرأته : اخرجى .
وقال للرجل : إذا كان غدا فأتنا نأمر لك بما يصلحك , ففعل الرجل , فأجازه وأعطاه .
القصة الثامنة والثلاثون
الشيخ التائب
ذات مساء , خرج الفاروق رضى الله عنه حاملا درته بين يديه يتبعه ابن مسعود رضى الله عنه , فإذا هو بضوء نار , فأتاه حتى دخل دارا , فإذا بشيخ اشتعل رأسه شيبا , جالس وبين يديه شراب وأمه تغنى , فلم يشعر حتى هجم عليه عمر رضى الله عنه .
فقال : ما رأيت كالليلة منظرا أقبح من شيخ ينتظر أجله !!
رفع الرجل رأسه قائلا : ياأمير المؤمنين إن ماصنعته أنت أقبح ! تجسست , وقد نهيت عن التجسس , ودخلت بغير إذن .
قال عمر رضى الله عنه : صدقت .
ثم خرج تجهش عيناه بالبكاء ويقول فى حزن : ثكلت عمر أمه , إن لم يغفر له ربه , كان يستخفى به من أهله , فيقول : الآن رآنى عمر فيتتابع فيه .
وهجر الشيخ مجلس عمر رضى الله عنه حينا , فبينما عمر رضى الله عنه جالس فى ثلة من الناس إذا بالرجل قد جاء شبه المستخفى حتى جلس فى أخريات المجلس , فرآه عمر رضى الله عنه .
قال : على بهذا الشيخ .
فأتى فقيل له : أجب أمير المؤمنين .
قام الرجل , وقد تساوره خوف من عمر رضى الله عنه , وأنه سيوقع به العذاب , بما رأى منه .
فقال عمر رضى الله عنه : أدنه منى , فما زال يدنيه حتى أجلسه إلى جنبه , والتقم أذنه هامسا : أما والذى بعث محمدا بالحق رسولا ماأخبرت أحدا من الناس بما رأيت منك , ولاابن مسعود فإنه كان معى .
قال الرجل فاغرا فاه : ياأمير المؤمنين أدن منى أذنك , فالتقم أذنه , ولا أنا والذى بعث محمدا بالحق رسولا ماعدت إليه حتى جلست مجلسى هذا .
فرفع عمر رضى الله عنه صوته يكبر , فما يدرى الناس من أى شئ يكبر .
القصة التاسعة والثلاثون
انطلق بنا إلى فلان
فقد عمر رضى اللع عنه رجلا كان يغشى مجلسه مدة , فخشى أن يكون قد أصابه مكروه , فقال لعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه : انطلق بنا إلى منزل فلان فننظر .
فأتيا منزل الرجل , ووجدا بابه مفتوحا , وهو جالس , وامرأته تصب له فى الإناء شرابا .
همس عمر لابن عوف رضى الله عنهما : هذا الذى شغله عنا .
قال ابن عوف رضى الله عنه : ومايدريك مافى الإناء ؟
قال عمر رضى الله عنه طاردا ماتسرب إليه من الوساوس : أتخاف أن يكون هذا هو التجسس ؟
قال ابن عوف رضى الله عنه مؤكدا : بل هو التجسس .
قال عمر رضى الله عنه : ومالتوبة من هذا ؟
قال ابن عوف رضى الله عنه : لاتعلمه بما اطلعت عليه من أمره , ولايكونن فى نفسك إلا خيرا .
ثم انصرفا من حيث قدما .
القصة الأربعون
عمر رضى الله عنه يتسور بيتا
فى ساعة متأخرة من الليل , اتدفع عمر بن الخطاب رضى اله عنه فى شعاب المدينة , يهتك الظلام بخطوات ثابتة , فسمع صوت رجل فى بيت يتغنى بكلمات ساقطة , فتسور عمر بن الخطاب رضى الله عنه البيت عليه .
وقال : ياعدو الله , أظننت أن الله يسترك وأنت فى معصية .
فقال الرجل : ياأمير المؤمنين لاتعجل على , إن كنت عصيت الله واحدة , فقد عصيت الله فى ثلاث :
تجسست وقد قال تعالى :" ولاتجسسوا " , وتسور ت على وقال الله تعالى :" وأتوا البيوت من أبوابها " , ودخلت بغير إذن وقال الله تعالى :" لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ".
قال عمر رضى الله عنه : فهل عندك من خير إن عفوت عنك ؟!
قال الرجل : نعم .
فعفا عنه وخرج وتركه .
القصة الحادية والأربعون
رجل تهتف به النساء
فى هاجرة الليل , سمع عمر بن الخطاب رضى الله عنه امرأة , وهى تهتف من خدرها :
هل من سبيل إلى خمر فأشربها أم هل سبيل إلى نصر بن حجـاج
إلى فتـى ماجـد الأعـراق مقتبـل سهـل المحيـا كريـم غيـر ملـجـاج
فقال عمر رضى الله عنه وقد بدت عليه علامات الغضب : لايكون معى رجل تهتف به النساء فى خدورهن , على بنصر بن حجاج .
وعندما قدم عليه نصر بن حجاج قص شعره , فخرجت وجنتان كأنهما شقتا قمر , وأمره عمر رضى الله عنه أن يطوق رأسه بعمامه , ففعل .
ثم قال له : لاتساكننى ببلد أنا فيه
فبعثه عمر رضى الله عنه إلى البصرة .
خشيت المرأة التى سمعها عمر رضى الله عنه على نفسها , فدست إليه أبياتا تقول فيها :
فبعث إليها عمر رضى الله عنه : قد بلغنى عنك خير , وإنى لم أخرجه من أجلك , ولكن بلغنى أنه يدخل على النساء , فلست آمنهن .
القصة الثانية والأربعون
ماذا تقول لربك ؟!
أطلق رجل حنجرته صائحا : ياأمير المؤمنين انطلق معى فأعدنى على فلان فإنه ظلمنى .
فرفع عمر رضى الله عنه الدرة فضرب بها رأس الرجل وقال : تدعون عمر وهو معرض لكم حتى إذا اشتغل بأمر من أمور المسلمين أتيتموه : أعدنى ... أعدنى .
وانصرف الرجل وهو يتذمر غيظا .
فقال عمر رضى الله عنه : على بالرجل .
فأعطاه الدره وقال له : امسك ... لتقتص منى .
قال الرجل : لا ولكن أدعها لله ولك .
فقال عمر رضى الله عنه : ليس كذلك , إما تدعها لله وإرادة ماعنده , أو تدعها لى فأعلم ذلك .
قال الرجل : أدعها لله .
فقال عمر رضى الله عنه : انصرف .
ثم ذهب عمر رضى الله عنه يمشى حتى دخل منزله , ونحن معه , فافتتح الصلاة , فصلى ركعتين و ثم جلس فقال :
يا ابن الخطاب ... كنت وضيعا فرفعك الله , وكنت ضالا فهداك الله , وكنت ذليلا فأعزك الله , ثم حملك على رقاب المسلمين فجاء رجل يستعديك فضربته , ماتقول لربك غدا إذا أتيته .
قال الأحنف رضى الله عنه : فجعل عمر يعاتب نفسه معاتبة ظننت أنه من خير أهل الأرض .
القصة الثالثة والأربعون
رسالة من عمر رضى الله عنه إلى نيل مصر
فى شهر بؤونة من الأشهر القبطية , اجتمع أهل مصر عند عمر و بن العاص رضى الله عنه وقالوا : أيها الأمير , إن لنيلنا هذا سنة لايجرى إلا بها .
فقال لهم : وماهى ؟!
قالوا : إنه إذا كان اثنتى عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها , فأرضيناها , وجعلنا عليها شيئا من الحلى والثياب أفضل مايكون , ثم ألقينا بها فى النيل .
بدت علامات الغضب الممزوج بالحزن على وجه عمرو بن العاص رضى الله عنه وقال : إن هذا لايكون فى الإسلام , فإن الإسلام يهدم ماقبله .
فأقام أهل مصر شهر بؤونة وأبيب ومسرى النيل لايجرى بقليل أو كثير من الماء , حتى هموا بالرحيل .
فكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنهما بذلك , فأرسل إليه عمر رضى الله عنه : قد أصبت , إن الإسلام يهدم ماقبله , وقد بعثت إليك ببطاقة , فالقها فى داخل النيل إذا أتاك كتابى .
ولما قدم الكتاب على عمرو بن العاص رضى الله عنه فتح البطاقة فإذا فيها :
من عبد الله , عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر
أما بعد : فإن كنت تجرى من قبلك فلا تجر , وإن كان الواحد القهار يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك .
فألقى عمرو بن العاص رضى الله عنه البطاقة فى النيل قبل يوم الصليب بيوم , وقد تهيأ أهل مصر للرحيل , فأصبحوا يوم الصليب وقد أجراه الله ستة عشرة ذراعا , وقطعت تلك السنة السوء عن أهل مصر .
الفصة الرابعة والأربعون
عمر رضى الله عنه يستغيث بأمير مصر
اختفت السحب من السماء , وابتلعت الأرض ماءها , وحاصر الجدب الجزيرة العربية , وضرب الفقر بأطنابه على المدينة , ومزق الجوع أفئدة الأطفال الرضع , وأكباد الشيوخ الرتع .
فكتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى عامله بمصر عمرو بن العاص رضى الله عنه :
من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاص بن العاص , سلام :
أما بعد : فلعمرى ياعمرو ماتبالى إذا شبعت أنت ومن معك أن أهلك أنا ومن معى , فياغوثاه , ثم ياغوثاه .
اضطرب عمرو بن العاص رضى الله عنه من رسالة أمير المؤمنين , وأحس بالأسف , ولم يهنأ بطعام ولاشراب حتى جهز الزاد والزواد للمسلمين فى شبه الجزيرة , ثم كتب إلى أمير المؤمنين :
لعبد الله عمر أمير المؤمنين من عمرو بن العاص أما بعد :
فيالبيك , ثم يالبيك , وقد بعثت إليك بعير أولها عندك وأخرها عندى , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
القصة الخامسة والأربعون
عمر وبعث أسامة رضى الله عنهما
لم يجاوز جيش أسامة بن زيد رضى الله عنه الخندق حتى ارتفع صوت الناعى فى سماء المدينة : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم .
توقف الجيش عن السير , وأقبل أسامة رضى الله عنه على عمر بن الخطاب رضى الله عنه قائلا : ارجع إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فاستأذنه , يأذن لى فليرجع الناس , فإن معى وجوههم وحدهم , ولا آمن على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأثقال المسلمين أن يتخطفهم المشركون .
وقالت الأنصار : فإن أبى إلا أن نمضى , فأبلغه عنا واطلب إليه أن يولى أمرنا رجلا أقدم سنا من أسامة .
خرج عمر بأمر أسامة , فأتى أبا بكر , فأخبره بما قال أسامة .
قال أبو بكر رضى الله عنه : لو اختطفتنى الكلاب والذئاب لم أرد قضاء قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال عمر رضى الله عنه : فإن الأنصار أمرونى أن أبلغك أنهم يطلبون إليك أن تولى أمرهم رجلا أقدم سنا من أسامة .
فوثب أبو بكر رضى الله عنه كالأسد الثائر , وكان جالسا , فأخذ بلحية عمر رضى الله عنه وصاح : ثكلتك أمك وعدمتك ياابن الخطاب ! استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأمرنى أن أنزعه ؟!
انصرف عمر رضى الله عنه يجر خلفه رداء الخجل , فلما أقبل على الأنصار قالوا له : ماصنعت ؟!
فقال عمر رضى الله عنه : امضوا ثكلتكم أمهاتكم , مالقيت فى سبيلكم اليوم من خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم !.
القصة السادسة والأربعون
سراقة يلبس تاج كسرى
لبس سراقة بن مالك درعه , وتوشح سيفه , وامتطى صهوة فرسه , واندفع ينهب الأرض بحثا عن النبى صلى الله عليه وسلم , ولكنه مالبث أن عثر عليه , وعندما أبصرت عينه معجزاته صلى الله عليه وسلم .
قال : والله يامحمد إنى لأعلم أنه سيظهر دينك , ويعلو أمرك فعاهدنى إذا أتيتك فى ملكى أن تكرمنى , وأكتب لى بذلك .
فأمر النبى صلى الله عليه وسلم الصديق رضى الله عنه , فكتب له على لوح عظيم .
وقال له النبى صلى الله عليه وسلم : كيف بك ياسراقة إذا لبست سوارى كسرى ؟!
ثم أسلم سراقة وقدم المدينة على النبى صلى الله عليه وسلم , ودارت الأيام دورتها , وانتصر المسلمون فى القادسية , وحملت الغنائم إلى المدينة , وكان من بينها تاج كسرى , وثيابه المنسوجة بخيوط الذهب , وثيابه المنظوم بالجواهر , وسواره اللذان لم تر العين مثلهما قط .
فصاح عمر رضى الله عنه : أين سراقة بن مالك ؟!
فأتى إليه وألبسه قميص كسرى وسواريه , وقلده سيفه , ووضع على رأسه تاجه , وأخذ يتبختر بهم , والدموع تسيل من عينيه , ولسان حاله يقول : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم رفع عمر رضى الله عنه رأسه إلى السماء قائلا : اللهم إنك منعت هذاالمال رسولك , وكان أحب إليك منى وأكرم , ومنعته أبو بكر وكان أحب إليك منى وأكرم , وأعطيتنيه , فأعوذ بك أن تكون قد أعطيتن
مواضيع مماثلة
» بعض قصص عن الفاروق عمر رضى الله عنه 3
» الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه وارضاه...
» عمر الفاروق الخليفة الثاني لرسول الله الشيخ محمود الشال
» عمر الفاروق والمراه ام الصبيان
» الفاروق عمر
» الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه وارضاه...
» عمر الفاروق الخليفة الثاني لرسول الله الشيخ محمود الشال
» عمر الفاروق والمراه ام الصبيان
» الفاروق عمر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin