بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 16 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 16 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
جملة من الأحكام المتعلقة بقضاء الصوم .2
صفحة 1 من اصل 1
جملة من الأحكام المتعلقة بقضاء الصوم .2
قال بعض العلماء : فمن شؤم الخصام والخلاف أن الله رفع هذا الخير العظيم عن الأمة .
وأما الأمر الثالث : فهذا الحديث وهو كونه تعرض الأعمال على الله في كل اثنين وخميس فلا يغفر للإنسان إذا كان قاطعاً لأخيه ، وأما بالنسبة لصيام الإثنين والخميس فمندوب إليه ومفضّل لمكان عرض الأعمال على الله-U- ، قال-عليه الصلاة والسلام- : (( فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم )) أي والحال أني صائم ، قال بعض العلماء : لأنه إذا عُرِضَ العمل وهو صائم فهو مظنة أن يُرحم العبد وأن يتجاوز الله-U- عن إساءته وأن يتقبل ما كان من طاعته فيحصل على الخيرين فإن كان عبداً طائعاً فهو أحرى أن يتقبل الله طاعته والقبول هو خير ما يطلبه الإنسان من ربه إذا عمل العمل ، وأما إن مسيئاً فيكون مظنة أن يرحمه الله-U- ويغفر له .
قوله [ وست من شوال ] : أي يندب له صيام ست من شوال لأن النبي-r- قال كما في الصحيح : (( من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كمن صام الدهر )) والست من شوال يستوي أن تقع مرتبة أو تقع متفرقة ، ويجزئه أن يصوم الإثنين والخميس ينوي بها الست من شوال ، وينوي بها أن يعرض عمله وهو صائم فيحصل على الفضيلتين ، لأن المقصود من صيام الإثنين والخميس أن يعرض العمل والعبد صائم وهذا يقع في حالة نيته كونها عن ست من شوال ، وتقع الست من شوال إذا كان الإنسان عليه قضاء من رمضان فلو أخر قضاء رمضان ولم يصمه وصام ستاً من شوال قبل فإنه يجزئه ، ويحصّل هذه الفضيلة والخير ؛ لأن قوله-عليه الصلاة والسلام- : (( من صام رمضان )) خرج مخرج الغالب يعني على الأصل من صيامه أو يقال : إن قوله : (( من صام رمضان )) يشمل صيام رمضان بعينه وصيام القضاء ، وقال بعض العلماء - كما هو مذهب طائفة من الحنابلة ، والشافعية - لا تجزيء أن يصوم الست قبل صيام رمضان وذلك لأنه لم يصم رمضان ولأنه لا يتأتى منه أن يتنفل وعليه فريضة ، والصحيح أنه يجزئ أن يصوم ستاً من شوال قبل القضاء لأن قوله : (( من صام رمضان )) لو أخذ بظاهره لم يدخل النساء في هذه الفضيلة ؛ لأن المرأة لابد وأن يأتيها العذر أثناء رمضان ، فلابد وأن يكون عليها قضاء ، فإذا قيل إنها إذا صامت بعد انتهاء يوم العيد صامت قضاءها ثم صامت الست إنها قد صامت رمضان وحينئذٍ يحصل لها الفضل نقول يستوي أن تصوم من شعبان أو تصوم من غيره ، ويكون قوله-عليه الصلاة والسلام- : (( من صام رمضان )) على غير ظاهره ؛ وإنما المراد أن يجمع العدد وهو ست وثلاثون ، فإذا كان الإنسان قد صام ستاً وثلاثين من رمضان يستوي أن تكون أصلاً أو قضاءً وستاً من شوال فحينئذٍ يكون محصلاً لهذه الفضيلة سواء سبق القضاء أو تأخر ، ومن الأدلة على ذلك أنه لو قيل بأنه لابد من تقدم القضاء فإن المرأة النفساء يأتيها النفاس ويستمر معها شهر رمضان كله وقد يستمر معها خمسة وعشرين يوماً مثلاً فكيف ستصوم ستاً من شوال ؟
لا يتأتى لها بحال أن تصيب هذا الفضل ، فعلمنا أن المراد من ذلك إنما هو المبادرة بالخير بصيام رمضان أصلاً أو قضاءً ، ويستوي في ذلك أن يكون قضاؤه من شوال أو يكون قضاؤه من غير شوال ، أما كونه يتنفل وعليه فرض فهذا لا إشكال فيه ؛ لأن الفرض إذا كان موسعاً فإنه لا حرج أن يتنفل صاحبه بدليل ما لو أذن على الإنسان أذان الظهر فإنه يصلي الراتبة القبلية مع أنه مخاطب بالفرض ، قالوا لأن الوقت واسع وقضاء رمضان وقته واسع كما ثبتت بذلك السُّنة الصحيحة في حديث أم المؤمنين عائشة : " إن كان يكون عليّ الصوم من رمضان فلا أقضيه إلا في شعبان لمكان رسول الله-r- مني " والإجماع على هذا ، وبناءً على ذلك فلا حرج أن يصوم القضاء بعد صيام الست ، وحديث عائشة : " إن كان يكون علي الصوم من رمضان فلا أقضيه إلا في شعبان " يدل دلالة واضحة على أنها كانت تتنفل قبل الفريضة ، ولذلك كانت تصوم الست لأن النبي-r- كان يندب إليها والغالب أنها كانت تصوم ، وثبت عنها في الرواية أنها صامت يوم عرفة ، وعلى هذا فإن الصحيح والأقوى أنه يجوز أن يؤخر القضاء إلى ما بعد الست لكن الأفضل والأكمل للإنسان أن يقدم قضاء رمضان ثم يصوم الست من بعد ذلك ، وهذا أكمل من عدة وجوه بغض النظر عن كونه خروجاً من الخلاف فإنه أفضل لما فيه من المعاجلة والمبادرة بإبراء الذمة وذلك مندوب إليه شرعاً .
صيام ست من شوال مندوب إليه خلافاً للمالكية الذين يشددون في صيام ست من شوال وأُثر عن الإمام مالك أنه كره صيام الست من شوال ، وللعلماء خلاف في سبب كراهية هذا الإمام لصيام الست فقيل إن الناس كانوا بمجرد فطرهم بعد يوم العيد يبتدئون صيام الست كما يفعله البعض الآن فأصبح الناس في أيام العيد يضيقون على أنفسهم مع أنها أيام عيد ، ولذلك كره هذه المبادرة والمعاجلة بصيام الست بمجرد انتهاء يوم العيد .
وقال بعضهم : إنما كره متابعتها بعد العيد حتى لا يُظن أنها من رمضان فيأتي زمان يعتقد الناس أنها كالفرض والواجب فكان من باب سد الذرائع ومن أصول مالك-رحمة الله عليه- التي بنى عليه مذهبه القول بسد الذرائع ، فكان يقول بالمنع من الصيام على هذا الوجه سداً للذريعة ، وقيل إنه كان يكره تتابعها ، وهي أن يصومها ستاً سرداً وراء بعضها حتى لا يعتقد أن ذلك فرض ، والصحيح أنه يُشرع أن يصوم ستاً من شوال سواء أوقعها متتابعة أو أوقعها بعد يوم العيد ، أو فرقها لأن السنة أطلقت ، لكن الأفضل الذي تطمئن إليه النفس أن الإنسان يترك أيام العيد للفرح والسرور ، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي-r- أنه نهى عن صيام منى نهى عن صومها للحجاج وقال : (( إنها أيام أكل وشرب )) كما جاء في حديث عبدالله بن حذافة (( فلا تصوموها )) فإذا كانت أيام منى الثلاثة لقربها من يوم العيد أخذت هذا الحكم فإن أيام الفطر لا تبعد إذا كانت قريبة ، ولذلك تجد الناس يتضايقون إذا زارهم الإنسان في أيام العيد فعرضوا عليه ضيافتهم وأحبوا أن يصيب من طعامهم وضيافتهم فقال : إني صائم ، وقد جاء عنه-عليه الصلاة والسلام- أنه لما دعاه الأنصاري لإصابة طعامه ومعه بعض أصحابه فقال : فتنحى عن القوم وقال إني صائم - أي نافلة - فقال له النبي-r- : (( إن أخاك قد تكلّف لك فأفطر وصم غيره )) فالخواطر تنكسر فحينما يدخل الضيف في أيام العيد خاصة في اليوم الثاني والثالث الأيام القريبة من العيد فإن الإنسان يأنس ويرتاح إذا رأى ضيفه يصيب من ضيافته ، فهذا في النفس منه شيء كونه يبادر مباشرة في اليوم الثاني والثالث بالصيام فهذا لا يخلو من نظر ، لكن الأفضل والأكمل أن الإنسان يطيّب خواطر الناس وقد تقع في هذا اليوم الثاني والثالث بعض الولائم للقرابة وقد يكون قريباً له حق على الإنسان كأعمامه وأخواله وقد يكون هناك ضيف عليهم فيحبون أن يكون الإنسان موجوداً يشاركهم في ضيافتهم ، فمثل هذه الأمور من مراعاة صلة الرحم وإدخال السرور على القرابة لا شك أن فيها فضيلة أفضل من النافلة والقاعدة : " أنه إذا تعارضت الفضيلتان المتساويتان - فضلاً عن أن صلة الرحم لاشك أنها من أفضل القربات وأجلها وأحبها إلى الله-U- وكانت إحداهما يمكن تداركها في وقت غير الوقت الذي تزاحم فيه الأخرى أُخرت التي يمكن تداركها " ، فصيام ست من شوال وسّع الشرع فيه على العباد وجعله مطلقاً من شوال كله ، فأي شوال يجزئ ما عدا يوم العيد ، وبناءً على ذلك لا وجه أن الإنسان يضيق على نفسه في صلة رحمه وإدخال السرور على قرابته ومن يزورهم في يوم العيد فيؤخر هذه الست إلى ما بعد اليوم الثالث أو الأيام القريبة من العيد لأن الناس تحتاجها لإدخال السرور وإكرام الضيف ، ولا شك أن مراعاة ذلك لا يخلو الإنسان فيه من حصول الأجر الذي قد يفوق بعض الطاعات كما لا يخفى .
قوله [ وشهر المحرم ] : لأن النبي-r- ندب إلى صيام شهر الله المحرم وهو أول الشهور من السنة القمرية وهو شهر الله المحرم ، لأن النبي-r- بين أن أفضل الصوم بعد شهر رمضان صوم شهر الله المحرم ، والأفضل أن يستكثر من الصيام من شهر محرم وأفضله يوم عاشوراء كما سينبه عليه المصنف-رحمة الله عليه- .
قال العلماء : إن هذا الشهر اختص بفضيلة ، ولذلك يحرص الإنسان على صيامه وهو من الأشهر الحرم ، والأشهر الحرم ثلاث منها سرد وهي ذو القعدة وذو الحجة وشهر الله المحرم ، وواحد فرد وهو رجب كما ثبت ذلك عن النبي-r- في خطبته يوم حجة الوداع .
قوله : [ وآكده العاشر ثم التاسع ] : آكد صيام شهر الله المحرم أن يصوم اليوم العاشر ( عاشوراء ) فيوم عاشوراء هو أفضل وهو اليوم الذي نجى الله فيه موسى من فرعون كما ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي-r- لما قدم المدينة وجد اليهود تصوم يوم عاشوراء فسأل عن ذلك فقالوا : إنه يوم نجى الله فيه موسى من فرعون فقال-r- : (( نحن أولى بموسى منكم )) فصامه وأمر بصيامه ، وللعلماء في عاشوراء قولان :
القول الأول يقول : إن يوم عاشوراء كان فريضة في أول الأمر ثم نسخ برمضان .
والقول الثاني يقول : لم يكن فريضة وإنما كان سنة .
والصحيح القول الأول أنه كان فريضة ثم نسخت فرضيته برمضان وأصبح مستحباً .
والدليل على ذلك : أن النبي-r- أمر الصحابة فقال : (( هذا يوم كتب الله عليكم صيامه فمن أصبح منكم صائماً فليتم صومه ومن أصبح منكم مفطراً فليمسك بقية يومه )) فهذا حديث صريح في الدلالة على أنه كان فريضة ، وهذا في السنة الأولى من الهجرة ، وفي السنة الثانية نزلت فرضية شهر رمضان فنسخت فرضية صيام عاشوراء وبقي صوم يوم عاشوراء على الندب والاستحباب لا على الحتم والإيجاب ، وصيام عاشوراء من شكر الله-U- على نعمته فصامه-عليه الصلاة والسلام- شكراً لله-U- لأن الله-U- دمغ فيه الباطل ونصر فيه الحق وأظهر فيه أولياءه وكبت فيه أعداءه فهو شكر لله-U- على عظيم نعمته وجزيل منته ، والمسلم يفرح بما يصيب إخوانه المسلمين من الخير والنعمة وتصيبه الغبطة بذلك وهذا يدل على أن الأنبياء كانوا كالأمة الواحدة وأن فرحه-عليه الصلاة والسلام- إنما هو تبع لفرح نبي الله وكَليِمه موسى-عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام- ، ثم لما صام عاشوراء بعد ذلك قال-عليه الصلاة والسلام- : (( لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع )) أي لأصومن التاسع مع العاشر ؛ لأن الأصل بقاء العاشر ولم ينص على رفع العاشر فقال : (( لأصومن التاسع )) بلفظ محتمل أن يصوم التاسع وحده أو يصوم التاسع والعاشر فبقي ما كان على ما كان ، فلما كانت النصوص تنص على العاشر وتبين فضيلة العاشر وأن صومه يكفّر السنة الماضية كما جاء الخبر بذلك عن النبي-r- بقي العاشر كما هو ، فصار قوله : (( لأصومن التاسع )) أي لأصومن التاسع مع العاشر مخالفة لليهود ، وذلك أنه-عليه الصلاة والسلام- كان في أول الأمر يحب موافقة أهل الكتاب خاصة حينما كان بمكة لأن أهل الكتاب كانوا أهل دين سماوي ، وكان المشركون على الوثنية ، فكان يحب موافقة أهل الكتاب لإغاظة أهل الشرك والوثنية ، فلما انتقل إلى المدينة كان اليهود يؤذون رسول الله-r- ويزعمون أنه يأخذ من دينهم فأصبحت الموافقة هنا محظورة وقصد-عليه الصلاة والسلام- مخالفتهم ومن ذلك قوله : (( لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع )) أي لأصومن التاسع والعاشر مخالفة لليهود .
قوله [ وتسع من ذي الحجة ] : أي يندب صيام التسعة الأيام ، اليوم الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع من أول شهر ذي الحجة وأما اليوم العاشر فهو يوم عيد النحر ، وبالإجماع لا يجوز صومه ؛ لأن النبي-r- نهى عن صوم يومين : يوم عيد الفطر ، ويوم عيد الأضحى وهما يوم ضيافة من الله-I- وكرامة ولذلك لا يصومهما المؤمن ؛ وإنما يفطر فيهما ، ويجب الفطر فيهما حتى ولو كان الإنسان يصوم صيام كفارة ، ككفارة القتل ، فلو صام صيام كفارة القتل فابتدأ صيامه بشهر ذي القعدة وأتم شهر ذي القعدة ، ثم شرع في شهر ذي الحجة فإنه إذا كان يوم النحر وهو يوم العيد اليوم العاشر وجب عليه الفطر ولا يقطع ذلك تتابع صيامه ، فيصوم التسعة الأيام الأول من شهر ذي الحجة وما ورد عن أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- من النفي لا يقتضي عدم السنية للصوم ؛ لأن النبي-r- قال كما في الحديث الصحيح (( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله-U- من عشر من ذي الحجة )) ، قالوا : - يا رسول الله - ولا الجهاد في سبيل الله ؟ ، قال : (( ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع بشيء من ذلك )) فدل هذا الحديث على فضيلة العمل الصالح المطلق في العشر ، ولم يفرق-صلوات الله وسلامه عليه- بين الصوم ولا غيره ، والأصل أن العام يبقى على عمومه حتى يرد ما يخصصه ، وما ورد عن أم المؤمنين من نفي صومه للعشر من ذي الحجة فهذا مبلغ علمها ، وأياً ما كان لا يبعد أن النبي-r- يترك صيام الشيء مع سنيته وفضيلته ، ألا تُراه-عليه الصلاة والسلام- فضل صيام نبي الله داود ولم يكن يصوم يوماً ويفطر يوماً فندب إلى ذلك بالقول ، فنقول صيام تسع من ذي الحجة مندوب إليه بالقول لا يفتقر إلى دلالة الفعل ، فنفي وجود الصوم منه-عليه الصلاة والسلام- لتسع دلالة النفي لا تقتضي عدم الوجود فهو مبلغ علم ؛ ولأنه-عليه الصلاة والسلام- إن لم يكن يصمها فقد دل على فضيلة صيامها بالقول فلم يفتقر ذلك إلى وقوع الفعل منه كصيام يوم وإفطار يوم ندب إلى ذلك وفضله وجعله من أفضل الصيام وأحبه إلى الله-U- وهو صيام نبي الله داود صيام يوم وإفطار يوم ومع ذلك لم يكن يفعل ذلك-عليه الصلاة والسلام- ، ولأنه-عليه الصلاة والسلام- كان يحب أن يفعل العمل ويتركه خشية أن يفترض على الأمة كما ثبت في الحديث الصحيح عنه عن أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها وأرضاها- ، وعلى هذا فإنه لا يكره صيام تسع من ذي الحجة بل من الأفضل صيامها وإذا كان يوم النحر فإنه يجب فطره ولا يجوز صومه .
قوله [ ويوم عرفة لغير حاج بها ] : ويسن صيام يوم عرفة لغير حاج بها أي أن فضيلة صيام يوم عرفة ثبتت بها السُّنة عن النبي-r- ومن صام يوم عرفة فإنه يكفر السنة الماضية والسنة الباقية قال : (( أحتسب عند الله أن يكفر السنة الماضية والسنة الباقية )) ولكن الحاج الأفضل له أن يفطر ؛ لأن النبي-r- شرب قدح اللبن وهو واقف بعرفة-صلوات الله وسلامه عليه- ، وذلك لما اختصم الصحابة هل هو صائم أو مفطر فبُعث إليه بقدح من لبن فشربه-r- وهو قائم يدعو عشية عرفة ، فدل هذا على أن السُّنة والأفضل والأكمل أن لا يصوم ، وقد جاء عن أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- أنها كانت تصوم يوم عرفة ولكن الأفضل كما روى مالك في الموطأ : " كانت تصوم يوم عرفة حتى إذا أبيض ما بينها وبين الحاج - يعني دفع الناس من عرفة وأفاضوا - دعت بفطورها فأفطرت " ، ولا شك أن الأفضل والسنة والأكمل أن لا يصوم يوم عرفة ؛ والسبب في ذلك أنه إذا صام يوم عرفة فإنه يضعف عن الدعاء ويضعف عن الذكر وتأتي ساعات العشي وهي أفضل ما في الموقف والإنسان منهك ، وقد يشتغل بتهيئة فطوره قبل غروب الشمس وهذا الوقت وقت دعاء ووقت ابتهال ومناجاة لله-U- ، ولذلك التقوي بالفطر أفضـل ؛ لأنه يحقق المقصود من النسك من إصابة الدعاء ورجاء الإجابة في مثل هذا الموقف ، ومن هنا كانت سنة النبي-r- على الفطر ولذلك أفطر ، ومن هنا قال العلماء الأفضل أن يحج الإنسان راكباً مع أن الحج ماشياً أكثر مشقة وأكثر تعباً والأصول تقتضي أنه أعظم أجراً لكنهم قالوا : الأفضل أن يكون راكباً لأنه إذا كان راكباً قوي على العبادة وتأسى بالنبي-r- .
قوله [ وأفضله صوم يوم وفطر يوم ] : وأفضل صيام التطوع صوم يوم وفطر يوم وبذلك ثبتت السُّنة الصحيحة كما في الصحيح عنه-عليه الصلاة والسلام- أنه قال : (( أحب الصيام إلى الله صيام نبي الله داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً )) ، وهذا أقصى ما يكون من صيام النافلة ، ولا أفضل من هذا الصيام ، أي لا يشرع أن يصوم الأيام كلها ، ولذلك قال : (( لا صام من صام الأبد )) ولا يجوز صيام الدهر ؛ لأن النبي-r- نهى عن ذلك ؛ وإنما يصوم الإنسان يوماً ويفطر يوماً ، وهذا يدل على سماحة هذا الدين ويسره وأنه لا خير في التنطع والتشدد في العبادات ، ولذلك لما قال الرجل : أما أنا فأصوم ولا أفطر قال-عليه الصلاة والسلام- : (( هلك المتنطعون )) فلا يجوز أن يصوم ويسرد الصوم ؛ وإنما يصوم يوماً ويفطر يوماً وهو أقصى ما يؤذن فيه في صيام التطوع ؛ لأن عبدالله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما- لما سأل النبي-r- أنه يطيق أكثر من صيام يوم وإفطار يوم قال -عليه الصلاة والسلام- : (( لا أفضل من هذا )) فأمره أن يقتصر على هذه الفضيلة التي هي غاية الصوم وهي أن يصوم ويوماً ويفطر يوماً ، ويستوي في ذلك أن يوافق يوم الإثنين أو لا يوافقه ، فإذا كان الإنسان يريد أن يصوم يوماً ويفطر يوماً فإنه يمسك ذلك ويسير عليه سواء وافق الإثنين والخميس أو خالفه لأنه يحصل أعلى المراتب في الصيام ، ولذلك يقولون : يغتفر ما دونها من الفضائل ، وتصبح مندرجة تحت هذا الصوم تحقيقاً لفضيلة الشرع ، لأنه لو أدخل الإثنين كان يكون صائماً يوم الأحد ومفطراً يوم الإثنين وصائماً يوم الثلاثاء فحينئذٍ لو صام الأحد ، ثم أتبعه بالإثنين حينئذٍ تفوته فضيلة هي أكمل من صيام الإثنين فقالوا : الأفضل أن يصوم يوماً ويفطر يوماً ، وإذا صام الإثنين كأنه صام الأبد لأنه يعتبر كأنه سرد الصوم وهذا هو الأفضل .
وقال بعض العلماء : يجمع بين الفضيلتين فيصوم يوماً ويفطر يوماً ويصوم الإثنين والخميس إن لم يوافقهما الصيام وهذا له وجهه أعني القول الثاني أن له وجهاً ، فلو صام يوماً وأفطر يوماً وصام الإثنين والخميس فلا حرج عليه كما لو لم يوافق صومه يوم عرفة ويوم عاشوراء فإنهم يقولون يصوم ذلك اليوم ولا حرج عليه .
قوله [ ويكـره إفراد رجب ] : كان شهر رجب تعظمه العرب في الجاهلية ، ولذلك بقيت هذه العادة في الإسلام ، ونُهي عن إفراد رجب وتخصيصه بالعبادات ، وكان عمر-t وأرضاه- يضرب على أيدي المترجبين - أي الذين يفضلون شهر رجب - ويخصونه بالصيام ويلزمهم بالفطر وكان-t- شديداً عليهم في ذلك ، وحُق له إحياءً للسُّنة وإماتة للبدعة فلم يكن-عليه الصلاة والسلام- يخص رجباً بفضائل وتوسع الناس في ذلك حتى فضلوا هذا الشهر على غيره من الشهور ولا شك أنه شهر حرام ومن الأشهر الحرم ولكن لا يُخص بالعبادات ولا يخص بالأذكار ولا يخص بالصلوات ولا يعتقد في أيامه ولا في لياليه لأنه لم تثبت بذلك نصوص صحيحة لا في الكتاب ولا في السنة ، والأحاديث التي وردت في تخصيص شهر رجب بالصيام والقيام والفضائل في منتصفه وفي ليلة سبع وعشرين كلها من الأحاديث الضعيفة بل المكذوبة والموضوعة على رسول الله-r- والتي لا يجوز لمسلم أن يعتقد نسبتها إلى رسول الله-r- فضلاً عن أن يتدين ويتقرب إلى الله-U- بها ، فلا يجوز له أن يفرد شهر رجب بالصيام لكن لو صام فيه الإثنين والخميس وحصّل الأيام البيض فلا حرج لأن هذا في رجب وغيره على حدٍ سواء .
قوله [ والجمعة ] : وكذلك الجمعة لا يجوز إفرادها بصوم لأن النبي-r- لما دخل على أم المؤمنين وهي صائمة سألها هل صامت الخميس قالت لا قال : (( وهل تريدين أن تصومي الغد ؟ )) قالت : لا قال : (( فأفطري )) فأمرها بالفطر وهذا يدل على حرمة تخصيص يوم الجمعة بصيام ولا يشرع تخصيص يوم الجمعة بالصيام لأن هذا يؤدي إلى الغلو فيه .
وقال بعض العلماء : بل النهي لأن يوم الجمعة يوم فيه الصلاة فإذا صام ضعف عن الصلاة ، والأقوى أن العلة هي الاعتقاد في اليوم والمبالغة فيه بدليل أنه لو كان من أجل الجمعة لكان مشروعاً للنساء لأنه لا جمعة عليهن ، وبناءً على ذلك فالذي يقوى ويترجح أن العلة هي الغلو في اليوم وهو يوم عيد للمسلمين وهو أفضل أيام الأسبوع كما لا يخفى ، وبعض العلماء يقول : إن العلة كونه عيداً والعيد لا يصام لكن ما ذكرناه من خوف الغلو في هذا اليوم هو الأولى والأحرى ، وإذا كان نذر صوم يوم من الشهر كالخامس عشر والثاني عشر والثالث عشر ووافق نذره يوم الجمعة جاز له لأنه فرض وهكذا إذا صام يوماً قبله وهو يوم الخميس أو يوماً بعده وهو يوم السبت وهذا يدل على أنه لا حرج عليه .
قوله [ والسبت ] : وكذلك يحرم أن يَخصُ السبت بصوم وذلك لأن اليهود تعظم هذا اليوم ، فإذا صام يوم السبت كما لو قصد الجمعة ؛ لأنه إذا حُظر علينا أن نصوم يوم الجمعة وهو يوم عيدنا ، كذلك يحظر علينا أن نخص يوم السبت بصيام لما فيه من معنى التعظيم كما ذكرنا في الجمعة ، لكن لو أن يوم السبت وافق يوماً من الأيام البيض فإنه يشرع صيامه وهكذا لو صام الجمعة وأحب أن يصوم معها السبت فلا حرج عليه ، لأن النصوص صحيحة في الدلالة على ذلك ، وأما نهيه-عليه الصلاة والسلام- في قوله : (( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم )) فهو حديث تكلم العلماء على سنده وفيه اضطراب والعمل عند جمع من أهل العلم على ضعفه لقوة الاضطراب فيه لكن على القول بتحسينه وثبوته أنه حسن فإن القاعدة : " أن الحديث الحسن لا يُعارض ما هو أصح منه " والأدلة صحيحة صريحة في صيام عاشوراء وصيام يوم عرفة وهي ثابتة في الصحيحين ، ولا شك أن الحديث الحسن لا يرتقي إلى معارضة الحديث الثابت الصحيح ، كما قال بعض الفضلاء في الحديث الحسن :
وهو في الحجة كالصحيح ودونه إن صير للترجيح
فإذا جئنا ننظر إلى قوله : (( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم )) نظرنا إليه مع أمره-عليه الصلاة والسلام- بصيام يوم عاشوراء وندبه إلى صيام يوم عرفة فإننا نرى أن هذه النصوص أقوى وأسعد وأوفق للسُّنة ، وأما المبالغة في النهي إلى درجة أن البعض منع بعض الناس في الأعوام الماضية أن يصوم يوم عرفة لأنه وافق السبت لأن النبي-r- نهى عن ذلك فهذا ضعيف ؛ لأنه تقديم للحديث المختلف في إسناده على الأحاديث التي هي أصح وأثبت إضافة إلى أن عمل جماهير السلف-رحمة الله عليهم- من الأمة والعلماء والأجلاء على أنه لا حرج في صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء ولو وافقت يوم السبت ذلك أحدٌ منهم إذا وافقت يوم السبت ولم ينص على المنع منه ، إضافة إلى أن السُّنة لم تنص على ذلك فإن النبي-r- قال : (( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً )) ومن المعلوم أن صوم عرفة وعاشوراء قد يوافق السبت فقد ندب إلى صيامهما ولم يقل إلا أن يوافق السبت ، وهو-عليه الصلاة والسلام- أرعى لحرمات الله ، ومذهب بعض المحدثين وأئمة أهل الحديث كأبي داود وغيره أن النهي عن صيام يوم السبت منسوخ وقد أشار إلى ذلك بعد روايته للحديث ، أشار إلى أنه كان أول الأمر ثم نسخ ذلك وحينئذٍ لا إشكال ولا يعتبر معارضاً لما هو أصح وأثبت .
قوله [ والشك ] : المراد بذلك يوم الشك وهو اليوم الثلاثين لأنه يشك فيه هل هو من رمضان أو ليس من رمضان وقد ذكرنا هذه المسألة وبينا ما ثبت عن النبي-r- من الأحاديث الصحيحة كحديث عبدالله بن عمر أن النبي-r- قال : (( لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين )) وفي الحديث الصحيح : " من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم-r- " وبينا خلاف العلماء-رحمة الله عليهم- في مسألة صيام يوم الشك ، وأشار المصنف إلى هذه المسألة هنا لأن صيام يوم الشك يكون على سبيل النافلة في حالة تحقق أنه من شعبان وليس من رمضان .
قوله [ وعيد الكفار ] : أي ولا يجوز صوم يوم عيد الكفار ؛ لأنه تعظيم لأعيادهم ، ولا يجوز للمسلم أن يشابه الكفار في تعظيمهم لأيام أعيادهم .
قوله [ ويحرم صوم العيدين ولو في فرض ] : ويحرم على المسلم أن يصوم يومي العيد ، والمراد بذلك يوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى وذلك لأنهما يوم ضيافة من الله-I- فيوم عيد الفطر يفطر الناس فيه من الصوم ، ويوم عيد الأضحى فإن المسلم يأكل من أضحيته التي تقرب فيها لله-I- ، ويحرم عليه أن يصوم يوم النحر ويوم الفطر ولو كان في صيام فرض ، فلو كان عليه كفارة قتل فصام شهر شعبان كاملاً ثم صام رمضان ثم أراد أن يستتم الشهر الثاني بشوال فإنه يفطر يوم العيد ثم يصوم اليوم الثاني من العيد ويُتبع صيامه بعد ذلك ، وعلى هذا فلو نذر وقال : لله علي أن أصوم يوم عيد الفطر أو يوم عيد النحر فإنه لا يصوم اليومين ؛ لأنه معصية وقد نهى النبي-r- عن صوم هذين اليومين .
قوله [ وصيام أيام التشريق إلا عن دم متعة وقران ] : ولا يصام أيام التشريق كما في حديث عبدالله بن حذافة-t- أن النبي-r- أمره أن ينادي : " إن أيام منى أيام أكل وشرب " وفي رواية " وبعال " فهي أيام أكل وشرب فلا يصومها الإنسان وإنما يفطر فيها إلا الحاج إذا كان لم يجد دم المتعة ولا دم القران فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله ، فالثلاث الأيام من الحج يصومها إذا أحرم بحجه في اليوم السادس مثلاً أن يصوم اليوم السادس والسابع والثامن فإذا لم يتيسر له ذلك فإنه يصوم أيام التشريق ويشمل ذلك اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر .
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحمَـْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَميْنَ وصلَّى اللَّهُ وسلَّم وبارك على عبده ونبيّه محمد وعلى آله وصحبه أجمعيــــــــــن .
[/size]
مواضيع مماثلة
» جملة من الأحكام المتعلقة بقضاء الصوم .
» الخبر جملة اسمية
» الاحكام المتعلقة بالصلاة)
» الاحكام المتعلقة بالصلاة
» تابع الاحكام المتعلقة بالصلاة...
» الخبر جملة اسمية
» الاحكام المتعلقة بالصلاة)
» الاحكام المتعلقة بالصلاة
» تابع الاحكام المتعلقة بالصلاة...
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin