بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 24 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 24 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
الشبهات الضالة التي أثارها أعداء الإسلام القول برد السنة مطلقاً
صفحة 1 من اصل 1
الشبهات الضالة التي أثارها أعداء الإسلام القول برد السنة مطلقاً
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
فمن الدعاوى الباطلة والشبهات الضالة التي أثارها أعداء الإسلام القول برد السنة مطلقاً، وأن القرآن يكفي وحده ولا حاجة إلى السنة، والغرض من هذه الدعوة الضالة الخبيثة هدم الشريعة وتقويض الإسلام، فالسنة هي المفسرة والمبينة للقرآن، فالطعن فيها طعن في القرآن وترك للعمل بنصوصه التي تحتاج إلى بيان، وكان بداية هذه الدعوة الخبيثة والانحراف الخطير في أواخر عهد الصحابة رضي الله عنهم، ثم تطور مع الزمن حتى جاء الاستعمار الغربي وذلك عبر طلائعه من المبشرين والمستشرقين وأتباعهم من أشباه العلماء وأبواق الاستعمار الذين قصدوا القضاء على الإسلام وهدم الشريعة، فأحيوا ما اندثر من هذه البدع والآراء المنحرفة، وقد تصدى الصحابة رضي الله عنهم لهذا الانحراف، فعن الحسن البصري أن عمران بن حصين رضي الله عنه كان جالساًً ومعه أصحابه، فقال رجل من القوم: لا تحدثونا إلا بالقرآن، قال فقال له: ادنه فدنا، فقال: أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد فيه صلاة الظهر أربعاً، وصلاة العصر أربعًا، وصلاة المغرب ثلاثاً تقرأ في اثنتين؟ أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد الطواف بالبيت سبعاً، والطواف بالصفا والمروة؟ ثم قال: أي قوم خذوا عنا فإنكم والله إن لا تفعلوا لتضلن [1] ، ثم ما زال العلماء يردون على هذه الشبهات ويوضحون الأدلة الدالة على حجية السنة، ومنهم الإمام الشافعي، فقد بسط القول في الرد على هذه الشبهة في كتاب (جماع العلم)، حيث قال: "باب حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها " ثم شرع في الرد عليهم، والمقام لا يتسع لبسط الأدلة في الرد على هذه الدعوة الخبيثة، لكن حسبي أن أذكر بعض الأدلة وفيها كفاية لمن وفقه الله وأراد الحق، فأقول السنة المطهرة حجة باتفاق العلماء سواء منها ما كان على سبيل البيان للقرآن أو على سبيل الاستقلال، وقد دلت الأدلة المستفيضة من القرآن والسنة على وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والتحذير من مخالفة أمره ونهيه عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً"[2].
قال ميمون بن مهران: "الرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرجوع إليه في حياته وإلى سنته بعد مماته "، وقال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ..."[3]، وقال تعالى: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ..."[4]، فقد جعل طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم من طاعته سبحانه، وحذر من مخالفته فقال: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ..."[5]، فلولا أن أمره حجة ولازم لما توعد على مخالفته بالنار، وقال سبحانه وتعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ"[6]، وقال سبحانه: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً"[7]، وقال سبحانه: "وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"[8]، وقد فهم الصحابة رضي الله عنهم من هذه الآيات وجوب الرجوع إلى السنة والاحتجاج بها، روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ فَقَالَ: وَمَا لِي لا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ أَمَا قَرَأْتِ "وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"[9]، وحينما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن قال له: "كَيْفَ تَقْضِي إِذَا عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلَا آلُو، فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدْرَهُ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ"[10].
وأما الأحاديث الدالة على وجوب اتباع السنة فكثيرة، منها ما رواه أبو داود في سننه عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ "[11]، قال الخطابي: "وقوله: يوشك رجل شبعان، يحذر بهذا القول من مخالفة السنن التي سنها مما ليس له من القرآن ذكر على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض، فإنهم تمثلوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا، وأراد بقوله: متكئ على أريكته أن من أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا العلم من مظانه " [12]، وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه مرفوعاً: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ" [13]، وعن ابن عباس – رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع فقال: "إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم ولكن رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحترقون من أمركم، فاحذروا إني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً: كتاب الله وسنة نبيه" [14].
ووصف القرآن بأنه تفصيل لكل شيء لا يفهم منه أنه ليس بحاجة إلى البيان الذي أخبر الله سبحانه وتعالى عنه بقوله: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ..."[15]، لأن التفصيل والبيان الوارد في القرآن على نوعين:
أ- ما جاء في القرآن مفصلاً ومبيناً بحيث لا يحتاج معه إلى غيره.
ب- ما جاء في القرآن مفصلاً ومبيناً من حيث بيان وجوبه وافتراضه ونحو ذلك وهو بحاجة إلى البيان والتفسير والإيضاح من وجوه أخرى، فعلى سبيل المثال: ورد في القرآن ذكر العبادات مفصلة من صلاة وزكاة وصيام وحج واعتكاف، وهذه العبادات تحتاج إلى بيان وإيضاح، فالصلاة تحتاج إلى بيان أوقاتها وكيفيتها،ونحو ذلك، وقد جاءت السنة ببيان ذلك على وجه التمام والكمال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" [16]، ولو اكتفينا بالقرآن فإنه لا يمكن أن نقيم الصلاة التي أمر الله بها في كتابه، وهذا أمر ظاهر، وكذلك الزكاة فقد بين الله عز وجل وجوبها وافتراضها على عباده وهي بحاجة إلى التفصيل والبيان من وجوه أخرى من حيث: الأموال التي يجب فيها الزكاة، ومقدار الواجب، ومقدار النصاب، وهكذا، ولو اكتفينا بالقرآن لم نستطع أن نؤدي الزكاة التي أمر الله بها في القرآن، وهكذا الصيام والحج، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ" [17]، قال الشافعي رحمه الله: "البيان في الفرائض المنصوصة في كتاب الله منها ما أتى الكتاب على غاية البيان فيه، فلا يحتاج مع التنزيل فيه إلى غيره، ومنها ما أتى على غاية البيان في فرضه، وافترض طاعة رسوله، فبين رسول الله عن الله: كيف فرضه؟ وعلى من فرض؟ ومتى يزول بعضه ويثبت ويجب... ومنها: ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس فيه نص حكم، وقد فرض الله في كتابه طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والانتهاء إلى حكمه، فمن قبل عن رسول الله فبفرض الله قبل "، قال الخطابي: " بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى أنزل الكتاب تبياناً لكل شيء فأخبر سبحانه أنه لم يغادر شيئاً من أمر الدين لم يتضمن بيانه الكتاب، إلا أن البيان على ضربين:
أ- بيان جلي تناوله الذكر نصاً.
ب- بيان خفي اشتمل عليه معنى التلاوة ضمناً، فما كان من هذا الضرب كان تفصيل بيانه موكولاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو معنى قوله سبحانه: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ"، فمن جمع بين الكتاب والسنة فقد استوفي وجهي البيان "، وصنف الإمام أحمد كتاباً في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم رد فيه على من احتج بظاهر القرآن في معارضة سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك الاحتجاج بها وقال في أثناء خطبته: " إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأنزل عليه كتابه الهدى والنور لمن اتبعه، وجعل رسوله الدال على ما أراد من ظاهره وباطنه، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه، وما قصد له الكتاب، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المعبر عن كتاب الله الدال على معانيه، شاهده في ذلك أصحابه الذين ارتضاهم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم واصطفاهم له، ونقلوا ذلك عنه، فكانوا هم أعلم الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما أراد الله من كتابه بمشاهدتهم، وما قصد له الكتاب فكانوا هم المعبرين عن ذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال جابر رضي الله عنه: ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء علمنا به، ثم ساق الآيات الدالة على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم [18].
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "لا أعرفن أحداً منكم أتاه عني حديث وهو متكئ في أريكته فيقول: اتلوا علي به قرآنا، وما جاءكم عني من خير قلته أو لَم أقله، فأنا أقوله، وما آتاكم عني من شر، فأنا لا أقول الشر" مسند الإمام أحمد (8787)، والترمذي.
وقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا سمعتم الحديث عني، تعرفه قلوبكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم قريب، فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عني، تنكره قلوبكم، وتنفر عنه أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم بعيد، فأنا أبعدكم منه" ابن حبان، مسند الإمام أحمد.
وقوله عليه الصلاة والسلام: "مَن كذب علي متعمداً، فليتبوأ بيتاً في النار، ومَن ردَّ حديثاً عني، فليتبوأ بيتاً في النار، ومَن ردَّ حديثاً بلغه عني فأنا مخاصمه يوم القيامة، وإذا بلغكم عني حديث، ولَم تعرفوه، فقولوا الله أعلم" الطبراني في المعجم الكبير(6163).
وقوله عليه الصلاة والسلام : "مَن بلغه عني حديث، فكذب به، فقد كذب ثلاثة: الله، ورسوله، والذي حدث به" الطبراني في الأوسط (7596).
وقوله عليه الصلاة والسلام: "عسى أن يكذبني رجل وهو متكئ على أريكته، يبلغه الحديث عني، فيقول: ما قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم - دع هذا وهات ما في القرآن" أبو يعلى في المسند (1813).
لمكانة السنة من الدين ومنزلتها من القرآن الكريم عُني الصحابة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، فحفظوا كلامه صلى الله عليه وسلم، ووعوا ما شاهدوا من أفعاله وأحواله، وأحاطوا علماً بالظروف والملابسات التي قيلت فيها هذه الأحاديث، وقد بلغ من حرصهم على سماع الوحي والسنن من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يتناوبون في هذا السماع، روى البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: "كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهِيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ" [19]، وكان إذا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد وعلمهم من القرآن والسنة وأوصاهم بأن يحفظوا ويبلغوا، ففي صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال لوفد بني عبد القيس: "احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وَرَاءَكُمْ "[20]، وفي حديث مالك بن حويرث قال: "ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ "[21]، وتثبت الصحابة واحتاطوا في قبول الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم مسترشدين بكتاب الله عز وجل الذي أمر بالتثبت في قبول الأخبار قال سبحانه وتعالى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا"[22]، وفي قراءة: "فتثبتوا"، ومستضيئين بسنة النبي صلى الله عليه وسلم التي حذرت من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أبو بكر رضي الله عنه أول من احتاط في قبول الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَقَ بْنِ خَرَشَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ: جَاءَتْ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا قَالَ: فَقَالَ لَهَا: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ، وَمَا لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ، فَسَأَلَ النَّاسَ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاهَا السُّدُسَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ؟ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ) [23])، وتثبت عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضاً في قبول الأخبار، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الْأَنْصَارِ إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى كَأَنَّهُ مَذْعُورٌ فَقَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ؟ قُلْتُ: اسْتَأْذَنْتُ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَتُقِيمَنَّ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ أَمِنْكُمْ أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: وَاللَّهِ لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَصْغَرُ الْقَوْمِ فَكُنْتُ أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَقُمْتُ مَعَهُ، فَأَخْبَرْتُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِي مُوسَى: أَمَا إِنِّي لَمْ أَتَّهِمْكَ وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ يَتَقَوَّلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[24])، وفي رواية لمسلم أن أبي بن كعب رضي الله عنه قال:"يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَلَا تَكُونَنَّ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا سَمِعْتُ شَيْئًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ "[25]، وروى مسلم عن الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ:"اسْتَشَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ فِي مِلَاصِ الْمَرْأَةِ قَالَ: فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَّةٍ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ ائْتِنِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ قَالَ: فَشَهِدَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ"[26]، وما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم من التثبت في قبول الأخبار كثير لا يتسع المقام لبسطه، وقد سار على منهج الصحابة التابعون ومن بعدهم، فاعتنوا بالأسانيد وفتشوا عن حملة الأخبار ونقلة الآثار، فنقدوا الرجال وميزوا الثقات من غيرهم، قال ابن سرين: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"، وفي رواية عنه أنه قال: "إن هذا الحديث دين فلينظر الرجل عمن يأخذ دينه"وقال عبد الله بن المبارك: "الإسناد عندي من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، فإذا قيل له من حدثك؟ بقي"، وقال سفيان الثوري: "الإسناد سلاح المؤمن، إذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل؟"، وقال الأوزاعي: "ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد"، وقد درس الأئمة هذه الأسانيد ونظروا في أحوال الرواة من خلال قواعد وأصول علوم الحديث، فميزوا المقبول من الأحاديث من المردود، والمحفوظ من الشاذ والمعلل.
وبهذه الجهود المباركة حُفظت السنة، وتميز الصحيح من الضعيف، ولعله اتضح بهذا أنه ليس كل ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يُقبل ويُؤخذ به، بل لا بد من معرفة ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لوجود الوضع في السنة، ولأن السنة نقلت عن طريق رجال الأسانيد، وحملة الأخبار وفيهم الثقات وغير الثقات، والثقات يتطرق إلى حديثهم الوهم والخطأ، وهذا أمر ظاهر، والذين صنفوا في السنة من الأئمة منهم من اشترط الصحة فيما يورده من الأحاديث كالبخاري ومسلم، ومن بعدهما كابن خزيمة وابن حبان، ولكن كتابيهما لا يبلغا مبلغ كتابي الشيخين، ومنهم من لم يشترط الصحة، لكن غالب ما يذكر الصحيح، وما قاربه وما فيه بعض ضعف، وهذا مثل بقية الكتب الستة وهي السنن الأربع: سنن أبي داود والنسائي، والترمذي، وابن ماجة، وهذه الكتب مع الصحيحين تسمى الكتب الستة، ومثلها موطأ مالك ومسند الإمام أحمد، فهذه المصنفات ونظائرها من كتب السنة أورد الأئمة فيها أمثل ما وقفوا عليه من المتون والأسانيد وما يصلح للاحتجاج والاستشهاد لأنهم ألفوها للعمل بما جاء فيها، ولتكون مرجعاً للأمة، قال أبو داود في رسالته إلى أهل مكة في وصف سننه: " فإنكم سألتم أن أذكر لكم الأحاديث التي في كتاب السنن، أهي أصح ما عرفت في الباب؟ ووقفت على جميع ما ذكرتم، فاعلموا أنه كذلك كله..... وهو كتاب لا ترد عليكم سنة عن النبي – صلى الله عليه وسلم - بإسناد صالح إلا وهي فيه... ولا أعلم شيئاً بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من هذا الكتاب... وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته، ومنه ما لا يصح سنده وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح وبعضها أصح من بعض"[27]، وقال الإمام أحمد عن المسند: "إن هذا الكتاب قد جمعته وأتقنته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه، فإن كان فيه وإلا فليس بحجة "، وهذا القول من الإمام أحمد المقصود به - والله أعلم - أصول الأحاديث، فإنه ما من حديث غالباً إلا وله أصل في المسند، وقال أيضاً: " قصدت في المسند الحديث المشهور.... ولو أردت أن أقصد ما صح عندي، لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث لست أخالف ما ضعف إذا لم يكن في الباب ما يدفعه"[28]، والحاصل: أن هذه المصنفات هي كتب الأصول التي ينبغي العناية بها والرجوع إليها، وهناك مصنفات في السنة لم يقصد مؤلفوها ما قصده هؤلاء الأئمة بل هي مشتملة على الغرائب والمناكير... وهذه يتعامل معها المتمكن في علم الحديث، يقول الحافظ ابن رجب - رحمه الله - بعد كلام نقله عن الخطيب يحذر فيه من تتبع الأحاديث الغرائب- : " وهذا الذي ذكره الخطيب حق، ونجد كثيراً ممن ينتسب إلى الحديث لا يعتني بالأصول الصحاح كالكتب الستة ونحوها، ويعتني بالأجزاء الغريبة وبمثل مسند البزار، ومعاجم الطبراني، أو أفراد الدارقطني، وهي مجمع الغرائب والمناكير "[29]، والأحاديث التي ذكرها السائل – وفقه الله – في سؤاله منها ما يصح، ومنها ما لا يصح، وهي تدل على حجية السنة ووجوب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، ومتضمنة لوجوب التثبت في قبول الأحاديث، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من الكذب عليه، ولا يكون التحذير إلا من أمر يخشى وقوعه، وقد حصل هذا وبذل الأئمة جهوداً كبيرة للذب عن السنة وتمييز المقبول من المردود.
وقال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"[30]، والذكر هو القرآن، والمعنى: أن الله سبحانه نزل القرآن وحفظه من أن يزاد فيه أو ينقص أو يحصل فيه تغيير أو تبديل، كقوله عز وجل: "وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ"[31])، وقوله تعالى: "لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ" [32] قال ابن جرير: "يقول تعالى ذكره: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ" وهو القرآن "وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" قال: وإنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل ما ليس منه، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه"[33]، وبهذا يتضح من دلالة الآية أن الله سبحانه تكفَّل بحفظ القرآن، وهذا يستلزم منه حفظ السنة التي هي بيان للقرآن كما قال سبحانه:"وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" [34]؛ لأن المقصود حفظ الشريعة والدين، ولا يتحقق هذا على وجه الكمال والتمام إلا بحفظ السنة التي هي بيان للقرآن، وقد دل على هذا قوله سبحانه: "إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرآنه ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ"[35]، أي بيان القرآن وإيضاحه علينا، ويستلزم من ذلك حفظ هذا البيان، وهو السنة، وقد حفظ الله السنة في صدور الصحابة والتابعيين حتى بلغوها للأمة وكتبت ودونت في المصنفات، والمسانيد والمعاجم، وهيأ الله - سبحانه وتعالى- لهذه السنة جهابذة العلماء الذين بذلوا جهوداً عظيمة في حفظها من تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وابتكروا وسائل وطرقاً تضمنت أصولاً وقواعد عرفت بعلوم الحديث، وهي في غاية الإتقان والإحكام، يحصل من خلالها تمييز الصحيح من الضعيف والمحفوظ من المنكر والشاذ، وإيضاح الأوهام والأخطاء التي توجد في الأسانيد والمتون، ومن أمعن النظر في تراجم أئمة الحديث، وتدبر ما آتاهم الله من قوة الحفظ وسداد الفهم والتفاني في خدمة السنة وحياطتها والذب عنها أدرك أن ذلك ثمرة حفظه تعالى لدينه وشريعته، ولكن لما كان القرآن معجزاً بألفاظه ومعانيه ومتعبداً بتلاوته جعل الله حفظه إليه ونُقل نقلاً متواتراً، وأما السنة فلم يقصد التعبد ولا الإعجاز بألفاظها فحفظها الله- سبحانه وتعالى- بتهيئة أولئك الأئمة الذين بذلوا جهوداً عظيمة في حفظها والذب عنها، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن الدين محفوظ بحفظ الله له، ولما كانت ألفاظ القرآن محفوظة منقولة بالتواتر لم يطمع أحد في إبطال شيء منه، ولا في زيادة شيء فيه بخلاف الكتب التي قبله قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" بخلاف كثير من الحديث طمع الشيطان في تحريف كثير منه وتغيير ألفاظه بالزيادة والنقصان والكذب في متونه وإسناده فأقام الله له من يحفظه ويحميه، وينفي عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، فبينوا ما أدخل أهل الكذب فيه وأهل التحريف في معانيه "[36]، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- أيضاً: " قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، فما في تفسير القرآن أو نقل الحديث أو تفسيره من غلط فإن الله يقيم له من الأمة من يبينه ويذكر الدليل على غلط الغالط وكذب الكاذب، فإن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة، ولا يزال فيها طائفة ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة إذ كانوا في آخر الأمم، فلا نبي بعدهم ولا كتاب بعد كتابهم، وكانت الأمم قبلهم إذا بدَّلوا وغيروا بعث الله نبياً يبين لهم ويأمرهم وينهاهم ولم يكن بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - نبي، وقد ضمن الله أن يحفظ ما أنزله من الذكر، وأن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة، بل أقام الله لهذه الأمة في كل عصر من يحفظ به دينه من أهل العلم والقرآن" [37]، ومن العلماء من فسر الذكر في الآية : بالكتاب والسنة، يقول ابن تيمية: "قال تعالى: "وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ" [38]، وذكر الرحمن الذي أنزله هو الكتاب والسنة اللذان قال الله فيهما:"وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" [39]، وقال تعالى: "لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ" [40]، وهو الذكر الذي قال الله فيه: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [41] " [42]. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
مواضيع مماثلة
» من أحاديث التي عليهامدار الإسلام (8):
» الشبهات المثارة حول السنة النبوية و تفنيدها
» حب أهل السنة أهل الإسلام للحسن والحسين يلخصه لنا شيخ الإسلام إبن تيمية . .
» نسف الشبهات الشنيعة التي يهون اصحابها من خطر الشيعة .
» أركان الإسلام ـــــــــــــــــــــ أركان الإسلام هي أسسه التي يبنى عليها
» الشبهات المثارة حول السنة النبوية و تفنيدها
» حب أهل السنة أهل الإسلام للحسن والحسين يلخصه لنا شيخ الإسلام إبن تيمية . .
» نسف الشبهات الشنيعة التي يهون اصحابها من خطر الشيعة .
» أركان الإسلام ـــــــــــــــــــــ أركان الإسلام هي أسسه التي يبنى عليها
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin