مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم

الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
» صلاة الغائب
حرمة الدم في السنة النبوية الشريفة Emptyالجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin

» هل الانجيل محرف
حرمة الدم في السنة النبوية الشريفة Emptyالأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin

» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
حرمة الدم في السنة النبوية الشريفة Emptyالإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin

» الفرق بين السنه والفقه
حرمة الدم في السنة النبوية الشريفة Emptyالسبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin

» كيف عرفت انه نبي..
حرمة الدم في السنة النبوية الشريفة Emptyالجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin

» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
حرمة الدم في السنة النبوية الشريفة Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin

» التدرج في التشريع
حرمة الدم في السنة النبوية الشريفة Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin

» كتب عليكم الصيام،،
حرمة الدم في السنة النبوية الشريفة Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin

» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
حرمة الدم في السنة النبوية الشريفة Emptyالثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin

نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيل
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 17 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 17 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm

حرمة الدم في السنة النبوية الشريفة

اذهب الى الأسفل

حرمة الدم في السنة النبوية الشريفة Empty حرمة الدم في السنة النبوية الشريفة

مُساهمة من طرف Admin الجمعة 21 يونيو 2013, 1:14 am


حرمة الدم
في السنة النبوية الشريفة
 
1-  حرمة دم الإنسان في السنة النبوية  .
2- حرمة دماء اهل الذمة في السنة النبوية .
3- حرمة دم المسلم في السنة النبوية .
4- حرمة دم المؤمن في السنة النبوية .
5- حقوق الحيوان في السنة النبوية .
6- شريك القتل
7- حرمة قتل النفس ( الانتحار )
8- انها الفتنة
 
لقد حرمت  السنة النبوية المطهرة دم الإنسان بصورة عامة فهي لم تنظر اليه حسب الجنس واللون والانتماء وانما نظرت الى  الانسان كونه ذلك المخلوق الذي فضله الله على كثير ممن خلق تفضيلاً بينا ، و جاءت الأحاديث النبوية بصيغ عديدة فتارة يحرم فيها دم الإنسان بصورة عامة وتارة اخرى يحرم فيها دم الانسان المسلم وتارة اخرى يشدد على تحريم دم الإنسان المؤمن وهي على العموم لم تبيح سفك الدماء العشوائي لبني البشر بل على العكس من ذلك أقرت بحق الانسان بالحرية والحياة ومبدأ التعايش السلمي مع الأديان بما يرضي الله سبحانه وتعالى .
لم تحرم السنة النبوية دماء الانسان فقط بل امتد تحريمها لدم الحيوان ايضاً بشكل عبثي او من دون حاجة للانتفاع به وبما احل الله للانسان وجاءت الأحاديث في هذا المجال - حرمة دم الحيوان - كثيرة ومتعددة .
لقد وضع الإسلام  حقوقاً للإنسان ليست اقل من تلك المبادئ الإنسانية التي تدعو اليها منظمات حقوق الإنسان والهيئات التابعة لها .
واقر الإسلام حقوقاً للحيوان والبيئة  معاً وهي بمجلها تصلح لأن تكون دستوراً يدرس في جمعيات الرفق بالحيوان وحماية البيئة ...
في هذا الفصل نتطرق الى حرمة دم الانسان ، وقد وجدنا ان الاحاديث النبوية كثيرة بهذا المجال لذلك بوبنا هذا الفصل حسب ترتيب الاحاديث فمنها ما جاء بصيغة الانسان عامة ومنها ما جاء بصورة خاصة الى اهل الذمة ومنها ما جاء بلفظ المسلم ومنها ما جاء بلفظ المؤمن مع ايماننا بان لا احد يستطيع ان يميز ما بين المسلم والمؤمن لانه امرُ متروك الى الله سبحانه وتعالى فهو الذي يطلع على القلوب ليرى مقدار الايمان الذي يعتمر النفوس ، لكننا عمدنا الى فصل الاحاديث لتطمئن قلوب الذين يقولون انما حرم الاسلام دماء المؤمنين من المسلمين واباح قتل من سواهم  ، وقد تعمدت ان اكثر من ذكر المصادر لتطمئن اليها القلوب ونلقي الحجة على من يريد تزييف الحقائق من دعاة الموت البشري ...
 
(1)
حرمة دم الانسان
الإنسان ذلك المخلوق الذي خلقه الله سبحانه وفضله على كثيراً من خلقه تفضيلاً بيناً ، خلقه لحكمة بالغة ولأجل أن يعمر الأرض ويظهر عظمة الله سبحانه في هذا الكائن العظيم ، وفي داخل هذا الكائن الروح المستودعة فيه وهو الذي أوجد الروح وهو الذي يسلبها لو اراد ذلك ولم يعطي هذا الحق لأحدٍ إلا للدفاع عن نفسه اتجاه من يروم سلب حق الحياة من الإنسان نفسه ، فهذه الروح هي سرٌ من أسرار عظمة الإله وهي من شأنه وحده " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا "  ، لم يكن الله سبحانه ليخلق الروح ويأمر الآخرين بسلب هذه الروح تقرباً لله سبحانه ولم يكن سبحانه يخلق الإنسان ليأمرنا بقتله جهاداً باسمه تعالى ، اننا لا نملك لأنفسنا نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياتاً ولا نشورا .
أن الله سبحانه لا ينظر الى الإنسان بمنظار قومي وطائفي بل ينظر إلى  الانسان كونه سر عظمته وقدرته المستودعة فيه  .
ان الذي يصنع دمية بسيطة دون ان يستطيع ان يهب لها الروح تكون تلك الدمية عزيزة على قلبه ، فما بالك بالذي يخلق انسان وينفخ فيه من روحه لتتجلى في ذلك  الكائن عظمته سبحانه وتعالى . إننا نسئ الله تعالى بمخلوقاته ، فالانسان اياً كان قوميته ولونه ومذهبه وانتمائه هو كائن مقدر عند الله سبحانه وتعالى ودمه مصان وكرامته محفوظة و الإسلام لا يقبل بنظرة التعالي على البشر واعتبار الاخرين اقوام اقل شأناً يجب قتلهم لتستقيم الحياة ونتقرب بدمائهم الى الله ، نعم هناك فرق بين الذين يعلون حرباً على الاسلام فهذا حق مشروع يمنحه الله سبحانه للبشر للدفاع عن انفسهم اتجاه المخاطر التي تهدد دين الله وتهدد الانسان ( من قتل دون ماله وعرضة ونفسه ووطنه ) هو شهيد وهو حق مشروع تقرَه شرائع السماء والا لصارت الحياة فوضى يزيح القوي منهم الضعيف لذلك اوجب الدفاع عن النفس ليعلم الجميع بان للانسان قدرة على ردع الظلم والوقوف بوجه الجريمة اما القتل العبثي فهو مبدأ مرفوض من قبل جميع الشرائع السماوية ...
لقد اعتبر الله سبحانه قتل النفس جريمة كبرى . لذلك يقول سبحانه وتعالى" ومن قتل نفساً بغير نفس او فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً " ولنتمعن في هذه الاية جيداً فهي لم تتحدث عن مذهب اودين اوقومية بل تتحدث عن النفس البشرية اياً كان لونها وانتمائها العرقي والطائفي  ، عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال المعنى قتل نفساً واحدة وانتهك حرمتها فهو مثل من قتل الناس جميعا ، ومن ترك قتل النفس الواحدة وصان حرمتها مخافة من الله فهو كمن احيا الناس جميعا(1) . وفي تفسير  أخر لمعنى هذه الاية  يقول يونس عن الحسن... " ومن أحياها فكأنما قتل الناس جميعا " قال العفو بعد المقدرة (2)، بينما يذهب فريق أخر إلى إن معنى ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " وهذا ما يذهب إليه مجاهد قل : الحرق والغرق والهدم (3) .
ولا يوجد مانع من ان تكون الآراء كلها صحيحة ففيها احياءٌ للنفس البشرية فالذي يعفو هو كمن أحيا نفساً  والذي يقوم بعمليات إنقاذ الأرواح البرئية من الحرق والهدم والغرق هي إحياءٌ للنفس البشرية . وفي رأي ثالث عن الإمام الصادق (ع) (4) قال:-  " من أحياها من أخرجها من الظلال إلى الهدى فكأنما أحياها ، ومن أخرجها من الهدى إلى الظلال فقد آماتها " وفي هذا الرأي صواب ايضاً فهو أن تدل الآخرين على طريق الأيمان الصحيح هو إنقاذ لهم من الوقوع في الخطيئة فكأنما أحيا الناس جميعا ، ومن يظل الناس عن طريق الله إلى طريق الكفر فكأنما قتل الناس جميعاً ولا اختلاف في الآراء.
 والنفس التي يتحدث عنها القرآن هي النفس المحترمة وهي ليست نفس تنتمي الى دين او قومية او مذهب معين بل هي نفس الانسان التي بين جنبيه فقد جاء عن عمرو بن الحمق : سمعتُ رسول الله يقول :" من آمن رجلاً على دمه فقتله  ، فأنا برئ من القاتل وان كان المقتول كافراً " (5) .
وحرمة الانسان تكمن كونه يشترك معك بالخاصية الإنسانية اذا لم يشترك معك في الدين وقد قال علي بن ابي طالب في نهج البلاغة  ( الناس صنفان : اما نظير لك في الخلق او اخو لك في الدين ) فهنا ينظر الاسلام الى أسباب الالتقاء بالاخرين لا الى أسباب الافتراق معهم .فهو إن لم يكن مسلماً يشترك معك في العقيدة فهو انسان يشترك معك في الصفة الإنسانية . والانسان بمجمله مخلوق يستحق الاحترام اياً كان لذلك ورد عن مُعَاذُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:"مَنْ أَمَّنَ رَجُلا فَقَتَلَهُ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا" (6) .
إن للدماء حرمة عظيمة عند الله سبحانه لذلك كان قد جرى القضاء على لسان نبيه الكريم فهي من اولويات الحساب يوم القيامة  ( اول ما يقضى بين الناس في الدماء ) (7) . وهذا امر طبيعي اذ لا يمكن إن تقام عدالة السماء ما لم تقتص من القاتلين والمجرمين الذي حولوا الحياة البشرية الى غابة يأكل فيها القوي الضعيف .
 وجاء عن محمد بن علي بن الحسين (الباقر):"  اول ما يحكم يوم القيامة فهو حق بنى آدم فيوقف بنى آدم فيفصل بينهم ثم الذين يلونهم من اصحاب الدماء حتى لا يبقى منهم أحد ثم الناس بعد ذلك فيأتى المقتول قاتله يشخب دمه في وجهه فيقول هذا قتلني فيقول انت قاتله ولا يستطيع ان يكتم الله حديثا " .
 وعن جندب رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (( من سَمّعَ سَمّعَ اللهُ به يوم القيامة ، قال : ومن يشاقق يشقق الله عليه يوم القيامة ، فقالوا : أوصنا . فقال : إنَّ أول ما ينتن من الإنسان بطنه فمن استطاعَ أنْ لا يأكل إلاّ طيباً فليفعل ، ومن استطاع أنْ لا يحال بينه وبين الجنة ملء كف منْ دم أهراقه فليفعل )) (Cool.
ولعل هذا الحديث يحتاج الى وقفة تأمل فملء  محجمة من دم  قد تحول بين المرء والجنة التي وعد الله بها عباده المتقين .
وان ابغض خلق الله الى الله سبحانه " مطلب دم امرئ بغير حق ليسفكه دون وجه حق ، فقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي (ص) قال:- " ابغض الناس على الله ثلاث ، ملحدٌ في الحرم ، مبتغ في الاسلام سنة جاهلية ، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه " ، وعن الصادق (ع) ، "  ان اعتى الناس على الله من قتل غير قاتله ومن ضرب غير ضاربه "(9) . وجاء في مسند الإمام احمد " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ قَتَلَ فِي حَرَمِ اللَّهِ أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ أَوْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ  " (10) وثبت عن النبي قوله " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً . وفي رواية اخرى عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ مُعْنِقًا - طويل العنق - صَالِحًا مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا فَإِذَا أَصَابَ دَمًا حَرَامًا بَلَّحَ " (11)
لذلك جعل الله سبحانه جائزة من لم يتورط بهذا الجرم الشنيع الجنة فلد ورد عن النبي ( ص ) :" ليس من عبد يلقى الله لا يشرك به شيئاً ، ولم يندِ بدمٍ حرام الا دخل الجنة من أي أبواب الجنة شاء" . وهذه جائزة يستحقها الذين لم يتورطوا في بحر الدماء الجارف الذي يغرق فيه المتورطون من ابناء هذه الامة .
اما الذين تلوثت ايديهم بدماء البشر فان غمرات جهنم كفيلة بهم فقد ورد عن  أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يخرج عنق من النار يتكلم يقول: وكِّلت اليوم بثلاثة: بكلّ جبار, وبمن جعل مع الله إلهاً آخر, وبمن قتل نفساً بغير نفس, فينطوي عليهم فيقذفهم في غمرات جهنم)(12)
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسَه فيها سفكَ الدم الحرام بغير حلّه»(13). وقد أخرج النسائي وغيره عنْ ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه في يده وأوداجه تشخب دماً يقول: يا رب قتلني، حتى يدنيه من العرش)(14) ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم نبه أشد التنبيه على هذا الأمر الخطير، فقال فيما أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال المؤمن في فسحةٍ من دينه ما لم يرق دماً بغير حله)(15).
وجاء عن الامام الصادق عن ابائه عن رسول الله (ص)  : أوحى الله عزوجل إلى موسى " عليه السلام " قل للملا من بنى اسرائيل إياكم وقتل النفس الحرام بغير الحق فمن قتل منكم نفسا في الدنيا قتله الله في النار مائة قتلة مثل قتلته صاحبه . (16) ونقتطع هذه الشذرة من رسالة الحقوق لعلي بن الحسين في حق اهل الاسلام على اهل الاسلام  " وحق اهل ملتك اظهار السلامة لهم والرفق بمسيئهم وتالفهم واستصلاحهم وشكر محسنيهم وكف الاذى عنهم ، وتكره لهم ما تكره لنفسك وان يكون شيوخهم بمنزلة ابيك وشبانهم بمنزلة اخوتك ، وعجائزهم بمنزلة امك والصغار بمنزلة اولادك " (17)
ومهما  يكن فان للإنسان حرمة عظيمة عند الله فلقد ولى ذلك الزمان الذي تهدي به رؤوس البشرية تقرباً للآلهة الصماء ، وانتهت تلك العصور التي تقدم بها القرابين على مذابح الآلهة ، وولت معه عصر تقدم عروس النيل قرباناً ليهدأ غضب الإله العظيم ، وما كان الله ليرضى بان يذبح إسماعيل قرباناً لله سبحانه حتى فداه بكبش عظيم .
 
(2)
حرمة دماء اهل الذمة في الإسلام
  
اتفقت مصادر التشريع الإسلامي على حرمة دم الإنسان بصورة عامة وحرمة دم المسلم بصورة خاصة ونزلت آيات السماء تترى بعضها اثر بعضها يحملها الأمين جبريل لتنزل على  صدر سيد الكائنات محمد بن عبد الله تشدد على حرمة دم الإنسان لكونه قيمة عليا ( ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ) .
ولم يكن دم الإنسان وحده مصان من عبث العابثين بل ان الإنسان بمجمله وما يتعلق به من حقوق وممتلكات مصانة في شريعة الله سبحانه . فلقد جاء الإسلام ليرفع من شان الانسان ويرفع من مكانته ويحفظ له كرامته وحقه بالحياة و يضمن له الحياة الحرة الكريمة ،  فلم يأذن الشارع الإسلامي لأحدٍ ان يسخر من احد ولم يسمح بالانتقاص من كرامته بل الإنسان مصان الكرامة في غيبه فلا يحق لاحد ان يغتابه بأي كلمة ( يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خير منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكونوا خير منهن ) ، ناهيك عن حرمة الممتلكات الخاصة ومهما كان انتماء الديني لأصحاب تلك الممتلكات فلم يفرق الشارع الإسلامي في رؤيته للإنسان ما بين مسلم ومسيحي أو يهودي فهو لم يسمح بسرقة أموال اليهود ولا سبي نسائهم ولا حتى الاعتداء عليهم ما لم يبدأوا هم بالاعتداء ، و الأمر ينطبق على الديانات الأخرى وما وقع من حرمات على المسلمين يقع ايضاً على الأقليات الدينية الأخرى التي تحظى بحماية المجتمع الإسلامي . بل ويتوجب على المجتمع الإسلامي ذو الأغلبية ان يدافع عن حقوق الأقليات الدينية الأخرى فقد ورد عن ابي هريرة (رضي الله عنه ) ، عن النبي قال : " الا من قتل نفساً معاهدة له ذمة الله وذمة رسوله فقد اخفر بذمة الله ، فلا يُرَح رائحة الجنة ، وان ريحها ليوجد على مسيرة سبعين خريفاً "(18) .
وعن ابي بكرة قال ، قال رسول الله (ص) : من قتل معاهداً في غير كُنهه حرم الله عليه الجنة ) (19) .
وعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ فَقَامَا فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَالَا إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ فَقَالَ أَلَيْسَتْ نَفْسًا..؟ (20)
كما جاء في رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين (ع)
" وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عز وجل منهم ، ولا تظلمهم ما وفوا لله عز وجل بعهده "  (21) وفي تطبيق عملي لهذه الأساسيات ما ورد في هذه القصة فقد مر شيخ كبير يسأل ، فقال أمير المؤمنين ( علي بن ابي طالب ) : ما هذا ؟ قالوا : يا أمير المؤمنين نصراني ، فقال (ع) : استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه انفقوا عليه من بيت المال (22)  . وبذلك خصص الإمام علي راتباً تقاعدياً لهذه الشخص الذمي من بيت مال المسلمين اذ لم يكن هناك فرقاً بين المسلم والذمي في هذا الأمر .
وبلغه ايضاً ان ظلماً لحق بامراة مسلمة ومعاهدة فقال " لو ان امرءاً مسلماً مات من دون هذا أسفا  ما كان عندي ملوما  ، بل كان عندي جديرا  ، يا عجبا " (23).
لقد جاء الرسول الكريم محمد يحمل رسالة السماء السمحاء رحمة للعالمين في زمن انتهكت فيه كرامة الإنسان واتسع نطاق القتل إلى ابعد مداه حيث كانت القبائل الجاهلية يغير بعضها على بعض وينهب بعضها بعضا وينهش بعضهم لحوم بعض وكان احدهم يفتخر بقتله الأعداد الوفيرة من أبناء تلك القبائل ويتباهى بسلبه للأموال وانتهاك المحارم والاعتداء على ممتلكات الآخرين .  فجاء الرسول الكريم  ليضع حداً لانتهاك حقوق الانسان وليبلغه مأمنه في دار الإسلام ، فوقف معلناً وصوته يدوي على مسامع البشرية " المسلم من سلم الناس من لسانه ويده " وتنزل ايات الله يتلوها المسلمون على مسامع البشرية ( ان الله يأمر بالعدل والاحسان إيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعضكم لعلكم تتقون ) .
وفي تفسير الاية ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (24)   جاء عن ابن عباس معناه الذين يناصبونكم القتال ، لا تعتدوا - كابتداء القتال او قتال المعاهد او المفاجاة . (25)
- عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ص- قَتَلَ مُسْلِمًا بِمُعَاهَدٍ وَقَالَ « أَنَا أَكْرَمُ مَنْ وَفَّى بِذِمَّتِهِ ». (26)  لذلك يذهب بعض الفقهاء الى جواز القصاص- المسلم يقتل بالذمي - ويذهب الى هذا المذهب  أبو حنيفة ، و النخعي ، والشعبي وقد استندوا  إلى قوله تعالى " والنفس بالنفس "
إن أول عهد - تحت أيدينا - استعملت فيه كلمة (الذمة) هو عهد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم إلى أهل نجران، فقد كتب لهم:
"... ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله، على أموالهم وأنفسهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم... وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا كاهن من كهانته... ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين...".(27)
والذمة في اللغة كما جاء في قاموس المحيط القاموس المحيط " والذِّمَّةُ، بالكسر: العَهْدُ، والكَفالَةُ، كالذَّمامَةِ، ويكسر، والذِّمِّ، بالكسر، ، والقَوْمُ المعاهَدونَ. وأذَمَّ له عليه: أخَذَ له الذِّمَّةَ، و فلاناً: أجارَه، (28)  وجاء في مختار الصحاح : والذِّمام الحُرْمة. وأَهْلُ الذِّمّة أهل العَقْد. قال أبو عبيد الذِّمة الأَمَان في قوله صلى الله عليه وسلم (ويَسْعَى بِذِمَّتهِم أَدنَاهُم) وأَذَمَّه أَجَاره . (29) والمقصود ان أي مسلم يعطي الامان فأنه يتحتم على بقية المسلمين الالتزام بهذا الامان وفي الوقت الحاضر يعتبر جواز السفر بمثابة عقد الامان الذي تمنحه الدولة للوافدين عليها ، كما ان المواطنين - ابناء البلد - لهم ذمة الله في عقودهم سكناهم وعقود استئجارهم وحملهم الهوية الانتماء لهذا البلد اوذاك ( وسنعرض اراء الفقهاء بالتفصيل في الفصل الخامس من الكتاب ).
 وجاء في الحديث عن علي بن ابي طالب عن النبي انه قال :- صحيح البخاري - ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ(30) .
ومما جاء في الحديث النبي لام هاني لما آجرت اثنين من المشركين ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :- قَدْ أَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ (31)  وبهذا يستدل اهل العلم على جواز ان تعطي المرأة العهد والذمة فيكون المسلمين ملزمين بها . فجاء عن السيدة  عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  ذمة المسلمين واحدة فان أجارت عليهم جارية فلا تخفروها فان لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به (32)
و قَالَ (ص):مَنْ قَذَفَ ذِمِّيًّا حُدَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسِياطٍ مِنْ نَارٍ (33)
بل ان النبي الكريم نهى عن الدخول على بيوت اهل الذمة الا بأذن ، فقال :- "لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِلا بِإِذْنٍ" (34) .
 ونهى النبي ان تحرق الكنائس فكان يوصي سراياه : انطلقوا بسم الله ، وبالله ، وفي سبيل الله ، تقاتلون من كفر بالله ، أبعثكم على أن لا تغلوا ، ولا تجبنوا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا ، ولا تحرقوا كنيسة ، ولا تعقروا نخلا ...(35) .
  وكان الرسول الكريم يمشي في جنائز أهل الذمة ، فَقِيلَ لَهُ :  إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ ،  فَقَالَ : " أَلَيْسَتْ نَفْسًا" (36)  . وطالما اوصى الرسول الكريم بالقبط خيراً فعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ملكتم القبط فأحسنوا إليهم ، فإن لهم ذمة ، وإن لهم رحما. (37)
والان عزيزي القارئ تعال نتأمل مع هذه النظرة للكاتب الإسلامي الاديب مصطفى لطفي المنفلوطي (38) وهو يتحدث عن حرمة دماء اهل الذمة من المسيحين خاصة واترك المقال والمقام للكاتب الكبير في رائعته ( لا همجية في الاسلام ) :
" ايها المسلمون : ان كنتم تعتقدون ان الله سبحانه وتعالى لم يخلق المسيحيين الا ليموتوا ذبحاً بالسيوف وقطعاً بالرماح ، وحرقاً بالنيران ، فقد اسأتم بربكم ظناً ، و انكرتم عليه حكمته في افعاله وتدبيره في شؤونه واعماله ، انزلتموه منزلة العابث اللاعب الذي يبني الجدار ليهدمه ويزرع الزرع ليحرقه ، ويخيط الثوب ليمزقه ، وينظم العقد ليبدده .
لم يزل الله سبحانه وتعالى مذ كان الإنسان نطفة في رحم أمه يتعهده بعطفه وحنانه . ويمد برحمته وإحسانه ، ويرسل اليه في ذلك السجن المظلم الهواء من منافذه ، والغذاء من مجاريه ، ويذود عنه افات الحياة وغوائلها : نطفة ، فعلقة ، فمضغة ، فجنيناً ، فبشراً سويا ً.
ان الهاً شأنه مع عبده ، وهذه رحمته به وإحسانه اليه ، محال عليه ان يامر بسلبه الروح التي وهبها اياها ، او يرضى بسفك دمه الذي أمده به ليجرى في شرايينه وعروقه لا ليسيل بين التلال والرمال وفوق شعاف الجبال .
في أي كتاب من كتب الله ، وفي أي سنة من سنن أنبيائه ورسله قرأتم جواز ان يعمد الرجل إلى الرجل الآمن في سربه ، والقابع في كسر بيته ، فينزع نفسه من بين جنبيه ، ويفجع فيه أهله وقومه ، لان لا يدين بدينه ، ولا يذهب مذهبه في عقائده .
لو جاز لكل إنسان ان يقتل كل من يخالفه في رأيه ومذهبه ، لأقفرت البلاد من ساكنيها واصبح ظهر الأرض أعرى من سراة أديم .
ان وجود الاختلاف بين الناس في المذاهب والأديان والطبائع سنة من سنن الكون ، لا يمكن تحويلها وتبديلها ، حتى لو لم يبق على ظهر الأرض الا رجل واحد ، لجرد من نفسه رجلاً أخر يخاصمه وينازعه " ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة " .
ان الحياة في هذا العالم كالحرارة لا تنتج الا التحاك بين جسمين مختلفين ، فمحاولة توحيد المذاهب والأديان محاولة القضاء على هذا العالم وسلبه روحه ونظامه .
 ايها المسلمون : ليس ما كان يجري في صدر الأسلام من محاربة المسلمين المسيحين كان مراداً منه التشفي والانتقام منهم ، او القضاء عليهم ، وانما كان لحماية الدعوة الاسلامية ان يتعرضها في طريقها معترض او يحول بين انتشارها في مشارق الارض ومغاربها حائل ، أي ان القتال كان ذوداً ودفاعاً لا تشفيا و انتقاماً .
واية ذلك ان السرية من الجيش ما كانت تخطو خطوة واحدة في سبيلها الذي تذهب فيه حتى يصل اليها أمر الخليفة القائم أن لا تزعج الرهبان في اديرتهم ، والقساوسة في صوامعهم ، وان لا تحارب الا من يقاومها ولا تقاتل الا من يقف في سبيلها ، ولقد كان احرى ان تسفك دماء رؤساء الدين المسيحي وتسلب أرواحهم لو ان غرض المسلمين من قتال المسيحين كان الانتقام منهم والقضاء عليهم .
لو انكم قبضتم على كل من يتدين بدين غير دينكم حتى أصبحت رقعة الارض خالصة لكم ، لانقسمتم على أنفسكم مذاهب وشيعاً ، لتقاتلتم على مذهبكم تقاتل أرباب الأديان على أديانهم ، حتى لا يبقى على وجه الارض مذهب ٌ ولا متمذهب .
ايها المسلمون : ما جاء الإسلام الا ليقضي على مثل هذه الهمجية والوحشية التي تزعمون انها الاسلام .
ما جاء الاسلام الا ليستل من القلوب اضغانها واحقادها ، ثم يملآها بعدد ذلك حكمة و رحمة ، فيعيش الناس في سعادة وهناء ، ما هذا القطرات من الدماء التي اراقها في هذا السبيل الا بمثابة العمل الجراحي الذي يتذرع به الطبيب الى شفاء المريض .
عذرتكم لو ان هؤلاء الذين تريقون دماءهم كانوا ظالمين لكم في شأن من شوؤن حياتكم ، او ذاهبين في معاشرتكم والكون معكم مذاهب سوء تخافون مغبتها ، وتخشون عاقبتها ، اما القوم في ظلالكم والكون تحت اجنحتكم اضعف من ان يمدوا اليكم يد السوء ، او يبتدرونكم ببادرة شر ، فلا عذر لكم .
عذرتكم ببعض العذر لو لم تقتلوا الأطفال الذين لا يسألهم الله عن دين ولا مذهب قبل ان يبلغوا سن الحلم ، والنساء الضعيفات اللواتي لا يحسن في الحياة اخذاً ولا رداً ، والشيوخ الهالكين الزاحفين وحدهم الى القبور قبل ان تزحفوا إليهم ، وتتعجلوا قضاء الله فيهم .
اما وقد أخذتم البرئ بجريرة المذنب فانتم مجرمون لا مجاهدون وسفاكون لا محاربون .
من أي صخرة من الصخور ، او هضبة من الهضبات ، نحتم هذه القلوب التي تنطوي عليها جوانحكم ، والتي لا تروعها أنات الثكالى ، ولا تحركها رنات الايامى ؟
من أي نوع من الأحجار صيغت هذه العيون التي تستطيعون ان روا بها منظر الطفل الصغير والنار تأكل أطرافه وتتمشى في احشائه على مرأى ومسمع من أمه ، وأمهُ عاجزة عن معونته ، لأن النار لم تترك لها يداً تحركها ، ولا قدماً تمشي عليها ؟
لا أستطيع أن أهنئكم بهذا الظفر والانتصار ، لأني اعتقد ان قتل الضعفاء جبن ومعجزة ، وان سفك الدماء بغير ذنب ولا جريرة وحشية أحرى ان يعزَّى فيها صاحبها ، لا يهنأ بها .
ايها المسلمون : اقتلوا المسيحيين ما شئتم وشاءت شراستكم ووحشيتكم ، ولكن حذار ان تذكروا اسم الله على هذه الذبائح البشرية فالله سبحانه وتعالى اجل من ان يأمر بقتل الأبرياء ، او يرضى باستعطاف الضعفاء ، فهو احكم الحاكمين ، وارحم الراحمين " .
 
(3)
حرمة دم المسلم  
 
       للمسلم حرمة عظيمة ايا كان مذهبه فلا يحل لاحدٍ قتله اوسفك دمه وانتهاك حرمته لذلك كان الرسول الكريم يشدد على حرمة دم المسلم ، وتتفق مصادر التشريع الاسلامي - كما رأينا في الفصل الثاني من هذا الكتاب - على ان المسلم من نطق بالشهادتين لذلك كان عثمان بن عفان(*)  (رض) يقول عن النبي (ص) : " لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى ثلاث : كفر بعد اسلامه ، او زنى بعد احصانه او قتل نفساً بنفس "(39)  وفي نفس اللفظ عن ام المؤمنين عائشة (رض) قَالَتْ:" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ وَرَجُلٌ خَرَجَ مُحَارِبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ أَوْ يُنْفَى مِنْ الْأَرْضِ أَوْ يَقْتُلُ نَفْسًا فَيُقْتَلُ بِهَا " (40)
ثم اذا وقع في شئ من هذه الثلاث فليس لاحدٍ من احاد الرعية ان يقتله ، وانما ذلك الى الامام او نائبه (41) .
وجاء عن انس بن مالك (رض) : فاذا شهدوا ان لا اله الا الله وان محمداً رسول واستقبلوا قبلتنا واكلوا ذبيحتنا وصلوا صلاتنا حرمت علينا دمائهم واموالهم الا بحقها ، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم " (42) .
وبلغ الامر ان المقداد بن الاسود الكندي ، قال : سألتُ رسول الله : أرايت ان لقيت كافراً فقاتلتهُ فقطع يدي ثم اهويت لاضربهُ فلاذ بشجرة ، فقال : اسلمتُ لله  أ أقتلهُ  ؟ .
قال : " لا "
قلتُ يا رسول الله انه قطع يدي ، أأقتله ُ ؟
قال : " لأ "، " لانك ان قتلته كان بمنزلتك قبل ان تقتلهُ ، وكنت بمنزلته قبل ان يقولها " (43) .
لذلك كان المسلمون يتورعون في الامور التي فيها الحدود لئلا يقع ظلم من جراء مكيدة  من احد فجاء التشديد من قبل المشرع الاسلامي فجاء عن عائشة رضي الله عنها : قالت : قال رسول الله (ص) أدْرَءُوا الْحُدُودَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ (44)
وورد عن أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أَأُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) : " نَعَمْ "(45) .
ان دم المسلم لا يقل حرمة عن حرمة الكعبة فقد ورد سعيد بن ميناء قال : إني لاطوف بالبيت مع عبد الله بن عمرو بعد حريق البيت ، إذ قال : أي سعيد أعظمتم ما صنع البيت ؟ قال : قلت : وما أعظم منه ؟ قال : دم المسلم يسفك بغير حقه. (46)
لقد كان الرسول الكريم حريصاً على ارواح المسلمين فقد نهى النبي " ان يشار المسلم  الى اخيه المسلم بالسلاح ، فعن أبو هريرة ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان أن ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار » (47)  .
وعن  أَبَي هُرَيْرَةَ ايضاً :قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَدَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ "(48) . لقد كان الرسول الكريم حريصاً على ان لا يتاذى احد من المسلمين فكان يوصي اصحابه " إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا أَوْ فِي سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا أَوْ قَالَ فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْءٌ "(49)  ونهى الرسول الكريم (ص)  ان يتعاطى السيف مسلولاً  (50) .
ونهى رسول الله ان ينظر المسلم الى المسلم بنظرة يخيفه بها المسلم فقال (ص) : من نظر إلى أخيه المسلم نظرة يخيفه بها ، أخافه الله يوم القيامة. (51)
وليتمعن دعاة الحرب الطائفية الى هذا لحديث جيداً فقد نهى الرسول الكريم عن قتال المسلمين بعضهم بعضاً فقال " إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ " (52) ، وقال (ص) " إِذَا الْمُسْلِمَانِ حَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَخِيهِ السِّلَاحَ فَهُمَا عَلَى جُرْفِ جَهَنَّمَ فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دَخَلَاهَا جَمِيعًا " (53) .
وجاء في تفسير قولهSad وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) (54) ولا يقتُلْ بعضكم بعضا  لأن الله تعالى ذكره جعل المؤمنين إخوة، فقاتل أخيه كقاتل نفسه.  (55) ولكن هل هناك من يعتبر بهذه الاحاديث ...
 
(4)
حرمة دم المؤمن في السنة النبوية
 
قتل النفس المؤمنة من اعظم الحرمات التي ترتكب على وجه الارض فلم يبيح الاسلام قتل هذه النفس لاي سبب كان وبذلك يمكننا ان نعرف النفس المؤمنة هي تلك النفس التي اقرت بالله رباً وبالإسلام ديناً ولم ترتكب المعاصي التي تستوجب الحدود في الشريعة الاسلامية بل ان النفس المؤمنة هي اشد رحمة من الكعبة الشريفة فروي عن ابن عباس و عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا .(56)
والسوأل لماذا اعطى الله سبحانه وتعالى هذه الميزة للمؤمن دون غيره ، والجواب ان للمؤمن ثلاث حرمات فحرمته الاولى كونه انسان وقد رأينا من خلال البحث ان الله سبحانه وتعالى قد حرم دم الانسان قاطبة ، وحرمته الثانية كونه مسلم ، وحرمته الثالثة كونه مؤمن فالاحاديث السابقة كلها تنطبق على حرمة دم المؤمن بالاضافة الى انه ينفرد بهذه الأحاديث التي نوردها هنا .
فجاء عن رسول الله (ص) " كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا "  (57)
وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا  (58) .
ولقد سأل الرسول الكريم الله عز وجل ثلاث مرات ان يجعل لقاتل المؤمن توبة فأبى عليه ذلك  (59) .
وسئل أبو هريرة؛ عن قَاتِلِ المُؤْمِنِ ، هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ : لاَ ، وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ ، لاَ يَدْخُلُ الجَنَّة حتى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخيَاطِ ، قَالَ : وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ أَشْرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ إلاَّ كَبَّهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فِي النَّارِ» (60) .
و جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَرَأَيْتَ رَجُلًا قَتَلَ مُؤْمِنًا قَالَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : { جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ... }إِلَى آخِرِ الْآيَةِ
قَالَ : فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَرَأَيْتَ إِنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا
 قَالَ : ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص)  إِنَّ الْمَقْتُولَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُتَعَلِّقًا رَأْسَهُ بِيَمِينِهِ أَوْ قَالَ بِشِمَالِهِ آخِذًا صَاحِبَهُ بِيَدِهِ الْأُخْرَى تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا فِي قُبُلِ عَرْشِ الرَّحْمَنِ فَيَقُولُ  رَبِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي (61) . وقد مرّ في الفصل الثاني عرض تفاسير الآية ( ومن قتل مؤمنا)
وقد ورد عن الامام الصادق ( جعفر بن محمد ) " لا يوفق قاتل المؤمن متعمداً للتوبة ابداً  (62) .
وجاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا " (63) .
عن ابن عباس في قوله { من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم } فقال : ما نسخها شيء .(64)
 
(5)
حقوق الحيوان في الإسلام
  
قد يسأل البعض ما علاقة حقوق الحيوان بحرمة دم الإنسان  ؟ وهل منح الإنسان كامل الحقوق لنبحث الآن عن حقوق الحيوان ؟ والجواب إن هناك ارتباط كبير  بينهما إذ كلما ازداد احترام الإنسان الى الكائنات الحية ازداد معه احترام الإنسان للإنسان ، فهناك علاقة سببية بينهما  فانتهاك حقوق الحيوان هو سبب والنتيجة هي انتهاك حقوق الإنسان  يولد لدى الإنسان رغبة في انتهاك حقوق الآخرين من بني جنسه وان الإسلام كدين سماوي ينظر الى مخلوقات الله سبحانه وتعالى نظرة احترام لا نظرة ازدراء وان النظرة الى الدين لا تتجزأ بل هي نظرة عامة للحياة تشمل جميع مرافق الحياة ومن بينها علاقة الانسان مع الكائنات الحية والبيئة ايضاً ، ان الإسلام لم يترك الامور  دون تنظيم فقد بين القرآن الكريم ان الكائنات الحية ما هي الا امم امثالنا  " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ " (65) "  وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ " (66) وضع الرسول الكريم اسس لهذه العلاقة بين الحيوان والانسان  فعن أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ فَقَالَ:"  يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ "
 قَالَ : لَا
قَالَ : " لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا" ، (67) فإذا كان هذا حال الحيوانات فكيف سيكون حال اولئك الذين لا يرتون من الدماء بني البشر الزكية البريئة من التي تسفك هنا وهناك بدون سبب او أتفه الأسباب  . لقد بيّن الرسول الكريم (ص) ان الله سبحانه سيقتص من البهائم التي تصارع مع بعضها البعض واراد من ذلك ان يتعض الانسان .عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال : " إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم  وحشر الله الخلائق الإنس والجن والدواب والوحوش فإذا كان ذلك اليوم جعل الله القصاص بين الدواب حتى تقص الشاة الجماء  من القرناء  بنطحتها فإذا فرغ الله من القصاص  بين الدواب قال لها : كوني ترابا ، فتكون ترابا فيراها الكافر فيقول : يا ليتني كنت ترابا " (68) 
حين بعث الله رسوله الكريم برسالته السمحاء لم يكن الإنسان وحده الذي انس بالإسلام  نفساً وامن روحاً لهذا الدين الجديد ، حتى قدم من شرق الأرض وغربها من كانت روحه تتوق للثورة على الواقع الفاسد بل تعدى ذلك إلى جميع مخلوقات الله فلقد آمنت على نفسها من العبث " فلا ضرر ولا ضرر "  يصيبها إلا ما احل الله دون إسراف أو تبذير ، فلقد روي عن معمر عن قتادة قال ، قال رسول الله (ص) : " من قتل عصفوراً فما دونه بغير حق عجَّ إلى الله يوم القيامة فقال : يارب قتلني فلان بغير منفعة " (69)  ، ولعل قصة المرأة التي دخلت النار بسبب قطة هي اشهر قصة في التاريخ وأوثق دليل على احترام الإسلام لجميع الكائنات الحية فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تَدَعْهَا تُصِيبُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ وَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَسْقِهَا حَتَّى مَاتَتْ... (70)
وثبت عن الرسول الاكرم قوله "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ " (71) .
وراى النبي (ص) رجلاً وهو يجر شاة بِأُذُنِهَا فَقَالَ دَعْ أُذُنَهَا وَخُذْ بِسَالِفَتِهَا  (72)
هلم معي عزيزي القارئ لنرى خليفة المسلمين أبا بكر الصديق ( رضي الله تعالى عنه ) كيف يستن بسنة الرسول الكريم وهو يوصي جيشه فعن يحيى بن سعيد ، إن أبا بكر الصديق بعث جيوشاً إلى الشام فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان ، وكان أمير ربع من تلك الأرباع ، فزعموا ان يزيد قال لابي بكر : اما ان تركب ، وإما ان انزل ، فقال له أبو بكر : ما أنت بنازل وما أنا براكب اني احتسب خطاي هذه في سبيل ، ثم قال ....أني موصيك بعشر ٍ : وَإِنِّي مُوصِيكَ بِعَشْرٍ لَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلَا صَبِيًّا وَلَا كَبِيرًا هَرِمًا وَلَا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا وَلَا تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلَا بَعِيرًا إِلَّا لِمَأْكَلَةٍ وَلَا تَحْرِقَنَّ نَخلًا  وَلَا تُغَرِّقَنَّهُ وَلَا تَغْلُلْ وَلَا تَجْبُنْ) (73) .
بهذه الوصايا كان يوصي خليفة رسول الله قادته وجنده فمنها ما يتعلق بحقوق الإنسان وهي عدم قتل من لا يقاتل مثل ( امرأة وطفل وشيخ ) ومنها ما يتعلق بحماية البيئة وذلك بالنهي عن ( قطع الأشجار وتخريب الأعمار ) ومنها ما يتعلق بحقوق الحيوان بأن ( لا يعقر شاة  أو بعيراً إلا لمأكله ولا تحرقن نخلاً ولا تفرقنه  ) فهو يحافظ على الثروة الحيوانية والبيئة من الهدر .  وهذه الوصايا هي نفسها وصايا الرسول الكريم وجاء عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ :أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا طِفْلًا وَلَا صَغِيرًا وَلَا امْرَأَةً وَلَا تَغُلُّوا وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ...(74)
وثبت في وصية الإمام علي بن أبي طالب حين أوصى ولده الحسن (ع) بعد إن ضربه ابن ملجم : ان عشت فالأمر لي وان مت فاضربوه ضربة بضربة وإياكم والمثلة فاني سمعت رسول الله يقول : " إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور " .
ان المؤسسات الدولية التي تدعوا الى الرفق بالحيوان ليست اكثر رحمة من الإسلام الذي اولى عناية فائقة بهذه المخلوقات فيروى عن النبي (ص) ان طبيباً سأله عن ضفدع يجعله ُ في دواء ، فنهاه النبي عن قتلها  (75)  . بل ان الإسلام حرم كذلك قتل النمل وباقي الحشرات الغير ضارة في المجتمع ولعل القصة المروية عن ابي هريرة عن النبي (ص) " ان نملة قرصت نبياً من الانبياء ، فامر بقرية النمل فاحرقت ، فأوحى الله اليه أفِي ان قرصتك نملة اهلكت امة من الامم تسبح "  (76)  .
وثبت عن أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ إِذْ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ وَخَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ مِنِّي فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا فَقَالَ فِي كُلِّ ذِي كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ (77) .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ :مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُنَاسٍ وَهُمْ يَرْمُونَ كَبْشًا بِالنَّبْلِ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ لَا تَمْثُلُوا بِالْبَهَائِمِ  (78) .
عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ أَنَسٍ عَلَى الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ فَرَأَى غِلْمَانًا أَوْ فِتْيَانًا نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا فَقَالَ أَنَسٌ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ (79) .
 ونهى النبي (ص) ان تصبر الروح وعَنْ ابْنِ  عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ  (80) .
ولننظر الى رفق النبي الاكرم بهذه  الحيوانات فعن عبد الرحمن بن عبد الله عن ابيه قال : كنا مع رسول الله  في سفر فانطلق لحاجته ، فرأينا حمَّرة معها فرخان فأخذنا فرخيها ، فجاءت الحُمَّرة فجعلت تعرِّش ( تُفرِّش ) فجاء النبي (ص) فقال : " من فجع هذه بولدها ردوا ولدها اليها " (81) .
ومرّ النبي (ص) على حمار قد وسم في وجهه فقال : لعن الله من وسمه .
ونهى النبي الاكرم عن سب الديك ( 82) لقوله (ص)"  لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلَاة ِ". وعن علي بن ابي طالب (ع) أن رسول الله ( ص ) قال : يجب للدابة على صاحبها ست خصال ، يبدأ بعلفها إذا نزل ، ويعرض عليها الماء إذا مر به ، ولا يضربها إلا على حق ، ولا يحملها ما لا تطيق عليه ، ولا يكلفها من السير ما لا تقدر عليه ، ولا يقف عليها فواقا. (83)
أمام هذه الأحاديث الشريفة في حقوق الحيوان أقف مندهشاً حين ارى مسلماً ينتهك حرمة الإنسان والحيوان معاً ويسترخص الدماء  أيا  كان مصدرها  ، ولا عجب ان نرى هذه الابتسامة الحزينة من فم عبد الله بن عمر حين جاء جماعة يستفتوه في دم البعوض فسألهم من اين انتم ؟ ، فأجابوه نحن من العراق ! فالتفت الى أصحابه وقال :  يسألوني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن بنت رسول الله !! . (84)
" فاي قيمة لما يمتصه البعوض من جسم الانسان مجتمعاً في جانب ما يمتصه القاتل من جسم المقتول منفرداً ؟ .
ان البعوض في امتصاصه دم من جسم الإنسان اقل من القاتل ضرراً واشرف غاية وأجمل مقصداً ، لأنه ان أذى الجسم فقد أبقى على الحياة ، ولآنه يطلب عيشه الذي يحيا به ، وهذا طريقه الطبيعي الذي لا يعرف له طريقاً سواه ولا يستطيع ان يرى لنفسه غيره ولو استطاع ان يرى لنفسه غيره لعافت نفسه ان يكون كالإنسان يتطوع للشر ويتعبد بالضر "(85) .
لذلك يقول ابن العربي: (ثبت النهي عن قتل البهيمة بغير حق وا
Admin
Admin
الشيخ محمدشوقى المدير العام

عدد المساهمات : 7498
نقاط : 25568
تاريخ التسجيل : 16/08/2011
العمر : 52
الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001995123161

https://qqqq.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى