بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 24 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 24 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
طرق استنباط الأحكام الشرعية -
صفحة 1 من اصل 1
طرق استنباط الأحكام الشرعية -
-
تقسيم اللفظ بحسب دلالته على المعنى..
· التقسيم الأول: باعتبار وضع اللفظ للمعنى.. الخاص، العام، المشترك، المؤول.
· التقسيم الثاني: باعتبار استعمال اللفظ في المعنى.. الحقيقة، المجاز، الصريح، الكناية.
· التقسيم الثالث: باعتبار دلاله اللفظ على المعنى.. بحسب ظهور المعنى وحفائه التأويل، الظاهر، النصي، المفسر، المحكم.
· التقسيم الرابع: تقسيم اللفظ باعتبار كيفية دلالته على المعنى.. عبارة النص، إشارة النص، دلالة النص، اقتضاء النص.
- التقسيم الأول.. باعتبار وضع اللفظ للمعنى -
1. الخاص
· تعريف الخاص:
· هو اللفظ الموضوع للدلالة على معنى واحد على سبيل الانفراد فهو إما أن يكون موضوعاً لشخص واحد معين كأسماء الأعم مثال محمد، أحمد.. أو يكون للنوع مثل رجل، فرس.. أو يكون موضوعاً لكثير محصور كأسماء الأعداد كاثنين وثلاثة وعشرة وعشرين ومائه وألف وقوم ورهط ,أو موضوعة للجنس كإنسان أو لواحد بالمعاني كالعلم والجهل.
· حكم الخاص: يدل على المعنى الذي وضع له على سبيل القطع واليقين ما لم يدل دليل على صرفه عن معناه.. مثال: لفظ ثلاثة أيام في قولة تعالى: (فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ), ومثل عشرة في قول الله تعالى: (فكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ), يدل كل من العددين على معناه قطعاً ولا يحتمل زيادة ولا نقصاً, وصيغه الأمر من الخاص كقولة تعالى: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ), وصيغه النهي من الخاص كقولة تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ), فإن وجدت قرينة تدل على صرف اللفظ الخاص عن معناه الحقيقي فلا تكون دلالته قطعية كقولك: قتل القاضي المجرم.. فإنه يحتمل أن القاضي حكم بالقتل.. وهو احتمال مستند إلى دليل، هو أن مهمة القاضي الحكم دون التنفيذ.
· أنواع الخاص..
1. المطلق. 2. الأمر. 3. النهي.
1. المطلق..
· تعريف المطلق: هو اللفظ الخاص الذي يدل على فرد شائع أو أفراد على سبيل الشيوع، ولم يقيد بصفه من الصفات, مثل: رجل، رجال، كتاب، كتب.. فإنها تدل على فرد شائع في جنسه أو أفراد غير معينه دون ملاحظة العموم أو الاستغراق.
· حكم المطلق: المطلق يجرى على إطلاق ما لم يرد دليل على التقييد, مثال: قوله تعالى في كفاره اليمين: (أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ), فإن الرقبة بإطلاقها تدل على أجزاء المؤمنة والكافرة, فإن دل الدليل على التقييد المطلق عمل بالقيد، كما في قوله تعالى: (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ), فإن الوصية وردت بكل المال لكن قام الدليل على تقيدها بالثلث وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبى وقاص: (الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عاله يتكففون الناس).
· المقيد..
· تعريف المقيد: هو لفظ خاص يدل على فرد شائع مقيد بصفة من الصفات مثل رجل مؤمن، رجال مؤمنون، امرأة عفيفة، نساء عفاف فالمقيد هو المطلق لحقه قيد, حكم المقيد: المقيد يعمل به على تقييده ما لم يدل على دليل على إلغاء القيد فيلغى حينئذ القيد, مثال: قال تعالى: (فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا), ورد الصيام مقيداً بتتابع شهرين على أن يكون قبل العودة إلى التماس والاستمتاع بالزوجة التي ظاهر منها فيجب العمل بهذين القيدين, وكقوله تعالى في تحريم الدم المسفوح: (إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً), فقيد الدم المحرم بالدم المحرم المسفوح أما الدم الجامد كالكبد والطحال فليس بحرام, مثال القيد الملغي: قوله تعالى في بيان المحرمات: (وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ), فإنه يعمل بالقيد الثاني وهو اشتراط الدخول بالزوجة ولا يعمل بالقيد الأول وهو كونهن في الحجور أي في رعاية الزوج وإنما ذكر في الآية بناء على العرف الغالب وأحوال الناس وهو كون الربيبة غالباً مع أمها في بيت الزوج.
· حمل المطلق على المقيد..
· الحالة الأولى: أن يكون الإطلاق والتقييد في سبب الحكم.. قال جمهور العلماء يحمل المطلق على المقيد هنا وقال الحنفية لا يحمل المطلق على المقيد إنما يعمل بكل من النصيين على حدة, مثال: حديث عبد الله بن عمر, قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين)، وفي رواية أخرى لم يذكر فيها من المسلمين..إن الحكم في النصين واحد وهو وجوب زكاة الفطر ولكن وجد الإطلاق والتقييد في سبب الحكم، وهو الشخص الذي تعطى الزكاة إليه إذا ورد في أحدهما مقيداً بأنه مسلم وورد في الثانية مطلقاً عن هذا القيد.. فقال جمهور العلماء يحمل المطلق على المقيد فلا يجب إخراج صدقه الفطر عن الكافر, وقال الحنفية: لا يحمل المطلق على المقيد فيجب على المسلم إخراج زكاة الفطر عن الكافر, أن يكون الإطلاق والتقييد في نفس الحكم لهذه الحالة أربع صور..
· الصورة الأولى: أن يتحد المطلق والمقيد في الحكم والسبب, حكمه: أن يحمل المطلق على المقيد باتفاق العلماء.. مثال: قوله تعالى في موضع بالنسبة للتيمم: (فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ)، فالسبب واحد في الآيتين وهو إرادة الصلاة، والحكم واحد, أيضا وهو وجوب المسح فيحمل المطلق على المقيد وكون الواجب في التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب الطاهر لا النجس, مثال أخر: قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ), وقوله سبحانه وتعالى: (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً), فالسبب في الآيتين متحد وهو وجود الضرر في الدم، والحكم متحد أيضاً وهو حرمه تناول الدم وقد أطلق الدم في الآية الأولى ولم يقيد بشيء في الآية الثانية بكونه مسفوحاً، فيحمل المطلق على المقيد ويكون الدم المحرم هو الدم المسفوح فقط، وأما الدم الباقي في العروق واللحم فهو مباح معفوّ عنه وكذلك الدم الجامد كالكبد والطحال, فهما حلالا.
· الصورة الثانية: أن يختلف الحكم والسبب.. حكمه: لا يحمل المطلق على المقيد باتفاق العلماء,مثال: قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا), وقوله تعالى في الوضوء: (فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ), لفظ (أَيْدِيَهُمَا) في الآية الأولى مطلق وفي الآية الثانية مقيد بـ: (إلى الْمَرَافِقِ), والسبب في الآيتين مختلف فهو في الأولى السرقة وفي الآية الثانية إرادة الصلاة عند وجود الحدث, والحكم مختلف أيضاً فهو في الآية الأولى قطع يد السارق وفي الآية الثانية غسل الأيدي ففي هذه الصورة لا يحمل على المقيد باتفاق العلماء.
· الصورة الثالثة: أن يختلف الحكم ويتحد السبب.. حكمه: لا يحمل المطلق على المقيد باتفاق العلماء, مثال: قوله تعالى في الوضوء: (فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ), وقوله سبحانه وتعالى: (فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ), الأيدي في الوضوء مقيدة بـ (إِلَى الْمَرَافِقِ), ومطلقة في التيمم, والحكم مختلف في الآيتين فهو غسل في الوضوء ومسح في التيمم, أما السبب فهو متحد وهو أرادة الصلاة وع وجود الحدث.
· الصورة الرابعة: أن يتحد الحكم ويختلف السبب.. مثال: كفارة الظهار وكفارة القتل الخطأ قال تعالى عن الأولى: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا), وقال عن الثانية: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ), ولفظ (رقبة) مطلق في الآية الأولى ومقيد بالإيمان في الآية الثانية والحكم متحد في الآيتين, ولكم السبب مختلف فهو الظهار إرادة العودة إلى الاستمتاع بالزوجة, وفي القتل الخطأ وهذه الصورة مختلف, فقال الحنفية وأكثر المالكية لا يحمل المطلق على المقيد, ويعمل بالطلق في محله وبالمقيد في محله, فيجب في كفارة القتل الخطأ عتق رقبة مؤمنة, وفي كفارة الظهار عتق رقبة سواء كانت مؤمنة أو كافرة, وقال الشافعية والحنابلة وبعض المالكية يحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة فيجب عتق رقبة مؤمنة في كل من كفارة القتل الخطأ وكفارة الظهار.
2. الأمر..
· هو اللفظ الدال على طلب الفعل على وجه الاستعلاء, فإن كان من الأسفل إلى الأعلى كان على سبيل التضرع والاستعطاف ولذا لا يسمى أمراً إنما يقال له دعاء والتماس.
· صيغ الأمر:
1. صيغه الأمر مثل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ), وقوله: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ).
2.صيغه المضارع المقترن بلام الأمر كقوله تعالى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ), وقوله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).
3.الجملة الخبرية التي يقصد منها الطلب كقوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ).
· دلالة الأمر على الوجوب..
· يرى جمهور العلماء أن الأمر يدل على الوجوب ولا يصرف إلى غيره إلا بقرينه.
· الصور التي يمكن أن تأتى عليها صيغ الأمر:
1. الندب كقوله تعالى: (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً), فمكاتبة المماليك ليست واجبة إنما هي مندوبة بقرينه أن المالك حر التصرف في ملكه.
2. الإباحة كقوله تعالى: (كُلُواْ وَاشْرَبُواْ), بقرينه أن الأكل والشرب بحسب استدعاء الطبيعة البشرية.
3. الإرشاد كالأمر بالاستشهاد على البيع في قوله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ), وكقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) والقرينة التي صرفت هذا للأمر إلى الإرشاد تتمه الآية نفسها وهى كقوله تعالى: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ), فإنه يدل على أن للدائن أن يثق بمدينه من غير كتابه.
4. التأديب كقوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبى سلمة يا غلام سم الله وكل بيمينك, وكل مما يليك).
5. الإنذار كقوله تعالى: (قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ).
6. الدعاء كقوله تعالى: (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ), وقد ذكر الإمام أبن السبكي في جمع الجوامع ستة وعشرين معنى للأمر كالتهديد والامتنان, والإكرام, والامتهان, والتعجيز وغيرها الأمر موضوع في اللغة العربية للطلب الجازم والإلزام على سبيل الحقيقة فإن أستعمل في غيره فهو على سبيل المجاز.. الأمر من الناحية الشرعية يدل على الوجوب الذي يترتب على مخالفته استحقاق الإثم والعقاب.
· الأدلة على أن الأمر يفيد الوجوب..
1. قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ), فمن خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يصاب بالفتنة والعذاب الأليم وهذا دليل الوجوب فإن تارك الواجب يعاقب.
2. قوله تعالى لإبليس: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ), ذمه على ترك الأمر والذم يقتضى الوجوب.
3. قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ), ذمهم على ترك الأمر بالركوع.
4. قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ), فنفى الحق تعالى أن يختار العبد شيئاً غير أمر الله ورسوله فلا مناص من طاعة الأمر وهذا دليل الوجوب.
5. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة), فلولا المشقة لأمر ولكان الأمر واجب التنفيذ لكنه ندب السواك دون الأمر خوف المشقة على العباد فهذا الحدث دل على أن من رسول الله صلى الله عليه وسلم يفيد الوجوب.
· الأمر بعد الحظر أو التحريم..
· كقوله تعالى: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ), بعد قوله تعالى: (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً), وقوله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ), بعد قوله تعالى: (إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ), أختلف الأصوليون في موجب الأمر بعد الحظر على ثلاثة أقوال:
· الأول: للشافعي والحنابلة وبعض المالكية إن الأمر بعد الحظر للإباحة ودليلهم في ذلك أن معظم الأوامر التي وردت بعد الحظر فأنها للإباحة.
· الثاني: لعامة الحنفية والأصح عند الشافعية والمالكية أن الأمر بعد الحظر للوجوب لأن الأصل في الأمر يفيد الوجوب, ولقوله تعالى: (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ), فكان القتال محرماً في الأشهر الحرم ثم جاء الأمر بقتال المشركين بعد انسلاخ الأشهر الحرم وقد أجمع العلماء على أن هذا الأمر للوجوب, ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت حبيش التي كانت تستحاض: (ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلى فالأمر هنا بعد الحظر أفاد الوجوب بالإجماع).
· الثالث: لكمال بن الهمام من الحنفية وهو القول بالتفصيل الأمر بعد الحظر يرجع إلى الحكم الذي كان قبله من وجوب أو غيره والدليل تتبع واستقراء الأوامر الواردة بعد الحظر فإنها ترجع الحكم إلى ما قبل الحظر, وذلك قوله تعالى: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ), فإن الصيد قبل الحظر كان مباحاً ثم عاد إلى ما كان عليه بعد انتهاء الحظر وقتال المشركين كان واجبا قبل الحظر ثم عاد إلى الوجوب بعد انتهاء الحظر وزيارة القبور كانت مندوبه قبل الحظر ثم نهى الشرع عنها لمصلحة اقتضت ذلك ثم أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فعادت إلى أصله السابق وهو الندب وهكذا.
· دلالة الأمر على التكرار أو الوحدة.. أختلف الأصوليون في هذا على ثلاثة أقوال..
· القول الأول: للحنفية والحنابلة أن الأمر لا يقتضى التكرار إنما يدل على طلب الفعل من غير إشعار بمرة أو تكرار ولكن يستفاد التكرار من القرائن التي تحيط به كأن يكون الأمر على شرط كقوله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ), فكلما أصاب المسلم جنابة وجب عليه التطهر, وكقوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ), وهى زوال الشمس عن كبد السماء وهذا أمر فيه قرينه التكرار فكلما دلكت الشمس وجبت صلاة الظهر ولأن الأمر المطلق ورد تارة يفيد التكرار شرعاً كطلب الصلاة والزكاة والصوم وعرفاً نحو احفظ دابتي, وورد للمرة الواحدة شرعاً كطلب الحج وعرفاً كقولك أدخل الدار فيكون الأمر حقيقة قي القدر المشترك بين التكرار والمرة.
· القول الثاني: لأكثر المالكية وأكثر الشافية أن الأمر يدل على المرة الواحدة لأن امتثال المأمور به يحصل بالمرة.
· القول الثالث: الإمام أحمد بن حنبل أن الأمر يدل على التكرار واستدلوا على ذلك بالآتي..
1. أن أهل الردة لما منعوا الزكاة تمسك أبو بكر الصديق رضي الله عنه في وجوب تكرارها بقوله تعالى: (وَآتُواْ الزَّكَاةَ), ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فكان ذلك إجماعاً منهم على أنها للتكرار.
2. النهي يقتضى التكرار فذلك الأمر قياساً عليه بجامع أن كلا منهما للطلب.
3. لو لم يدل الأمر على التكرار بل دل على المرة الواحدة لم يجز ورود النسخ عليه, لكن ورود النسخ جائز فدل على أنه للتكرار.
4. أنه لو لم يكن الأمر للتكرار لما صح الاستثناء منه لاستحالة الاستثناء من المرة الواحدة, فلا يقال صم إلا يوم الجمعة.
· من أثر الخلاف في هذه القاعدة..
· إن القائلين بأن الأمر يقتضى التكرار أجازوا للمرأة المقول لها: طلقي نفسك, الطلاق مرة وأثنين وثلاثا, ومن قال لا يقتضى التكرار لا تملك المرأة عنده إلا طلقة واحدة, والأحناف القائلون بأن الأمر لا يقتضى التكرار لم يوجبوا التيمم لكل فريضة كالوضوء وأجازوا للتيمم أن يصلى بالتيمم ما شاء من الفرائض والنوافل لأن قوله تعالى: (فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً), لا يقتضى التكرار والقائلون بأن الأمر يقتضى التكرار أوجبوا التيمم لكل فريضة.
· الأمر بالشيء نهى عن ضده..
· قال أكثر العلماء إن الأمر بالشيء نهى عند ضده فالأمر بالأيمان نهي عن الكفر والأمر بالقيام نهي عن جميع أضداده كالقعود والسجود والاضطجاع وغير ذلك كما في قول الله تعالى: (وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ), فإنه نهي عن القعود والاضطجاع وأي ضد آخر.
· النهي عن الشيء أمر بواحد من أضداده..
· قال أكثر العلماء النهي عن الشيء أمر بواحد من أضداده, لأنه إذا نهى عن فعل شيء تضمن ذلك وجوب الكف عنه ولا يمكنه الكف عنه إلا بفعل واحد من أضداده.
· الأمر المعلق بشرط أو صفه..
· هل يدل الأمر المعلق بشرط أو صفه على التكرار أولاً؟.
· اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة مذاهب:
· الأول: أنه يقتضي التكرار وهو قول كثير من أصحاب مالك والشافعي لأن الشروط اللغوية أسباب, والحكم يتكرر بسببه.
· الثاني: انه لا يقتضى التكرار, وهذا هو القائل بأن ترتيب الحكم على الوصف لا يدل على العلية.
· الثالث: أنه لا يقتضيه لفظاً ويقتضيه من جهة القياس وهو الحق عند الحنفية والحنابلة أي إن الأمر يتكرر إذا كان الشرط أو الوصف عله فإن لم يكن يقتضى التكرار لأن المعلول يتكرر بتكرر علته والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
· دلالة الأمر على الفور أو التراخي.. أختلف الأصوليون في هذه المسألة..
· المذهب الأول: للمالكية والحنابلة في ظاهر المذهب إن مطلق الأمر هو للفور.
· المذهب الثاني: صحيح مذهب الحنفية إن المطلق على التراخي.
· المذهب الثالث: للشافعية على الراجح.. إن مطلق الأمر لا يفيد الفور ولا التراخي
· دليل القول الأول..
1. إنه تعالى ذم إبليس على ترك السجود لأدم عليه السلام بقوله: (مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ), فلو لم يكن الأمر للفور لما استحق الذم.
2. قوله تعالى: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ), والمسارعة توجب كون الأمر للفور.
3. لو لم يكن الأمر للفور لأدى ذلك إلى عدم امتثال الأوامر بسبب الوفاة.
4. قياس الأمر على النهي لأن النهي يفيد الفور فيكون الأمر كذلك بجامع الطلب في كل منهما.
· دليل القول الثاني..
· أستدل القائلون على أن الأمر يفيد التراخي بالفرق بين الأمر المقيد والأمر المطلق فإن قول القائل لخادمه أفعل كذا الساعة يوجب الائتمار على الفور, وهذا أمر مقيد وقل القائل ,أفعل مطلق وبين المطلق والمقيد مقابره ومنافاة فلا يجوز أن يكون حكم المطلق هو حكم المقيد لأن ذلك إلغاء لصفه الإطلاق واثبات القيد من غير دليل.. وأستدل أصحاب المذهب الثالث أنه ورد الأمر مع الفور ومع عدمه ويصح تقيده بالفور والتراخي.
· من أثار الاختلاف في هذه المسألة..
· أداء الحج على الفور عند الإمكان في رأي المالكية والحنابلة لقوله تعالى: (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ), وعلى التراخي في رأى الحنفية.
· أداة الزكاة على الفور في مذهب المالكية والحنابلة, وهو على التراخي عند الحنفية.
3. النهي..
· تعريف النهي: هو القول الإنشائي الدال على طلب كف عن فعل على جهة الاستعلاء.
أساليب النهي.
1. صيغة النهي مثل قوله تعالى: (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
2. لفظ التحريم كقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ .....).
3. نفي الحل كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً).
4. الأمر الدال على الترك كقوله تعالى: (وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ), وكقوله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).
· أنواع النهي..
1. التحريم كقوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ).
2. الكراهة كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يمسك أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول).
3. الدعاء كقوله تعالى: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا).
4. الإرشاد كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء ....).
5. التحقير كقوله تعالى: (لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ).
6. اليأس كقوله تعالى: (لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).
7. التأديب كقوله تعالى: (وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ).
8. الالتماس: (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي).
· موجب النهي..
· قال جمهور العلماء موجب النهي التحريم, وقد ينصرف إلى الكراهة أ و غيرها بقرينه كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ), والقرينة هي أن منع النفس من الطيبات مكروه وليس بمجرم..
· الأدلة..
1. قال تعالى: (وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا), أمر الله بالانتهاء عن المنهي عنه فيكون الانتهاء واجبا.
2. أن العقل يفهم حتما من النهي المجرد عن القرينة التحريم.
3. أجمعت الأمة على ضرورة اجتناب ما نهى الله عنه.
4. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما نهيتكم عنه فاجتنبوه), رواه البخاري.
· الحرام عند الأحناف إذا كان دليلا لنهي قطعي الثبوت قطعي الدلالة إما إن كان ظني الثبوت أو الدلالة فهو مكره كراهة تحريمه.
· الحرام عند جمهور العلماء لا يفرقون بين الدليل القطعي والدليل الظني في التحريم فإذا وردا لنهي أقتضى التحريم سواء كان الدليل قطعيا أم ظنيا.
· دلالة النهي على الفور والتكرار..
· قال جمهور العلماء إنا لنهي يقتضى التكرار والفورية..
· أراء العلماء في اقتضاء النهي الفساد أو البطلان..
· إذا كان النهي عن ركن من أركان العقد كان العقد باطلا وفاسداً بالاتفاق.
· أذا كان النهي متجها إلى الأوصاف لا إلى الأركان فقال جمهور العلماء النهي هنا يقتضي البطلان والفساد معاً.
· وقال الأحناف النهي هنا يقتضي الفساد لا البطلان كالنهي عن صوم أيام العيد والنهي عن البيع المشتمل على الربا أو على شرط فاسد.
· قال الأحناف النهي يقتضي فساد الوصف فقط أما أصل العمل فهو باق على مشروعيته فلو تم معالجه الخطأ في الوصف صح العمل.. وجمهور العلماء يبطلون هذا العقد.
· استدل الجمهور بأدلة كثيرة منها..
1. قال رسول الله صلى الله علي وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد), والمنهي عنه ليس بمأمورية فيكون مردوداً أي باطلاً.
2. مازال العلماء من الصحابة وغيرهم في جميع الأعصار والأمصار يستدلون بالنهي على الفساد أو البطلان في جميع البيوع الممنوعة والانكحة الباطلة.
3. إن الشارع إذا طلب العمل ونهي أن يكون متصفاً بصفه معينه فإن وقع متصفاً به لم يكن هو العمل الذي طلبه الشارع, فلا يترتب عليه الأثر الذي يقصده منه.
· دليل الحنفية..
1. إن النهي يدل على كون المنهي عنه معصية لا على كونه غير مفيد لحكمه كالملك مثلا فنقل بصحبه التصرف لا بإباحته.
2. إذا نهى الشرع عن شيء لوصف لازم له كان النهي مقتضيا بطلان هذا الوصف فقط ما دام لم تحل بأصل الشيء بوجود ركنه ومحله فيبطل الوصف وتبقى الحقيقة على ما هي عليه.
3. وقد ورد في الشريعة نهياً وتحريماً يقارن الصحة والأجزاء مثل البيع حال النداء يوم الجمعة فهو حرام وغى نفس الوقت بيع صحيح, والطلاق في الحيض حرام ويقع الطلاق, والذبح بالسكين المغصوبة حرام وتحل الذبيحة, والصلاة في الأرض المغصوبة حرام وهي صحيحة والوضوء بالماء المغصوب حرام ويصح الوضوء وما أشبه ذلك فدل ذلك على أن النهي لا يقتضى الفساد.
4. اتفق العلماء على أن الفساد هو البطلان في العبادات.
· أثر اختلاف العلماء في قاعدة اقتضاء النهي الفساد..
· قال جمهور العلماء العقود المنهي عنها كالبيوع الممنوعة باطلة أو فاسدة بمعنى واحد سواء كان الخلل راجعاً إلى أصل العقد أم وصفه.
· وقال الحنفية العقود المنهي عنها بعضها باطل وهي التي أصاب الخلل ركنا من أركانها والأخر فاسد أذا كان الخلل خارجا عن الركن كالشرط المخالف لمقتضى العقد وكالثمينة.. فبيع الطير في الهواء والسمك في الماء يكون باطلا لأن المحل المعقود عليه محجوز التسليم, وبيع الشيء بثمن مجهول أو ثمن محرم كالخمر فاسد لأن الخلل أصاب الوصف لا الركن.
· حكم البيع الفاسد عند الأحناف..
· البيع الفاسد عند الأحناف يفيد الملك بالقبض.. أما حكم الباطل فلا يفيد الملك.
· أما في العبادات فإن الفساد وهو البطلان عندهم فقد فرقوا بين العبادات والمعاملات فوافقوا الجمهور في العبادات وخالفوهم في المعاملات.
2. العام
· تعريف العام..
· هو اللفظ الذي يستفرق جميع ما يصلح له من الإفراد.. مثل الرجال فإنه يستفرق لجميع ما يصلح له.
· العموم أربعة أنواع..
1. لفظ الجنس: مثل الناس، النساء، الحيوان، الإبل.
2. لفظ الجمع: مثل المسلمين، الرجال، الجبال، الأبرار.
3. الألفاظ المبهمة: مثل (من) للعقلاء، و(ما) لغير العاقل، و (أي) و (أين) و (متى).
4. الرابع: الاسم المفرد أذا دخل عليه الإلف واللام مثل الإنسان, السارق, القاتل, الكافر, الدينار.
· صيغ العموم..
1. ألفاظ الجموع : مثل كل وجميع ونحوهما, ومعشر ومعاشر, وعامة, وكافة وفاطبة ونحوها.. مثل قوله تعالى: (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ), (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ), (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً) ,ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث).
2. الجمع المعرف بأل المفيدة للاستفراق أو المعرف بالإضافة مثل قوله: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ), (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ), (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً), (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ), سواء أكان الجمع مذكر سالم كالمسلمين أو مؤنث سالم كالمسلمات أو جمع تكسير كالذنوب.
· وقد أجمع الصحابة على أن الـ الاستفراقية تفيد العموم وقد فهموا ذلك من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الأمراء من قريش).. فلفظ (الأمراء) عام أي فلا أمير إلا من قريش ولذلك كما قال الأنصار في سقيفة بني ساعده منا أمير ومنكم أمير رد عليهم أبو بكر بهذا الحديث فأذعن الجميع.. هذا إذا تجرد الجمع عن القرائن الدالة على أن الألف واللام للعهد مثل قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً), فإن المراد بكلمه (الناس) الأولى ليس كل الناس بل هو نعيم بن مسعود الاشجعي والمراد (بالناس) الثانية ليس أيضا كل الناس بل هو أبو سفيان ومن معه.
· أما الجمع المعرف بالإضافة فقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ), فكلمة (أولادكم) تفيد العموم بدليل صحة الاستثناء من الجمع المضاف كما في قوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) فإن الاستثناء أمارة العموم.
· الجمع المنكر هو لفظ موضوع لأفراد كثيرة غير محصورة بوضع واحد وبلا شمول.. مثل: (رجال) وفي قوله تعالى: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ), والجمع المنكر غير المضاف لا يفيد العموم.. فإذا قال قائل قام رجال لا يفهم منه أحد أن المراد ثبوت القيام لجميع أفراد الرجال.
· أقل الجمع عند الجمهور النحاة والشرع ثلاثة بدليل تبادره إلى الذهن والفهم عند أطلاق الجمع والتبادر من أمارات الحقيقة.
3. المفرد المعرف بألـ الاستفراقية أو المعرف بالاضافة.. مثل الأول قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا), (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ) فإنه يفيد العموم وقوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا), يشمل كل بيع وكل ربا وقوله تعالى: (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا....), يشمل كل إنسان إلا ما أستثنى منه.. وقوله صلى الله عليه وسلم: (مطل الغنى ظلم), يعم كل غني ومثال المفرد المعرف بالإضافة إلى قوله صلى الله عليه وسلم في شأن البحر هو طهور ماؤه الحل ميتته فإنه يدل على حل كل أنواع ميتات البحر أما التي هي للعهد فلا تفيد العموم لقوله تعالى: (كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً* فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ).
4. النكرة في سياق النفي أو النهي أو الشرط...
· مثال الأول: قوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ), وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لورث), يشمل كل وصية صغيرة كانت أم كبيرة إلا ما أجازه الورثة كما دل على ذلك بعض الروايات.
· ومثال الثاني: (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدا), يعم جميع المنافقين لورود كلمه (أحد) في سياق النهي.
· ومثال الثالث قوله تعالى: (وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ), وقوله: (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) يفيد أن العموم لورود كل من (أية) و (فاسق) في سياق الشرط..
· فإن وقعت النكرة في سياق الإثبات فلا عموم لها إلا أذا دلت فرينه على العموم مثل قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً).
5. الأسماء الموصولة.. مثل (ما), (من), (الذين), (اللائي), (اللاتي) كقوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ), (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا), (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ), (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً), (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ...).
6. أسماء الشرط... مثل (من), (ما), (أي), (أين) كقوله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ), (وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ), (أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى), (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ).
7. أسماء الاستفهام.. مثل (من), (ما), (متى), ( ماذا), (أين) كما في قوله تعالى: (مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ), (مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً), (مَتَى نَصْرُ اللّهِ), (أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ).
· دلالة العام..
· يرى جمهور الأصوليين أن العام الباقي على عمومه يدل على جميع أفراده أي أن صيغة العام موضوعة للاستغراق واستدلوا على ذلك بالاتي..
· وخصص الجمهور عام القران بخبر الآحاد, عملا بفعل الصحابة فإنهم خصصوا قوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ), بحديث النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها كما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها).
· خصصوا آيات المواريث بحديث: (لا يرث القاتل شيئا).
· خصصوا آية: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى), بحديث: (لا يقتل مسلم بكافر).
· خصصوا آية: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا), بحديث يد السارق.
· عارض العام والخاص..
· قال جمهور العلماء لا تعارض بين العام والخاص فيعملون بالخاص فيما دل عليه ويعملون بالعام فيما وراء ذلك.
· وقال الحنفية: بالتعارض بين العام والخاص في القدر الذي دل عليه الخاص لتساويهما في القطعية, فيقرون بأن الخاص يخصص العام وإن لم يتراخ عنه في المجيء، فإن تراخى عنه كان ناسخاً له إن علم تأخر أحدهما وتقدم الأحر فإن لم يعلم يعمل بالراجح منهما.
· من أثر ذلك الاختلاف..
· قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر, وفيما سقى بالنضج نصف العشر), فهذا حديث عام يوجب إخراج الزكاة في القليل والكثير.
· وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة), وهذا حديث خاص فلا زكاة فيما دون خمسة أوسق فقد خصص جمهور العلماء العام والخاص وقالوا تجب الزكاة فيما دون خمسة أوسق.
· وقال أبو حنفية لا يشترط الخمسة أوسق في الزكاة في القليل والكثير مما أخرجته الأرض وذلك لتعارض العام مع الخاص ولم يعلم تاريخهما فيعمل بالراجح منهما وهما العام هو الراجح لأنه يوجب الزكاة في القليل وهو أفضل للفقراء والأحوط فأوجب الزكاة في الخارج من الأرض مطلقاً.
· تخصيص العام..
· تخصيص العام: هو قصر اللفظ على بعض أفراده.. أتفق العلماء على جواز تخصيص العام بالدليل ولكنهم اختلفوا في الدليل الصارف له عن العموم هل يشترط أن يكون مقارناً للعام ومستقلا عن جملته أولاً؟, وذلك على مذهبيه.
· مذهب الجمهور: يرى جمهور العلماء غير الحنفية أن التخصيص هو صرف العام عن عمومه وقصره على بعض ما يتناوله من الأفراد لدليل يدل عليه سواء أكان مستقلا عنه أم غير مستقل, وسواء أكان متصلا أم منفصلا عنه, ما دام لم يتأخر وروده عن وقت العمل به فإن تأخر وروده عن وقت العمل به كان ناسخاً لا مخصصاً.. وذلك لأن النسخ هو رفع الحكم بدليل شرعي متأخر.
· أنواع المخصصات..
· ينقسم التخصص إلى قسمين..
· الأول المخصص المستقل: وهو ما لا يكون من النص العام الذي ورد به اللفظ, وأهمه ستة أنواع .
1. الحس أو المشاهدة.. أي الإدراك بالحواس, وهو أن يرد الشرع بنص عام يعلم الحس بأخصاصه ببعض ما يشتمل عليه العموم مثل قوله تعالى في صفه الريح العقيم: (دَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا), فإنا نعلم بالحس أنها لم تدمر السماوات والأرض مع أشياء كثيرة فكان الحس مخصصاً لذلك العموم.. ومثال ذلك قوله تعالى حكاية عن بلقيس ملكه سبأ: (وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ), وقد خص ذلك بالحس لان ما كان في يد سليمان لم يكن في يدها إنما الآية معناها وأوتيت من كل شيء يحتاجه الملوك.. أو من عاده الملوك اقتناؤه.
2. العقل.. كالنصوص العامة الواردة بتكاليف شرعية من غير تخصيص فإنها تختص بمن هو أهل للتكليف غير الصبي والمجنون مثلا.. مثل قوله تعالى: (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ), فإن هذا الخطاب يتناول بعمومه من لا يفهم من الناس كالصبي والمجنون ولكنهم خرجوا بدليل العقل.
3. العرف والعادة.. يصلح العرف القولي باتفاق العلماء أما العرف العملي فقد أختلف فيه العلماء مثال العرف القولي: إطلاق لفظ اللحم ولا يراد به السمك فمن حلف ألا يأكل لحماً وأكل سمكاً فلا يحنث لأن الناس عاده تفرق بين اللحم والسمك فلا يقولون أكلت اليوم لحماً ويقصدون به السمك, ويقولون أكلت لحماً أم سمكاً اليوم؟, رغم أن السمك لحماً وقد سماه الله في كتابه لحماً طرياً ومثال العرف العملي قال تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ), خصص الإمام مالك الشريفة القدر لأن ذلك من عاده قريش فأن العرف في قريش آن ذاك أن المرأة الحسيبة لا ترضع أولادها.. ولا يصلح العرف العملي أن يكون مخصصاً عند الشافعية والحنابلة والقرافي من المالكية.
4. الإجماع.. يجوز التخصص بالإجماع لأنه بمثابة نص قاطع شرعي.. مثال: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ), فإنهم أجمعوا على ألا الجمعة على العبد ولا امرأة.
5. قول الصحابي.. يصلح مخصصاً عند الشافعية والحنابلة لأنه حجه عندهم وقال الشافعية: لا يجوز التخصص بقول الصحابي لأنه قد يخالف المسموع من النبي صلى الله عليه وسلم لدليل في ظنه وظنه لا يكون حجه على غيرة فقد يظن ما ليس بدليل دليلاً والتقليد للمجتهد منه مجتهد مثله لا يجوز.
6. النص القرآني أو النبوي الخاص.. يجوز التخصص بالكتاب العزيز وبالسنة المطهرة سواء أكان النص القرآني المخصص متصلاً بالعام منفصلا عنه.. مثال التخصص في القرآن بالنص المتصل بالعام فيه قال الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ), ثم خصص منه الربا بقوله سبحانه: (وَحَرَّمَ الرِّبَا), ومثال التخصيص بالنص المنفصل من القرآن قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ), فإنه يشمل الحوامل وغيرهن, وخص منه الحوامل بقوله سبحانه: (وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ), وخص منه أيضاً المطلقة قبل الدخول بقوله عز وجل فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا), ومثال التخصيص بنص منفصل من السنة النبوية قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ), فأنه عام خص منه عدم جواز الوصية للوارث بحديث: (لا وصية لوارث).. وهذا حديث متواتر.. ومثال التخصيص بنص منفصل من السنة النبوية بخبر آحاد قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ), خص منه ميتة البحر بقوله صلى الله عليه وسلم في شأن البحر : (هو الطهور ماؤه الحل ميتة).
· تخصيص القرآن بالقرآن وبالسنة المتواترة مجمع عليه بين العلماء..
· وأما تخصيص الكتاب العزيز بخبر الواحد فمختلف فيه, أجازه الجمهور مطلقاً وقال الحنفية: أن كان العموم قد دخله الخصوص جاز تخصيصه بخبر الواحد وإن لم يكن التخصيص لم يجز تخصيص بخبر الواحد.
· المخصص غير المستقل.. وهو ما يكون جزءاً من النص المشتمل عليه على العام, وأهمه أربعة أنواع:
1. الاستثناء المتصل.. كما في قوله تعالى: (مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ), فإن هذا الاستثناء أخرج من عموم مقدم الآية الشامل لكل كفر, الكفر الظاهر الذي يصدر بمجرد اللسان مع اطمئنان القلب بالإيمان, مما يدل على أن الكفر الحرام هو الصادر عن رضا واختيار دون الإكراه.
2. الشرط.. مثل قوله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ), فالشرط وهو عدم الولد قصر استحقاق الأزواج نصف التركة على حاله عدم الولد للزوجة المتوفاة, ولولا هذا الشرط لاستحق الأزواج النصف في كل الأحوال.
3. الصفة.. مثل قوله تعالى: (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ), فإن النص قصر جواز التزوج بالإماء المؤمنات دون غيرهم في حال العجز عن مهر الحرائر.
4. مثل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ), فإن هذه الآية قد قصرت وجوب غسل اليد إلى المرفق فقط..
· حكم العام إذا خص.. اختلف الأصوليون في العام إذا خص هل يكون حقيقة في الباقي أم مجازاً؟.
· ذهب جمهور العلماء منهم.. مالك, الشافعي, الحنابلة, وأكثر الحنفية, إلى أنه حقيقة فيما بقى مطلقاً.
· وقال جمهور الأشاعرة, والمعتزلة أنه مجاز في الباقي.
· هل يعمل بالعام قبل البحث عن المخصص؟.
· قال جمهور العلماء لا يجوز العمل بالعام قبل البحث عن المخصص.. وقال أبو بكر الصيرفي: يجوز التمسك بالعام ابتدءاً ما لم يظهر دلاله مخصصة.
· هل عطف العام على الخاص يخصصه؟.
· إذا ذكر العام وعطف عليه بعض أفراده مما حق العموم أن يتناوله فهل يخصصه كما في قوله تعالى: (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى), قال جمهور العلماء الأصح أن عطف العام على الخاص يخصص العام.
· هل للمفهوم عموم؟.
· ذهب جمهور العلماء إلى أن للمفهوم عموماً.. العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.. قال أكثر الأصوليين: العام الوارد على سبب خاص في سؤال سائل أو وقوع حادثه أو غيرها يبقى على عمومه ولا يتخصص بالسبب.. مثال: سأل رجل من بني مدلج أسمه عبد الله, فقال يا رسول الله إنا نركب البحر, ونحمل معنا القليل من الماء, فإن توضأنا بع عطشنا أنتوضأ بماء البحر؟, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هو الطهور ماؤه الحل ميتتة).. فقوله صلى الله عليه وسلم: (الطهور ماؤه), عام يشمل السائل وغيره ويشمل حاله الحاجة وحاله السعه والوضوء وغيره.
· ترك الاستفصال في حكاية الحال يتنزل منزلة العموم في المقال..
· قال الإمام الشافعي: ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال.. مثال: أن ابن غيلان أسلم على عشر نسوه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أمسك أربعاً منهن, وفارق سائرهن), ولم يسأل عن كيفية ورود عقده بين أن يقع عليهن في الجمع والترتيب فكان أطلاق القول دالا على أنه لا فرق بين أن تقع تلك العقود معاً أو على الترتيب.
· هل خطاب الرسول يعم الأمة؟.
· يرى جمهور العلماء أن الحطاب المختص بالرسول صلى الله عليه وسلم مثل: (يا أيها الرسول), و: (يا أيها النبي), لا يعم الأمة لغة لكنه يعمها شرعاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم له منصب الاقتداء فهو القدوة ونحن مأمورون بأتباعه إلا فيما دل الدليل الخاص على تخصيصه بذلك, أي أن اللفظ بمجرده بحسب اللغة وإنما يعم بحسب العرف الشرعي.
· هل الخطاب الخاص بواحد من الأمة يعمّ؟.
· لا يعم لغة إنما يعم شرعاً لأنه لا نزاع في أن الأمة كلها سواء في المطالبة بالأحكام الشرعية ولأن المقرر شرعاً عموم الرسالة وقد ثبت عن الصحابة فمن بعدهم الاستدلال بأقضيته صلى الله عليه وسلم الخاصة بالواحد و بالجماعة المخصوصة على ثبوت مثل ذلك لسائر الأمة ولقول رسول الله صلى الله وسلم: (إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائه امرأة), رواه الترمذي والنسائي.
3. المشترك
· تعريفه..
· هو اللفظ الموضوع للدلالة على معنيين فأكثر.. فلابد فيه من شرطتين: تعدد الوضع وتعدد المعنى بأن يوضع اللفظ مرتين فأكثر لمعنيين فأكثر.. مثال: لفظ (العين) فإنه في أصل الوضع اللغوي يطلق على العين الناظرة, وعين الماء, والجاسوس, والشمس, والذهب, والميزان, والنقد من المال, والشيء المعين, فهو قد وضع لكل منهما على حده.. ومثل اللفظ (قرء) فإنه وضع في اللغة للحيض وللطهر.
· أسباب وجود المشترك..
1. اختلاف الوضع اللغوي بين القبائل العربية.. فقد يضع واضع في قبيلة عربية لفظاً لمعنى معين, ويضع آخر نفس اللفظ لمعنى آخر وقد لا يكون بين المعنيين مناسبة ثم ينقل إلينا اللفظ مستعملاً في المعنيين من غير نص على اختلاف الوضع.
2. الاشتراك المعنوي.. فقد يوضع اللفظ عام يجمع بين فتصلح الكلمة لكل منهما بسبب المعنى الجامع وهذا ما يسمونه بالاشتراك المعنوي ويغفل الناس عن المعنى الأصلي وتصبح الكلمة في ظن الناس من قبيل المشترك اللفظي, مثل لفظ (المولى) فإن معناه في الأصل الناصر ثم أستعمل للسيد والعبد ومثل لفظ (القرء) فإن معناه في أصل اللغة كل وقت أعتيد فيه أمر خاص فيقال للحمى قرء أي دور معتاد فيه وللمرأة قرء أي وقت تحيض فيه ووقت تطهر فيه.
3. التردد بين المعنى الحقيقي والمجازى.. قد يوضع اللفظ لمعنى حقيقي أصلي ثم يشتهر استعماله في معنى مجازي, وينسى أنه مجاز فيه، فينقل إلينا على أنه حقيقة في المعنيين, والمعنى المجازي.. مثال: كلمة سيارة فإنها موضوعة في اللغة على القافلة ثم استخدمها الناس على سبيل المجاز في أسم وسيلة المواصلات المعروفة حالياً وأصبح لفظ سيارة مشتركاً.
4. التردد بين المعنى الحقيقي والمعنى العرفي.. قد ينقل اللفظ من معناه الأصلي إلى المعنى اصطلاحي عرفي, فيكون حقيقة لغوية في الأول وعرفية في الثاني ويصبح مشتركاً.
5. الاصطلاح الشرعي بجانب المعنى اللغوي.. فكلمة (الصلاة) في اللغة بمعنى الدعاء وفي الشرع هي العبادة المعروفة المبدؤة بالتكبير والمنتهية بالتسليم.. وككلمة (الصوم) في اللغة هي الإمساك أيا كان أما في الشرع فهو الامتناع عن الطعام والشراب والجماع من أذان الفجر إلى أذان المغرب.
· دلالة المشترك..
قرر علماء الأصول.. أن الاشتراك خلاف الأصل، ومعنى ذلك أن اللفظ متى تردد بين احتمال الاشتراك والانفراد بالمعنى كان الانفراد هو الراجح والاشتراك هو المرجوح.
· إذا كان اللفظ له معنى شرعي ومعنى لغوي كألفاظ الصلاة والزكاة والصوم كان المراد هو المعنى الشرعي.
· الاشتراك بين معنيين لغويين.. إن كان في النص الشرعي دليل يدل على المقصود من اللفظ المشترك عمل به.. مثال: قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا), فقد نصت السنة على أن اليد المذكورة في الآية هي اليد اليمنى وتقطع من الكوع لذا يج
تقسيم اللفظ بحسب دلالته على المعنى..
· التقسيم الأول: باعتبار وضع اللفظ للمعنى.. الخاص، العام، المشترك، المؤول.
· التقسيم الثاني: باعتبار استعمال اللفظ في المعنى.. الحقيقة، المجاز، الصريح، الكناية.
· التقسيم الثالث: باعتبار دلاله اللفظ على المعنى.. بحسب ظهور المعنى وحفائه التأويل، الظاهر، النصي، المفسر، المحكم.
· التقسيم الرابع: تقسيم اللفظ باعتبار كيفية دلالته على المعنى.. عبارة النص، إشارة النص، دلالة النص، اقتضاء النص.
- التقسيم الأول.. باعتبار وضع اللفظ للمعنى -
1. الخاص
· تعريف الخاص:
· هو اللفظ الموضوع للدلالة على معنى واحد على سبيل الانفراد فهو إما أن يكون موضوعاً لشخص واحد معين كأسماء الأعم مثال محمد، أحمد.. أو يكون للنوع مثل رجل، فرس.. أو يكون موضوعاً لكثير محصور كأسماء الأعداد كاثنين وثلاثة وعشرة وعشرين ومائه وألف وقوم ورهط ,أو موضوعة للجنس كإنسان أو لواحد بالمعاني كالعلم والجهل.
· حكم الخاص: يدل على المعنى الذي وضع له على سبيل القطع واليقين ما لم يدل دليل على صرفه عن معناه.. مثال: لفظ ثلاثة أيام في قولة تعالى: (فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ), ومثل عشرة في قول الله تعالى: (فكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ), يدل كل من العددين على معناه قطعاً ولا يحتمل زيادة ولا نقصاً, وصيغه الأمر من الخاص كقولة تعالى: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ), وصيغه النهي من الخاص كقولة تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ), فإن وجدت قرينة تدل على صرف اللفظ الخاص عن معناه الحقيقي فلا تكون دلالته قطعية كقولك: قتل القاضي المجرم.. فإنه يحتمل أن القاضي حكم بالقتل.. وهو احتمال مستند إلى دليل، هو أن مهمة القاضي الحكم دون التنفيذ.
· أنواع الخاص..
1. المطلق. 2. الأمر. 3. النهي.
1. المطلق..
· تعريف المطلق: هو اللفظ الخاص الذي يدل على فرد شائع أو أفراد على سبيل الشيوع، ولم يقيد بصفه من الصفات, مثل: رجل، رجال، كتاب، كتب.. فإنها تدل على فرد شائع في جنسه أو أفراد غير معينه دون ملاحظة العموم أو الاستغراق.
· حكم المطلق: المطلق يجرى على إطلاق ما لم يرد دليل على التقييد, مثال: قوله تعالى في كفاره اليمين: (أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ), فإن الرقبة بإطلاقها تدل على أجزاء المؤمنة والكافرة, فإن دل الدليل على التقييد المطلق عمل بالقيد، كما في قوله تعالى: (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ), فإن الوصية وردت بكل المال لكن قام الدليل على تقيدها بالثلث وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبى وقاص: (الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عاله يتكففون الناس).
· المقيد..
· تعريف المقيد: هو لفظ خاص يدل على فرد شائع مقيد بصفة من الصفات مثل رجل مؤمن، رجال مؤمنون، امرأة عفيفة، نساء عفاف فالمقيد هو المطلق لحقه قيد, حكم المقيد: المقيد يعمل به على تقييده ما لم يدل على دليل على إلغاء القيد فيلغى حينئذ القيد, مثال: قال تعالى: (فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا), ورد الصيام مقيداً بتتابع شهرين على أن يكون قبل العودة إلى التماس والاستمتاع بالزوجة التي ظاهر منها فيجب العمل بهذين القيدين, وكقوله تعالى في تحريم الدم المسفوح: (إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً), فقيد الدم المحرم بالدم المحرم المسفوح أما الدم الجامد كالكبد والطحال فليس بحرام, مثال القيد الملغي: قوله تعالى في بيان المحرمات: (وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ), فإنه يعمل بالقيد الثاني وهو اشتراط الدخول بالزوجة ولا يعمل بالقيد الأول وهو كونهن في الحجور أي في رعاية الزوج وإنما ذكر في الآية بناء على العرف الغالب وأحوال الناس وهو كون الربيبة غالباً مع أمها في بيت الزوج.
· حمل المطلق على المقيد..
· الحالة الأولى: أن يكون الإطلاق والتقييد في سبب الحكم.. قال جمهور العلماء يحمل المطلق على المقيد هنا وقال الحنفية لا يحمل المطلق على المقيد إنما يعمل بكل من النصيين على حدة, مثال: حديث عبد الله بن عمر, قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين)، وفي رواية أخرى لم يذكر فيها من المسلمين..إن الحكم في النصين واحد وهو وجوب زكاة الفطر ولكن وجد الإطلاق والتقييد في سبب الحكم، وهو الشخص الذي تعطى الزكاة إليه إذا ورد في أحدهما مقيداً بأنه مسلم وورد في الثانية مطلقاً عن هذا القيد.. فقال جمهور العلماء يحمل المطلق على المقيد فلا يجب إخراج صدقه الفطر عن الكافر, وقال الحنفية: لا يحمل المطلق على المقيد فيجب على المسلم إخراج زكاة الفطر عن الكافر, أن يكون الإطلاق والتقييد في نفس الحكم لهذه الحالة أربع صور..
· الصورة الأولى: أن يتحد المطلق والمقيد في الحكم والسبب, حكمه: أن يحمل المطلق على المقيد باتفاق العلماء.. مثال: قوله تعالى في موضع بالنسبة للتيمم: (فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ)، فالسبب واحد في الآيتين وهو إرادة الصلاة، والحكم واحد, أيضا وهو وجوب المسح فيحمل المطلق على المقيد وكون الواجب في التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب الطاهر لا النجس, مثال أخر: قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ), وقوله سبحانه وتعالى: (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً), فالسبب في الآيتين متحد وهو وجود الضرر في الدم، والحكم متحد أيضاً وهو حرمه تناول الدم وقد أطلق الدم في الآية الأولى ولم يقيد بشيء في الآية الثانية بكونه مسفوحاً، فيحمل المطلق على المقيد ويكون الدم المحرم هو الدم المسفوح فقط، وأما الدم الباقي في العروق واللحم فهو مباح معفوّ عنه وكذلك الدم الجامد كالكبد والطحال, فهما حلالا.
· الصورة الثانية: أن يختلف الحكم والسبب.. حكمه: لا يحمل المطلق على المقيد باتفاق العلماء,مثال: قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا), وقوله تعالى في الوضوء: (فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ), لفظ (أَيْدِيَهُمَا) في الآية الأولى مطلق وفي الآية الثانية مقيد بـ: (إلى الْمَرَافِقِ), والسبب في الآيتين مختلف فهو في الأولى السرقة وفي الآية الثانية إرادة الصلاة عند وجود الحدث, والحكم مختلف أيضاً فهو في الآية الأولى قطع يد السارق وفي الآية الثانية غسل الأيدي ففي هذه الصورة لا يحمل على المقيد باتفاق العلماء.
· الصورة الثالثة: أن يختلف الحكم ويتحد السبب.. حكمه: لا يحمل المطلق على المقيد باتفاق العلماء, مثال: قوله تعالى في الوضوء: (فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ), وقوله سبحانه وتعالى: (فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ), الأيدي في الوضوء مقيدة بـ (إِلَى الْمَرَافِقِ), ومطلقة في التيمم, والحكم مختلف في الآيتين فهو غسل في الوضوء ومسح في التيمم, أما السبب فهو متحد وهو أرادة الصلاة وع وجود الحدث.
· الصورة الرابعة: أن يتحد الحكم ويختلف السبب.. مثال: كفارة الظهار وكفارة القتل الخطأ قال تعالى عن الأولى: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا), وقال عن الثانية: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ), ولفظ (رقبة) مطلق في الآية الأولى ومقيد بالإيمان في الآية الثانية والحكم متحد في الآيتين, ولكم السبب مختلف فهو الظهار إرادة العودة إلى الاستمتاع بالزوجة, وفي القتل الخطأ وهذه الصورة مختلف, فقال الحنفية وأكثر المالكية لا يحمل المطلق على المقيد, ويعمل بالطلق في محله وبالمقيد في محله, فيجب في كفارة القتل الخطأ عتق رقبة مؤمنة, وفي كفارة الظهار عتق رقبة سواء كانت مؤمنة أو كافرة, وقال الشافعية والحنابلة وبعض المالكية يحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة فيجب عتق رقبة مؤمنة في كل من كفارة القتل الخطأ وكفارة الظهار.
2. الأمر..
· هو اللفظ الدال على طلب الفعل على وجه الاستعلاء, فإن كان من الأسفل إلى الأعلى كان على سبيل التضرع والاستعطاف ولذا لا يسمى أمراً إنما يقال له دعاء والتماس.
· صيغ الأمر:
1. صيغه الأمر مثل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ), وقوله: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ).
2.صيغه المضارع المقترن بلام الأمر كقوله تعالى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ), وقوله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).
3.الجملة الخبرية التي يقصد منها الطلب كقوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ).
· دلالة الأمر على الوجوب..
· يرى جمهور العلماء أن الأمر يدل على الوجوب ولا يصرف إلى غيره إلا بقرينه.
· الصور التي يمكن أن تأتى عليها صيغ الأمر:
1. الندب كقوله تعالى: (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً), فمكاتبة المماليك ليست واجبة إنما هي مندوبة بقرينه أن المالك حر التصرف في ملكه.
2. الإباحة كقوله تعالى: (كُلُواْ وَاشْرَبُواْ), بقرينه أن الأكل والشرب بحسب استدعاء الطبيعة البشرية.
3. الإرشاد كالأمر بالاستشهاد على البيع في قوله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ), وكقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) والقرينة التي صرفت هذا للأمر إلى الإرشاد تتمه الآية نفسها وهى كقوله تعالى: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ), فإنه يدل على أن للدائن أن يثق بمدينه من غير كتابه.
4. التأديب كقوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبى سلمة يا غلام سم الله وكل بيمينك, وكل مما يليك).
5. الإنذار كقوله تعالى: (قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ).
6. الدعاء كقوله تعالى: (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ), وقد ذكر الإمام أبن السبكي في جمع الجوامع ستة وعشرين معنى للأمر كالتهديد والامتنان, والإكرام, والامتهان, والتعجيز وغيرها الأمر موضوع في اللغة العربية للطلب الجازم والإلزام على سبيل الحقيقة فإن أستعمل في غيره فهو على سبيل المجاز.. الأمر من الناحية الشرعية يدل على الوجوب الذي يترتب على مخالفته استحقاق الإثم والعقاب.
· الأدلة على أن الأمر يفيد الوجوب..
1. قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ), فمن خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يصاب بالفتنة والعذاب الأليم وهذا دليل الوجوب فإن تارك الواجب يعاقب.
2. قوله تعالى لإبليس: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ), ذمه على ترك الأمر والذم يقتضى الوجوب.
3. قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ), ذمهم على ترك الأمر بالركوع.
4. قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ), فنفى الحق تعالى أن يختار العبد شيئاً غير أمر الله ورسوله فلا مناص من طاعة الأمر وهذا دليل الوجوب.
5. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة), فلولا المشقة لأمر ولكان الأمر واجب التنفيذ لكنه ندب السواك دون الأمر خوف المشقة على العباد فهذا الحدث دل على أن من رسول الله صلى الله عليه وسلم يفيد الوجوب.
· الأمر بعد الحظر أو التحريم..
· كقوله تعالى: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ), بعد قوله تعالى: (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً), وقوله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ), بعد قوله تعالى: (إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ), أختلف الأصوليون في موجب الأمر بعد الحظر على ثلاثة أقوال:
· الأول: للشافعي والحنابلة وبعض المالكية إن الأمر بعد الحظر للإباحة ودليلهم في ذلك أن معظم الأوامر التي وردت بعد الحظر فأنها للإباحة.
· الثاني: لعامة الحنفية والأصح عند الشافعية والمالكية أن الأمر بعد الحظر للوجوب لأن الأصل في الأمر يفيد الوجوب, ولقوله تعالى: (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ), فكان القتال محرماً في الأشهر الحرم ثم جاء الأمر بقتال المشركين بعد انسلاخ الأشهر الحرم وقد أجمع العلماء على أن هذا الأمر للوجوب, ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت حبيش التي كانت تستحاض: (ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلى فالأمر هنا بعد الحظر أفاد الوجوب بالإجماع).
· الثالث: لكمال بن الهمام من الحنفية وهو القول بالتفصيل الأمر بعد الحظر يرجع إلى الحكم الذي كان قبله من وجوب أو غيره والدليل تتبع واستقراء الأوامر الواردة بعد الحظر فإنها ترجع الحكم إلى ما قبل الحظر, وذلك قوله تعالى: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ), فإن الصيد قبل الحظر كان مباحاً ثم عاد إلى ما كان عليه بعد انتهاء الحظر وقتال المشركين كان واجبا قبل الحظر ثم عاد إلى الوجوب بعد انتهاء الحظر وزيارة القبور كانت مندوبه قبل الحظر ثم نهى الشرع عنها لمصلحة اقتضت ذلك ثم أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فعادت إلى أصله السابق وهو الندب وهكذا.
· دلالة الأمر على التكرار أو الوحدة.. أختلف الأصوليون في هذا على ثلاثة أقوال..
· القول الأول: للحنفية والحنابلة أن الأمر لا يقتضى التكرار إنما يدل على طلب الفعل من غير إشعار بمرة أو تكرار ولكن يستفاد التكرار من القرائن التي تحيط به كأن يكون الأمر على شرط كقوله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ), فكلما أصاب المسلم جنابة وجب عليه التطهر, وكقوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ), وهى زوال الشمس عن كبد السماء وهذا أمر فيه قرينه التكرار فكلما دلكت الشمس وجبت صلاة الظهر ولأن الأمر المطلق ورد تارة يفيد التكرار شرعاً كطلب الصلاة والزكاة والصوم وعرفاً نحو احفظ دابتي, وورد للمرة الواحدة شرعاً كطلب الحج وعرفاً كقولك أدخل الدار فيكون الأمر حقيقة قي القدر المشترك بين التكرار والمرة.
· القول الثاني: لأكثر المالكية وأكثر الشافية أن الأمر يدل على المرة الواحدة لأن امتثال المأمور به يحصل بالمرة.
· القول الثالث: الإمام أحمد بن حنبل أن الأمر يدل على التكرار واستدلوا على ذلك بالآتي..
1. أن أهل الردة لما منعوا الزكاة تمسك أبو بكر الصديق رضي الله عنه في وجوب تكرارها بقوله تعالى: (وَآتُواْ الزَّكَاةَ), ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فكان ذلك إجماعاً منهم على أنها للتكرار.
2. النهي يقتضى التكرار فذلك الأمر قياساً عليه بجامع أن كلا منهما للطلب.
3. لو لم يدل الأمر على التكرار بل دل على المرة الواحدة لم يجز ورود النسخ عليه, لكن ورود النسخ جائز فدل على أنه للتكرار.
4. أنه لو لم يكن الأمر للتكرار لما صح الاستثناء منه لاستحالة الاستثناء من المرة الواحدة, فلا يقال صم إلا يوم الجمعة.
· من أثر الخلاف في هذه القاعدة..
· إن القائلين بأن الأمر يقتضى التكرار أجازوا للمرأة المقول لها: طلقي نفسك, الطلاق مرة وأثنين وثلاثا, ومن قال لا يقتضى التكرار لا تملك المرأة عنده إلا طلقة واحدة, والأحناف القائلون بأن الأمر لا يقتضى التكرار لم يوجبوا التيمم لكل فريضة كالوضوء وأجازوا للتيمم أن يصلى بالتيمم ما شاء من الفرائض والنوافل لأن قوله تعالى: (فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً), لا يقتضى التكرار والقائلون بأن الأمر يقتضى التكرار أوجبوا التيمم لكل فريضة.
· الأمر بالشيء نهى عن ضده..
· قال أكثر العلماء إن الأمر بالشيء نهى عند ضده فالأمر بالأيمان نهي عن الكفر والأمر بالقيام نهي عن جميع أضداده كالقعود والسجود والاضطجاع وغير ذلك كما في قول الله تعالى: (وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ), فإنه نهي عن القعود والاضطجاع وأي ضد آخر.
· النهي عن الشيء أمر بواحد من أضداده..
· قال أكثر العلماء النهي عن الشيء أمر بواحد من أضداده, لأنه إذا نهى عن فعل شيء تضمن ذلك وجوب الكف عنه ولا يمكنه الكف عنه إلا بفعل واحد من أضداده.
· الأمر المعلق بشرط أو صفه..
· هل يدل الأمر المعلق بشرط أو صفه على التكرار أولاً؟.
· اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة مذاهب:
· الأول: أنه يقتضي التكرار وهو قول كثير من أصحاب مالك والشافعي لأن الشروط اللغوية أسباب, والحكم يتكرر بسببه.
· الثاني: انه لا يقتضى التكرار, وهذا هو القائل بأن ترتيب الحكم على الوصف لا يدل على العلية.
· الثالث: أنه لا يقتضيه لفظاً ويقتضيه من جهة القياس وهو الحق عند الحنفية والحنابلة أي إن الأمر يتكرر إذا كان الشرط أو الوصف عله فإن لم يكن يقتضى التكرار لأن المعلول يتكرر بتكرر علته والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
· دلالة الأمر على الفور أو التراخي.. أختلف الأصوليون في هذه المسألة..
· المذهب الأول: للمالكية والحنابلة في ظاهر المذهب إن مطلق الأمر هو للفور.
· المذهب الثاني: صحيح مذهب الحنفية إن المطلق على التراخي.
· المذهب الثالث: للشافعية على الراجح.. إن مطلق الأمر لا يفيد الفور ولا التراخي
· دليل القول الأول..
1. إنه تعالى ذم إبليس على ترك السجود لأدم عليه السلام بقوله: (مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ), فلو لم يكن الأمر للفور لما استحق الذم.
2. قوله تعالى: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ), والمسارعة توجب كون الأمر للفور.
3. لو لم يكن الأمر للفور لأدى ذلك إلى عدم امتثال الأوامر بسبب الوفاة.
4. قياس الأمر على النهي لأن النهي يفيد الفور فيكون الأمر كذلك بجامع الطلب في كل منهما.
· دليل القول الثاني..
· أستدل القائلون على أن الأمر يفيد التراخي بالفرق بين الأمر المقيد والأمر المطلق فإن قول القائل لخادمه أفعل كذا الساعة يوجب الائتمار على الفور, وهذا أمر مقيد وقل القائل ,أفعل مطلق وبين المطلق والمقيد مقابره ومنافاة فلا يجوز أن يكون حكم المطلق هو حكم المقيد لأن ذلك إلغاء لصفه الإطلاق واثبات القيد من غير دليل.. وأستدل أصحاب المذهب الثالث أنه ورد الأمر مع الفور ومع عدمه ويصح تقيده بالفور والتراخي.
· من أثار الاختلاف في هذه المسألة..
· أداء الحج على الفور عند الإمكان في رأي المالكية والحنابلة لقوله تعالى: (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ), وعلى التراخي في رأى الحنفية.
· أداة الزكاة على الفور في مذهب المالكية والحنابلة, وهو على التراخي عند الحنفية.
3. النهي..
· تعريف النهي: هو القول الإنشائي الدال على طلب كف عن فعل على جهة الاستعلاء.
أساليب النهي.
1. صيغة النهي مثل قوله تعالى: (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
2. لفظ التحريم كقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ .....).
3. نفي الحل كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً).
4. الأمر الدال على الترك كقوله تعالى: (وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ), وكقوله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).
· أنواع النهي..
1. التحريم كقوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ).
2. الكراهة كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يمسك أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول).
3. الدعاء كقوله تعالى: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا).
4. الإرشاد كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء ....).
5. التحقير كقوله تعالى: (لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ).
6. اليأس كقوله تعالى: (لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).
7. التأديب كقوله تعالى: (وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ).
8. الالتماس: (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي).
· موجب النهي..
· قال جمهور العلماء موجب النهي التحريم, وقد ينصرف إلى الكراهة أ و غيرها بقرينه كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ), والقرينة هي أن منع النفس من الطيبات مكروه وليس بمجرم..
· الأدلة..
1. قال تعالى: (وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا), أمر الله بالانتهاء عن المنهي عنه فيكون الانتهاء واجبا.
2. أن العقل يفهم حتما من النهي المجرد عن القرينة التحريم.
3. أجمعت الأمة على ضرورة اجتناب ما نهى الله عنه.
4. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما نهيتكم عنه فاجتنبوه), رواه البخاري.
· الحرام عند الأحناف إذا كان دليلا لنهي قطعي الثبوت قطعي الدلالة إما إن كان ظني الثبوت أو الدلالة فهو مكره كراهة تحريمه.
· الحرام عند جمهور العلماء لا يفرقون بين الدليل القطعي والدليل الظني في التحريم فإذا وردا لنهي أقتضى التحريم سواء كان الدليل قطعيا أم ظنيا.
· دلالة النهي على الفور والتكرار..
· قال جمهور العلماء إنا لنهي يقتضى التكرار والفورية..
· أراء العلماء في اقتضاء النهي الفساد أو البطلان..
· إذا كان النهي عن ركن من أركان العقد كان العقد باطلا وفاسداً بالاتفاق.
· أذا كان النهي متجها إلى الأوصاف لا إلى الأركان فقال جمهور العلماء النهي هنا يقتضي البطلان والفساد معاً.
· وقال الأحناف النهي هنا يقتضي الفساد لا البطلان كالنهي عن صوم أيام العيد والنهي عن البيع المشتمل على الربا أو على شرط فاسد.
· قال الأحناف النهي يقتضي فساد الوصف فقط أما أصل العمل فهو باق على مشروعيته فلو تم معالجه الخطأ في الوصف صح العمل.. وجمهور العلماء يبطلون هذا العقد.
· استدل الجمهور بأدلة كثيرة منها..
1. قال رسول الله صلى الله علي وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد), والمنهي عنه ليس بمأمورية فيكون مردوداً أي باطلاً.
2. مازال العلماء من الصحابة وغيرهم في جميع الأعصار والأمصار يستدلون بالنهي على الفساد أو البطلان في جميع البيوع الممنوعة والانكحة الباطلة.
3. إن الشارع إذا طلب العمل ونهي أن يكون متصفاً بصفه معينه فإن وقع متصفاً به لم يكن هو العمل الذي طلبه الشارع, فلا يترتب عليه الأثر الذي يقصده منه.
· دليل الحنفية..
1. إن النهي يدل على كون المنهي عنه معصية لا على كونه غير مفيد لحكمه كالملك مثلا فنقل بصحبه التصرف لا بإباحته.
2. إذا نهى الشرع عن شيء لوصف لازم له كان النهي مقتضيا بطلان هذا الوصف فقط ما دام لم تحل بأصل الشيء بوجود ركنه ومحله فيبطل الوصف وتبقى الحقيقة على ما هي عليه.
3. وقد ورد في الشريعة نهياً وتحريماً يقارن الصحة والأجزاء مثل البيع حال النداء يوم الجمعة فهو حرام وغى نفس الوقت بيع صحيح, والطلاق في الحيض حرام ويقع الطلاق, والذبح بالسكين المغصوبة حرام وتحل الذبيحة, والصلاة في الأرض المغصوبة حرام وهي صحيحة والوضوء بالماء المغصوب حرام ويصح الوضوء وما أشبه ذلك فدل ذلك على أن النهي لا يقتضى الفساد.
4. اتفق العلماء على أن الفساد هو البطلان في العبادات.
· أثر اختلاف العلماء في قاعدة اقتضاء النهي الفساد..
· قال جمهور العلماء العقود المنهي عنها كالبيوع الممنوعة باطلة أو فاسدة بمعنى واحد سواء كان الخلل راجعاً إلى أصل العقد أم وصفه.
· وقال الحنفية العقود المنهي عنها بعضها باطل وهي التي أصاب الخلل ركنا من أركانها والأخر فاسد أذا كان الخلل خارجا عن الركن كالشرط المخالف لمقتضى العقد وكالثمينة.. فبيع الطير في الهواء والسمك في الماء يكون باطلا لأن المحل المعقود عليه محجوز التسليم, وبيع الشيء بثمن مجهول أو ثمن محرم كالخمر فاسد لأن الخلل أصاب الوصف لا الركن.
· حكم البيع الفاسد عند الأحناف..
· البيع الفاسد عند الأحناف يفيد الملك بالقبض.. أما حكم الباطل فلا يفيد الملك.
· أما في العبادات فإن الفساد وهو البطلان عندهم فقد فرقوا بين العبادات والمعاملات فوافقوا الجمهور في العبادات وخالفوهم في المعاملات.
2. العام
· تعريف العام..
· هو اللفظ الذي يستفرق جميع ما يصلح له من الإفراد.. مثل الرجال فإنه يستفرق لجميع ما يصلح له.
· العموم أربعة أنواع..
1. لفظ الجنس: مثل الناس، النساء، الحيوان، الإبل.
2. لفظ الجمع: مثل المسلمين، الرجال، الجبال، الأبرار.
3. الألفاظ المبهمة: مثل (من) للعقلاء، و(ما) لغير العاقل، و (أي) و (أين) و (متى).
4. الرابع: الاسم المفرد أذا دخل عليه الإلف واللام مثل الإنسان, السارق, القاتل, الكافر, الدينار.
· صيغ العموم..
1. ألفاظ الجموع : مثل كل وجميع ونحوهما, ومعشر ومعاشر, وعامة, وكافة وفاطبة ونحوها.. مثل قوله تعالى: (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ), (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ), (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً) ,ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث).
2. الجمع المعرف بأل المفيدة للاستفراق أو المعرف بالإضافة مثل قوله: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ), (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ), (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً), (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ), سواء أكان الجمع مذكر سالم كالمسلمين أو مؤنث سالم كالمسلمات أو جمع تكسير كالذنوب.
· وقد أجمع الصحابة على أن الـ الاستفراقية تفيد العموم وقد فهموا ذلك من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الأمراء من قريش).. فلفظ (الأمراء) عام أي فلا أمير إلا من قريش ولذلك كما قال الأنصار في سقيفة بني ساعده منا أمير ومنكم أمير رد عليهم أبو بكر بهذا الحديث فأذعن الجميع.. هذا إذا تجرد الجمع عن القرائن الدالة على أن الألف واللام للعهد مثل قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً), فإن المراد بكلمه (الناس) الأولى ليس كل الناس بل هو نعيم بن مسعود الاشجعي والمراد (بالناس) الثانية ليس أيضا كل الناس بل هو أبو سفيان ومن معه.
· أما الجمع المعرف بالإضافة فقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ), فكلمة (أولادكم) تفيد العموم بدليل صحة الاستثناء من الجمع المضاف كما في قوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) فإن الاستثناء أمارة العموم.
· الجمع المنكر هو لفظ موضوع لأفراد كثيرة غير محصورة بوضع واحد وبلا شمول.. مثل: (رجال) وفي قوله تعالى: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ), والجمع المنكر غير المضاف لا يفيد العموم.. فإذا قال قائل قام رجال لا يفهم منه أحد أن المراد ثبوت القيام لجميع أفراد الرجال.
· أقل الجمع عند الجمهور النحاة والشرع ثلاثة بدليل تبادره إلى الذهن والفهم عند أطلاق الجمع والتبادر من أمارات الحقيقة.
3. المفرد المعرف بألـ الاستفراقية أو المعرف بالاضافة.. مثل الأول قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا), (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ) فإنه يفيد العموم وقوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا), يشمل كل بيع وكل ربا وقوله تعالى: (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا....), يشمل كل إنسان إلا ما أستثنى منه.. وقوله صلى الله عليه وسلم: (مطل الغنى ظلم), يعم كل غني ومثال المفرد المعرف بالإضافة إلى قوله صلى الله عليه وسلم في شأن البحر هو طهور ماؤه الحل ميتته فإنه يدل على حل كل أنواع ميتات البحر أما التي هي للعهد فلا تفيد العموم لقوله تعالى: (كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً* فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ).
4. النكرة في سياق النفي أو النهي أو الشرط...
· مثال الأول: قوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ), وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لورث), يشمل كل وصية صغيرة كانت أم كبيرة إلا ما أجازه الورثة كما دل على ذلك بعض الروايات.
· ومثال الثاني: (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدا), يعم جميع المنافقين لورود كلمه (أحد) في سياق النهي.
· ومثال الثالث قوله تعالى: (وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ), وقوله: (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) يفيد أن العموم لورود كل من (أية) و (فاسق) في سياق الشرط..
· فإن وقعت النكرة في سياق الإثبات فلا عموم لها إلا أذا دلت فرينه على العموم مثل قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً).
5. الأسماء الموصولة.. مثل (ما), (من), (الذين), (اللائي), (اللاتي) كقوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ), (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا), (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ), (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً), (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ...).
6. أسماء الشرط... مثل (من), (ما), (أي), (أين) كقوله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ), (وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ), (أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى), (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ).
7. أسماء الاستفهام.. مثل (من), (ما), (متى), ( ماذا), (أين) كما في قوله تعالى: (مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ), (مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً), (مَتَى نَصْرُ اللّهِ), (أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ).
· دلالة العام..
· يرى جمهور الأصوليين أن العام الباقي على عمومه يدل على جميع أفراده أي أن صيغة العام موضوعة للاستغراق واستدلوا على ذلك بالاتي..
· وخصص الجمهور عام القران بخبر الآحاد, عملا بفعل الصحابة فإنهم خصصوا قوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ), بحديث النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها كما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها).
· خصصوا آيات المواريث بحديث: (لا يرث القاتل شيئا).
· خصصوا آية: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى), بحديث: (لا يقتل مسلم بكافر).
· خصصوا آية: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا), بحديث يد السارق.
· عارض العام والخاص..
· قال جمهور العلماء لا تعارض بين العام والخاص فيعملون بالخاص فيما دل عليه ويعملون بالعام فيما وراء ذلك.
· وقال الحنفية: بالتعارض بين العام والخاص في القدر الذي دل عليه الخاص لتساويهما في القطعية, فيقرون بأن الخاص يخصص العام وإن لم يتراخ عنه في المجيء، فإن تراخى عنه كان ناسخاً له إن علم تأخر أحدهما وتقدم الأحر فإن لم يعلم يعمل بالراجح منهما.
· من أثر ذلك الاختلاف..
· قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر, وفيما سقى بالنضج نصف العشر), فهذا حديث عام يوجب إخراج الزكاة في القليل والكثير.
· وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة), وهذا حديث خاص فلا زكاة فيما دون خمسة أوسق فقد خصص جمهور العلماء العام والخاص وقالوا تجب الزكاة فيما دون خمسة أوسق.
· وقال أبو حنفية لا يشترط الخمسة أوسق في الزكاة في القليل والكثير مما أخرجته الأرض وذلك لتعارض العام مع الخاص ولم يعلم تاريخهما فيعمل بالراجح منهما وهما العام هو الراجح لأنه يوجب الزكاة في القليل وهو أفضل للفقراء والأحوط فأوجب الزكاة في الخارج من الأرض مطلقاً.
· تخصيص العام..
· تخصيص العام: هو قصر اللفظ على بعض أفراده.. أتفق العلماء على جواز تخصيص العام بالدليل ولكنهم اختلفوا في الدليل الصارف له عن العموم هل يشترط أن يكون مقارناً للعام ومستقلا عن جملته أولاً؟, وذلك على مذهبيه.
· مذهب الجمهور: يرى جمهور العلماء غير الحنفية أن التخصيص هو صرف العام عن عمومه وقصره على بعض ما يتناوله من الأفراد لدليل يدل عليه سواء أكان مستقلا عنه أم غير مستقل, وسواء أكان متصلا أم منفصلا عنه, ما دام لم يتأخر وروده عن وقت العمل به فإن تأخر وروده عن وقت العمل به كان ناسخاً لا مخصصاً.. وذلك لأن النسخ هو رفع الحكم بدليل شرعي متأخر.
· أنواع المخصصات..
· ينقسم التخصص إلى قسمين..
· الأول المخصص المستقل: وهو ما لا يكون من النص العام الذي ورد به اللفظ, وأهمه ستة أنواع .
1. الحس أو المشاهدة.. أي الإدراك بالحواس, وهو أن يرد الشرع بنص عام يعلم الحس بأخصاصه ببعض ما يشتمل عليه العموم مثل قوله تعالى في صفه الريح العقيم: (دَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا), فإنا نعلم بالحس أنها لم تدمر السماوات والأرض مع أشياء كثيرة فكان الحس مخصصاً لذلك العموم.. ومثال ذلك قوله تعالى حكاية عن بلقيس ملكه سبأ: (وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ), وقد خص ذلك بالحس لان ما كان في يد سليمان لم يكن في يدها إنما الآية معناها وأوتيت من كل شيء يحتاجه الملوك.. أو من عاده الملوك اقتناؤه.
2. العقل.. كالنصوص العامة الواردة بتكاليف شرعية من غير تخصيص فإنها تختص بمن هو أهل للتكليف غير الصبي والمجنون مثلا.. مثل قوله تعالى: (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ), فإن هذا الخطاب يتناول بعمومه من لا يفهم من الناس كالصبي والمجنون ولكنهم خرجوا بدليل العقل.
3. العرف والعادة.. يصلح العرف القولي باتفاق العلماء أما العرف العملي فقد أختلف فيه العلماء مثال العرف القولي: إطلاق لفظ اللحم ولا يراد به السمك فمن حلف ألا يأكل لحماً وأكل سمكاً فلا يحنث لأن الناس عاده تفرق بين اللحم والسمك فلا يقولون أكلت اليوم لحماً ويقصدون به السمك, ويقولون أكلت لحماً أم سمكاً اليوم؟, رغم أن السمك لحماً وقد سماه الله في كتابه لحماً طرياً ومثال العرف العملي قال تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ), خصص الإمام مالك الشريفة القدر لأن ذلك من عاده قريش فأن العرف في قريش آن ذاك أن المرأة الحسيبة لا ترضع أولادها.. ولا يصلح العرف العملي أن يكون مخصصاً عند الشافعية والحنابلة والقرافي من المالكية.
4. الإجماع.. يجوز التخصص بالإجماع لأنه بمثابة نص قاطع شرعي.. مثال: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ), فإنهم أجمعوا على ألا الجمعة على العبد ولا امرأة.
5. قول الصحابي.. يصلح مخصصاً عند الشافعية والحنابلة لأنه حجه عندهم وقال الشافعية: لا يجوز التخصص بقول الصحابي لأنه قد يخالف المسموع من النبي صلى الله عليه وسلم لدليل في ظنه وظنه لا يكون حجه على غيرة فقد يظن ما ليس بدليل دليلاً والتقليد للمجتهد منه مجتهد مثله لا يجوز.
6. النص القرآني أو النبوي الخاص.. يجوز التخصص بالكتاب العزيز وبالسنة المطهرة سواء أكان النص القرآني المخصص متصلاً بالعام منفصلا عنه.. مثال التخصص في القرآن بالنص المتصل بالعام فيه قال الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ), ثم خصص منه الربا بقوله سبحانه: (وَحَرَّمَ الرِّبَا), ومثال التخصيص بالنص المنفصل من القرآن قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ), فإنه يشمل الحوامل وغيرهن, وخص منه الحوامل بقوله سبحانه: (وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ), وخص منه أيضاً المطلقة قبل الدخول بقوله عز وجل فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا), ومثال التخصيص بنص منفصل من السنة النبوية قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ), فأنه عام خص منه عدم جواز الوصية للوارث بحديث: (لا وصية لوارث).. وهذا حديث متواتر.. ومثال التخصيص بنص منفصل من السنة النبوية بخبر آحاد قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ), خص منه ميتة البحر بقوله صلى الله عليه وسلم في شأن البحر : (هو الطهور ماؤه الحل ميتة).
· تخصيص القرآن بالقرآن وبالسنة المتواترة مجمع عليه بين العلماء..
· وأما تخصيص الكتاب العزيز بخبر الواحد فمختلف فيه, أجازه الجمهور مطلقاً وقال الحنفية: أن كان العموم قد دخله الخصوص جاز تخصيصه بخبر الواحد وإن لم يكن التخصيص لم يجز تخصيص بخبر الواحد.
· المخصص غير المستقل.. وهو ما يكون جزءاً من النص المشتمل عليه على العام, وأهمه أربعة أنواع:
1. الاستثناء المتصل.. كما في قوله تعالى: (مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ), فإن هذا الاستثناء أخرج من عموم مقدم الآية الشامل لكل كفر, الكفر الظاهر الذي يصدر بمجرد اللسان مع اطمئنان القلب بالإيمان, مما يدل على أن الكفر الحرام هو الصادر عن رضا واختيار دون الإكراه.
2. الشرط.. مثل قوله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ), فالشرط وهو عدم الولد قصر استحقاق الأزواج نصف التركة على حاله عدم الولد للزوجة المتوفاة, ولولا هذا الشرط لاستحق الأزواج النصف في كل الأحوال.
3. الصفة.. مثل قوله تعالى: (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ), فإن النص قصر جواز التزوج بالإماء المؤمنات دون غيرهم في حال العجز عن مهر الحرائر.
4. مثل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ), فإن هذه الآية قد قصرت وجوب غسل اليد إلى المرفق فقط..
· حكم العام إذا خص.. اختلف الأصوليون في العام إذا خص هل يكون حقيقة في الباقي أم مجازاً؟.
· ذهب جمهور العلماء منهم.. مالك, الشافعي, الحنابلة, وأكثر الحنفية, إلى أنه حقيقة فيما بقى مطلقاً.
· وقال جمهور الأشاعرة, والمعتزلة أنه مجاز في الباقي.
· هل يعمل بالعام قبل البحث عن المخصص؟.
· قال جمهور العلماء لا يجوز العمل بالعام قبل البحث عن المخصص.. وقال أبو بكر الصيرفي: يجوز التمسك بالعام ابتدءاً ما لم يظهر دلاله مخصصة.
· هل عطف العام على الخاص يخصصه؟.
· إذا ذكر العام وعطف عليه بعض أفراده مما حق العموم أن يتناوله فهل يخصصه كما في قوله تعالى: (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى), قال جمهور العلماء الأصح أن عطف العام على الخاص يخصص العام.
· هل للمفهوم عموم؟.
· ذهب جمهور العلماء إلى أن للمفهوم عموماً.. العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.. قال أكثر الأصوليين: العام الوارد على سبب خاص في سؤال سائل أو وقوع حادثه أو غيرها يبقى على عمومه ولا يتخصص بالسبب.. مثال: سأل رجل من بني مدلج أسمه عبد الله, فقال يا رسول الله إنا نركب البحر, ونحمل معنا القليل من الماء, فإن توضأنا بع عطشنا أنتوضأ بماء البحر؟, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هو الطهور ماؤه الحل ميتتة).. فقوله صلى الله عليه وسلم: (الطهور ماؤه), عام يشمل السائل وغيره ويشمل حاله الحاجة وحاله السعه والوضوء وغيره.
· ترك الاستفصال في حكاية الحال يتنزل منزلة العموم في المقال..
· قال الإمام الشافعي: ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال.. مثال: أن ابن غيلان أسلم على عشر نسوه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أمسك أربعاً منهن, وفارق سائرهن), ولم يسأل عن كيفية ورود عقده بين أن يقع عليهن في الجمع والترتيب فكان أطلاق القول دالا على أنه لا فرق بين أن تقع تلك العقود معاً أو على الترتيب.
· هل خطاب الرسول يعم الأمة؟.
· يرى جمهور العلماء أن الحطاب المختص بالرسول صلى الله عليه وسلم مثل: (يا أيها الرسول), و: (يا أيها النبي), لا يعم الأمة لغة لكنه يعمها شرعاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم له منصب الاقتداء فهو القدوة ونحن مأمورون بأتباعه إلا فيما دل الدليل الخاص على تخصيصه بذلك, أي أن اللفظ بمجرده بحسب اللغة وإنما يعم بحسب العرف الشرعي.
· هل الخطاب الخاص بواحد من الأمة يعمّ؟.
· لا يعم لغة إنما يعم شرعاً لأنه لا نزاع في أن الأمة كلها سواء في المطالبة بالأحكام الشرعية ولأن المقرر شرعاً عموم الرسالة وقد ثبت عن الصحابة فمن بعدهم الاستدلال بأقضيته صلى الله عليه وسلم الخاصة بالواحد و بالجماعة المخصوصة على ثبوت مثل ذلك لسائر الأمة ولقول رسول الله صلى الله وسلم: (إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائه امرأة), رواه الترمذي والنسائي.
3. المشترك
· تعريفه..
· هو اللفظ الموضوع للدلالة على معنيين فأكثر.. فلابد فيه من شرطتين: تعدد الوضع وتعدد المعنى بأن يوضع اللفظ مرتين فأكثر لمعنيين فأكثر.. مثال: لفظ (العين) فإنه في أصل الوضع اللغوي يطلق على العين الناظرة, وعين الماء, والجاسوس, والشمس, والذهب, والميزان, والنقد من المال, والشيء المعين, فهو قد وضع لكل منهما على حده.. ومثل اللفظ (قرء) فإنه وضع في اللغة للحيض وللطهر.
· أسباب وجود المشترك..
1. اختلاف الوضع اللغوي بين القبائل العربية.. فقد يضع واضع في قبيلة عربية لفظاً لمعنى معين, ويضع آخر نفس اللفظ لمعنى آخر وقد لا يكون بين المعنيين مناسبة ثم ينقل إلينا اللفظ مستعملاً في المعنيين من غير نص على اختلاف الوضع.
2. الاشتراك المعنوي.. فقد يوضع اللفظ عام يجمع بين فتصلح الكلمة لكل منهما بسبب المعنى الجامع وهذا ما يسمونه بالاشتراك المعنوي ويغفل الناس عن المعنى الأصلي وتصبح الكلمة في ظن الناس من قبيل المشترك اللفظي, مثل لفظ (المولى) فإن معناه في الأصل الناصر ثم أستعمل للسيد والعبد ومثل لفظ (القرء) فإن معناه في أصل اللغة كل وقت أعتيد فيه أمر خاص فيقال للحمى قرء أي دور معتاد فيه وللمرأة قرء أي وقت تحيض فيه ووقت تطهر فيه.
3. التردد بين المعنى الحقيقي والمجازى.. قد يوضع اللفظ لمعنى حقيقي أصلي ثم يشتهر استعماله في معنى مجازي, وينسى أنه مجاز فيه، فينقل إلينا على أنه حقيقة في المعنيين, والمعنى المجازي.. مثال: كلمة سيارة فإنها موضوعة في اللغة على القافلة ثم استخدمها الناس على سبيل المجاز في أسم وسيلة المواصلات المعروفة حالياً وأصبح لفظ سيارة مشتركاً.
4. التردد بين المعنى الحقيقي والمعنى العرفي.. قد ينقل اللفظ من معناه الأصلي إلى المعنى اصطلاحي عرفي, فيكون حقيقة لغوية في الأول وعرفية في الثاني ويصبح مشتركاً.
5. الاصطلاح الشرعي بجانب المعنى اللغوي.. فكلمة (الصلاة) في اللغة بمعنى الدعاء وفي الشرع هي العبادة المعروفة المبدؤة بالتكبير والمنتهية بالتسليم.. وككلمة (الصوم) في اللغة هي الإمساك أيا كان أما في الشرع فهو الامتناع عن الطعام والشراب والجماع من أذان الفجر إلى أذان المغرب.
· دلالة المشترك..
قرر علماء الأصول.. أن الاشتراك خلاف الأصل، ومعنى ذلك أن اللفظ متى تردد بين احتمال الاشتراك والانفراد بالمعنى كان الانفراد هو الراجح والاشتراك هو المرجوح.
· إذا كان اللفظ له معنى شرعي ومعنى لغوي كألفاظ الصلاة والزكاة والصوم كان المراد هو المعنى الشرعي.
· الاشتراك بين معنيين لغويين.. إن كان في النص الشرعي دليل يدل على المقصود من اللفظ المشترك عمل به.. مثال: قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا), فقد نصت السنة على أن اليد المذكورة في الآية هي اليد اليمنى وتقطع من الكوع لذا يج
مواضيع مماثلة
» ]- مصادر الأحكام الشرعية -
» استنباط الاحكام الشرعيه الجزء الثانى
» استنباط الاحكام الشرعيه الجزء الثالث
» -سلسلة آيات الأحكام:
» شرح عمدة الأحكام -ح 30 في خصال الفطرة
» استنباط الاحكام الشرعيه الجزء الثانى
» استنباط الاحكام الشرعيه الجزء الثالث
» -سلسلة آيات الأحكام:
» شرح عمدة الأحكام -ح 30 في خصال الفطرة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin