Admin الشيخ محمدشوقى المدير العام

عدد المساهمات : 7484 نقاط : 25526 تاريخ التسجيل : 16/08/2011 العمر : 51 الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001995123161
 | موضوع: ((من هدى القرآن: قادة لا جبابرة الجمعة 19 أبريل 2013, 12:47 am | |
| من روائع المفكر الإسلامى الراحل الشيخ أمين الخولى: ► ((من هدى القرآن: قادة لا جبابرة)) ◄ =============================== ( لا إله إلا هو له الحمد فى الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ) لقد جاءكم من نبأ المرسلين قرآن عجب ، يهدى إلى الرشد ، وينير سبيل المجد ، ويستجيب لآمال الشرق فعرفتهم من مميزات القادة ما زكت به نفوسهم ، إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ومن هدى القرآن فى تطهير نفوس القادة ، وتكميل شمائلهم كثير وكثير تعوز الحياة العناية به ، ويشوقها الإصغاء المنصت له . وفى القرآن فى تطهير نفوس القادة / وتكميل شمائلهم كثير وكثير ، تعوز الحياة العناية به ، ويشوقها الإصغاء المنصت له . وفى القرآن وراء ذلك رياضات لأولئك القادة تجنبهم الانحراف النفسى ، وتوقيهم خطر الغرور البشرى ، وبذلك تخلص الإنسانية من شرور هذا الانحراف النفسى وتوقيهم خطر الغرور البشرى ، وبذلك تخلص الإنسانية من شرور هذا الانحراف وسيئات ذلك الغرور. أيها المبصرون أنفسهم إن هذا الإنسان فى كيانه عالم كبير وفى شخصه وجود حافل تلتقى فيه الأضداد من القوى وتتلاقى المتخالفات من الغرائز ، يدفع بعضها بعضا ، ويكبح بعضها بعضا وهو منته من هذا التدافع إلى التوازن ، كلما ظفر منه بنصيب وافر ونال منه حظا عظيما ، واتسمت معيشته واطمأنت حياته ، وكلما نقص ماله من هذا التوازن اضطرب أمره ، وتزعزع كيانه ، وإلى هذا التوازن يسعى المروضون لهذا الحيوان الناطق والمربون له ، من دعاة الإصلاح بالدين ، وغيره من الوسائل المختلفة والمحاولات العديدة ، على مر الأدهار واختلاف العصور ” وفى الأرض آيات للموقنين ، وفى أنفسهم أفلا تبصرون “. أيها المبصرون أنفسهم.. من هذه القوى المتنافرة فى الإنسان قوتان احداهما حب الظهور ، والميل إلى الرياسة ، والرغبة فى السيطرة ، وما يتصل بهذا من حرص على القهر ، وإيثار للتغلب وطماعية فى الفخر والكبر والاعتداد بالنفس وما إلى ذلك من شتى الصور التى تظهر بها أمثال هذه المعانى فى أعمال الإنسان وتصرفاته على حين يصدر عن الثانية من القوانين فى حياة الإنسان من نزول على إرادة الأقوى ، واستسلام لغالب ، واعتماد المرء على غيره ، وحرصه على شئ طاعة أو التزامه عقيدة ونحو ذلك من مظاهر الخضوع فى الأفراد والجماعات خضوعا يهيئها للتسخير والتوجيه الملهم. إن لكل قوة من القوتين أثرها فى حياة الفرد والجماعة حسب اختلاف حالها اعتدالا وشدة ، وضبطا وكبحا وتهذيبا وإصلاحا ، فعن القوة الأولى يكون ما نرى فى الشخص أو الأمة من تعشق للنجاح يتغلب على الصعوبات المواجهة ويفقد العزم الماضى على الوصول والظفر ، ويجرد له النشاط والمقدرة وعنها يكون الدفاع عن الكيان وإيثار الاستقلال فى العمل كما أن منها يكون حب السيطرة على الأشخاص والسيادة عليهم. أيها المبصرون أنفسهم .. ما أحوج كل فرد وما أحوج كل جماعة إلى أن تتعادل فيهم هاتان القوتان وتتوازن تلك الغريزتان لتستقيم لهما الحياة فيكون فى الفرد أو الجماعة من حب الرياسة والسيطرة والرغبة فى القهر والغلبة ما يدفع إلى الشعور بالنفس ، ويحمل على احترام النفس ويظهر أثره فى حب معالى الأمور وكراهية سفاسفها وتافهها دون أن يسرف ذلك ويشتط ، فيستحيل إلى طغيان متمرد ، بل يعادل حب السيطرة ، قدر من حب الخضوع يمسك النظام ويحفظ المعتقد دون إسراف فى ذلك ، ولا شطط أيضا يكون استخذاء أو استسلاما وفقدانا للشخصية وبهذا التعادل تكون الحياة الصالحة الموفقة ، وإذا ما احتاج كل فرد ، وكل جمع إلى هذا التعادل ، فإن أشد الناس حاجة إلى التعادل وأبعد الناس اثرا على الدنيا باعتدال الغريزتين فيه هم القادة فهم بمزاياهم الفائقة وشمائلهم المتفوقة يلتفون الجماعة لتحاكيهم. ولكم عانت الإنسانية وتعانى من قادة عز عليهم هذا الاتزان وشق عليهم ذلك التعادل ، وخانتهم أنفسهم فانقلبوا طغاة جامحين ، وجبابرة متمردين ، زلزلوا السلام وأرهبوا الدنيا وأساءوا إلى أممهم وإلى العالم معهم كما أساءوا إلى تاريخهم هم أنفسهم فضيعوا الملايين من الناس ، ثم أبوا فى أصيل حياتهم يحاسبون أنفسهم ، فكان أيسر ما خلفوا من أثر مدنى اجتماعى ، أخلد من أعظم ما نالوا من نصر وأحرزوا من غلب مدمر حاطم. ترويض النفس.. راض القرآن نفوس رسله الكرام وهم القادة الأجلاء ، الذين تهيأت لهم الزعامة فى أكمل صورها وأخطر صورها ، وأكثرها إهاجة للوساوس وإغراء للرغبات راضهم القرآن رياضة حفظت توازنهم ثم دفعتهم بعد هذا إلى حفظ توازنهم النفسى لأممهم وذلك أن القرآن طالما أمر ، فى كثير من المواطن بطاعة الرسول وجعلها مع طاعة الله ، ورد إليه مع الله تعالى ما يختلف فيه : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ” جعل له الأمر والنهى ” وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ ” جعل طاعته شاهد حب الله ” قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ” وقد سمعتموه يقول ” النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ” ، إلى الكثير من مثل هذا الذى هيأ فيه للرسول أكرم مظاهر السيطرة ، وأرسخ ضروب الرياضة مما يرضى هذا الجانب من النفس الإنسانية ، وخير ما يرجى من أقدام ومضاء عزم وبذل روح فى سبيل إعلاء كلمة الحق بإبلاغ الرسالة وأداء الأمانة ” وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا ” ولكن القرآن مع ذلك لم يدع الجانب الآخر من الغريزة المقابلة ، والقوة المعادلة ، بل كان صنيعه فى تقديرها ورعايتها عجبا من العجب ، تتضمنه أيات كثيرة ، منها قوله متحدثا عن الناس والرسول ” مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ” وقد أمرك السابقون من المفسرين الملحظ الخاص عن طاعة الرسول فى هذه الآية فقال قائلهم :هذا إنذار من الله إلى خلقه فى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى ذكره لهم :أيها الناس من يطع محمد فقد أطاعنى بطاعته إياه ، فأسمعوا قوله وأطيعوا أمره فإنه مهما يأمركم به من شئ ، فمن أمرى يأمركم ، ومهما ينهكم عنه فلا يقولن أحدكم إنما محمد بشر مثلنا يريد أن يتفضل علينا !! وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحبنى فقد أحب الله ومن أطاعنى فقد أطاع الله فقال المنافقون : آلا تسمعون إلى ما يقول هذا الرجل ؟ لقد قارف الشرك ، وهو ينهى أن يعبد غير الله ما يريد هذا الرجل إلا أن نتخذه ربا الخ ما قالوا فنزل قوله تعالى : ” وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ” والخضوع فى الناس بالطاعة الأولى ، حتى فى صورتها اللطفة بجعل الطاعة للرسول من طاعة الله ولهذا الخطاب نظائركثيرة فى القرآن ، إذ يقول ” فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ ” ، وإذ ينفى أن يكون عليهم وكيلا ” رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ” ، أى ما أرسلناك ربا ، موكولا إليهم أمرهم ، وإنما أرسلناك مبشرا ونذيرا كما يقول ” وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ” ، ” فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ” بل يأمر الرسول نفسه ، بأن يقول هو لهم ذلك ويجاهرهم :” وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ “. نفى الجبروت.. ويعنى القرآن بالإكثار من نفى هذه السيطرة فى مواضع متعددة ” إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِر ” أى لست بمتسلط ولا مسئول عليهم ، ويقف عند نفى الجبروت مواقف واضحة فيقول ” نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ” ويناوئ الجبروت والطغيان فى حديثه عن كثيرين من الرسل فى أعصر مختلفة فيقول عن يحيى عليه السلام ” وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً ” كما يقول على لسان عيسى عليه السلام ” وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً ” ويجعل الجبروت منافيا ومعارضا للإصلاح ويراهما لا يجتمعان ، فيقول على لسان محاور موسى عليه السلام ” أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأمْسِ إِن تُرِيدُ إِلا أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ” وهكذا عارض السيطرة والهيمنة وأن يكون القائد الرسول وهو القائد الأمثل حفيظا ووكيلا. أيتها القلوب المؤمنة.. بهذا الصنيع من هدى القرآن صنع القرآن قادة لا جبابرة ، وبهذه الرياضة الإلهية ارتاض رسول القرآن عليه السلام ودانت له الرقاب ، وتهيأت الأسباب وظل كما هو القائد الرسول يؤثر أن يكون عبد الله ورسوله ويكره أن يكون ملكا مرهوبا ، يدخل عليه رجلا فتصيبه رعدة من هيبته فيقول له هون عليك فإنى لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش ، تأكل اللحم المجفف ، ويثب الرجل إلى يديه ليقبلها فيجذبها ويقول له : هذا تفعله الأعاجم بملوكها ، ولست بملك إنما أنا رجل منكم. يا شرق هكذا ضبط قادتك الأولون نفوسهم ، وإزدادوا بين قوى أممهم فنالوا من النجاح حظهم واليوم يقدمك قوم ، لم يريشوا جناحك المهيض ولم يردوا عليك مجدك العتيد ، إنما سيطروا بغير قوتك وساسوا بغير إرادتك ومع ذلك كله فقد شمخوا واستكبروا ، فطلبوا أن يحنى لهم الرؤوس وبسطوا أيديهم للتقبيل ، وجعلوا ذلك تقليدا متبعا وياترى ، لو شهدوا المشاهد ، وواجهوا المكاره ، فمدوا الحدود ، وردوا المفقود ونازعوا الأمم الوجود ، ماذ كانت تراهم فاعلين إذ ذاك؟ كانوا لا يرضون من الناس بما دون تقبل الأرض ، ولا يعفونهم من السجود!! سبحانك ربى ما أحلمك؟ يا شباب كما راض القرآن الرجال فرض نفسك ، وكما صاغ القادة فالتمس قادتك ، اتزن ووازن فلا أنت ميزان حياة مشرق.  | |
|