بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 24 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 24 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
البدعة وخطرها في الدِّين
صفحة 1 من اصل 1
البدعة وخطرها في الدِّين
البدعة وخطرها في الدِّين
إنَّ الناظر في تاريخ هذه الأمة , يعلم أن أزهى عصورها , وأفضلها على الإطلاق عصر النبوة وما بعده , وذلك لأن هذا العصر كان أصفى عقيدة وعملا , خال من البدع والشبهات فاستقامت الأمة أيما استقامة , اعتصمت بكتاب ربها فلم تضل ولم تزغ , وتمسكت بهدي نبيها فلم تحد عنه ولم تبتدع , فأصبح ذكرها مرفوعا ، وأثرها معلوما ، وفضلها مشهورا ، فأعلى الله كلمتها , ونصرها وأعزها , ودانت لها الأمم من حولها ، فلم يستطع كسرى و لا قيصر صد زحفها بل زحفت وزحفت حتى بلغ الدين مبلغه , وأصبح للدين شوكته ومهابته ومنعته ودولته , كانت مترابطة متماسكة قوة واحدة في وجه عدوها لا خلاف ولا اختلاف , حتى تسربت إليها بعض البدع الفاسدة فأثر ذلك فيها فظهرت الفرقة بين صفوف الأمة , وبدأ الوهن والضعف يدب فيها .
حتى أنك لو نظرت وجدت شيئا واضحا, وهو أن هذه البدع لها علاقة أصيلة بعز الأمة وذلها , فحين كانت الأمة خالية من البدع كانت عزيزة ، ولما أصبحت الدولة للبدعة وأهلها أصبحت الأمة أذل الأمم , وإذا أردت دليلاً فتأمل عصرنا وانظر كم البون شاسع بين عهدنا وعهدهم الذي خلا من البدع , والبون شاسع بين حالنا وحالهم .
خطر الابتداع في الدِّين :
اعلم يا أخي : أن الله تبارك وتعالى قد أنعم على هذه الأمة الإسلامية من جملة نعمه عليها بنعمة عظيمة وجليلة ، ألا وهي نعمة كمال الدين وتمامه ، فلم يتوف رسوله إلا بعد أن أكمل الدين ورضيه له ولأمته ، فأنزل على رسوله قبل وفاته بأشهر في حجة الوداع قوله : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }المائدة3.
قال ابن عباس - رضي الله عنه - في تفسير هذه الآية : " أخبر الله نبيه والمؤمنين أنه أكمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً وقد أتمه الله فلا ينقصه أبداً ، وقد رضيه فلا يسخطه أبداً ".
ولهذا كانت اليهود تحسد المسلمين على هذه الآية كما روى الشيخان أن رجلا من اليهود جاء إلى عمر فقال : " آية في كتابكم تقرؤنها لو نزلت علينا معشر يهود لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال : وأي آية ؟ قال : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً } المائدة3.
وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكمال الدين وأنه لا يسع أحد الخروج عنه إلا هلك فقال : " إني تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ".
فإذا تقرر ذلك فإنه لا يجوز لمسلم أن يزيد في دين الله ما ليس منه ، ولا أن يعبد الله إلا بما شرع الله ورسوله ، بل يجب على المسلمين جميعا أن يخضعوا لأمر الله ورسوله ، وأن يتبعوا الكتاب والسنة ، وأن لا يبتدعوا في الدين ما لم يأذن به الله ولم يشرعه رسوله مهما رأوه حسنا ، وزينته لهم أنفسهم ، لأن الدين كمل وليس فيما خرج عنه إلا البدعة والضلال .
واعلم - رحمك الله - أنّ كلامه - رضي الله عنه - وما يأتي من كلام أمثاله من السلف في معاداة أهل البدع والضلالة في أن ضلالة القوم لا تُخرج عن الملة ، لكنهم شدَّدوا في ذلك ، وحذروا منه لأمرين :
الأول : غلظ البدعة في نفسها ، فهي عندهم أجل من الكبائر ، ويعاملون أهلها أغلظ مما يعاملون به أهل الكبائر ، كما تجد في قلوب الناس أن الرافضي عندهم ـ ولو كان عالما عابدا ـ أبغض وأشدّ ذنباً من السني المجاهر بالكبائر .
الثاني : أن البدع تجرُّ إلى الرِّدة الصريحة كما وجد من كثير من أهل البدع ، فمثال البدعة التي شددوا فيها مثل تشديد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح خوفاً مما وقع من الشرك الصريح الذي يصير به المسلم مرتداً .
وقال ابن وضاح في كتاب "البدع والحوادث" بعد حديث ذكره : " أنه سيقع في هذه الأمة فتنة الكفر وفتنة الضلالة ".
وقال رحمه الله : " إن فتنة الكفر هي الردة يحل فيها السبي و الأموال ، وفتنة الضلالة لا يحل فيها السبي والأموال " .
قال الحسن البصري: " لو أن رجلاً أدرك السلف الأول ثم بعث اليوم ما عرف من الإسلام شيئاً قال : ووضع يده على خدِّه ، ثم قال : إلا هذه الصلاة ، ثم قال : أما والله لمن عاش في هذه النكرا ، ولم يدرك هذا السلف الصالح ، فرأى مبتدعاً يدعو إلى بدعته ، ورأى صاحب دنيا يدعو إلى دنياه ، فعصمه الله عن ذلك ، وجعل قلبه يحن إلى ذكر هذا السلف الصالح ، يسأل عن سبيلهم ويتقص آثارهم ، ويتبع سبيلهم ، ليعوض أجرا عظيما ، فكذلك فكونوا إن شاء الله تعالى " .
والبدعة مذمومة من جهة النَّظَر والنقل الشَّرعي العام :
فمن جهة النظر :
• أحدها : أنه قد علم بالتجارب أن العقول غير مستقلة بمصالحها استجلاباً لها ، أو مفاسدها استدفاعاً لها ، لأنها إما دنيوية أو أخروية :
فأما الدنيوية : فلا يستقل باستدراكها على التفصيل ألبته ، لا في ابتداء وضعها أولا ، ولا في استدراك ما عسى أن يعرض في طريقها ، إما في السوابق ، وإما في اللواحق ، فلولا أنْ منَّ الله على الخلق ببعثة الأنبياء ؛ لم تستقم لهم حياة ، ولا جرت أحوالهم على كمال مصالحهم ، وهذا معلوم بالنظر في أخبار الأولين والآخرين .
وأما المصالح الأخروية : فأبعد عن مصالح العقول من جهة وضع أسبابها ، وهي العبادات مثلا ، فإن العقل لا يشعر بها على الجملة ، فضلا عن العلم بها على التفصيل .
فبالجملة : العقول لا تستقل بإدراك مصالحها دون الوحي ، فالابتداع مضاد لهذا الأصل.
الثاني : أن الشريعة جاءت كاملة لا تحتمل الزيادة ولا النقصان :
والمبتدع حاصل قوله بلسان حاله أو مقاله : أن الشريعة لم تتم ، وإنه بقى منها أشياء يجب أو يستحب استدراكها . لأنه لو كان معتقدا كمالها وتمامها من كل وجه ؛ لم يبتدع ولا استدرك عليها .
وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم .
قال ابن الماجشون : سمعت مالكاً يقول : " مَن ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة ؛ فقد زعم أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة ؛ لأن الله يقول : { اليوم أكملت لكم دينكم } ، فما لم يكن يومئذ ديناً ؛ فلا يكون اليوم ديناً " .
الثالث : أن المبتدع مُعاند للشرع ومشاقٌّ له :
لأن الشارع قد عين لمطالب العبادة طرقا خاصة على وجوه خاصة ، وقصر الخلق عليها بالأمر والنهي والوعد والوعيد ، وأخبر أن الخير فيها ، وأن الشر في تعديها ؛ لأن الله يعلم ونحن لا نعلم ، وأنه إنما أرسل الرسول رحمة للعالمين .
فالمبتدع رادٌّ لهذا كله ، فإنه يزعم أن ثم طرقا أخر ليس ما حصره الشرع بمحصور ، ولا عينه بمتعين ، كأن الشارع يعلم ونحن أيضا نعلم .
بل ربما يفهم من استدراكه الطرق على الشرع أنه علم ما لم يعلمه الشارع .
وهذا إن كان مقصودا للمبتدع ، فهو كفر بالشريعة والشارع ، وإن كان غير مقصود ؛ فهو ضلال مبين .
الرابع : أن المبتدع قد أنزل نفسه منزلة المضاهي للشارع :
لأن الشارع وضع الشرائع ، وألزم الخلق الجري على سننها ، وصار هو المنفرد بذلك، و إلا فلو كان التشريع من مدركات الخلق لم تنزل الشرائع ولا احتيج إلى بعث الرسل عليهم السلام .
فهذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه نظيرا ومضاهيا ، حيث شرع مع الشارع ، ورد قصد الشارع في الانفراد بالتشريع وكفى بذلك .
الخامس : أنه اتباع للهوى :
لأن العقل إذا لم يكن متبعاً للشرع ؛ لم يبق له إلا الهوى والشهوة ، وأنت تعلم ما في اتباع الهوى ، وأنه ضلال مبين .
إنَّ الناظر في تاريخ هذه الأمة , يعلم أن أزهى عصورها , وأفضلها على الإطلاق عصر النبوة وما بعده , وذلك لأن هذا العصر كان أصفى عقيدة وعملا , خال من البدع والشبهات فاستقامت الأمة أيما استقامة , اعتصمت بكتاب ربها فلم تضل ولم تزغ , وتمسكت بهدي نبيها فلم تحد عنه ولم تبتدع , فأصبح ذكرها مرفوعا ، وأثرها معلوما ، وفضلها مشهورا ، فأعلى الله كلمتها , ونصرها وأعزها , ودانت لها الأمم من حولها ، فلم يستطع كسرى و لا قيصر صد زحفها بل زحفت وزحفت حتى بلغ الدين مبلغه , وأصبح للدين شوكته ومهابته ومنعته ودولته , كانت مترابطة متماسكة قوة واحدة في وجه عدوها لا خلاف ولا اختلاف , حتى تسربت إليها بعض البدع الفاسدة فأثر ذلك فيها فظهرت الفرقة بين صفوف الأمة , وبدأ الوهن والضعف يدب فيها .
حتى أنك لو نظرت وجدت شيئا واضحا, وهو أن هذه البدع لها علاقة أصيلة بعز الأمة وذلها , فحين كانت الأمة خالية من البدع كانت عزيزة ، ولما أصبحت الدولة للبدعة وأهلها أصبحت الأمة أذل الأمم , وإذا أردت دليلاً فتأمل عصرنا وانظر كم البون شاسع بين عهدنا وعهدهم الذي خلا من البدع , والبون شاسع بين حالنا وحالهم .
خطر الابتداع في الدِّين :
اعلم يا أخي : أن الله تبارك وتعالى قد أنعم على هذه الأمة الإسلامية من جملة نعمه عليها بنعمة عظيمة وجليلة ، ألا وهي نعمة كمال الدين وتمامه ، فلم يتوف رسوله إلا بعد أن أكمل الدين ورضيه له ولأمته ، فأنزل على رسوله قبل وفاته بأشهر في حجة الوداع قوله : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }المائدة3.
قال ابن عباس - رضي الله عنه - في تفسير هذه الآية : " أخبر الله نبيه والمؤمنين أنه أكمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً وقد أتمه الله فلا ينقصه أبداً ، وقد رضيه فلا يسخطه أبداً ".
ولهذا كانت اليهود تحسد المسلمين على هذه الآية كما روى الشيخان أن رجلا من اليهود جاء إلى عمر فقال : " آية في كتابكم تقرؤنها لو نزلت علينا معشر يهود لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال : وأي آية ؟ قال : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً } المائدة3.
وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكمال الدين وأنه لا يسع أحد الخروج عنه إلا هلك فقال : " إني تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ".
فإذا تقرر ذلك فإنه لا يجوز لمسلم أن يزيد في دين الله ما ليس منه ، ولا أن يعبد الله إلا بما شرع الله ورسوله ، بل يجب على المسلمين جميعا أن يخضعوا لأمر الله ورسوله ، وأن يتبعوا الكتاب والسنة ، وأن لا يبتدعوا في الدين ما لم يأذن به الله ولم يشرعه رسوله مهما رأوه حسنا ، وزينته لهم أنفسهم ، لأن الدين كمل وليس فيما خرج عنه إلا البدعة والضلال .
واعلم - رحمك الله - أنّ كلامه - رضي الله عنه - وما يأتي من كلام أمثاله من السلف في معاداة أهل البدع والضلالة في أن ضلالة القوم لا تُخرج عن الملة ، لكنهم شدَّدوا في ذلك ، وحذروا منه لأمرين :
الأول : غلظ البدعة في نفسها ، فهي عندهم أجل من الكبائر ، ويعاملون أهلها أغلظ مما يعاملون به أهل الكبائر ، كما تجد في قلوب الناس أن الرافضي عندهم ـ ولو كان عالما عابدا ـ أبغض وأشدّ ذنباً من السني المجاهر بالكبائر .
الثاني : أن البدع تجرُّ إلى الرِّدة الصريحة كما وجد من كثير من أهل البدع ، فمثال البدعة التي شددوا فيها مثل تشديد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح خوفاً مما وقع من الشرك الصريح الذي يصير به المسلم مرتداً .
وقال ابن وضاح في كتاب "البدع والحوادث" بعد حديث ذكره : " أنه سيقع في هذه الأمة فتنة الكفر وفتنة الضلالة ".
وقال رحمه الله : " إن فتنة الكفر هي الردة يحل فيها السبي و الأموال ، وفتنة الضلالة لا يحل فيها السبي والأموال " .
قال الحسن البصري: " لو أن رجلاً أدرك السلف الأول ثم بعث اليوم ما عرف من الإسلام شيئاً قال : ووضع يده على خدِّه ، ثم قال : إلا هذه الصلاة ، ثم قال : أما والله لمن عاش في هذه النكرا ، ولم يدرك هذا السلف الصالح ، فرأى مبتدعاً يدعو إلى بدعته ، ورأى صاحب دنيا يدعو إلى دنياه ، فعصمه الله عن ذلك ، وجعل قلبه يحن إلى ذكر هذا السلف الصالح ، يسأل عن سبيلهم ويتقص آثارهم ، ويتبع سبيلهم ، ليعوض أجرا عظيما ، فكذلك فكونوا إن شاء الله تعالى " .
والبدعة مذمومة من جهة النَّظَر والنقل الشَّرعي العام :
فمن جهة النظر :
• أحدها : أنه قد علم بالتجارب أن العقول غير مستقلة بمصالحها استجلاباً لها ، أو مفاسدها استدفاعاً لها ، لأنها إما دنيوية أو أخروية :
فأما الدنيوية : فلا يستقل باستدراكها على التفصيل ألبته ، لا في ابتداء وضعها أولا ، ولا في استدراك ما عسى أن يعرض في طريقها ، إما في السوابق ، وإما في اللواحق ، فلولا أنْ منَّ الله على الخلق ببعثة الأنبياء ؛ لم تستقم لهم حياة ، ولا جرت أحوالهم على كمال مصالحهم ، وهذا معلوم بالنظر في أخبار الأولين والآخرين .
وأما المصالح الأخروية : فأبعد عن مصالح العقول من جهة وضع أسبابها ، وهي العبادات مثلا ، فإن العقل لا يشعر بها على الجملة ، فضلا عن العلم بها على التفصيل .
فبالجملة : العقول لا تستقل بإدراك مصالحها دون الوحي ، فالابتداع مضاد لهذا الأصل.
الثاني : أن الشريعة جاءت كاملة لا تحتمل الزيادة ولا النقصان :
والمبتدع حاصل قوله بلسان حاله أو مقاله : أن الشريعة لم تتم ، وإنه بقى منها أشياء يجب أو يستحب استدراكها . لأنه لو كان معتقدا كمالها وتمامها من كل وجه ؛ لم يبتدع ولا استدرك عليها .
وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم .
قال ابن الماجشون : سمعت مالكاً يقول : " مَن ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة ؛ فقد زعم أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة ؛ لأن الله يقول : { اليوم أكملت لكم دينكم } ، فما لم يكن يومئذ ديناً ؛ فلا يكون اليوم ديناً " .
الثالث : أن المبتدع مُعاند للشرع ومشاقٌّ له :
لأن الشارع قد عين لمطالب العبادة طرقا خاصة على وجوه خاصة ، وقصر الخلق عليها بالأمر والنهي والوعد والوعيد ، وأخبر أن الخير فيها ، وأن الشر في تعديها ؛ لأن الله يعلم ونحن لا نعلم ، وأنه إنما أرسل الرسول رحمة للعالمين .
فالمبتدع رادٌّ لهذا كله ، فإنه يزعم أن ثم طرقا أخر ليس ما حصره الشرع بمحصور ، ولا عينه بمتعين ، كأن الشارع يعلم ونحن أيضا نعلم .
بل ربما يفهم من استدراكه الطرق على الشرع أنه علم ما لم يعلمه الشارع .
وهذا إن كان مقصودا للمبتدع ، فهو كفر بالشريعة والشارع ، وإن كان غير مقصود ؛ فهو ضلال مبين .
الرابع : أن المبتدع قد أنزل نفسه منزلة المضاهي للشارع :
لأن الشارع وضع الشرائع ، وألزم الخلق الجري على سننها ، وصار هو المنفرد بذلك، و إلا فلو كان التشريع من مدركات الخلق لم تنزل الشرائع ولا احتيج إلى بعث الرسل عليهم السلام .
فهذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه نظيرا ومضاهيا ، حيث شرع مع الشارع ، ورد قصد الشارع في الانفراد بالتشريع وكفى بذلك .
الخامس : أنه اتباع للهوى :
لأن العقل إذا لم يكن متبعاً للشرع ؛ لم يبق له إلا الهوى والشهوة ، وأنت تعلم ما في اتباع الهوى ، وأنه ضلال مبين .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin