(2) حق التدبر
إذا كانت التلاوة في نفسها عملا صالحا ويكتب فيها الجر للعبد ولو لم يكن معها تدبر لأنه صلى الله عليه وسلم قال بكل حرف عشر حسنات، إلا أن القراءة ليست مقصودة في حد ذاتها وإنما لهدف آخر. فهي وسيلة لفهم القرآن وهذا أمر لا يحتاج إلى تأكيد
وإذا كان علم العربية والتجويد عونا للمسلم على قراءة القرآن فإن التفسير عون له على التدبر والتفهم، فعلى المسلم أن يقرأ التفسير على الأقل ليعرف به غريب القرآن ويرتفع به الإشكال وذلك حتى يحصل له الحد الأدنى من الفهم
وأما مراتب الفهم وإدراك إسرار القرآن فدرجاته لا تنحصر والدليل على ذلك هذه المكتبة القرآنية الكبيرة التي تشتمل على تفسير لغوي، أدبي فقهي ، الخ. وكلما نهض عالم ليكتب تفسيرا إلا وفتح الله عليه بمعاني جديدة، وسيبقى القرآن معجزة لا تنقضي عجائبه ولا تنفد معانيه
كما أنه على المسلم أن تكون له تجربته الشخصية في تدبر القرآن بحسب ما آتاه الله من علم ومعرفة بالتفاسير. قال تعالى: "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها"، "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا".
تدبر مجمل
ينبغي أن لا يغيب على القارئ أنه يقرأ كلام الله، فالقرآن: كتاب الله المنزل على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف والمتعبد بتلاوته، المنقول بالتواتر والمعجز بلفظه ومعناه،حفظه الله بالكتابة وحفظه بالرواية وهي أسبق لأنه تفرق في صدور الصحابة.
لا يستطيع أحد أن يأتي بمثل ألفاظه ولا معانيه مع أنه بلغة العرب ولهذا جاء التحدي. وهذا ما جعل العلماء يبحثون عن الإعجاز ووجوهه، إعجاز طبي، فلكي، إلخ.
تدبر مفصل
إن يتدبر معنى كل آية وهو يقرؤها، فما من آية إلا وبين معاني فلا يقرأ المسلم وعقله منشغل وهذا الأمر لا يدرك بين أمر وليلة، بل يجد المسلم نفسه لفترة يعوّد نفسه على إدخال هذه التلاوة في حياته. "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب"
فالتدبر المفصل هو أن يكسب المسلم هذا الرهان، فلا يمر بآية إلا وقد عرف معناها وهكذا يتكون لديه رصيد جديد في كل ختمة إلى أن يلقى الله.