بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 22 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 22 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
]باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره
صفحة 1 من اصل 1
]باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره
باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره
وقوله تعالى: ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين * وإن يمسسك الله بضر فلا
كاشف له إلا هو) الآية، وقوله: ( فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه ) الآية، وقوله: ( ومن أضل ممن يدعوا من دون
الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة) الآيتان، وقوله: ( أمن يجيب ا لمضطر إذا دعاه ويكشف السوء).
وروي الطبراني بإسناده أنه كان في زمن النبي منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول
الله من هذا المنافق، فقال النبي : ( إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله عز
وجل).
فيه مسائل:
الأولى: أن عطف الدعاء على الاستغاثة من عطف العام على الخاص.
الثانية: تفسير قوله: ( ولا تدع من دون ا لله ما لا ينفعك ولا يضرك).
الثالثة: أن هذا هو الشرك الأكبر.
الرابعة: أن أصلح الناس لو يفعله إرضاء لغيره صار من الظالمين.
الخامسة: تفسير الآية التي بعدها.
السادسة: كون ذلك لا ينفع في الدنيا مع كونه كفرا.
السابعة: تفسير الآية الثالثة.
الثامنة: أن طلب الرزق لا ينبغي إلا من الله، كما أن الجنة لا تطلب إلا منه.
التاسعة: تفسير الآية الرابعة.
العاشرة: أنه لا أضل ممن دعا غير الله.
الحادية عشرة: أنه غافل عن دعاء الداعي لا يدري عنه.
الثانية عشرة: أن تلك الدعوة سبب لبغض المدعو للداعي وعداوته له.
الثالثة عشرة: تسمية تلك الدعوة عبادة للمدعو.
الرابعة عشرة: كفر المدعو بتلك العبادة.
الخامسة عشرة: أن هذه الأمور سبب كونه أضل الناس.
السادسة عشرة: تفسير الآية الخامسة.
السابعة عشرة: الأمر العجيب وهو إقرار عبدة الأوثان أنه لا يجيب المضطر إلا الله، ولأجل هذا يدعونه في الشدائد مخلصين له
الدين.
الثامنة عشرة: حماية المصطفى حمى التوحيد والتأدب مع الله عز وجل.
باب قول الله تعالى: ( أيشركون مالا يخلق شيئا وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصرا) الآية
وقوله: ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير) الآية. وفي الصحيح عن أنس قال: شُجَّ النبي يوم أحد وكسرت رباعيته، فقال: ( كيف يفلح قوم شَجُّوا نبيهم )؟
فنزلت: ( ليس لك من الأمر شيء )، وفيه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله يقول إذا
رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر: ( اللهم العن فلانا وفلانا ) بعدما يقول: ( سمع الله لمن حمده، ربنا
ولك الحمد) فأنزل الله تعالى: ( ليس لك من الأمر شيء ) الآية، وفي رواية: يدعو على صفوان بن أمية، وسهيل بن
عمرو والحارث بن هشام، فنزلت ( ليس لك من الأمر شيء)، وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى
الله عليه وسلم حين أنزل عليه: ( وأنذر عشيرتك الأقربين) قال: ( يا معشر قريش أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم، لا
أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله لا أغني
عنك من الله شيئا، ويا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا ).
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآيتين.
الثانية: قصة أحد.
الثالثة: قنوت سيد المرسلين وخلفه سادات الأولياء يؤمنون في الصلاة.
الرابعة: أن المدعو عليهم كفار.
الخامسة: أنهم فعلوا أشياء ما فعلها غالب الكفار. منها: شجهم نبيهم وحرصهم على قتله، ومنها: التمثيل بالقتلى مع أنهم بنو
عمهم.
السادسة: أنزل الله عليه في ذلك ( ليس لك من الأمر شيء).
السابعة: قوله: ( أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) فتاب عليهم فآمنوا.
الثامنة: القنوت في النوازل.
التاسعة: تسمية المدعو عليهم في الصلاة بأسمائهم وأسماء آبائهم.
العاشرة: لعنه المعين في القنوت.
الحادية عشرة: قصته لما أنزل عليه: ( وأنذر عشيرتك الأقربين ).
الثانية عشرة: جدّه في هذا الأمر، بحيث فعل ما نسب بسببه إلى الجنون، وكذلك لو يفعله مسلم الآن.
الثالثة عشرة: قوله للأبعد والأقرب: ( لا أغني عنك من الله شيئا ) حتى قال: ( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من
الله شيئا) فإذا صرح وهو سيد المرسلين بأنه لا يغني شيئا عن سيدة نساء العالمين، وآمن الإنسان أنه صلى
الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق، ثم نظر فيما وقع في قلوب خواص الناس الآن، تبين له التوحيد وغربة الدين.
باب قول الله تعالى: ( حتى إذا فُزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير )
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: ( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت
الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك. حتى إذا فُزِّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض وصفه سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها عن لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء ).
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ( إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر تكلم
بالوحي أخذت السماوات منه رجفة - أو قال رعدة - شديدة خوفا من الله عز وجل. فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا
وخروا سجدا. فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة، كلما مر بسماء سأله
ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: قال الحق وهو العلي الكبير فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل. فينتهي جبريل
بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل ).
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآية.
الثانية: ما فيها من الحجة على إبطال الشرك، خصوصا من تعلق على الصالحين، وهي الآية التي قيل: إنها تقطع عروق شجرة
الشرك من القلب.
الثالثة: تفسير قوله: ( قالوا الحق وهو العلي الكبير).
الرابعة: سبب سؤالهم عن ذلك.
الخامسة: أن جبريل هو الذي يجيبهم بعد ذلك بقوله: ( قال كذا وكذا).
السادسة: ذكر أن أول من يرفع رأسه جبريل.
السابعة: أن يقول لأهل السماوات كلهم، لأنهم يسألونه.
الثامنة: أن الغشي يعم أهل السماوات كلهم.
التاسعة: ارتجاف السماوات لكلام الله.
العاشرة: أن جبريل هو الذي ينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله.
الحادية عشرة: ذكر استراق الشياطين.
الثانية عشرة: صفة ركوب بعضهم بعضا.
الثالثة عشرة: إرسال الشهب.
الرابعة عشرة: أنه تارة يدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وتارة يلقيها في أذن وليه من الإنس قبل أن يدركه.
الخامسة عشرة: كون الكاهن يصدق بعض الأحيان.
السادسة عشرة: كونه يكذب معها مائة كذبة.
السابعة عشرة: أنه لم يصدق كذبه إلا بتلك الكلمة التي سمعت من السماء.
الثامنة عشرة: قبول النفوس للباطل، كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمائة؟!.
التاسعة عشرة: كونهم يلقي بعضهم إلى بعض تلك الكلمة ويحفظونها ويستدلون بها. العشرون: إثبات الصفات خلافا للأشعرية المعطلة. الحادية والعشرون: التصريح بأن تلك الرجفة والغشي كانا خوفا من الله عز وجل. الثانية والعشرون: أنهم يخرون لله سجدا.
باب الشفاعة
وقول الله تعالى: ( وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع )، وقوله: ( قل لله
الشفاعة جميعا)، وقوله: ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)، وقوله: ( وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم
شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى )، وقوله: ( قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في ا
لسموات ولا في الأرض) الآيتين.
قال أبو العباس: نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون، فنفى أن يكون لغيره ملك أو قسط منه، أو يكون عونا لله، ولم يبق
إلا الشفاعة، فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب، كما قال تعالى: ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى )، فهذه الشفاعة التي
يظنها المشركون، هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن، وأخبر النبي أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده، لا يبدأ
بالشفاعة أولا، ثم يقال له: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تُعط، واشفع تُشفع. وقال له أبو هريرة: من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: ( من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه)، فتلك الشفاعة
لأهل الإخلاص بإذن الله، ولا تكون لمن أشرك بالله. وحقيقته: أن الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع، ليكرمه وينال المقام
المحمود. فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك، ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع، وقد بيَّن النبي
أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص. انتهى كلامه.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآيات.
الثانية: صفة الشفاعة المنفية.
الثالثة: صفة الشفاعة المثبتة.
الرابعة: ذكر الشفاعة الكبرى، وهي المقام المحمود.
الخامسة: صفة ما يفعله ، وأنه لا يبدأ بالشفاعة أولا، بل يسجد، فإذا أذن الله له شفع.
السادسة: من أسعد الناس بها؟.
السابعة: أنها لا تكون لمن أشرك بالله.
الثامنة: بيان حقيقتها.
باب قول الله تعالى: ( إنك لا تهدي من أحببت ) الآية
وفي الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: ( لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله وعنده عبد الله
بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له: ( يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله)، فقالا له: أترغب عن ملة عبد
المطلب؟ فأعاد عليه النبي ، فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا
الله. فقال النبي : ( لأستغفرن لك ما لم أنه عنك)، فأنزل الله عز وجل( ما كان للنبي والذين آمنوا
أن يستغفروا للمشركين ) الآية. وأنزل الله في أبي طالب: ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ).
فيه مسائل:
الأولى: تفسير قوله: ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ).
الثانية: تفسير قوله: ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) الآية.
الثالثة: وهي المسألة الكبرى – تفسير قوله : ( قل: لا إله إلا الله) بخلاف ما عليه من يدعي
العلم.
الرابعة: أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي إذ قال للرجل: ( قل لا إله إلا الله ). فقبح الله من
أبو جهل أعلم منه بأصل الإسلام.
الخامسة: جدّه ومبالغته في إسلام عمه.
السادسة: الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه.
السابعة: كونه استغفر له فلم يغفر له، بل نهي عن ذلك.
الثامنة: مضرة أصحاب السوء على الإنسان.
التاسعة: مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر.
العاشرة: الشبهة للمبطلين في ذلك، لاستدلال أبي جهل بذلك.
الحادية عشرة: الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم، لأنه لو قالها لنفعته.
الثانية عشرة: التأمل في كبر هذه الشبهة في قلوب الضالين، لأن في القصة أنهم لم يجادلوه إلا بها، مع مبالغته
وتكريره، فلأجل عظمتها ووضوحها عندهم، اقتصروا عليها.
باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين
وقول الله عز وجل: ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ).
وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: ( وقالوا لا تذرُنَّ آلهتكم ولا تذرُنَّ ودا ولا سواعا ولا يغوث
ويعوق ونسرا )، قال: ( هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى
مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم، عبدت). وقال ابن القيم: قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم. وعن عمر أن رسول الله قال: ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد
الله ورسوله) أخرجاه. وقال: قال رسول الله : ( إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو). ولمسلم عن ابن مسعود أن رسول الله قال: ( هلك المتنطعون) قالها ثلاثا.
فيه مسائل:
الأولى: أن من فهم هذا الباب وبابين بعده، تبين له غربة الإسلام، ورأى من قدرة الله وتقليبه للقلوب العجب.
الثانية: معرفة أول شرك حدث على وجه الأرض أنه بشبهة الصالحين.
الثالثة: أول شيء غيّر به دين الأنبياء، وما سبب ذلك مع معرفة أن الله أرسلهم.
الرابعة: قبول البدع مع كون الشرائع والفطر تردها.
الخامسة: أن سبب ذلك كله مزج الحق بالباطل، فالأول: محبة الصالحين، والثاني: فعل أناس من أهل العلم والدين شيئا أرادوا
به خيرا، فظن من بعدهم أنهم أرادوا به غيره.
السادسة: تفسير الآية التي في سورة نوح.
السابعة: جبلة الآدمي في كون الحق ينقص في قلبه، والباطل يزيد.
الثامنة: فيه شاهد لما نقل عن السلف أن البدعة سبب الكفر.
التاسعة: معرفة الشيطان بما تؤول إليه البدعة ولو حسن قصد الفاعل.
العاشرة: معرفة القاعدة الكلية، وهي النهي عن الغلو، ومعرفة ما يؤول إليه.
الحادية عشرة: مضرة العكوف على القبر لأجل عمل صالح.
الثانية عشرة: معرفة النهي عن التماثيل، والحكمة في إزالتها.
الثالثة عشرة: معرفة عظم شأن هذه القصة، وشدة الحاجة إليها مع الغفلة عنها.
الرابعة عشرة: وهي أعجب وأعجب، قراءتهم إياها في كتب التفسير والحديث، ومعرفتهم بمعنى الكلام، وكون الله حال بينهم وبين
قلوبهم حتى اعتقدوا أن فعل قوم نوح هو أفضل العبادات، واعتقدوا أن ما نهى الله ورسوله عنه، فهو الكفر المبيح للدم والمال.
الخامسة عشرة: التصريح أنهم لم يريدوا إلا الشفاعة.
السادسة عشرة: ظنهم أن العلماء الذين صوروا الصور أرادوا ذلك.
السابعة عشرة: البيان العظيم في قوله : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم) فصلوات الله
وسلامه على من بلغ البلاغ المبين.
الثامنة عشرة: نصيحته إيانا بهلاك المتنطعين.
التاسعة عشرة: التصريح بأنها لم تعبد حتى نسي العلم، ففيها بيان معرفة قدر وجوده ومضرة فقده. العشرون: أن سبب فقد العلم موت العلماء.
باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده
في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة ذكرت لرسول الله كنيسة رأتها في أرض الحبشة وما فيها
من الصور. فقال: ( أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور
أولئك شرار الخلق عند الله)، فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين، فتنة القبور، وفتنة التماثيل. ولهما عنها قالت: لما نُزل برسول الله
طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك : ( لعنة الله على اليهود
والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا. أخرجاه.
ولمسلم عن جندب بن عبد الله قال: سمعت النبي قبل أن يموت بخمس وهو يقول: ( إني أبرأ إلى الله أن
يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا، لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن
من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك).
فقد نهى عنه في آخر حياته، ثم إنه لعن - وهو في السياق - من فعله، والصلاة عندها من ذلك، وإن لم يُبْنَ مسجد، وهو معنى
قولها: خشي أن يتخذ مسجدا، فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدا، وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجدا، بل
كل موضع يصلى فيه يسمى مسجدا، كما قال : ( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ). ولأحمد بسند جيد
عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: ( إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد)
رواه أبو حاتم في صحيحه.
فيه مسائل:
الأولى: ما ذكر الرسول فيمن بنى مسجدا يعبد الله فيه عند قبر رجل صالح، ولو صحت نية الفاعل.
الثانية: النهي عن التماثيل، وغلظ الأمر في ذلك.
الثالثة: العبرة في مبالغته في ذلك. كيف بيّن لهم هذا أولا، ثم قبل موته بخمس قال ما قال، ثم لما كان في
السياق لم يكتف بما تقدم. الرابعة: نهيه عن فعله عند قبره قبل أن يوجد القبر.
الخامسة: أنه من سنن اليهود والنصارى في قبور أنبيائهم.
السادسة: لعنه إياهم على ذلك.
السابعة: أن مراده تحذيره إيانا عن قبره.
الثامنة: العلة في عدم إبراز قبره.
التاسعة: في معنى اتخاذها مسجدا.
العاشرة: أنه قرن بين من اتخذها مسجدا وبين من تقوم عليهم الساعة، فذكر الذريعة إلى الشرك قبل وقوعه مع خاتمته.
الحادية عشرة: ذكره في خطبته قبل موته بخمس: الرد على الطائفتين اللتين هما شر أهل البدع، بل أخرجهم بعض السلف من
الثنتين والسبعين فرقة، وهم الرافضة والجهمية. وبسبب الرافضة حدث الشرك وعبادة القبور، وهم أول من بنى عليها المساجد.
الثانية عشرة: ما بلي به من شدة النزع.
الثالثة عشرة: ما أكرم به من الخلّة.
الرابعة عشرة: التصريح بأنها أعلى من المحبة.
الخامسة عشرة: التصريح بأن الصديق أفضل الصحابة.
السادسة عشرة: الإشارة إلى خلافته.
باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله
روى مالك في الموطأ: أن رسول الله قال: ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )، ولابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد: ( أفرءيتم اللات والعزى )، قال:
كان يلت لهم السويق فمات فعكفوا على قبره، وكذلك قال أبو الجوزاء عن ابن عباس: كان يلت السويق للحاج.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج.
رواه أهل السنن.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الأوثان.
الثانية: تفسير العبادة.
الثالثة: أنه لم يستعذ إلا مما يخاف وقوعه.
الرابعة: قرنه بهذا اتخاذ قبور الأنبياء مساجد.
الخامسة: ذكر شدة الغضب من الله.
السادسة: وهي من أهمها – معرفة صفة عبادة اللات التي هي من أكبر الأوثان.
السابعة: معرفة أنه قبر رجل صالح.
الثامنة: أنه اسم صاحب القبر، وذكر معنى التسمية.
التاسعة: لعنه زَوَّارَات القبور.
العاشرة: لعنه من أسرجها.
باب ما جاء في حماية المصطفى جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك
وقول الله تعالى: ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم ) الآية.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ( لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا،
وصلوا عليّ، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) رواه أبو داود بإسناد حسن، ورواته ثقات.
وعن علي بن الحسين: أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي ، فيدخل فيها فيدعو، فنهاه، وقال:
ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله قال: ( لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا،
وصلوا عليّ فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم) رواه في المختارة.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية براءة.
الثانية: إبعاده أمته عن هذا الحمى غاية البعد.
الثالثة: ذكر حرصه علينا ورأفته ورحمته.
الرابعة: نهيه عن زيارة قبره على وجه مخصوص، مع أن زيارته من أفضل الأعمال.
الخامسة: نهيه عن الإكثار من الزيارة.
السادسة: حثه على النافلة في البيت.
السابعة: أنه متقرر عندهم أنه لا يصلى في المقبرة.
الثامنة: تعليله ذلك بأن صلاة الرجل وسلامه عليه يبلغه وإن بعد، فلا حاجة إلى ما يتوهمه من أراد القرب.
التاسعة: كونه في البرزخ تعرض أعمال أمته في الصلاة والسلام عليه.
باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان
وقول الله تعالى: ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت )، وقوله تعالى: ( قل هل أُنبئُكُم
بشرٍ من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت )، وقوله تعالى: ( قال
الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدًا ).
عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله قال: ( لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة، حتى لو
دخلوا جحر ضب لدخلتموه) قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ( فمن)؟ أخرجاه، ولمسلم عن ثوبان رضي الله
عنه أن رسول الله قال: ( إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما
زوي لي منها، وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة بعامة، وأن لا يسلط عليهم عدوا من
سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إذا قضيت قضاءً فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة بعامة وألا
أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم
بعضًا )، ورواه البرقاني في صحيحه، وزاد: ( وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم
القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئة من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذَّابون ثلاثون،
كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي. ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي
أمر الله تبارك وتعالى ).
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية النساء.
الثانية: تفسير آية المائدة.
الثالثة: تفسير آية الكهف.
الرابعة: وهي أهمها، ما معنى الإيمان بالجبت والطاغوت في هذا الموضع؟ هل هو اعتقاد قلب، أو هو موافقة أصحابها مع بغضها
ومعرفة بطلانها؟.
الخامسة: قولهم إن الكفار الذين يعرفون كفرهم أهدى سبيلا من المؤمنين.
السادسة: وهي المقصود بالترجمة – أن هذا لا بد أن يوجد في هذه الأمة، كما تقرر في حديث أبي سعيد.
السابعة: التصريح بوقوعها، أعني عبادة الأوثان في هذه الأمة في جموع كثيرة.
الثامنة: العجب العجاب خروج من يدّعي النبوة، مثل المختار، مع تكلمه بالشهادتين وتصريحه بأنه من هذه الأمة، وأن الرسول
حق، وأن القرآن حق وفيه أن محمدا خاتم النبيين، ومع هذا يصدق في هذا كله مع التضاد الواضح. وقد خرج المختار في آخر
عصر الصحابة، وتبعه فئام كثيرة.
التاسعة: البشارة بأن الحق لا يزول بالكلية كما زال فيما مضى، بل لا تزال عليه طائفة.
العاشرة: الآية العظمى أنهم مع قلتهم لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم.
الحادية عشرة: أن ذلك الشرط إلى قيام الساعة.
الثانية عشرة: ما فيه من الآيات العظيمة، منها: إخباره بأن الله زوى له المشارق والمغارب، وأخبر بمعنى ذلك فوقع كما أخبر،
بخلاف الجنوب والشمال، وإخباره بأنه أعطي الكنزين، وإخباره بإجابة دعوته لأمته في الاثنتين، وإخباره بأنه منع الثالثة، وإخباره
بوقوع السيف، وأنه لا يرفع إذا وقع، وإخباره بإهلاك بعضهم بعضا وسبي بعضهم بعضا، وخوفه على أمته من الأئمة المضلين،
وإخباره بظهور المتنبئين في هذه الأمة، وإخباره ببقاء الطائفة المنصورة. وكل هذا وقع كما أخبر، مع أن كل واحدة منها أبعد ما
يكون من العقول.
الثالثة عشرة: حصر الخوف على أمته من الأئمة المضلين.
الرابعة عشرة: التنبيه على معنى عبادة الأوثان.
باب ما جاء في السحر
وقول الله تعالى: ( ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق )، وقوله: ( يؤمنون بالجبت والطاغوت ).
قال عمر: الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان. وقال جابر: الطواغيت: كهان كان ينزل عليهم الشيطان، في كل
حي واحد.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ( اجتنبوا السبع الموبقات) قالوا: يا رسول الله:
وما هن؟ قال: ( الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف،
وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات). وعن جندب مرفوعا: ( حد الساحر ضربه بالسيف) رواه الترمذي، وقال: الصحيح أنه موقوف. وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة قال: كتب عمر بن الخطاب: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، قال: فقتلنا ثلاث سواحر. وصح عن حفصة رضي الله عنها: أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقتلت، وكذلك صح عن جندب. قال أحمد: عن ثلاثة
من أصحاب النبي .
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية البقرة.
الثانية: تفسير آية النساء.
الثالثة: تفسير الجبت والطاغوت، والفرق بينهما.
الرابعة: أن الطاغوت قد يكون من الجن، وقد يكون من الإنس.
الخامسة: معرفة السبع الموبقات المخصوصات بالنهي.
السادسة: أن الساحر يكفر.
السابعة: أنه يقتل ولا يستتاب.
الثامنة: وجود هذا في المسلمين على عهد عمر، فكيف بعده؟
باب بيان شيء من أنواع السحر
قال أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف عن حيان بن العلاء، حدثنا قطن بن قبيصة عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه
وسلم قال: ( إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت). قال عوف: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يخط بالأرض
والجبت، قال: الحسن: رنة الشيطان. إسناده جيد ولأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه، المسند منه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ( من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من
السحر، زاد ما زاد) رواه أبو داود، وإسناده صحيح. وللنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئا
وكل إليه). وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله قال: ( ألا هل أنبئكم ما الغضة؟ هي النميمة، القالة بين
الناس) رواه مسلم. ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما، ان رسول الله قال: ( إن من البيان لسحرا
).
فيه مسائل:
الأولى: أن العيافة والطرق والطيرة من الجبت.
الثانية: تفسير العيافة والطرق.
الثالثة: أن علم النجوم نوع من السحر.
الرابعة: أن العقد مع النفث من ذلك.
الخامسة: أن النميمة من ذلك.
السادسة: أن من ذلك بعض الفصاحة.
باب ما جاء في الكهان ونحوهم
روى مسلم في صحيحه، عن بعض أزواج النبي عن النبي قال: ( من أتىعرَّافا فسأله
عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوما ). وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: ( من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على
محمد ) رواه أبو داود. وللأربعة، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، عن أبي هريرة: ( من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل
على محمد ). ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود موقوفا. وعن عمران بن حصين رضي الله عنه مرفوعا: ( ليس منا من تَطير أو تُطير له أو تَكهن أو تُكهن له أو سَحر أو سُحر له، ومن
أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد ) رواه البراز بإسناد جيد، ورواه الطبراني في الأوسط
بإسناد حسن من حديث ابن عباس دون قوله: "ومن أتى.." الخ.
قال البغوي: العراف: الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك وقيل: هو الكاهن
والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل وقيل: الذي يخبر عما في الضمير. وقال أبو العباس ابن تيمية: العراف: اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق. وقال ابن عباس –في قوم يكتبون ( أبا جاد) وينظرون في النجوم -: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق.
فيه مسائل:
الأولى: لا يجتمع تصديق الكاهن مع الإيمان بالقرآن.
الثانية: التصريح بأنه كفر.
الثالثة: ذكر من تُكهن له.
الرابعة: ذكر من تُطير له.
الخامسة: ذكر من سحر له.
السادسة: ذكر من تعلم أبا جاد.
السابعة: ذكر الفرق بين الكاهن والعراف.
باب ما جاء في النشرة
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله سئل عن النشرة فقال: ( هي من عمل الشيطان ) رواه أحمد
بسند جيد. وأبو داود، وقال: سئل أحمد عنها فقال: ابن مسعود يكره هذا كله.
وفي البخاري عن قتادة: قلت لابن المسيب: رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته، أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما
يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه. أ.ه.
وروى عن الحسن أنه قال: لا يحل السحر إلا ساحر.
قال ابن القيم: النشرة: حل السحر عن المسحور، وهي نوعان: إحداهما: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب،
ويبطل عمله عن المسحور. والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة، فهذا جائز. فيه مسألتان:
الأولى: النهي عن النشرة.
الثانية: الفرق بين المنهي عنه والمرخص فيه مما يزيل الأشكال.
باب ما جاء في التطير
وقول الله تعالى: ( ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون)، وقوله: ( قالوا طائركم معكم).
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن الرسول قال: ( لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر) أخرجاه،
زاد مسلم: (ولا نوء، ولا غول). ولهما عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ( لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل ) قالوا:
وما الفأل؟ قال: ( الكلمة الطيبة). ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ذكرت الطيرة عند رسول الله فقال: (
أحسنها الفأل، ولا ترد مسلما فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول
ولا قوة إلا بك).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: ( الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل ) رواه أبو
داود، والترمذي وصححه، وجعل آخره من قول ابن مسعود.
ولأحمد من حديث ابن عمرو: ( من ردته الطيرة عن حاجة فقد أشرك) قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: ( أن تقول:
اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك)، وله من حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما: ( إنما الطيرة
ما أمضاك أو ردك ).
فيه مسائل:
الأولى: التنبيه على قوله: ( ألا إنما طائرهم عند الله )، مع قوله: ( طائركم معكم).
الثانية: نفي العدوى.
الثالثة: نفي الطيرة.
الرابعة: نفي الهامة.
الخامسة: نفي الصفر.
السادسة: أن الفأل ليس من ذلك بل مستحب.
السابعة: تفسير الفأل.
الثامنة: أن الواقع في القلوب من ذلك مع كراهته لا يضر بل يذهبه الله بالتوكل.
التاسعة: ذكر ما يقوله من وجده.
العاشرة: التصريح بأن الطيرة شرك.
الحادية عشرة: تفسير الطيرة المذمومة.
باب ما جاء في التنجيم
قال البخاري في صحيحه: قال قتادة: خلق الله هذه النجوم لثلاث: زينة للسماء ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها.
فمن تأول فيها غير ذلك اخطأ، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به. أه.
وكره قتادة تعلم منازل القمر، ولم يرخص ابن عيينة فيه، ذكره حرب عنهما، ورخص في تعلم المنازل أحمد وإسحاق.
وعن أبي موسى قال: قال رسول الله : ( ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق
بالسحر) رواه أحمد وابن حبان في صحيحه.
فيه مسائل:
الأولى: الحكمة في خلق النجوم.
الثانية: الرد على من زعم غير ذلك.
الثالثة: ذكر الخلاف في تعلم المنازل.
الرابعة: الوعيد فيمن صدق بشيء من السحر ولو عرف أنه باطل.
باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء
وقول الله تعالى: ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ).
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله قال: ( أربعة في أمتي من أمر الجاهلية لا
يتركوهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة)، وقال: ( النائحة إذا لم تتب قبل موتها
تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ) رواه مسلم. ولهما عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: صلى لنا رسول الله صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت
من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: ( هل تدرون ماذا قال ربكم؟ )، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ( قال:
أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا
بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب). ولهما من حديث ابن عباس بمعناه وفيه قال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا،
فأنزل الله هذه الآيات: ( فلا أقسم بمواقع النجوم - إلى قوله - وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ).
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية الواقعة.
الثانية: ذكر الأربع من أمر الجاهلية.
الثالثة: ذكر الكفر في بعضها.
الرابعة: أن من الكفر ما لا يخرج عن الملة.
الخامسة: قوله: ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر) بسبب نزول النعمة.
السادسة: التفطن للإيمان في هذا الموضع.
السابعة: التفطن للكفر في هذا الموضع.
الثامنة: التفطن لقوله: ( لقد صدق نوء كذا وكذا).
التاسعة: إخراج العالم للمتعلم المسألة بالاستفهام عنها، لقوله: ( أتدرون ماذا قال ربكم؟).
العاشرة: وعيد النائحة.
باب قول الله تعالى: ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ) الآية
وقوله: ( قل إن كان ءاباؤكم وأبناؤكم - إلى قول تعالى- أحب إليكم من الله ورسوله ) الآية.
عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس
أجمعين ) أخرجاه، ولهما عنه قال: قال رسول الله : ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان:
أن يكون الله رسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره
أن يقذف في النار)، وفي رواية: (ل ا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى.. ) إلى آخره.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله
بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك. وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك
لا يجدي على أهله شيئا ) رواه بن جرير، وقال ابن عباس في قوله تعالى: ( وتقطعت بهم الأسباب ) قال: المودة.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية البقرة.
الثانية: تفسير آية براءة.
الثالثة: وجوب محبته على النفس والأهل والمال.
الرابعة: أن نفي الإيمان لا يدل على الخروج من الإسلام.
الخامسة: أن للإيمان حلاوة قد يجدها الإنسان وقد لا يجدها.
السادسة: أعمال القلب الأربعة التي لا تنال ولاية الله إلا بها، ولا يجد أحد طعم الإيمان إلا بها.
السابعة: فهم الصحابي للواقع: أن عامة المؤاخاة على أمر الدنيا.
الثامنة: تفسير: ( وتقطَّعت بهم الأسباب ).
التاسعة: أن من المشركين من يحب الله حبا شديدا.
العاشرة: الوعيد على من كانت الثمانية أحب إليه من دينه.
الحادية عشرة: أن من اتخذ ندا تساوي محبته محبة الله فهو الشرك الأكبر.
باب قول الله تعالى: ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين)
وقوله: ( إنما يعمر مساجد الله من ءامن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وءاتى الزكاة ولم يخش إلا الله ) الآية، وقوله:
( ومن الناس من يقول ءامنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ) الآية.
عن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعا: ( إن من ضعف اليقين أن ترضى الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن
تذمهم على مالم يؤتك الله، إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره). وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله قال: ( من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه
وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) رواه ابن حبان في صحيحه.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية آل عمران.
الثانية: تفسير آية براءة.
الثالثة: تفسير آية العنكبوت.
الرابعة: أن اليقين يضعف ويقوى.
الخامسة: علامة ضعفه، ومن ذلك هذه الثلاث.
السادسة: أن إخلاص الخوف لله من الفرائض.
السابعة: ذكر ثواب من فعله.
الثامنة: ذكر عقاب من تركه.
باب قول الله تعالى: ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين )
وقوله: ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) الآية، وقوله: ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من
المؤمنين )، وقوله: ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ).
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: - حسبنا الله ونعم الوكيل - قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها
محمد حين قالوا له: ( إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) رواه
البخاري والنسائي.
فيه مسائل:
الأولى: أن التوكل من الفرائض.
الثانية: أنه من شروط الإيمان.
الثالثة: تفسير آية الأنفال.
الرابعة: تفسير الآية في آخرها.
الخامسة: تفسير آية الطلاق.
السادسة: عظم شأن هذه الكلمة، وأنها قول إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وسلم في الشدائد.
باب قول الله تعالى: ( أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون )
وقوله: ( ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ).
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله سئل عن الكبائر، فقال: ( الشرك بالله، واليأس من روح
الله، والأمن من مكر الله ). وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من
روح الله) رواه عبد الرزاق.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية الأعراف.
الثانية: تفسير آية الحجر.
الثالثة: شدة الوعيد فيمن أمن مكر الله.
الرابعة: شدة الوعيد في القنوط.
باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله
وقول الله تعالى: ( ومن يؤمن بالله يهد قلبه ). قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله قال: ( اثنتان في الناس هما بهم كفر:
الطعن في النسب، والنياحة على الميت). ولهما عن ابن مسعود مرفوعا: ( ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا
بدعوى الجاهلية). وعن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله قال: ( إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا
أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة)، وقال النبي : ( إن عظم الجزاء مع عظم
البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضي، ومن سخط فله السخط) حسنه الترمذي.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية التغابن.
الثانية: أن هذا من الإيمان بالله.
الثالثة: الطعن في النسب.
الرابعة: شدة الوعيد فيمن ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية.
الخامسة: علامة إرادة الله بعبده الخير.
السادسة: إرادة الله به الشر.
السابعة: علامة حب الله للعبد.
الثامنة: تحريم السخط.
التاسعة: ثواب الرضي بالبلاء.
باب ما جاء في الرياء
وقول الله تعالى: ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ أنما إلهكم إله واحد ) الآية.
عن أبي هريرة مرفوعا: ( قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته
وشركه) رواه مسلم. وعن أبي سعيد مرفوعا: ( ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟) قالوا:
بلى يا رسول الله! قال: ( الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي، فيزيّن صلاته، لما يرى من نظر رجل) رواه أحمد.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية الكهف.
الثانية: الأمر العظيم في رد العمل الصالح إذا دخله شيء لغير الله.
الثالثة: ذكر السبب الموجب لذلك، وهو كمال الغنى.
الرابعة: أن من الأسباب، أنه تعالى خير الشركاء.
الخامسة: خوف النبي على أصحابه من الرياء.
السادسة: أنه فسر ذلك بأن يصلي المرء لله، لكن يزينها لما يرى من نظر رجل إليه.
وقوله تعالى: ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين * وإن يمسسك الله بضر فلا
كاشف له إلا هو) الآية، وقوله: ( فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه ) الآية، وقوله: ( ومن أضل ممن يدعوا من دون
الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة) الآيتان، وقوله: ( أمن يجيب ا لمضطر إذا دعاه ويكشف السوء).
وروي الطبراني بإسناده أنه كان في زمن النبي منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول
الله من هذا المنافق، فقال النبي : ( إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله عز
وجل).
فيه مسائل:
الأولى: أن عطف الدعاء على الاستغاثة من عطف العام على الخاص.
الثانية: تفسير قوله: ( ولا تدع من دون ا لله ما لا ينفعك ولا يضرك).
الثالثة: أن هذا هو الشرك الأكبر.
الرابعة: أن أصلح الناس لو يفعله إرضاء لغيره صار من الظالمين.
الخامسة: تفسير الآية التي بعدها.
السادسة: كون ذلك لا ينفع في الدنيا مع كونه كفرا.
السابعة: تفسير الآية الثالثة.
الثامنة: أن طلب الرزق لا ينبغي إلا من الله، كما أن الجنة لا تطلب إلا منه.
التاسعة: تفسير الآية الرابعة.
العاشرة: أنه لا أضل ممن دعا غير الله.
الحادية عشرة: أنه غافل عن دعاء الداعي لا يدري عنه.
الثانية عشرة: أن تلك الدعوة سبب لبغض المدعو للداعي وعداوته له.
الثالثة عشرة: تسمية تلك الدعوة عبادة للمدعو.
الرابعة عشرة: كفر المدعو بتلك العبادة.
الخامسة عشرة: أن هذه الأمور سبب كونه أضل الناس.
السادسة عشرة: تفسير الآية الخامسة.
السابعة عشرة: الأمر العجيب وهو إقرار عبدة الأوثان أنه لا يجيب المضطر إلا الله، ولأجل هذا يدعونه في الشدائد مخلصين له
الدين.
الثامنة عشرة: حماية المصطفى حمى التوحيد والتأدب مع الله عز وجل.
باب قول الله تعالى: ( أيشركون مالا يخلق شيئا وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصرا) الآية
وقوله: ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير) الآية. وفي الصحيح عن أنس قال: شُجَّ النبي يوم أحد وكسرت رباعيته، فقال: ( كيف يفلح قوم شَجُّوا نبيهم )؟
فنزلت: ( ليس لك من الأمر شيء )، وفيه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله يقول إذا
رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر: ( اللهم العن فلانا وفلانا ) بعدما يقول: ( سمع الله لمن حمده، ربنا
ولك الحمد) فأنزل الله تعالى: ( ليس لك من الأمر شيء ) الآية، وفي رواية: يدعو على صفوان بن أمية، وسهيل بن
عمرو والحارث بن هشام، فنزلت ( ليس لك من الأمر شيء)، وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى
الله عليه وسلم حين أنزل عليه: ( وأنذر عشيرتك الأقربين) قال: ( يا معشر قريش أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم، لا
أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله لا أغني
عنك من الله شيئا، ويا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا ).
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآيتين.
الثانية: قصة أحد.
الثالثة: قنوت سيد المرسلين وخلفه سادات الأولياء يؤمنون في الصلاة.
الرابعة: أن المدعو عليهم كفار.
الخامسة: أنهم فعلوا أشياء ما فعلها غالب الكفار. منها: شجهم نبيهم وحرصهم على قتله، ومنها: التمثيل بالقتلى مع أنهم بنو
عمهم.
السادسة: أنزل الله عليه في ذلك ( ليس لك من الأمر شيء).
السابعة: قوله: ( أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) فتاب عليهم فآمنوا.
الثامنة: القنوت في النوازل.
التاسعة: تسمية المدعو عليهم في الصلاة بأسمائهم وأسماء آبائهم.
العاشرة: لعنه المعين في القنوت.
الحادية عشرة: قصته لما أنزل عليه: ( وأنذر عشيرتك الأقربين ).
الثانية عشرة: جدّه في هذا الأمر، بحيث فعل ما نسب بسببه إلى الجنون، وكذلك لو يفعله مسلم الآن.
الثالثة عشرة: قوله للأبعد والأقرب: ( لا أغني عنك من الله شيئا ) حتى قال: ( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من
الله شيئا) فإذا صرح وهو سيد المرسلين بأنه لا يغني شيئا عن سيدة نساء العالمين، وآمن الإنسان أنه صلى
الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق، ثم نظر فيما وقع في قلوب خواص الناس الآن، تبين له التوحيد وغربة الدين.
باب قول الله تعالى: ( حتى إذا فُزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير )
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: ( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت
الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك. حتى إذا فُزِّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض وصفه سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها عن لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء ).
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ( إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر تكلم
بالوحي أخذت السماوات منه رجفة - أو قال رعدة - شديدة خوفا من الله عز وجل. فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا
وخروا سجدا. فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة، كلما مر بسماء سأله
ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: قال الحق وهو العلي الكبير فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل. فينتهي جبريل
بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل ).
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآية.
الثانية: ما فيها من الحجة على إبطال الشرك، خصوصا من تعلق على الصالحين، وهي الآية التي قيل: إنها تقطع عروق شجرة
الشرك من القلب.
الثالثة: تفسير قوله: ( قالوا الحق وهو العلي الكبير).
الرابعة: سبب سؤالهم عن ذلك.
الخامسة: أن جبريل هو الذي يجيبهم بعد ذلك بقوله: ( قال كذا وكذا).
السادسة: ذكر أن أول من يرفع رأسه جبريل.
السابعة: أن يقول لأهل السماوات كلهم، لأنهم يسألونه.
الثامنة: أن الغشي يعم أهل السماوات كلهم.
التاسعة: ارتجاف السماوات لكلام الله.
العاشرة: أن جبريل هو الذي ينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله.
الحادية عشرة: ذكر استراق الشياطين.
الثانية عشرة: صفة ركوب بعضهم بعضا.
الثالثة عشرة: إرسال الشهب.
الرابعة عشرة: أنه تارة يدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وتارة يلقيها في أذن وليه من الإنس قبل أن يدركه.
الخامسة عشرة: كون الكاهن يصدق بعض الأحيان.
السادسة عشرة: كونه يكذب معها مائة كذبة.
السابعة عشرة: أنه لم يصدق كذبه إلا بتلك الكلمة التي سمعت من السماء.
الثامنة عشرة: قبول النفوس للباطل، كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمائة؟!.
التاسعة عشرة: كونهم يلقي بعضهم إلى بعض تلك الكلمة ويحفظونها ويستدلون بها. العشرون: إثبات الصفات خلافا للأشعرية المعطلة. الحادية والعشرون: التصريح بأن تلك الرجفة والغشي كانا خوفا من الله عز وجل. الثانية والعشرون: أنهم يخرون لله سجدا.
باب الشفاعة
وقول الله تعالى: ( وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع )، وقوله: ( قل لله
الشفاعة جميعا)، وقوله: ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)، وقوله: ( وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم
شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى )، وقوله: ( قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في ا
لسموات ولا في الأرض) الآيتين.
قال أبو العباس: نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون، فنفى أن يكون لغيره ملك أو قسط منه، أو يكون عونا لله، ولم يبق
إلا الشفاعة، فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب، كما قال تعالى: ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى )، فهذه الشفاعة التي
يظنها المشركون، هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن، وأخبر النبي أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده، لا يبدأ
بالشفاعة أولا، ثم يقال له: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تُعط، واشفع تُشفع. وقال له أبو هريرة: من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: ( من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه)، فتلك الشفاعة
لأهل الإخلاص بإذن الله، ولا تكون لمن أشرك بالله. وحقيقته: أن الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع، ليكرمه وينال المقام
المحمود. فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك، ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع، وقد بيَّن النبي
أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص. انتهى كلامه.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآيات.
الثانية: صفة الشفاعة المنفية.
الثالثة: صفة الشفاعة المثبتة.
الرابعة: ذكر الشفاعة الكبرى، وهي المقام المحمود.
الخامسة: صفة ما يفعله ، وأنه لا يبدأ بالشفاعة أولا، بل يسجد، فإذا أذن الله له شفع.
السادسة: من أسعد الناس بها؟.
السابعة: أنها لا تكون لمن أشرك بالله.
الثامنة: بيان حقيقتها.
باب قول الله تعالى: ( إنك لا تهدي من أحببت ) الآية
وفي الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: ( لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله وعنده عبد الله
بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له: ( يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله)، فقالا له: أترغب عن ملة عبد
المطلب؟ فأعاد عليه النبي ، فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا
الله. فقال النبي : ( لأستغفرن لك ما لم أنه عنك)، فأنزل الله عز وجل( ما كان للنبي والذين آمنوا
أن يستغفروا للمشركين ) الآية. وأنزل الله في أبي طالب: ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ).
فيه مسائل:
الأولى: تفسير قوله: ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ).
الثانية: تفسير قوله: ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) الآية.
الثالثة: وهي المسألة الكبرى – تفسير قوله : ( قل: لا إله إلا الله) بخلاف ما عليه من يدعي
العلم.
الرابعة: أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي إذ قال للرجل: ( قل لا إله إلا الله ). فقبح الله من
أبو جهل أعلم منه بأصل الإسلام.
الخامسة: جدّه ومبالغته في إسلام عمه.
السادسة: الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه.
السابعة: كونه استغفر له فلم يغفر له، بل نهي عن ذلك.
الثامنة: مضرة أصحاب السوء على الإنسان.
التاسعة: مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر.
العاشرة: الشبهة للمبطلين في ذلك، لاستدلال أبي جهل بذلك.
الحادية عشرة: الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم، لأنه لو قالها لنفعته.
الثانية عشرة: التأمل في كبر هذه الشبهة في قلوب الضالين، لأن في القصة أنهم لم يجادلوه إلا بها، مع مبالغته
وتكريره، فلأجل عظمتها ووضوحها عندهم، اقتصروا عليها.
باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين
وقول الله عز وجل: ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ).
وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: ( وقالوا لا تذرُنَّ آلهتكم ولا تذرُنَّ ودا ولا سواعا ولا يغوث
ويعوق ونسرا )، قال: ( هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى
مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم، عبدت). وقال ابن القيم: قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم. وعن عمر أن رسول الله قال: ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد
الله ورسوله) أخرجاه. وقال: قال رسول الله : ( إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو). ولمسلم عن ابن مسعود أن رسول الله قال: ( هلك المتنطعون) قالها ثلاثا.
فيه مسائل:
الأولى: أن من فهم هذا الباب وبابين بعده، تبين له غربة الإسلام، ورأى من قدرة الله وتقليبه للقلوب العجب.
الثانية: معرفة أول شرك حدث على وجه الأرض أنه بشبهة الصالحين.
الثالثة: أول شيء غيّر به دين الأنبياء، وما سبب ذلك مع معرفة أن الله أرسلهم.
الرابعة: قبول البدع مع كون الشرائع والفطر تردها.
الخامسة: أن سبب ذلك كله مزج الحق بالباطل، فالأول: محبة الصالحين، والثاني: فعل أناس من أهل العلم والدين شيئا أرادوا
به خيرا، فظن من بعدهم أنهم أرادوا به غيره.
السادسة: تفسير الآية التي في سورة نوح.
السابعة: جبلة الآدمي في كون الحق ينقص في قلبه، والباطل يزيد.
الثامنة: فيه شاهد لما نقل عن السلف أن البدعة سبب الكفر.
التاسعة: معرفة الشيطان بما تؤول إليه البدعة ولو حسن قصد الفاعل.
العاشرة: معرفة القاعدة الكلية، وهي النهي عن الغلو، ومعرفة ما يؤول إليه.
الحادية عشرة: مضرة العكوف على القبر لأجل عمل صالح.
الثانية عشرة: معرفة النهي عن التماثيل، والحكمة في إزالتها.
الثالثة عشرة: معرفة عظم شأن هذه القصة، وشدة الحاجة إليها مع الغفلة عنها.
الرابعة عشرة: وهي أعجب وأعجب، قراءتهم إياها في كتب التفسير والحديث، ومعرفتهم بمعنى الكلام، وكون الله حال بينهم وبين
قلوبهم حتى اعتقدوا أن فعل قوم نوح هو أفضل العبادات، واعتقدوا أن ما نهى الله ورسوله عنه، فهو الكفر المبيح للدم والمال.
الخامسة عشرة: التصريح أنهم لم يريدوا إلا الشفاعة.
السادسة عشرة: ظنهم أن العلماء الذين صوروا الصور أرادوا ذلك.
السابعة عشرة: البيان العظيم في قوله : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم) فصلوات الله
وسلامه على من بلغ البلاغ المبين.
الثامنة عشرة: نصيحته إيانا بهلاك المتنطعين.
التاسعة عشرة: التصريح بأنها لم تعبد حتى نسي العلم، ففيها بيان معرفة قدر وجوده ومضرة فقده. العشرون: أن سبب فقد العلم موت العلماء.
باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده
في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة ذكرت لرسول الله كنيسة رأتها في أرض الحبشة وما فيها
من الصور. فقال: ( أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور
أولئك شرار الخلق عند الله)، فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين، فتنة القبور، وفتنة التماثيل. ولهما عنها قالت: لما نُزل برسول الله
طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك : ( لعنة الله على اليهود
والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا. أخرجاه.
ولمسلم عن جندب بن عبد الله قال: سمعت النبي قبل أن يموت بخمس وهو يقول: ( إني أبرأ إلى الله أن
يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا، لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن
من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك).
فقد نهى عنه في آخر حياته، ثم إنه لعن - وهو في السياق - من فعله، والصلاة عندها من ذلك، وإن لم يُبْنَ مسجد، وهو معنى
قولها: خشي أن يتخذ مسجدا، فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدا، وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجدا، بل
كل موضع يصلى فيه يسمى مسجدا، كما قال : ( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ). ولأحمد بسند جيد
عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: ( إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد)
رواه أبو حاتم في صحيحه.
فيه مسائل:
الأولى: ما ذكر الرسول فيمن بنى مسجدا يعبد الله فيه عند قبر رجل صالح، ولو صحت نية الفاعل.
الثانية: النهي عن التماثيل، وغلظ الأمر في ذلك.
الثالثة: العبرة في مبالغته في ذلك. كيف بيّن لهم هذا أولا، ثم قبل موته بخمس قال ما قال، ثم لما كان في
السياق لم يكتف بما تقدم. الرابعة: نهيه عن فعله عند قبره قبل أن يوجد القبر.
الخامسة: أنه من سنن اليهود والنصارى في قبور أنبيائهم.
السادسة: لعنه إياهم على ذلك.
السابعة: أن مراده تحذيره إيانا عن قبره.
الثامنة: العلة في عدم إبراز قبره.
التاسعة: في معنى اتخاذها مسجدا.
العاشرة: أنه قرن بين من اتخذها مسجدا وبين من تقوم عليهم الساعة، فذكر الذريعة إلى الشرك قبل وقوعه مع خاتمته.
الحادية عشرة: ذكره في خطبته قبل موته بخمس: الرد على الطائفتين اللتين هما شر أهل البدع، بل أخرجهم بعض السلف من
الثنتين والسبعين فرقة، وهم الرافضة والجهمية. وبسبب الرافضة حدث الشرك وعبادة القبور، وهم أول من بنى عليها المساجد.
الثانية عشرة: ما بلي به من شدة النزع.
الثالثة عشرة: ما أكرم به من الخلّة.
الرابعة عشرة: التصريح بأنها أعلى من المحبة.
الخامسة عشرة: التصريح بأن الصديق أفضل الصحابة.
السادسة عشرة: الإشارة إلى خلافته.
باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله
روى مالك في الموطأ: أن رسول الله قال: ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )، ولابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد: ( أفرءيتم اللات والعزى )، قال:
كان يلت لهم السويق فمات فعكفوا على قبره، وكذلك قال أبو الجوزاء عن ابن عباس: كان يلت السويق للحاج.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج.
رواه أهل السنن.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الأوثان.
الثانية: تفسير العبادة.
الثالثة: أنه لم يستعذ إلا مما يخاف وقوعه.
الرابعة: قرنه بهذا اتخاذ قبور الأنبياء مساجد.
الخامسة: ذكر شدة الغضب من الله.
السادسة: وهي من أهمها – معرفة صفة عبادة اللات التي هي من أكبر الأوثان.
السابعة: معرفة أنه قبر رجل صالح.
الثامنة: أنه اسم صاحب القبر، وذكر معنى التسمية.
التاسعة: لعنه زَوَّارَات القبور.
العاشرة: لعنه من أسرجها.
باب ما جاء في حماية المصطفى جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك
وقول الله تعالى: ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم ) الآية.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ( لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا،
وصلوا عليّ، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) رواه أبو داود بإسناد حسن، ورواته ثقات.
وعن علي بن الحسين: أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي ، فيدخل فيها فيدعو، فنهاه، وقال:
ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله قال: ( لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا،
وصلوا عليّ فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم) رواه في المختارة.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية براءة.
الثانية: إبعاده أمته عن هذا الحمى غاية البعد.
الثالثة: ذكر حرصه علينا ورأفته ورحمته.
الرابعة: نهيه عن زيارة قبره على وجه مخصوص، مع أن زيارته من أفضل الأعمال.
الخامسة: نهيه عن الإكثار من الزيارة.
السادسة: حثه على النافلة في البيت.
السابعة: أنه متقرر عندهم أنه لا يصلى في المقبرة.
الثامنة: تعليله ذلك بأن صلاة الرجل وسلامه عليه يبلغه وإن بعد، فلا حاجة إلى ما يتوهمه من أراد القرب.
التاسعة: كونه في البرزخ تعرض أعمال أمته في الصلاة والسلام عليه.
باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان
وقول الله تعالى: ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت )، وقوله تعالى: ( قل هل أُنبئُكُم
بشرٍ من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت )، وقوله تعالى: ( قال
الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدًا ).
عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله قال: ( لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة، حتى لو
دخلوا جحر ضب لدخلتموه) قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ( فمن)؟ أخرجاه، ولمسلم عن ثوبان رضي الله
عنه أن رسول الله قال: ( إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما
زوي لي منها، وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة بعامة، وأن لا يسلط عليهم عدوا من
سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إذا قضيت قضاءً فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة بعامة وألا
أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم
بعضًا )، ورواه البرقاني في صحيحه، وزاد: ( وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم
القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئة من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذَّابون ثلاثون،
كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي. ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي
أمر الله تبارك وتعالى ).
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية النساء.
الثانية: تفسير آية المائدة.
الثالثة: تفسير آية الكهف.
الرابعة: وهي أهمها، ما معنى الإيمان بالجبت والطاغوت في هذا الموضع؟ هل هو اعتقاد قلب، أو هو موافقة أصحابها مع بغضها
ومعرفة بطلانها؟.
الخامسة: قولهم إن الكفار الذين يعرفون كفرهم أهدى سبيلا من المؤمنين.
السادسة: وهي المقصود بالترجمة – أن هذا لا بد أن يوجد في هذه الأمة، كما تقرر في حديث أبي سعيد.
السابعة: التصريح بوقوعها، أعني عبادة الأوثان في هذه الأمة في جموع كثيرة.
الثامنة: العجب العجاب خروج من يدّعي النبوة، مثل المختار، مع تكلمه بالشهادتين وتصريحه بأنه من هذه الأمة، وأن الرسول
حق، وأن القرآن حق وفيه أن محمدا خاتم النبيين، ومع هذا يصدق في هذا كله مع التضاد الواضح. وقد خرج المختار في آخر
عصر الصحابة، وتبعه فئام كثيرة.
التاسعة: البشارة بأن الحق لا يزول بالكلية كما زال فيما مضى، بل لا تزال عليه طائفة.
العاشرة: الآية العظمى أنهم مع قلتهم لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم.
الحادية عشرة: أن ذلك الشرط إلى قيام الساعة.
الثانية عشرة: ما فيه من الآيات العظيمة، منها: إخباره بأن الله زوى له المشارق والمغارب، وأخبر بمعنى ذلك فوقع كما أخبر،
بخلاف الجنوب والشمال، وإخباره بأنه أعطي الكنزين، وإخباره بإجابة دعوته لأمته في الاثنتين، وإخباره بأنه منع الثالثة، وإخباره
بوقوع السيف، وأنه لا يرفع إذا وقع، وإخباره بإهلاك بعضهم بعضا وسبي بعضهم بعضا، وخوفه على أمته من الأئمة المضلين،
وإخباره بظهور المتنبئين في هذه الأمة، وإخباره ببقاء الطائفة المنصورة. وكل هذا وقع كما أخبر، مع أن كل واحدة منها أبعد ما
يكون من العقول.
الثالثة عشرة: حصر الخوف على أمته من الأئمة المضلين.
الرابعة عشرة: التنبيه على معنى عبادة الأوثان.
باب ما جاء في السحر
وقول الله تعالى: ( ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق )، وقوله: ( يؤمنون بالجبت والطاغوت ).
قال عمر: الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان. وقال جابر: الطواغيت: كهان كان ينزل عليهم الشيطان، في كل
حي واحد.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ( اجتنبوا السبع الموبقات) قالوا: يا رسول الله:
وما هن؟ قال: ( الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف،
وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات). وعن جندب مرفوعا: ( حد الساحر ضربه بالسيف) رواه الترمذي، وقال: الصحيح أنه موقوف. وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة قال: كتب عمر بن الخطاب: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، قال: فقتلنا ثلاث سواحر. وصح عن حفصة رضي الله عنها: أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقتلت، وكذلك صح عن جندب. قال أحمد: عن ثلاثة
من أصحاب النبي .
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية البقرة.
الثانية: تفسير آية النساء.
الثالثة: تفسير الجبت والطاغوت، والفرق بينهما.
الرابعة: أن الطاغوت قد يكون من الجن، وقد يكون من الإنس.
الخامسة: معرفة السبع الموبقات المخصوصات بالنهي.
السادسة: أن الساحر يكفر.
السابعة: أنه يقتل ولا يستتاب.
الثامنة: وجود هذا في المسلمين على عهد عمر، فكيف بعده؟
باب بيان شيء من أنواع السحر
قال أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف عن حيان بن العلاء، حدثنا قطن بن قبيصة عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه
وسلم قال: ( إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت). قال عوف: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يخط بالأرض
والجبت، قال: الحسن: رنة الشيطان. إسناده جيد ولأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه، المسند منه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ( من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من
السحر، زاد ما زاد) رواه أبو داود، وإسناده صحيح. وللنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئا
وكل إليه). وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله قال: ( ألا هل أنبئكم ما الغضة؟ هي النميمة، القالة بين
الناس) رواه مسلم. ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما، ان رسول الله قال: ( إن من البيان لسحرا
).
فيه مسائل:
الأولى: أن العيافة والطرق والطيرة من الجبت.
الثانية: تفسير العيافة والطرق.
الثالثة: أن علم النجوم نوع من السحر.
الرابعة: أن العقد مع النفث من ذلك.
الخامسة: أن النميمة من ذلك.
السادسة: أن من ذلك بعض الفصاحة.
باب ما جاء في الكهان ونحوهم
روى مسلم في صحيحه، عن بعض أزواج النبي عن النبي قال: ( من أتىعرَّافا فسأله
عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوما ). وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: ( من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على
محمد ) رواه أبو داود. وللأربعة، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، عن أبي هريرة: ( من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل
على محمد ). ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود موقوفا. وعن عمران بن حصين رضي الله عنه مرفوعا: ( ليس منا من تَطير أو تُطير له أو تَكهن أو تُكهن له أو سَحر أو سُحر له، ومن
أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد ) رواه البراز بإسناد جيد، ورواه الطبراني في الأوسط
بإسناد حسن من حديث ابن عباس دون قوله: "ومن أتى.." الخ.
قال البغوي: العراف: الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك وقيل: هو الكاهن
والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل وقيل: الذي يخبر عما في الضمير. وقال أبو العباس ابن تيمية: العراف: اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق. وقال ابن عباس –في قوم يكتبون ( أبا جاد) وينظرون في النجوم -: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق.
فيه مسائل:
الأولى: لا يجتمع تصديق الكاهن مع الإيمان بالقرآن.
الثانية: التصريح بأنه كفر.
الثالثة: ذكر من تُكهن له.
الرابعة: ذكر من تُطير له.
الخامسة: ذكر من سحر له.
السادسة: ذكر من تعلم أبا جاد.
السابعة: ذكر الفرق بين الكاهن والعراف.
باب ما جاء في النشرة
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله سئل عن النشرة فقال: ( هي من عمل الشيطان ) رواه أحمد
بسند جيد. وأبو داود، وقال: سئل أحمد عنها فقال: ابن مسعود يكره هذا كله.
وفي البخاري عن قتادة: قلت لابن المسيب: رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته، أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما
يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه. أ.ه.
وروى عن الحسن أنه قال: لا يحل السحر إلا ساحر.
قال ابن القيم: النشرة: حل السحر عن المسحور، وهي نوعان: إحداهما: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب،
ويبطل عمله عن المسحور. والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة، فهذا جائز. فيه مسألتان:
الأولى: النهي عن النشرة.
الثانية: الفرق بين المنهي عنه والمرخص فيه مما يزيل الأشكال.
باب ما جاء في التطير
وقول الله تعالى: ( ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون)، وقوله: ( قالوا طائركم معكم).
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن الرسول قال: ( لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر) أخرجاه،
زاد مسلم: (ولا نوء، ولا غول). ولهما عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ( لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل ) قالوا:
وما الفأل؟ قال: ( الكلمة الطيبة). ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ذكرت الطيرة عند رسول الله فقال: (
أحسنها الفأل، ولا ترد مسلما فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول
ولا قوة إلا بك).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: ( الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل ) رواه أبو
داود، والترمذي وصححه، وجعل آخره من قول ابن مسعود.
ولأحمد من حديث ابن عمرو: ( من ردته الطيرة عن حاجة فقد أشرك) قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: ( أن تقول:
اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك)، وله من حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما: ( إنما الطيرة
ما أمضاك أو ردك ).
فيه مسائل:
الأولى: التنبيه على قوله: ( ألا إنما طائرهم عند الله )، مع قوله: ( طائركم معكم).
الثانية: نفي العدوى.
الثالثة: نفي الطيرة.
الرابعة: نفي الهامة.
الخامسة: نفي الصفر.
السادسة: أن الفأل ليس من ذلك بل مستحب.
السابعة: تفسير الفأل.
الثامنة: أن الواقع في القلوب من ذلك مع كراهته لا يضر بل يذهبه الله بالتوكل.
التاسعة: ذكر ما يقوله من وجده.
العاشرة: التصريح بأن الطيرة شرك.
الحادية عشرة: تفسير الطيرة المذمومة.
باب ما جاء في التنجيم
قال البخاري في صحيحه: قال قتادة: خلق الله هذه النجوم لثلاث: زينة للسماء ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها.
فمن تأول فيها غير ذلك اخطأ، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به. أه.
وكره قتادة تعلم منازل القمر، ولم يرخص ابن عيينة فيه، ذكره حرب عنهما، ورخص في تعلم المنازل أحمد وإسحاق.
وعن أبي موسى قال: قال رسول الله : ( ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق
بالسحر) رواه أحمد وابن حبان في صحيحه.
فيه مسائل:
الأولى: الحكمة في خلق النجوم.
الثانية: الرد على من زعم غير ذلك.
الثالثة: ذكر الخلاف في تعلم المنازل.
الرابعة: الوعيد فيمن صدق بشيء من السحر ولو عرف أنه باطل.
باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء
وقول الله تعالى: ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ).
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله قال: ( أربعة في أمتي من أمر الجاهلية لا
يتركوهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة)، وقال: ( النائحة إذا لم تتب قبل موتها
تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ) رواه مسلم. ولهما عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: صلى لنا رسول الله صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت
من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: ( هل تدرون ماذا قال ربكم؟ )، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ( قال:
أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا
بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب). ولهما من حديث ابن عباس بمعناه وفيه قال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا،
فأنزل الله هذه الآيات: ( فلا أقسم بمواقع النجوم - إلى قوله - وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ).
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية الواقعة.
الثانية: ذكر الأربع من أمر الجاهلية.
الثالثة: ذكر الكفر في بعضها.
الرابعة: أن من الكفر ما لا يخرج عن الملة.
الخامسة: قوله: ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر) بسبب نزول النعمة.
السادسة: التفطن للإيمان في هذا الموضع.
السابعة: التفطن للكفر في هذا الموضع.
الثامنة: التفطن لقوله: ( لقد صدق نوء كذا وكذا).
التاسعة: إخراج العالم للمتعلم المسألة بالاستفهام عنها، لقوله: ( أتدرون ماذا قال ربكم؟).
العاشرة: وعيد النائحة.
باب قول الله تعالى: ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ) الآية
وقوله: ( قل إن كان ءاباؤكم وأبناؤكم - إلى قول تعالى- أحب إليكم من الله ورسوله ) الآية.
عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس
أجمعين ) أخرجاه، ولهما عنه قال: قال رسول الله : ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان:
أن يكون الله رسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره
أن يقذف في النار)، وفي رواية: (ل ا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى.. ) إلى آخره.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله
بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك. وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك
لا يجدي على أهله شيئا ) رواه بن جرير، وقال ابن عباس في قوله تعالى: ( وتقطعت بهم الأسباب ) قال: المودة.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية البقرة.
الثانية: تفسير آية براءة.
الثالثة: وجوب محبته على النفس والأهل والمال.
الرابعة: أن نفي الإيمان لا يدل على الخروج من الإسلام.
الخامسة: أن للإيمان حلاوة قد يجدها الإنسان وقد لا يجدها.
السادسة: أعمال القلب الأربعة التي لا تنال ولاية الله إلا بها، ولا يجد أحد طعم الإيمان إلا بها.
السابعة: فهم الصحابي للواقع: أن عامة المؤاخاة على أمر الدنيا.
الثامنة: تفسير: ( وتقطَّعت بهم الأسباب ).
التاسعة: أن من المشركين من يحب الله حبا شديدا.
العاشرة: الوعيد على من كانت الثمانية أحب إليه من دينه.
الحادية عشرة: أن من اتخذ ندا تساوي محبته محبة الله فهو الشرك الأكبر.
باب قول الله تعالى: ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين)
وقوله: ( إنما يعمر مساجد الله من ءامن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وءاتى الزكاة ولم يخش إلا الله ) الآية، وقوله:
( ومن الناس من يقول ءامنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ) الآية.
عن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعا: ( إن من ضعف اليقين أن ترضى الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن
تذمهم على مالم يؤتك الله، إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره). وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله قال: ( من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه
وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) رواه ابن حبان في صحيحه.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية آل عمران.
الثانية: تفسير آية براءة.
الثالثة: تفسير آية العنكبوت.
الرابعة: أن اليقين يضعف ويقوى.
الخامسة: علامة ضعفه، ومن ذلك هذه الثلاث.
السادسة: أن إخلاص الخوف لله من الفرائض.
السابعة: ذكر ثواب من فعله.
الثامنة: ذكر عقاب من تركه.
باب قول الله تعالى: ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين )
وقوله: ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) الآية، وقوله: ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من
المؤمنين )، وقوله: ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ).
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: - حسبنا الله ونعم الوكيل - قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها
محمد حين قالوا له: ( إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) رواه
البخاري والنسائي.
فيه مسائل:
الأولى: أن التوكل من الفرائض.
الثانية: أنه من شروط الإيمان.
الثالثة: تفسير آية الأنفال.
الرابعة: تفسير الآية في آخرها.
الخامسة: تفسير آية الطلاق.
السادسة: عظم شأن هذه الكلمة، وأنها قول إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وسلم في الشدائد.
باب قول الله تعالى: ( أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون )
وقوله: ( ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ).
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله سئل عن الكبائر، فقال: ( الشرك بالله، واليأس من روح
الله، والأمن من مكر الله ). وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من
روح الله) رواه عبد الرزاق.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية الأعراف.
الثانية: تفسير آية الحجر.
الثالثة: شدة الوعيد فيمن أمن مكر الله.
الرابعة: شدة الوعيد في القنوط.
باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله
وقول الله تعالى: ( ومن يؤمن بالله يهد قلبه ). قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله قال: ( اثنتان في الناس هما بهم كفر:
الطعن في النسب، والنياحة على الميت). ولهما عن ابن مسعود مرفوعا: ( ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا
بدعوى الجاهلية). وعن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله قال: ( إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا
أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة)، وقال النبي : ( إن عظم الجزاء مع عظم
البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضي، ومن سخط فله السخط) حسنه الترمذي.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية التغابن.
الثانية: أن هذا من الإيمان بالله.
الثالثة: الطعن في النسب.
الرابعة: شدة الوعيد فيمن ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية.
الخامسة: علامة إرادة الله بعبده الخير.
السادسة: إرادة الله به الشر.
السابعة: علامة حب الله للعبد.
الثامنة: تحريم السخط.
التاسعة: ثواب الرضي بالبلاء.
باب ما جاء في الرياء
وقول الله تعالى: ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ أنما إلهكم إله واحد ) الآية.
عن أبي هريرة مرفوعا: ( قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته
وشركه) رواه مسلم. وعن أبي سعيد مرفوعا: ( ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟) قالوا:
بلى يا رسول الله! قال: ( الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي، فيزيّن صلاته، لما يرى من نظر رجل) رواه أحمد.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية الكهف.
الثانية: الأمر العظيم في رد العمل الصالح إذا دخله شيء لغير الله.
الثالثة: ذكر السبب الموجب لذلك، وهو كمال الغنى.
الرابعة: أن من الأسباب، أنه تعالى خير الشركاء.
الخامسة: خوف النبي على أصحابه من الرياء.
السادسة: أنه فسر ذلك بأن يصلي المرء لله، لكن يزينها لما يرى من نظر رجل إليه.
مواضيع مماثلة
» حكم الحلف بغير الله
» كفر من يحكم بغير ما أنزل الله
» وقد نهانا الله أن نتكلم بغير علم،
» خطبة تعلق القلوب بغير الله.....
» امتاز القرآن الكريم عن غيره من الكتب السماوية بكفالة الله عز وجل
» كفر من يحكم بغير ما أنزل الله
» وقد نهانا الله أن نتكلم بغير علم،
» خطبة تعلق القلوب بغير الله.....
» امتاز القرآن الكريم عن غيره من الكتب السماوية بكفالة الله عز وجل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin