Admin الشيخ محمدشوقى المدير العام

عدد المساهمات : 7484 نقاط : 25526 تاريخ التسجيل : 16/08/2011 العمر : 51 الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001995123161
 | موضوع: عدالة قضية الخلق الإثنين 21 نوفمبر 2011, 7:34 pm | |
|
** ملاحظة هامة :هذا البحث مأخوذ من تفسير سورة الملك الآية الثامنة
*** و هنا قضية الخلق و هي قضية في غاية العدل فإن الله سبحانه الإله المستحق للعبادة الرب العظيم خلق الخلق جميعهم يعبدوه و لا يشركوا به شيئا و نخص هنا بالذكر خلق الإنسان.
فالإنسان مخلوق من مخلوقات الله حاله كحالهم لا يملك من الكون ذرة فما دونها بل لا يملك في جسده ذرة و لا طاقة له بتشغيل خلية واحدة فقط في جسده و إنما خلقه الله ليعبده فهو مخلوق من مخلوقات الله وهب الله له الحياة و خلق بدنه و روحه و سخرهم له فالإنسان عبد خلقه الله من تراب ثم من نطفة خرجت من مجرى البول ثم خرج للدنيا ملطخا بالأذى فقيرا عاجزا فأواه الله و مكنه في الدنيا و الله خلق العبد و أفعاله و أعماله و أرادته و كل ما فيه و له و لا طاقة للعبد على حركة واحده و لا فعل و لا قول إلا بتمكين الله إياه منه فكل خطوة يخطوها الإنسان قد خلقها الله كما خلقه و قس على ذلك .
و لكن لما كانت صورة الابتلاء التي قدرها الله عليه أن يكون في صورة مالك حر متحكم نسي حقيقته و غاب عنه فقره و عجزه بالملك الصوري و الحرية الزائفة التي وجدها في الدنيا و هو في الحقيقة لم و لن يتغير عن صورة المخلوق المربوب .
و انقسم الخلق فريقين فريق علم أصله و تدبر حاله و نظر في رسالة الرسل فرأى أنهم جاءوا بالحق المبين و أنه عبد مملوك لا يليق له التمرد و الشرود من سيده فعلم للربوبية حقها فاستسلم لله سبحانه و آمن برسله فجزاه الله في الدنيا حياة طيبة و في الآخرة الجنة.
و فريق أخر غرته صورة الحرية في الدنيا فهو يرى نفسه حرا متحكما في ذاته بل و في غيره و ربما في أمم و شعوب و رغم أنه يعلم عجزه عن نفع و ضر نفسه فهو يمرض و يحزن و يصيبه البلاء و أنه محدود بحدود لا يستطيع تجاوزها و أنه عما قريب ميت و أنه لم يهب لنفسه حتى الحياة بل أوجد في الدنيا قسرا كأي مخلوق .
اغتر بصورة الملك و ضن بها فلما جاءته الرسل و النذر أعرض عنها و جحدها و ربما تكبر على أهلها و حاربهم و عاداهم أشد الحرب و العداء و هو يعلم في داخله أنه كاذب فعوقب بالمعيشة الضنك و النار.
و بين هذين الرجلان من الدرجات درجات كثيرة ربها أعلم بها.
فالقضية العادلة أن الله إله الكون كله و رب العالمين لا إله غيره خلقنا من ضمن ما خلق لنعبده فإما عبد مطيع و إما عبد آبق فجزى الله المطيع خيرا و جزى الله الكافر بعمله.
و لكن إن ذكرنا ذلك فلا ينبغي أن لا نذكر أن الله سبحانه أكرمنا بعطايا جعلت عبوديتنا في أجمل صورة كرما منه و تفضلا فقد خلقنا سبحانه بيده في أحسن تقويم و أسجد لنا ملائكته و أظهر شرفنا لهم و سخر لنا ما في الأرض جميعا منه و رزقنا في الدنيا جنة الإيمان بالعبودية له سبحانه و التوكل عليه و الإخلاص له و دعاؤه و مناجاته فهو سبحانه سميع قريب مجيب خلق لنا من أنفسنا أزواجا لنسكن إليها و جعل بيننا مودة و رحمة و جعل لنا من أزواجنا بنين و حفدة و رزقنا من الطيبات و جعل مع العسر في الدنيا يسرين و لم يغلق باب التوبة في وجه من أخطأ و بسط سبحانه يده بالليل ليتوب مسيء النهار و يده في النهار ليتوب مسيء الليل و رضى منا باليسير من العمل و تجاوز و عفا عن الكثير من الزلل فما أصابنا من مصيبة فبما كسبت أيدينا و يعفوا عن كثير و من كل ما سألناه أعطانا و أعطانا من النعم في الدنيا ما لا نعد و لا نحصي و جعل امتحاننا في الدنيا قصير جدا و أعاننا فيه بإرسال الرسل و إنزال الكتب و موالاة الحجج و لم يجعل النجاة قاصرة على الكُمل بل كل موحد ناج أصابه قبل ذلك ما أصابه.
ووعدنا في الآخرة ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر مخلدين فيها لنا فيها ما نشاء في ملك كبير عظيم لا نحزن فيه أبدا .
فأي عدل فوق هذا و أي فضل فوق هذا فمن آبق فقد جحد حق الربوبية و الإلهية و جحد فضل الله فاستحق العقوبة.
و من آمن ناله من الخير العظيم ما هو فوق أمنيته مخلدا فيه.
و لو لم يكن من ذلك إلا أن الله خلق الخلق و أمرهم بعبادته و عاقب من أساء لكان عدلا و لو كلفهم أن يعبدوه الليل و النهار و لكنه سبحانه رحمن رحيم كريم له الأسماء الحسنى و الصفات العلا فتبارك الله رب العالمين.
| |
|