مر
رجل [بالمقداد بن الأسود] -رضي الله عنه- فقال له: طوبى لهاتين العينين
اللتين رأتا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والله لوددنا أن رأينا ما
رأيت، وشهدنا ما شهدت، فقال المقداد: ما يحمل أحدكم على أن يتمنى محضرًا
غيبه الله عنه لا يدري لو شهده كيف يكون فيه، والله لقد حضر رسولَ الله
-صلى الله عليه وسلم- أقوامٌ كبَّهم الله على مناخرهم في جهنم؛ إذ لم
يجيبوه، ولم يصدقوه، أو لا تحمدون الله إذ أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم،
مصدقين بما جاء به نبيكم وقد كفيتم البلاء بغيركم. والله لقد بعث رسول الله
–صلى الله عليه وسلم- على أشد حال بعث عليه نبي من الأنبياء في فترة
وجاهلية ما يرون دينًا أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقان فرَّق به بين
الحق والباطل، وفرق به بين الوالد وولده، حتى إن الرجل ليرى والده أو ولده
أو خاله كافرًا وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان ليعلم أنه قد هلك من دخل
النار فلا تقر عينه وهو يعلم أن حميمه وقريبه في النار، وإنها للتي قال
الله: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ
أَعْيُنٍ)