بحـث
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيلالشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن
ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 23 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 23 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 76 بتاريخ الأربعاء 30 أكتوبر 2024, 11:01 pm
]تمثيل رسول الله وتمثيل آل بيته وأصحابه رضوان الله عليهم
صفحة 1 من اصل 1
]تمثيل رسول الله وتمثيل آل بيته وأصحابه رضوان الله عليهم
تمثيل رسول الله وتمثيل آل بيته وأصحابه رضوان الله عليهم
لفضيلة الشيخ محمد المنتصر الكتاني
المستشار العام لرابطة العالم الإسلامي بمكة
تمثيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرام لا يجوز، بنصوص القرآن والسنة النبوية وإجماع المسلمين وقد يكون ذلك كفرا وزندقة.
وكما لا يجوز تمثيله صلوات الله عليه، لا يجوز حضور تمثيله، ولا الموافقة عليه، ولا مساعدة مرتكب ذلك بأي نوع من أنواع المساعدة إذناًله، أو تصوير الكعبة المشرفة، أومكة المكرمة، والضريح النبوي، والمدينة المنورة، أو أي شيء في معناها ليظهر حاكيه عليه الصلاة والسلام في منزل الوحي، ودار ولادته، ومرتع صباه، ودار هجرته ومدفنه صلوات الله وسلامه عليه.
ومرتكب ذلك بالتمثيل نفسه، أو الحضور فيه، أو معاونته، أو الموافقة عليه بفتوى، أو جاه، أو نفوذ أو أي شيء يكون منه لعمل ذلك التمثيل, فاعل ذلك بنفسه، أو بتأييده، ولو باللسان، فضلا عن المشاركة ملعون بلعنة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ومع اللعنة يعاقب أيضا بالطرد من بلده والنفي من بين قومه وعشيرته.
وكذلك لا يجوز ويحرم تمثيل آل بيت النبوة، وأصحاب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ويجب احترامهم بأمر الله تعالى وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والممثلون أهل لعب ومجون، وأهل كذب واستخفاف، وقد يصل بهم اللعب في التمثيل والكذب إلى الاستخفاف بمن يجعلونه غرضا لذلك التمثيل وهدفاً، وإذ ذاك يصبح التمثيل كفرا وزندقة، عقوبته القتل بلا استتابة، ولا يبقى حكمه عدم الجواز والحرمة فقط، ولا يكفي في عقوبته اللعنة لمرتكبه والساعي فيه والنفي من البلاد فقط.
ونص التحريم من القرآن الكريم قوله تعالى لمن جعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هدفا للعبهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}.
قال ابن العربي المعارفي: "لا يخلوا أن يكون ما قالوه من ذلك جدا أو هزلا، وهو كيفما كان كفر، فإن الهزل بالكفر كفر، لا خلاف فيه بين الأمة".
ونص التحريم من السنة النبوية، قصة الحكم بن أبي العاص الأموي، ومحاكاته للنبي صلوات الله وسلامه عليه، قال ابن عبد البر الأندلسي: "كان الحكَم يحاكي النبي صلى عليه وسلم في مشيته وبعض حركاته، أي كان الحكم يمثل النبي صلوات الله عليه، وكان الحكم من مسلمة الفتح ومطلقيهم.
ذكروا أن النبي صلوات الله وسلامه عليه كان إذا مشى يتكفأ، وكان الحكم بن أبي العاص يحكيه – يمثله-، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فرآه يفعل ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: "فكذلك فلتكن"، فكان الحكم مختلجا يرتعش من يومئذ.
وأخرج البيهقي في دلائل النبوة عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق : "كان الحكم يجلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، فبصر به عليه الصلاة والسلام، فقال: "كن كذلك"، فما زال يختلج حتى مات".
وروى الفاكهي: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخلوا عليه وهو يلعن الحكم بن أبي العاص ونفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة المنورة إلى الطائف.
وروى ابن أبي خيثمة وغيره بعدة أسانيد عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت لمروان: "فاشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك وأنت في صلبه"، ورواه النسائي والحاكم وابن مردويه وغيرهم، ورواه الإسماعيلي وسكت عنه الحافظ، وهو بسكوته عنه يعتبر صحيحا حسب قاعدته، وكذلك قال له أخوها عبد الرحمن: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباك" رواه البزار وحسنه الهيثمي.
وورد ذلك عن الحسن والحسين ابني علي عند أبي يعلى في مسنده.
وورد أيضا عن ابن الزبير عند أحمد والبزار في مسنديهما، والطبراني في معجمه، وصححه الهيثمي, وعن عمرو بن مرة الجهني رفعه: فعلى -الحكم- لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, ورواه الطبراني ووثقه الهيثمي، وورد لعنه عن عبد الرحمن بن عوف عند الحاكم، وعن عبد الله بن عمر عند الطبراني، وعن عطاء الخراساني مرسلا عند الفاكهي، فهو برواته العشر متواتر، وصححه الحاكم والحافظ والهيثمي.
وأخرج ابن عبد البر في الاستيعاب بسنده إلى قاسم بن أصبغ في سننه، عن عبد الله بن عمر وابن العاص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدخل عليكم رجل لعين، قال: فدخل الحكم ابن أبي العاص" ورواه احمد والبزار في مسنديهما والطبراني في معجمه، وصححه الهيثمي.
وهجا عبد الرحمن بن حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم مروان ولد الحكم فقال:
إن اللعيـن أبـوك فارم عـظامـه
إن تـرم تـرم مخـلجـاً مجنونـا
يمسي خميص البطن من عمل التقـى
ويظل من عمـل الخبيـث بطينـا
وقال الحافظ في الفتح: "وقد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان.. أخرجهما الطبراني وغيره، بعضها جيد."
وروى الطبراني من حديث حذيفة بن اليمان: "لما ولي أبو بكر الصديق الخلافة، كُلِم في الحكم أن يرده من الطائف إلى المدينة فقال: ما كنت لأحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وقصة الحكم في محاكاته وتمثيله للنبي صلوات الله وسلامه عليه بمشيته وحركاته، دليل على عين النازلة كما يقول الفقهاء وعلماء المناظرة.
وتمثيل الحكم للحركات النبوية والمشية النبوية، إما أن يكون ذلك منه استهزاء برسول الله والرسالة، ولو كان استهزاء لكان الحكم مرتداً، وجزاء المرتد المستهزئ برسول الله والرسالة، القتل بإجماع الأمة، كان المستهزئ مسلماً أو ذمياً، كما نص على ذلك علماء جميع المذاهب، وفي هذه المسألة صنف أبو العباس ابن تيمية كتابه الكبير: الصارم المسلول على شاتم الرسول.
وإما أن يكون الحكم بتمثيله للحركات النبوية والمشية النبوية متلاعبا فقط، واكتفاء رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بلعنه ونفيه، دليل على اعتباره له يلعب، ولذلك لم يقتله، وبذلك يتم المقصود من أنه لعب وليس استهزاء.
فصح بهذا الدليل أن التمثيل برسول الله والرسالة لعب، واللعب بذلك حرام لا يجوز، ملعون اللاعب بفعله وحضوره وتأييده، ومع اللعنة حكمه أن ينفى من بلاده إلى بلاد لا عشيرة له فيها ولا أهل، كما نفى الحكم من المدينة المنورة من بين أهله وولده وعشيرته إلى الطائف، حيث عاش غريبا مطرودا بقية حياة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وفي خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفي خلافة عمر الفاروق رضي الله عنه، وإلى سنوات من الخلافة العثمانية.
والممثل يتخيل ويكذب في كلامه على الذين يمثلهم، يكذب عليهم قولاً فيما تخيل عنهم أنهم قالوه، ويكذب عنهم في محاكاةحركاتهم وتصويرها للناس في حركات أعضائه من قيام وقعود وضحك وبكاء وحزن وفرح، فالممثل كاذب في تمثيله بحاله ومقاله، والممثل لرسول الله يكون كاذبا على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
وفي الحديث المتواتر عن مائتي صحابي عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: "من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
وكما قال أبو العباس ابن تيمية: "وليس يخفى أن من كذب على من يجب تعظيمه - كرسول الله - فإنه مستخف به مستهين بحقه".
وعقوبة الكاذب على رسول الله القتل، لقد أجمع الفقهاء على ذلك كما قال ابن تيمية، وقتل الخلفاء الكذبة على رسول الله في عهود مختلفة.
وقد أمر الله تعالى الناس كل الناس بتعظيم رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، واحترامه وتعزيره وتوقيره، زيادة على الإيمان بنبوته ورسالته وأنه خاتم الأنبياء، وأنه مرسل إلى الناس كافة إلى يوم القيامة، فمن مثله بشخصه الكريم جسما أو كلاما أو حركات يكون متلاعبا، والتلاعب منافٍ للتعزير والتوقير والتعظيم والاحترام.
قال أبو العباس ابن تيمية: "إن الله سبحانه وتعالى أوجب لنبينا صلى الله عليه وسلم على القلب واللسان والجوارح حقوقا زائد ة على مجرد التصديق بنبوته". قال:
"ومن حقه: أن يكون أولى بالمؤمنين من أنفسهم {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}.
ومن حقه: أن يكون أحب إلى المؤمن من نفسه ووالده وجميع الخلق.
{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}. وفي الصحيحين: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده وولده والناس أجمعين".
ومن ذلك أن الله أمر بتعزيره وتوقيره، {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}. قال : "والتعزير اسم جامع لنصره وتأييده من كل ما يؤذيه.. والتوقير اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والاكرام، وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار.
ومن ذلك أنه حرم التقدم بين يديه بالكلام حتى يأذن، وحرم رفع الصوت فوق صوته، وأن يجهرله بالملام كما يجهر الرجل للرجل، وأخبر أن الذين ينادونه وهو في منزله لا يعقلون، لكونهم رفعوا أصواتهم عليه، ولكونهم لم يصبروا حتى يخرج إليهم. قال: وأخبر أن ذلك سبب حبوط العمل، فهذا يدل على أنه يقتضي الكفر، لأن العمل لا يحبط إلا به.
وأخبر أن الذين يغضون من أصواتهم عنده هم الذين امتحنت قلوبهم للتقوى، وأن الله يغفر لهم ويرحمهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ. إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. قال:
ومن ذلك: أن الله حرّم على الناس أن يؤذوه بما هو مباح أن يعامل به بعضهم بعضا، تمييزا له، مثل أن ينكح أزواجه من بعده {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً}. قال:
ومن ذلك أنه خصه بالمخاطبة بما يليق به فقال:{لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً}. فنهى الله أن يقول أحد من الناس: يا محمد, أو : يا أحمد, أو: يا أبا القاسم, ولكن يقولون: يا رسول الله, يا نبي الله.
قال أبو علي: وإذا ذكر في غيبته حيا أو ميتا يقولون: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, نبي الله صلى الله وعليه وآله وسلم، فقد قال: " البخيل كل البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي".
قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: "وكيف لا يخاطبه الناس بذلك والله سبحانه وتعالى أكرمه في مخاطبته إياه بما لم يكرم به أحدا من الأنبياء، فلم يدعه باسمه في القرآن قط، بل يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ}, {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ..} , {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ}, {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ}, {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً}, {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ}, {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ}, {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ}". قال: "مع أنه سبحانه وتعالى قد قال للأنبياء قبله: {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ}, {يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِم}, {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ}, {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}, {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاس}, {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ}, {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ}, قال:
"وقد أوجب الله على جميع الخلق أن يقابلوه من الصلاة والسلام والثناء والمدحة والمحبة والتعظيم والتعزير والتوقير والأدب معه في الكلام والطاعة للأمر والنهي. قال:
"ومن ذلك أن الله رفع له ذكره فلا يذكر الله سبحانه إلا ذكر معه، ولا تصح للأمة خطبة ولا تشهد حتى يشهدوا أنه عبده ورسوله، وأوجب ذكره في كل خطبة، وفي الشهادتين اللتين هما أساس الإسلام، وفي الأذان الذي هو شعار الإسلام، وفي الصلاة التي هي عماد الدين". قال:
"وقرن الله ذكره بذكره، وجمع بينه وبينه في كتابة واحدة، وجعل بيعته بيعة له، وأذاه أذى له، إلى خصائص لا تحصى.
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ},{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً} قال:
"وكان من ربه بالمنزلة العليا التي تقاصرت العقول والألسنة عن معرفتها ونعتها، وصارت غايتها من ذلك بعد التناهي في العلم والبيان، الرجوع إلى عيها وصحتها". قال:
"فمن ذلك أن الله تعالى أمر بالصلاة عليه والتسليم بعد أن أخبر أن الله ملائكته يصلون عليه، والصلاة تتضمن ثناء الله عليه، ودعاء الخبر له، وقربته منه ورحمته له، والسلام عليه يتضمن سلامته من كل آفة، فقد جمعت الصلاة عليه والتسليم جميع الخيرات، ثم إنه يصلي سبحانه عشرا على من يصلي عليه مرة واحدة، حضا للناس على الصلاة عليه، ليسعدوا بذلك، وليرحمهم الله بها.
ويقول أبو علي - كما أبو العباس رحمه الله - :" فلرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود ولواء الحمد الذي تحته كل حماد، صلى الله عليه وعلى آله أفضل الصلوات وأعلاها وأكملها، وأنماها كما يحب سبحانه وتعالى أن يصلى عليه، كما ينبغي أن يصل على سيد البشر، والسلام على النبي ورحمة الله وبركاته أفضل تحية وأحسنها وأولاها وأبركها وأطيبها وأزكاها، صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الثناء، باقيين بعد ذلك أبدا رزقا من الله ما له من نفاذ".
فممثل رسول الله متلاعب به ومتماجن، ومفتر عليه كاذب، ومستهين برسول الله وحقه, لا أدب عنده معه وغير معظم له، ولا محترم ولا معزز له ولا موقر، ومن كان كذلك من الناس فهو عاص لله ولرسوله، مخالف لكتاب الله وسنة نبيه، وعليه ما على العصاة من لعنة وطرد وعقوبة ومقت.
وبذلك صح الاجماع من الأمة على أن التمثيل برسول الله حرام، والاجتماع حجة ثالثة، وكتاب ابن تيمية الصارم المسلول، هو بصفحاته الستمائة بيان لهذا الإجماع ودليل تفصيلي عليه.
وأما تمثيل آل بيت نبينا، وهو كذلك استهتار بهم وسوء أدب معهم، لم تطهرهم من رجس اللعب والمجون من الكذب عليهم والافتراء بالقول والحركات والملامح والشارات - من مثلهم أو مثل واحدا منهم وقد قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً..}
وقد ورد في تفسير الآية عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه فيما صح عنه وتواتر ورواه عنه عشرة من الصحابة رجالا ونساء ودونته عنه أمهات السنّة.
فعن أم سلمة أم المؤمنين عند سنن الترمذي وصححه، وصحيح الحاكم،وسنن البيهقي، وغيرهم قالت: "في بيتي نزلت:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}. وفي البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام، فجللهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساء كان عليه ثم قال: هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا".
وروته عائشة أم المؤمنين عند أحمد في المسند، ومسلم في الصحيح، ورواه أبو سعيد الخدري عند معجم الطبراني, وسعد عند صحيح الحاكم, وواثلة بن الأسقع عند أحمد في المسند، والحاكم في الصحيح، والبيهقي في السنن، وغيرهم, وأنس عند جامع الترمذي وصححه،ومسند أحمد، وصحيح الحاكم وغيرهم, وزيد بن أرقم عند صحيح مسلم, وابن عباس في معجم الطبراني ودلائل أبي نعيم، ودلائل البيهقي وأبو الحمراء عند تفسير ابن جرير، وتفسير ابن مردويه، قال الترمذي: وفي الباب عن معقل بن يسار فهو برواته العشر متواتر قال أبو العباس ابن تيمية: " وقد أوجب الله على جميع الخلق رعاية حرمة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، في أهل البيت والأصحاب، بما لا خفاء به على أحد من علماء المؤمنين".
فحرمتهم حرمة رسول الله، ومحبتهم محبة لرسول الله، والأدب معهم أدب مع رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
ومن مثلهم أو مثل واحدا منهم لم يحترم رسول الله، ولم يحبه، ولم يتأدب معه، وكان من العصاة المستهزئين، وعليه ما على العصاة والجناة من أدب وتعزير.
وآل البيت قد أمر النبي صلوات الله وسلامه عليه بالتمسك بهم، وقرن التمسك والهداية بهم، بالتمسك والهداية بكتاب الله، وإن التمسك بهما منقذ من الضلال, وإنهما لن يفترقا إلى يوم القيامة,إلى لقاء رسول الله بهم في الجنة قال ذلك وخطب به في مائة ألف أو يزيدون من أصحابه يوم حجة الوداع.
ورواه عنه جماعة من الصحابة, وقرن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبه بحب الله,وحب آل البيت بحبه.
فعن أبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم قال: "قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي , أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي, ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض, فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟". أخرجه الترمذي في السنن وحسنه.
ورواه جابر بن عبد الله فقال "رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحجة الوداع يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب, فسمعته يقول: "يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي". أخرجه الترمذي في السنن وحسنه وقال: "وفي الباب عن أبي ذر, وحذيفة ابن أسيد".
وعن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وىله وسلم: "أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه, وأحبوني بحب الله, وأحبوا أهل بيتي لحبي". أخرجه الترمذي في السنن وحسنه, والحاكم في الصحيح.
فمن مثل آل البيت لم يتمسك بهم, ولم يهتد بهديهم, ولم يقرنهم بالقرآن الكريم اهتداء وأسوة, وكان متلاعباً ماجناً عاصياً لرسول الله عليه الصلاة و السلام, ووجب عليه لذلك العقوبة والتعزير.
وتمثيل الصحابة كذلك مجون ولعب, قد أعرض عن حبهم واحترامهم من مثل بهم, وكذب في تمثيله عنهم, وافترى عليهم بتخيلاته عنهم قولا, وبحركاته التمثيلية لهم فعلا, وارتكب فاعل ذلك, المستهتر بهم مخالفة الله تعالى في رضاه عنهم مهاجرين وأنصاراً، واستبدل الدعاء لهم كما أمره الله، باللعب بهم، وعدم الأدب معهم.
قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}. وقال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}.
وقد أوصى بهم صلى الله عليه وسلم، وأمر أن لا يتخذوا غرضا وهدفا في اللعب والإستهتار بهم، وأوجب حبهم، وقرنه بحبه، وحرم بغضهم، وقرنه ببغضه، وجعل أذاهم أذاه.
فعن عمر بن الخطاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوصيكم بأصحابي". رواه أحمد في المسند، والترمذي في الجامع، والحاكم في الصحيح، وعن عبد الله بن المغفل المزني قال رسول الله لى الله عليه وسلم: "الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه". رواه أحمد في المسند والترمذي في الجامع.
وقد قال أبو العباس ابن تيمية: "قد أوجب الله على جميع الخلق رعاية الحرمة في أهل البيت والأصحاب بما لا خفاء به على أحد من علماء المؤمنين".
فتمثيل الصحابة لعب بهم، ومن اتخذهم هدفا وغرضا للعبه أبغضهم ولم يحبهم ولم يقم بحقهم، وكان في ذلك آذاهم، ومن آذاهم آذى رسول الله، ومن آذى رسول الله آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه الله وينتقم منه، ولكن الله يمهل ولا يهمل، حتى إذا أخذ الفاجر لم يفلته، وجعله عبرة للمعتبر.
فتمثيل رسول الله موجب للعنة الله، ويعاقب بالنفي مع اللعنة.
وتمثيل آل بيت رسول الله موجب لغضب رسول الله مع التعزير.
وتمثيل أصحاب رسول الله إذاية لرسول الله وإذاية رسول الله مقت ومع المقت التعزير.
كل هذه العقوبات والتعزيرات إذا كان الممثل يلعب، أما إذا كان يستهزئ والاستهزاء برسول الله وما كان بسبيل من رسول الله كفر أو ردة، وعقوبة ذلك القتل بلا استتابة.
{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ, إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}, {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ}.
مراجع الحكم والفتوى:
1- كتاب الله. 2- تفسير ابن جرير. 3- تفسير القرطبي. 4- جامع البخاري. 5- صحيح مسلم. 6 - صحيح الحاكم. 7- جامع الترمذي. 8- مسند أحمد. 9- دلائل النبوة لأبي نعيم.10-دلائل النبوة للبيهقي. 11 - سنن البيهقي الكبرى. 12- مجمع الزوائد للهيثمي. 13- فتح الباري للحافظ. 14- شرح مسلم للنووي. 15- عارضة الأحوذي لابن العربي. 16- الاستيعاب لابن عبد البر. 17- الإصابة للحافظ. 18- الصارم المسلول لابن تيمية.
لفضيلة الشيخ محمد المنتصر الكتاني
المستشار العام لرابطة العالم الإسلامي بمكة
تمثيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرام لا يجوز، بنصوص القرآن والسنة النبوية وإجماع المسلمين وقد يكون ذلك كفرا وزندقة.
وكما لا يجوز تمثيله صلوات الله عليه، لا يجوز حضور تمثيله، ولا الموافقة عليه، ولا مساعدة مرتكب ذلك بأي نوع من أنواع المساعدة إذناًله، أو تصوير الكعبة المشرفة، أومكة المكرمة، والضريح النبوي، والمدينة المنورة، أو أي شيء في معناها ليظهر حاكيه عليه الصلاة والسلام في منزل الوحي، ودار ولادته، ومرتع صباه، ودار هجرته ومدفنه صلوات الله وسلامه عليه.
ومرتكب ذلك بالتمثيل نفسه، أو الحضور فيه، أو معاونته، أو الموافقة عليه بفتوى، أو جاه، أو نفوذ أو أي شيء يكون منه لعمل ذلك التمثيل, فاعل ذلك بنفسه، أو بتأييده، ولو باللسان، فضلا عن المشاركة ملعون بلعنة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ومع اللعنة يعاقب أيضا بالطرد من بلده والنفي من بين قومه وعشيرته.
وكذلك لا يجوز ويحرم تمثيل آل بيت النبوة، وأصحاب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ويجب احترامهم بأمر الله تعالى وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والممثلون أهل لعب ومجون، وأهل كذب واستخفاف، وقد يصل بهم اللعب في التمثيل والكذب إلى الاستخفاف بمن يجعلونه غرضا لذلك التمثيل وهدفاً، وإذ ذاك يصبح التمثيل كفرا وزندقة، عقوبته القتل بلا استتابة، ولا يبقى حكمه عدم الجواز والحرمة فقط، ولا يكفي في عقوبته اللعنة لمرتكبه والساعي فيه والنفي من البلاد فقط.
ونص التحريم من القرآن الكريم قوله تعالى لمن جعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هدفا للعبهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}.
قال ابن العربي المعارفي: "لا يخلوا أن يكون ما قالوه من ذلك جدا أو هزلا، وهو كيفما كان كفر، فإن الهزل بالكفر كفر، لا خلاف فيه بين الأمة".
ونص التحريم من السنة النبوية، قصة الحكم بن أبي العاص الأموي، ومحاكاته للنبي صلوات الله وسلامه عليه، قال ابن عبد البر الأندلسي: "كان الحكَم يحاكي النبي صلى عليه وسلم في مشيته وبعض حركاته، أي كان الحكم يمثل النبي صلوات الله عليه، وكان الحكم من مسلمة الفتح ومطلقيهم.
ذكروا أن النبي صلوات الله وسلامه عليه كان إذا مشى يتكفأ، وكان الحكم بن أبي العاص يحكيه – يمثله-، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فرآه يفعل ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: "فكذلك فلتكن"، فكان الحكم مختلجا يرتعش من يومئذ.
وأخرج البيهقي في دلائل النبوة عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق : "كان الحكم يجلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، فبصر به عليه الصلاة والسلام، فقال: "كن كذلك"، فما زال يختلج حتى مات".
وروى الفاكهي: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخلوا عليه وهو يلعن الحكم بن أبي العاص ونفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة المنورة إلى الطائف.
وروى ابن أبي خيثمة وغيره بعدة أسانيد عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت لمروان: "فاشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك وأنت في صلبه"، ورواه النسائي والحاكم وابن مردويه وغيرهم، ورواه الإسماعيلي وسكت عنه الحافظ، وهو بسكوته عنه يعتبر صحيحا حسب قاعدته، وكذلك قال له أخوها عبد الرحمن: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباك" رواه البزار وحسنه الهيثمي.
وورد ذلك عن الحسن والحسين ابني علي عند أبي يعلى في مسنده.
وورد أيضا عن ابن الزبير عند أحمد والبزار في مسنديهما، والطبراني في معجمه، وصححه الهيثمي, وعن عمرو بن مرة الجهني رفعه: فعلى -الحكم- لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, ورواه الطبراني ووثقه الهيثمي، وورد لعنه عن عبد الرحمن بن عوف عند الحاكم، وعن عبد الله بن عمر عند الطبراني، وعن عطاء الخراساني مرسلا عند الفاكهي، فهو برواته العشر متواتر، وصححه الحاكم والحافظ والهيثمي.
وأخرج ابن عبد البر في الاستيعاب بسنده إلى قاسم بن أصبغ في سننه، عن عبد الله بن عمر وابن العاص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدخل عليكم رجل لعين، قال: فدخل الحكم ابن أبي العاص" ورواه احمد والبزار في مسنديهما والطبراني في معجمه، وصححه الهيثمي.
وهجا عبد الرحمن بن حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم مروان ولد الحكم فقال:
إن اللعيـن أبـوك فارم عـظامـه
إن تـرم تـرم مخـلجـاً مجنونـا
يمسي خميص البطن من عمل التقـى
ويظل من عمـل الخبيـث بطينـا
وقال الحافظ في الفتح: "وقد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان.. أخرجهما الطبراني وغيره، بعضها جيد."
وروى الطبراني من حديث حذيفة بن اليمان: "لما ولي أبو بكر الصديق الخلافة، كُلِم في الحكم أن يرده من الطائف إلى المدينة فقال: ما كنت لأحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وقصة الحكم في محاكاته وتمثيله للنبي صلوات الله وسلامه عليه بمشيته وحركاته، دليل على عين النازلة كما يقول الفقهاء وعلماء المناظرة.
وتمثيل الحكم للحركات النبوية والمشية النبوية، إما أن يكون ذلك منه استهزاء برسول الله والرسالة، ولو كان استهزاء لكان الحكم مرتداً، وجزاء المرتد المستهزئ برسول الله والرسالة، القتل بإجماع الأمة، كان المستهزئ مسلماً أو ذمياً، كما نص على ذلك علماء جميع المذاهب، وفي هذه المسألة صنف أبو العباس ابن تيمية كتابه الكبير: الصارم المسلول على شاتم الرسول.
وإما أن يكون الحكم بتمثيله للحركات النبوية والمشية النبوية متلاعبا فقط، واكتفاء رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بلعنه ونفيه، دليل على اعتباره له يلعب، ولذلك لم يقتله، وبذلك يتم المقصود من أنه لعب وليس استهزاء.
فصح بهذا الدليل أن التمثيل برسول الله والرسالة لعب، واللعب بذلك حرام لا يجوز، ملعون اللاعب بفعله وحضوره وتأييده، ومع اللعنة حكمه أن ينفى من بلاده إلى بلاد لا عشيرة له فيها ولا أهل، كما نفى الحكم من المدينة المنورة من بين أهله وولده وعشيرته إلى الطائف، حيث عاش غريبا مطرودا بقية حياة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وفي خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفي خلافة عمر الفاروق رضي الله عنه، وإلى سنوات من الخلافة العثمانية.
والممثل يتخيل ويكذب في كلامه على الذين يمثلهم، يكذب عليهم قولاً فيما تخيل عنهم أنهم قالوه، ويكذب عنهم في محاكاةحركاتهم وتصويرها للناس في حركات أعضائه من قيام وقعود وضحك وبكاء وحزن وفرح، فالممثل كاذب في تمثيله بحاله ومقاله، والممثل لرسول الله يكون كاذبا على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
وفي الحديث المتواتر عن مائتي صحابي عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: "من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
وكما قال أبو العباس ابن تيمية: "وليس يخفى أن من كذب على من يجب تعظيمه - كرسول الله - فإنه مستخف به مستهين بحقه".
وعقوبة الكاذب على رسول الله القتل، لقد أجمع الفقهاء على ذلك كما قال ابن تيمية، وقتل الخلفاء الكذبة على رسول الله في عهود مختلفة.
وقد أمر الله تعالى الناس كل الناس بتعظيم رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، واحترامه وتعزيره وتوقيره، زيادة على الإيمان بنبوته ورسالته وأنه خاتم الأنبياء، وأنه مرسل إلى الناس كافة إلى يوم القيامة، فمن مثله بشخصه الكريم جسما أو كلاما أو حركات يكون متلاعبا، والتلاعب منافٍ للتعزير والتوقير والتعظيم والاحترام.
قال أبو العباس ابن تيمية: "إن الله سبحانه وتعالى أوجب لنبينا صلى الله عليه وسلم على القلب واللسان والجوارح حقوقا زائد ة على مجرد التصديق بنبوته". قال:
"ومن حقه: أن يكون أولى بالمؤمنين من أنفسهم {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}.
ومن حقه: أن يكون أحب إلى المؤمن من نفسه ووالده وجميع الخلق.
{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}. وفي الصحيحين: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده وولده والناس أجمعين".
ومن ذلك أن الله أمر بتعزيره وتوقيره، {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}. قال : "والتعزير اسم جامع لنصره وتأييده من كل ما يؤذيه.. والتوقير اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والاكرام، وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار.
ومن ذلك أنه حرم التقدم بين يديه بالكلام حتى يأذن، وحرم رفع الصوت فوق صوته، وأن يجهرله بالملام كما يجهر الرجل للرجل، وأخبر أن الذين ينادونه وهو في منزله لا يعقلون، لكونهم رفعوا أصواتهم عليه، ولكونهم لم يصبروا حتى يخرج إليهم. قال: وأخبر أن ذلك سبب حبوط العمل، فهذا يدل على أنه يقتضي الكفر، لأن العمل لا يحبط إلا به.
وأخبر أن الذين يغضون من أصواتهم عنده هم الذين امتحنت قلوبهم للتقوى، وأن الله يغفر لهم ويرحمهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ. إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. قال:
ومن ذلك: أن الله حرّم على الناس أن يؤذوه بما هو مباح أن يعامل به بعضهم بعضا، تمييزا له، مثل أن ينكح أزواجه من بعده {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً}. قال:
ومن ذلك أنه خصه بالمخاطبة بما يليق به فقال:{لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً}. فنهى الله أن يقول أحد من الناس: يا محمد, أو : يا أحمد, أو: يا أبا القاسم, ولكن يقولون: يا رسول الله, يا نبي الله.
قال أبو علي: وإذا ذكر في غيبته حيا أو ميتا يقولون: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, نبي الله صلى الله وعليه وآله وسلم، فقد قال: " البخيل كل البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي".
قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: "وكيف لا يخاطبه الناس بذلك والله سبحانه وتعالى أكرمه في مخاطبته إياه بما لم يكرم به أحدا من الأنبياء، فلم يدعه باسمه في القرآن قط، بل يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ}, {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ..} , {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ}, {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ}, {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً}, {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ}, {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ}, {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ}". قال: "مع أنه سبحانه وتعالى قد قال للأنبياء قبله: {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ}, {يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِم}, {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ}, {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}, {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاس}, {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ}, {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ}, قال:
"وقد أوجب الله على جميع الخلق أن يقابلوه من الصلاة والسلام والثناء والمدحة والمحبة والتعظيم والتعزير والتوقير والأدب معه في الكلام والطاعة للأمر والنهي. قال:
"ومن ذلك أن الله رفع له ذكره فلا يذكر الله سبحانه إلا ذكر معه، ولا تصح للأمة خطبة ولا تشهد حتى يشهدوا أنه عبده ورسوله، وأوجب ذكره في كل خطبة، وفي الشهادتين اللتين هما أساس الإسلام، وفي الأذان الذي هو شعار الإسلام، وفي الصلاة التي هي عماد الدين". قال:
"وقرن الله ذكره بذكره، وجمع بينه وبينه في كتابة واحدة، وجعل بيعته بيعة له، وأذاه أذى له، إلى خصائص لا تحصى.
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ},{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً} قال:
"وكان من ربه بالمنزلة العليا التي تقاصرت العقول والألسنة عن معرفتها ونعتها، وصارت غايتها من ذلك بعد التناهي في العلم والبيان، الرجوع إلى عيها وصحتها". قال:
"فمن ذلك أن الله تعالى أمر بالصلاة عليه والتسليم بعد أن أخبر أن الله ملائكته يصلون عليه، والصلاة تتضمن ثناء الله عليه، ودعاء الخبر له، وقربته منه ورحمته له، والسلام عليه يتضمن سلامته من كل آفة، فقد جمعت الصلاة عليه والتسليم جميع الخيرات، ثم إنه يصلي سبحانه عشرا على من يصلي عليه مرة واحدة، حضا للناس على الصلاة عليه، ليسعدوا بذلك، وليرحمهم الله بها.
ويقول أبو علي - كما أبو العباس رحمه الله - :" فلرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود ولواء الحمد الذي تحته كل حماد، صلى الله عليه وعلى آله أفضل الصلوات وأعلاها وأكملها، وأنماها كما يحب سبحانه وتعالى أن يصلى عليه، كما ينبغي أن يصل على سيد البشر، والسلام على النبي ورحمة الله وبركاته أفضل تحية وأحسنها وأولاها وأبركها وأطيبها وأزكاها، صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الثناء، باقيين بعد ذلك أبدا رزقا من الله ما له من نفاذ".
فممثل رسول الله متلاعب به ومتماجن، ومفتر عليه كاذب، ومستهين برسول الله وحقه, لا أدب عنده معه وغير معظم له، ولا محترم ولا معزز له ولا موقر، ومن كان كذلك من الناس فهو عاص لله ولرسوله، مخالف لكتاب الله وسنة نبيه، وعليه ما على العصاة من لعنة وطرد وعقوبة ومقت.
وبذلك صح الاجماع من الأمة على أن التمثيل برسول الله حرام، والاجتماع حجة ثالثة، وكتاب ابن تيمية الصارم المسلول، هو بصفحاته الستمائة بيان لهذا الإجماع ودليل تفصيلي عليه.
وأما تمثيل آل بيت نبينا، وهو كذلك استهتار بهم وسوء أدب معهم، لم تطهرهم من رجس اللعب والمجون من الكذب عليهم والافتراء بالقول والحركات والملامح والشارات - من مثلهم أو مثل واحدا منهم وقد قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً..}
وقد ورد في تفسير الآية عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه فيما صح عنه وتواتر ورواه عنه عشرة من الصحابة رجالا ونساء ودونته عنه أمهات السنّة.
فعن أم سلمة أم المؤمنين عند سنن الترمذي وصححه، وصحيح الحاكم،وسنن البيهقي، وغيرهم قالت: "في بيتي نزلت:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}. وفي البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام، فجللهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساء كان عليه ثم قال: هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا".
وروته عائشة أم المؤمنين عند أحمد في المسند، ومسلم في الصحيح، ورواه أبو سعيد الخدري عند معجم الطبراني, وسعد عند صحيح الحاكم, وواثلة بن الأسقع عند أحمد في المسند، والحاكم في الصحيح، والبيهقي في السنن، وغيرهم, وأنس عند جامع الترمذي وصححه،ومسند أحمد، وصحيح الحاكم وغيرهم, وزيد بن أرقم عند صحيح مسلم, وابن عباس في معجم الطبراني ودلائل أبي نعيم، ودلائل البيهقي وأبو الحمراء عند تفسير ابن جرير، وتفسير ابن مردويه، قال الترمذي: وفي الباب عن معقل بن يسار فهو برواته العشر متواتر قال أبو العباس ابن تيمية: " وقد أوجب الله على جميع الخلق رعاية حرمة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، في أهل البيت والأصحاب، بما لا خفاء به على أحد من علماء المؤمنين".
فحرمتهم حرمة رسول الله، ومحبتهم محبة لرسول الله، والأدب معهم أدب مع رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
ومن مثلهم أو مثل واحدا منهم لم يحترم رسول الله، ولم يحبه، ولم يتأدب معه، وكان من العصاة المستهزئين، وعليه ما على العصاة والجناة من أدب وتعزير.
وآل البيت قد أمر النبي صلوات الله وسلامه عليه بالتمسك بهم، وقرن التمسك والهداية بهم، بالتمسك والهداية بكتاب الله، وإن التمسك بهما منقذ من الضلال, وإنهما لن يفترقا إلى يوم القيامة,إلى لقاء رسول الله بهم في الجنة قال ذلك وخطب به في مائة ألف أو يزيدون من أصحابه يوم حجة الوداع.
ورواه عنه جماعة من الصحابة, وقرن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبه بحب الله,وحب آل البيت بحبه.
فعن أبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم قال: "قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي , أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي, ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض, فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟". أخرجه الترمذي في السنن وحسنه.
ورواه جابر بن عبد الله فقال "رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحجة الوداع يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب, فسمعته يقول: "يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي". أخرجه الترمذي في السنن وحسنه وقال: "وفي الباب عن أبي ذر, وحذيفة ابن أسيد".
وعن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وىله وسلم: "أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه, وأحبوني بحب الله, وأحبوا أهل بيتي لحبي". أخرجه الترمذي في السنن وحسنه, والحاكم في الصحيح.
فمن مثل آل البيت لم يتمسك بهم, ولم يهتد بهديهم, ولم يقرنهم بالقرآن الكريم اهتداء وأسوة, وكان متلاعباً ماجناً عاصياً لرسول الله عليه الصلاة و السلام, ووجب عليه لذلك العقوبة والتعزير.
وتمثيل الصحابة كذلك مجون ولعب, قد أعرض عن حبهم واحترامهم من مثل بهم, وكذب في تمثيله عنهم, وافترى عليهم بتخيلاته عنهم قولا, وبحركاته التمثيلية لهم فعلا, وارتكب فاعل ذلك, المستهتر بهم مخالفة الله تعالى في رضاه عنهم مهاجرين وأنصاراً، واستبدل الدعاء لهم كما أمره الله، باللعب بهم، وعدم الأدب معهم.
قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}. وقال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}.
وقد أوصى بهم صلى الله عليه وسلم، وأمر أن لا يتخذوا غرضا وهدفا في اللعب والإستهتار بهم، وأوجب حبهم، وقرنه بحبه، وحرم بغضهم، وقرنه ببغضه، وجعل أذاهم أذاه.
فعن عمر بن الخطاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوصيكم بأصحابي". رواه أحمد في المسند، والترمذي في الجامع، والحاكم في الصحيح، وعن عبد الله بن المغفل المزني قال رسول الله لى الله عليه وسلم: "الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه". رواه أحمد في المسند والترمذي في الجامع.
وقد قال أبو العباس ابن تيمية: "قد أوجب الله على جميع الخلق رعاية الحرمة في أهل البيت والأصحاب بما لا خفاء به على أحد من علماء المؤمنين".
فتمثيل الصحابة لعب بهم، ومن اتخذهم هدفا وغرضا للعبه أبغضهم ولم يحبهم ولم يقم بحقهم، وكان في ذلك آذاهم، ومن آذاهم آذى رسول الله، ومن آذى رسول الله آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه الله وينتقم منه، ولكن الله يمهل ولا يهمل، حتى إذا أخذ الفاجر لم يفلته، وجعله عبرة للمعتبر.
فتمثيل رسول الله موجب للعنة الله، ويعاقب بالنفي مع اللعنة.
وتمثيل آل بيت رسول الله موجب لغضب رسول الله مع التعزير.
وتمثيل أصحاب رسول الله إذاية لرسول الله وإذاية رسول الله مقت ومع المقت التعزير.
كل هذه العقوبات والتعزيرات إذا كان الممثل يلعب، أما إذا كان يستهزئ والاستهزاء برسول الله وما كان بسبيل من رسول الله كفر أو ردة، وعقوبة ذلك القتل بلا استتابة.
{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ, إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}, {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ}.
مراجع الحكم والفتوى:
1- كتاب الله. 2- تفسير ابن جرير. 3- تفسير القرطبي. 4- جامع البخاري. 5- صحيح مسلم. 6 - صحيح الحاكم. 7- جامع الترمذي. 8- مسند أحمد. 9- دلائل النبوة لأبي نعيم.10-دلائل النبوة للبيهقي. 11 - سنن البيهقي الكبرى. 12- مجمع الزوائد للهيثمي. 13- فتح الباري للحافظ. 14- شرح مسلم للنووي. 15- عارضة الأحوذي لابن العربي. 16- الاستيعاب لابن عبد البر. 17- الإصابة للحافظ. 18- الصارم المسلول لابن تيمية.
مواضيع مماثلة
» الصحابه رضوان الله عليهم فى القران
» عدالة الصحابه رضوان الله عليهم
» من حرص الصحابة رضوان الله عليهم على القرآن الكريم
» نماذج مِن إيثار الصَّحابة رضوان الله عليهم
» عن أبي هريرة –رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى طيب
» عدالة الصحابه رضوان الله عليهم
» من حرص الصحابة رضوان الله عليهم على القرآن الكريم
» نماذج مِن إيثار الصَّحابة رضوان الله عليهم
» عن أبي هريرة –رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى طيب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 21 يونيو 2024, 12:25 am من طرف Admin
» هل الانجيل محرف
الأربعاء 19 يونيو 2024, 2:34 pm من طرف Admin
» شبهات النصاري زواج ام المؤمنين عائشه،
الإثنين 17 يونيو 2024, 10:30 am من طرف Admin
» الفرق بين السنه والفقه
السبت 11 مايو 2024, 11:23 pm من طرف Admin
» كيف عرفت انه نبي..
الجمعة 26 أبريل 2024, 5:40 am من طرف Admin
» موضوع هل يدخل الجنه غير المسلمين،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:48 am من طرف Admin
» التدرج في التشريع
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:43 am من طرف Admin
» كتب عليكم الصيام،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:41 am من طرف Admin
» اقوال العلماء في تفسير ايه الحجاب،،
الثلاثاء 09 أبريل 2024, 7:40 am من طرف Admin