مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ

ْإسلًامى يَجمَعُ أَهلَ العلم والمَعرفة وطالبى العلم الشرعى لاهل السنه والجماعه
 
البوابةالبوابة  الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  محمدشوقىمحمدشوقى  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول      
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
سحابة الكلمات الدلالية
خطبة موزلى الكتاب 0 منقول ماذا ثابت السنة د_خالد_عماره 06 تفسير سورة فائدة_لغوية أبناء_يسوع_يدخلون_دين_المسيح الملك الاسلام توثيق رواية تدوين أحمد حديث محمد الحديث رمضان العالم البسمله
المواضيع الأخيرة
» تدبر آيه كريمه
الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة.. Emptyالخميس 10 أغسطس 2023, 4:11 am من طرف Admin

» السبي في الكتاب المقدس
الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة.. Emptyالسبت 15 يوليو 2023, 2:31 pm من طرف Admin

» سؤالات مهمه
الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة.. Emptyالسبت 15 يوليو 2023, 2:27 pm من طرف Admin

» الأضحية،، شروطها
الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة.. Emptyالثلاثاء 06 يونيو 2023, 1:51 pm من طرف Admin

» نماذج اليوم من امتحان أعضاء المقارئ،، 14/5/2023
الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة.. Emptyالأحد 14 مايو 2023, 4:45 pm من طرف Admin

» ليلة القدر،،
الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة.. Emptyالأربعاء 12 أبريل 2023, 10:44 pm من طرف Admin

» غزوة بدر الكبري،
الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة.. Emptyالإثنين 10 أبريل 2023, 2:09 am من طرف Admin

» فتح مكه،،
الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة.. Emptyالإثنين 10 أبريل 2023, 2:08 am من طرف Admin

» كيف تستعد لرمضان
الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة.. Emptyالأحد 02 أبريل 2023, 10:15 am من طرف Admin

مارس 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
31      
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيل
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 9 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 9 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 50 بتاريخ الجمعة 25 مارس 2016, 12:22 am

 

 الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
الشيخ محمدشوقى المدير العام
Admin


عدد المساهمات : 7484
نقاط : 25526
تاريخ التسجيل : 16/08/2011
العمر : 51
الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001995123161

الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة.. Empty
مُساهمةموضوع: الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة..   الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة.. Emptyالسبت 17 سبتمبر 2011, 8:11 am


الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة

قال بن الجوزي- رحمه الله تعالي-Sad تَأمَلتُ أحوَالَ الصُّوفيَةَ والزُّهَادِ فَرأيتُ أَكثَرُهَا مُنحَرِفًا عَن الشَّريعَةِ بَينَ جَهلٍ بالشَّرعِ وابتِدَاعٍ بالرَّأي يَستَدِلُونَ بِآيَاتٍ لَا يَفهَمُونَ مَعنَاها وَبأحَاديثِ لَهَا أَسبَاب وجمُهُورهَا لَا يَثبُت فَمِن ذَلك ، أنَّهم سِمِعُوا في القُرآَنِ العَزِيزِ:﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾(أل عمران:185 ) ، و ﴿ أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ ﴾ (الحديد:20) ، ثم سَمعُوا في الحديثِ:" للدُّنيَا أَهونُ على الله من شَاةٍ مَيتَةٍ عَلى أَهلِهَا " فَبَالَغُوا في هَجرِهَا من غَيرِ بَحثٍ عن حَقيقَتَهَا ، وذلك أنه ما يعرف حقيقة الشيء فلا يجوز أن يُمدَح ولا أن يُذَم . فإذا بحثنَا عن الدُّنيا رأينَا هذه الأرض البَسيطة التي جُعِلَت قرارًا للخلقِ تَخرج منهَا أقوَاتَهُم ويُدفنُ فيها أموَاتهُم
ومِثلُ هذا لا يُذَمُ لموضع المصلحة فيه ورأينا ما عليها من ماء وزرع وحيوان كله لمصَالح الآدمي ، وفيه حفظ لسبب بقائه ورأينا بقاء الآدمي سببًا لمعرفة ربهِ وطاعتهِ إيِاهُ وخدمته ، وما كان سببًا لبقاء العارف العابد يُمدحُ ولا يُذَم فبَانَ لَنا أن الذَّمَ إنما هو لأفعَالِ الجَاهلِ أو العَاصِي في الدُّنيا فَإِنَّه إذا اقتَنَى المالَ المُباحَ و أدَى زكَاتهُ لم يُلَم .فقد عُلم ما خَلَفَ الزبير وبن عوف و غيرهما وبلغت صدقة علي- رضي الله عنه- أربعين ألفًا وخلَّف بن مسعود تسعين ألفًا ، وكان الليث بن سعد يشتغل كل سنة عشرين وكان سفيان يتجر بمال وكان بن مهدي يشتغل كل سنة ألفى دينار .وإنَّ أكثر من النِّكاحِ والسَّرارِي كان مَمدُوحًا لا مَذمُومًا ، فقد كان للنبي- صلى الله عليه و سلم- زوجات وسَرَاري وجمهُور الصَّحابةِ كانوا على الإِكثَارِ من ذلك وكان لعلي بن أبي طالب- رضي الله عنه - أربَعُ حَرائِر وسَبعَ عشرة أَمة وتَزوجَ وَلدُه الحَسن نَحوًا من أربعِمَائة, فإن طلب التزوج للأولاد فهو الغاية في التعبد ، وإن أراد التلذذ فمباح يندرج فيه من التعبد ما لا يُحصَى من إعفافِ نفسه والمرأة إلى غير ذلك، وقد أنفق موسى- عليه السلام- من عمره الشَّريف عشر سنين في مهر بنت شعيب .فلولا أن النكاح من أفضل الأشياء لما ذهب كثير من زمان الأنبياءِ فيه وقد قال بن عباس رضي الله عنهما:" خِيارُ هذه الأمة أكثرها نساءً " ، وكان يَطأُ جَاريةً لَه ويُنزِلُ في أُخرى ، وقالت سُرِيَةِ الربيع بن خُثَيم: كان الرُبَيعُ يَعزِل ، وأما المَطعَمُ فالمُراد منه تَقويةِ هذا البَدن لخدمَةِ الله- عز وجل- وحقَّ على ذِي النًَاقةِ أن يُكرِمُهَا لِتحمِله .,وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يأكُل ما وجَدَ ، فإن وجد اللحم أكله ، وكان يأكل لحم الدَّجاج ، وأحب الأشياء إليه الحلوى والعسل وما نقل عنه أنه امتنع من مُبَاحٍ ، وجِيء علي- رضي الله عنه- بِفَالُوذَج فَأكَلَ منه وقال: ما هذا ؟ قالوا: يوم النَورُوز فقال: نَورُوزُنا كل يوم , وإنما يُكرَه الأكلُ فوق الشِّبع ، واللبسُ على وجهِ الاختِيَالِ والبَطَر , وقد اقتَنعَ أقوامٌ بالدونِ من ذَلك لأنَّ الحَلالَ الصَّافي لا يكادُ يُمكِنُ فيه تحصيلُ المُراد وإلا فقد لبسَ النبي- صلى الله عليه وسلم- حُلةً اشتريت له بسبعة وعشرين بعيرًا ، وكان لتميم الداري حلةً اشتريت بألف درهم يُصَلي فيها بالليل ، فجاء أقوام فأظهروا التِّزَهُدَ وابتَكَرُوا طريقةً زيَنهَا لهم الهوى ، ثم تَطَلَبُوا لها الدليل ، وإنما ينبَغِي للإنسان أن يتبعَ الدَّليلَ لا أن يَتبِع طَريقًا ويَتَطَلبُ دَلِيلَهَا ثم انقسموا: فمنهم مُتَصَنِعُ في الظاهر لَيثُ الشَّري في الباطن ، يتناول في خَلَوَاتِهِ الشَّهوات ويَنعَكِفُ على اللَّذَاتِ ويُرِي الناس بِزِيهِ أنَّه مُتَصوفٍ مُتَزَهِد ،وما تَزَهَدَ إلا القميص ، وإذا نُظِر إلى أحواله فعنده كِبرُ فرعون ، ومنهم: سَليمِ البَاطِنِ إلَّا أنَّه في الشَّرع جَاهل , ومنهم: من تَصَدرَ وصنف فاقتَدى به الجَاهِلُون في هذه الطَّريقة وكَانُوا كعُمِيٍ اتبعوا أَعمَى ، ولَو أنَّهم تَلَمحُوا الأَمرَ الأول الذي كان عليه الرسول- صلى الله عليه وسلم- والصَّحابةَ- رضي الله عنهم- لمَا زَلُوا ولقد كان جمَاعةً من المُحقِقينَ لا يُبَالُون بِمُعَظَمٍ في النِّفوسِ إذا حَادَ عن الشريعةِ ، بل يٌوسِعُونَهُ لومًا , فنُقِلَ عن أحمد أنه قال له المَروَذيُ: ما تقول في النِّكاحِ ؟ فقالَ: سُنةَ النَّبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: فقد قال إبراهيم قال: فصَاح بي وقال: جِئتَنَا بِبُنَيَاتِ الطريق ؟ وقيل له: إن سَريًا السَّقَطِي قال: لما خلق الله تعالى الحروف ,وقَفَ الأَلِفُ وسجدَ البَاء فقال: نَفِرُوا النَّاس عنه . واعلم أن المحقق لا يهوله اسم مُعَظَم ،كما قال رجل لعلي بن أبي طالب- رضي الله عنه-: أتَظُنُ أن طلحة والزبير كانا عَلى البَاطلِ ؟ فقال له: إن الحقَّ لا يُعرَفُ بالرجالِ أعرِف الحَقَّ تَعرِف أهله , ولَعَمرِي أنه قد وقَرَ في النفوس تعظيم أقوامٌ فإذا نُقِلَ عنهم شَيءٍ فسَمِعَه جاهل بالشرع قَبِلَه لتعظِيمَهُم في نفسه ،كما يُنقَلُ عن أبي يزيد- رضي الله عنه- أنه قال: تَرَاعَنَت عليَّ نفسِي فَحلَفتُ أَلا أشربَ الماء سَنة ،وهذا إذا صح عنه كان خطأ قبيحًا وزلةً فاحشة لأن الماء يُنفِذُ الأغذية إلى البدنِ ولا يَقُومُ مَقَامَهُ شيء، فإذا لم يشرب فقد سَعى في أَذى بَدَنِهِ وقد كان يُستَعذَبُ الماء لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- . أفَتَرَى هذا فعل من يعلم أن نفسه ليست له وأنَّه لا يجوزُ التَّصرفُ فِيهَا إلا عن إذن مَالِكِهَا .وكذلك يَنقلونَ عن بعض الصوفيةِ أنه قال: سِرتُ إلى مكة على طريق التوكل حافيًا فكانت الشوكة تدخل في رجلي فَأَحُكَهَا بالأرضِ ولا أرفَعُها ، وكان علي مِسحٌ فكانت عيني إذا آلمَتَنِي أَدلُكُهَا بالِمسحِ فذهبت إحدى عيني ، وأمثال هذا كثير ، وربما حملها القُصَاص على الكَراماتِ وعَظمُوهَا عند العوام فيُخَايلُ لهم أن فَاعِلِ هذا أعلَى مَرتضبةً من الشافعي و أحمد . ولَعَمرِي إن هَذا مِن أَعظمِ الذِّنُوب أقبَح العِيوب لأنًّ الله تعالى قال:﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾(النساء:31).وقال النبي عليه الصلاة والسلام:" إنَّ لنَفسِك عَليكَ حقًا " وقد طلب أبو بكر- رضي الله عنه- في طريق الهجرة للنبي- صلى الله عليه وسلم- ظلًا حتى رأى صخرةً ففَرَشَ لَهُ في ظِلِهَا , وقد نُقِلَ عن قُدماءِ هذه الأُمة بداياتِ هذا التَّفرِيط وكان سَببهُ من وجهَينِ : أحدُهمَا: الجَهل بالعلمِ والثاني :قُرب العهد بالرَّهبانيةِ . وقد كان الحسن يَعيبُ فَرقداً السَّبخيُ ومالكَ بن دِينارٍ في زُهدِهمَا فرأى عِنده طَعامٌِ فيه لحمٌ فقال: لا رًغِيفَي مالك و لا صَحنَي فَرقَد ، ورأى على فرقد كِسَاءً فقال: يا فرقد إن أكثَرَ أهلِ النَّار أصحابُ الأَكسِيَة ،وكم قد زَوَقَ قَاصٌ مجلسه بذكر أقوامٍ خَرجُوا إلى السَّياحةِ بِلا زادٍ ولا مَاء وهو لا يَعلمُ أن هَذا من أقبَحِ الأفعَال وأن الله تعالى لا يُجَربُ عَليه فرُبما سَمِعَهُ جَاهلٍ من التائبينَ فخرج فمَاتَ في الطريق فَصَار للقَائلِ نصيب من إثمهِ ،وكم يَروونَ عن ذِي النُون: أنَّه لَقِيَ امرَأةً في السِّياحةِ فكلَمَهَا وكلمَتهُ ويَنسَونَ الأَحاديثَ الصِحَاحَ :" لَا يَحِلُ لامرَأةٍ أن تُسَافِرَ يَومًا وليلةً إَّلا بِمَحرمٍ " وكَم يَنقِلونَ: أن أقوامًا مَشُوا على الماءِ وقد قال إبراهيمُ الحَربيُ: لا يَصحُ أن أحدًا مَشى عَلى الماءِ قَط ، فإِذا سَمِعُوا هذا قالوا: أتَنكِرونَ كرَاماتِ الأَوليَاءِ الصَّالِحين ؟ فنقولُ: لَسنَا مِنَ المُنكِرينَ لهَا بَل نَتبعُ ما صحَ والصَّالحُونَ هم الذين يَتبِعونَ الشَّرع ولا يَتعَبَدونَ بِآرَائِهم ، وفي الحديث:" إِنَّ بَني إِسرَائِيلَ شَدَدُوا فَشُدَدَ الله عَليِهم " وكَم يَحُثونَ على الفقرِ حَتى حَمَلُوا خلقًا علَى إِخرَاجِ أموَالِهِم ثُّم آلَ بِهم الأمرُ إِمَّا إلى التَّسَخُطِ عِندَ الحَاجَةِ وإِمَّا إلى التعرضِ بسؤالِ النَّاس ،وكَم تَأَذَى مُسلِمٍ بِأمرِهِم النَّاس بِالتَّقَلُلِ ، وقد قَال النَّبي- صلى الله عليه وسلم- :" ثُلثٌ طَعَامٌ وثُلثٌ شَرابٌ وثُلثٌ نَفسٌ " فمَا قَنعُوا حَتى أُمِرُوا بِالمُبَالِغةِ في التَّقَلُلِ ,فحكَى أبو طالب المكيُ في قوت القلوب: أن فيهم من كان يَزنَ قِوتِه بِكَرَبَةٍ رَطِبَةٍ ففي كل ليلة يذهب من رطُوبَتِهَا قليل وكنت أنا ممن اقتدى بقوله في الصبا فضاق المِعَي وأوجب ذلك مرض سنين ، أفترى هذا شيئًا تقتضيه الحكمة أو ندَبَ إليه الشرع ؟ .و إنما مطيةُ الآدمي قِواه فإذا سعى في تقليلها ضَعُفَ عن العبادة ، ولا تقولن الحصول على الحلال المحض مستحيل ، لذلك وجب الزهد تجنباً للشبهات فإن المؤمن حسبه أن يتحري في كسبه هو الحلال ولا عليه من الأصول الذي نبتت منه هذه الأموال ، فإنا لو دخلنا ديار الروم مثلاً فوجدنا أثمَانَ الخمور وأجرة الفجور كان لنا حَلالًا بوصف الغنيمة ،أَفَتُريدُ حلالًا على معني أن الحبةَ من الذهبِ لم تنتقل منذ خرجت من المَعدنِ على وجه لا يجوز ؟ . فهذا شيء لم ينظر فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أو ليس قد سمعت أن الصدقة عليه حرام فلما تُصِدقَ على بَرِيرَةَ بلحمٍ فَأهدَتهُ جَازَ له أكل تلك العين لتغير الوصف ، وقد قال أحمد بن حنبل: أكره التقلل من الطعام فإن أقوامًا ما فعلوه فعجزوا عن الفرائض ، وهذا صحيح فإن المتقلل لا يزال يتقلل إلى أن يعجز عن النوافل ثم الفرائض, ثم يعجز عن مباشرة أهله وإعفافهم ، وعن بذل القُوى في الكسب لهم وعن فعل خيرٍ قد كان يفعله ولا يَهُولَنَّكَ ما تسمعه من الأحاديث التي تحثُ على الجوع ، فإن المراد بها إما الحث على الصوم وإما النهي عن مُدَاومةِ الشِّبَع، فأما تَنقيصُ المَطعَم على الدوام فمُؤثرٍ في القُوى فلا يجُوز ، ثم في هؤلاء المذمُومِين من يرى هجر اللحم والنبي- صلى الله عليه و سلم- كان يود أن يأكله كل يوم .واسمع مني بلا مُحَابَاة: لا تحتجن علي بأسماء الرجال فتقول: قال بشر وقال إبراهيم بن أدهم ، فإن من احتج بالرسول- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه رضوان الله عليهم أقوى حجة ، على أن لأفعال أولئك وجوهًا نحملها عليهم بحسن الظن ،ولقد ذاكرت بعض مشايخنا ما يروى عن جماعةٍ من الساداتِ أنهم دفنوا كتبهم ، فقلت له: ما وجه هذا ؟ فقال: أحسن ما نقول أن نسكت يشير إلى أن هذا جهلٌ من فاعله ، وتأولتُ أنا لهم فقلت: لعل ما دفنوا من كتبهم فيه شيء من الرأي فما رأوا أن يعمل الناس به .ولقد رُوِينَا في الحديث عن أحمد بن أبي الحواري: أنه أخذ كتبه فرمى بها في البحر وقال: نعم الدليل كنتِ ولا حاجة لنا إلى الدليل بعد الوصول إلى المدلُول ، وهذا إذا أحسنا به الظن ، قلنا: كان فيها من كلامهم ما لا يرتضيه فأما إذا كانت علومًا صحيحةً كان هذا من أفحَشِ الإضَاعَة وأنا وإن تأولت لهم هذا فهو تأويل صحيح في حق العلماء منهم ، لأنا قد رُوِينا عن سفيان الثوري: أنه قد أوصى بدفن كتبه وكان ندم على أشياء كتبها عن قوم وقال: حملني شهوة الحديث ، وهذا لأنه كان يكتب عن الضعفاء والمتروكين فكأنه لما عَسرُ عليه التمييز أوصى بدفن الكل .وكذلك من كان له رأيٌ من كلامه ثم رجع عنه جاز أن يدفن الكتب التي فيها ذلك علي وجه التأويل للعلماء ،فأما المتزهدون الذين رأوا صورة فعل العلماء ودفنوا كتبًا صالحة لئلا تشغلهم عن التعبد فإنه جهل منهم ، لأنهم شرعوا في إطفاء مصباح يضيء لهم مع الإقدام على تضييع مال لا يحل تضييعه ,ومن جملة من عمل بواقعه دفن كتب العلم يوسف بن أسباط ثم لم يصبر عن التحديث فَخَلَطَ فعُدَ في الضعفاء ,ثم روى بن الجوزي بسنده عن شعيب بن حرب يقول: قلت ليوسف بن أسباطٍ: كيف صنعت بكتبك ؟ قال: جئت إلى الجزيرة فلما نَضَبَ الماءٌ دَفنتُهَا حتى جاء الماء عليها فذهبت ، قلت: ما حملك على ذلك ؟ قال: أردت أن يكون الهمُ واحدًا .قال العقيلي: وحدثني آدم قال: سمعت البخاري قال: قال صَدَقةُ: دفن يوسف بن أسباط كتبه وكان يغلب عليه الوهمُ فلا يجيءُ كما ينبغي ,قال ين الجوزي: الظاهر أن هذه كتب علمٍ ينفع ، ولكن قلة العلم أوجبت هذا التفريط الذي قصد به الخير وهو شر ، فلو كانت كتُبُه من جنس كتب الثوري فإن فيها عن ضُعفَاء ولم يصح

يصح له التمييز قرب الحال ، إنما تعليله يجمع الهم هو الدليل على أنها ليست كذلك ، فانظر إلى قلة العلم ماذا تُؤَثِر مع أهل الخير , ولقد بَلغَنا في الحديث عن بعض من نُعَظِمُه ، ونَزُوره ، أنه كان على شاطئ دجلة ، فبَال ثم تيمم، فقيل له الماء قريب منك ، فقال: خِفتُ أن لا أبلُغَهُ ، وهذا وإن كان يدل على قِصَر الأمل ، إلا أن الفقهاء إذا سمعوا عنه مثل هذا الحديث تَلاعبُوا به ، من جِهة أن التيمم إنما يصحُ عند عَدَمِ الماء،فإذا كان الماء موجوداً كان تَحرِيك اليدين بالتيمم عَبثاً، وليس من الضروري وجود الماء أن يكون إلى جانب المُحدِث ، بل لو كان على أَذرُعٍ كثيرةٍ ، كان موجوداً فلا فِعلَ للتيمم ، ولا أثَرَ حينئذٍ ,ومن تأمل هذه الأشياء ، عَلمَ أن فقيهاً واحداً - وإن قل أتبَاعَهُ ، وخَفَت إذا مات أشيَاعَهُ - أفضل من ألوفٍ تتمسحُ العَوام بهم تبركاً ، ويُشيعُ جَنَائِزهَم ما لا يُحصَى ، وهل الناس إلا صَاحِب أثَرٍ يتبعه ، أو فقيهٌ يفهمُ مًرَادَ الشرع ويُفتِي به ؟ ، نعوذُ باللهِ من الجهل، وتعظِيم الأَسلًافِ تقلِيداً لهم بغيرِ دليل ,فإن من وَرَدَ المَشربَ الأَولَ ، رَأَى سائر المَشاربِ كَدِرَةً , والمحنةُ العُظمَى مَدائحِ العوام فكم غَرت كما قال علي- رضي الله عنه-: ما أبقى خفق النعال وراء الحمقى من عقولهم شيئا ، ولقد رأينا وسمعنا من العوام أنهم يمدحون الشخص فيقولون: لا ينام الليل ولا يفطر النهار ولا يعرف زوجة ولا يذوق من شهوات الدنيا شيئا ، قد نحل جسمه ودَقَ عظمه حتى أنه يصلي قاعدًا فهو خيرٌ من العلماء الذين يأكلون ويتمتعون ذلك مبلغهم من العلم ، ولو فقهوا علموا أن الدنيا لو اجتمعت في لقمة فتناولها عالم يُفتي عن الله ويُخبرُ بشريعته كانت فتوى واحدة منه يرشد بها إلى الله تعالى خيرًا و أفضل من عبادة ذلك العابد باقي عمره ، وقد قال بن عباس- رضي الله عنه-: فقيه واحدٌ أشد على إبليس من ألف عابد ,ومن سمع هذا الكلام فلا يظنن أنني أمدح من لا يعمل بعلمه ، وإنما أمدحُ العاملين بالعلم وهم أعلم بمصالح أنفسهم ، فقد كان فيهم من يصلح على خشن العيش كأحمد بن حنبل وكان فيهم من يستعمل رقيق العيش كسفيان الثوري مع ورعه ومالكٍ مع تدينه والشافعي مع قوة فقهه ,ولا ينبغي أن يُطالب الإنسان بما يقوى عليه غيره فيضعف هو عنه , فإن الإنسان أعرف بصلاح نفسه ، وقد قالت رابعة: إن كان صلاح قلبك في الفالوذج فكله ,ولا تكونن أيها السامع ممن يرى صور الزهد فرب متنعم لا يريد التنعم وإنما يقصد المصلحة ، وليس كل بدن يقوى على الخشونة خصوصا من قد لاقى الكد وأجهده الفكر وأمَضَّهُ الفقر فإنه إن لم يرفق بنفسه ترك واجبًا عليه من الرفق بها , فهذه جملة لو شرحتها بذكر الأخبار والمنقولات لطالت غير أني سطرتها على عجل حين جالت في خاطري و الله ولي النفع برحمته .

هذا كلام ذهب وأنا اخترت هذا الصيد الثمين لأقضي به معكم العشر الأواخر لأن في هذا جملٌ كثيرة من العلم ، وما ذكره بن الجوزي - رحمه الله تعالي- إنما فسره بما رآه بعينه ، وما لابثه مع الناس ، وأنتم تعلمون أن بن الجوزي - رحمه الله -كان أشهر واعظ في زمانه ، كان يصلي خلفه مئين ألوف ، وكان الخليفة يتحري الصلاة خلفه ، وكان مفتوحًا عليه يأتي بالعبارات المسجوعة الغريبة علي البديهة ما يحار المرء منه فخلاصة هذه الخاطرة أو هذا الصيد: أنه ينعي علي الذين يتعبدون بالرأي ولا يتبعون الشرع فهؤلاء مفرطون ، وينعي أيضًا علي الذين رموا الدنيا علي اعتبار أنه وردت آيات وأحاديث كثيرة تذم الدنيا وتذم أهلها ، ونعي عليهم أنهم يخطفون الحكم من نص واحد ، ولا زالت هذه هي المصيبة الكبرى والداهية العظيمة إلي زمان الناس هذا .
لا يجوز الحكم في أي قضية إلا بعد جمع النصوص من الكتاب والسنة: إن العلماء صرحوا أنه لا يجوز لأحد أن يحكم في قضية من القضايا إلا إذا جمع النصوص كلها من الكتاب والسنة بما يقدر عليه .لا إله إلا الله في الميزان:المرجئة مثلًا الذين يرجئون الأعمال فلا يدخلونها في الإيمان خطفوا هذا المعني من حديث واحد وهو قوله ﷺ ، -: " من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة " وفي الحديث: " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة وأمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله " ، وقفوا علي هذا وهم يظنون أن العبد يستطيع إذا مات أن يقول: لا إله إلا الله ، لا ، هذه الكلمة أثقل من الجبال الرواسي لا يزلّ اللسان بها حال الموت إلا من عمل بها في الحياة ، عاش بها ، قام بها ، ونام بها ، ولم يحرك قدماً إلا بها ، ولم يضع قدمه في موضع إلا كان مأذونًا له أن يضعها في هذا الموضع الذي عاش حياته كلها .
ذكر الخاص قبل العام أو بعد العام يفيد الاهتمام:كما قال الله- عز وجل-:﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾(الأنعام:162_ 163) . ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي ﴾ ، الصلاة والنسك تدخل في المحيَا ، لكن العلماء يقولون: ذكر الخاص قبل العام أو بعد العام يفيد الاهتمام ، فالصلاة شيء خاص ، والنسك شيء خاص ، والمحيا عام يشمل هذا فقال: إنما خصص الصلاة والنسك لمزيد الاهتمام بهما ,﴿وَمَمَاتِي لِلَّهِ ﴾
والموت موتتان: موتة صغرى ، وموتة كبرى : الموتة الصغرى: النوم :﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ (الزمر:42) ، اثنين نائمين بجوار بعض أرواحهم بتخرج يتوفاها الله- عز وجل - ، إذا كان هذا آخر نفس له في الدنيا روحه لا ترجع له ، يصير بدنًا بلا روح ، الثاني مازال له سنة ، سنتين ، عشرة ، عشرين ، ثلاثين ، ترجع له روحه ﴿فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ ﴾ لا يردها إلي صاحبها ، فيكون النوم هو الموتة الصغرى .
كيف تجعل منامك لله ؟﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي﴾ أن يكون الله- عز وجل- آخر مذكور لك لا تفعل مكالمات المصنع ، والمتجر ، والدولار ، واليورو ، والين ابعث الصفقة ، يكون أخر عهدك هو الدينار والدرهم ، لا ، الأذكار الموظفة علمناها رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ليكون المرء ذاكرًا طيلة وقته طول النهار ذاكر كلما يري شيء لها ذكر ، فإذا أراد أن ينام قال:" وجهت وجهي إليك ، وألجأت ظهري إليك ، وفوضت أمري إليك رغبة منك إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ، اللهم إن أمسكت نفسي فاغفر لها وأرحمها ، وأن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " باسمك اللهم وضعت جنبي وبك أرفعه "، وتنام. فإذا استيقظت وفتحت عينيك كان الله عز وجل أول مذكور:" أصبحنا وأصبح الملك لله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله " ، " اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير " . هذا هو الممات ، قبل أن يكون مماتك الأكبر لله- عز وجل- فتزل هذه الكلمة التي من أجلها أنزل الله الكتب وأرسل الرسل وجردت أسنة السيوف وشربت الأرض من دماء العباد لأجل هذه الكلمة " لا إله إلا الله " ، لأجل أن يقولها المرء في الموتة الكبرى ، في الموتة الصغرى لابد أن يكون عبدًا ,وهذا معنى﴿وَمَمَاتِي لِلَّهِ ﴾ ، يكون مماتك لله وطبعًا الأذكار الموظفة كلها معاني جميلة ، كلما عرفت المعنى واستطعمته كلما زدت به إيمانًا " وجهت وجهي إليك " ونحن قلنا أن الله- عز وجل- أخر مذكور لك في الدنيا لذلك النبي- صلي الله عليه وسلم قال في هذا الحديث:" فمن مات من ليلته مات على الفطرة " والفطرة هي الإسلام ,الرجل إذا كان هذا آخر كلام له في الدنيا فيكون فعلاً ربنا في قلبه ويعيش نهاره لله ، فأول ما ينام يضع كفه اليمنى تحت خده وينام على جنبه ، واحد يقول أنا جنبي اليمين يؤلمني وأستريح على الشمال ، نقول: ابدأ باليمين ضع يدك تحت خدك كما قال الرسول بالضبط وكما فعل ، تعمل مثله بالضبط أنت ربما لا تفهم وضع الكف تحت الخد ما هي فائدته ، لكن سلم ، إذا قال ضع يدك ، ضع يدك ، لا تجادل وتنام وتقول الأذكار وإذا تقلبت لا مانع لكن ابدأ كما أمرك النبي ﷺ ، " وجهت وجهي إليك ، وألجأت ظهري إليك ، وفوضت أمري إليك " أنظر إلى هذه الترتيب ، " وجهت وجهي " سيذهب إلى أين ؟ ما هو نائم فإلى أين سيذهب ، ونحن نقول ممكن يموت ، فتكون وجهته إلى الله يذهب مباشرة إلى هناك ، كأنما قال: يا ربي إذا قبضت روحي فوجهت وجهي إليك ، فإذا لم أمت وكان لا يزال لي عمر " وألجأت ظهري إليك " ، وأنت تعرف الإنسان إذا اغتيل يغتال من الخلف ، لأن العدو إذا جاءه من الأمام يستطيع أن يدافع عن نفسه ، إنما يغتال المرء غيلة وغدرًا دائمًا من الخلف .فمن الذي سيغتالك ؟ الشيطان ، فأنت لما تقول الأذكار بالذات لما تقرأ آية الكرسي كما في حديث البخاري في تمر الصدقة والشيطان والحديث أنتم كلكم تحفظونه ، الرسول- عليه الصلاة والسلام- لما قال لأبي هريرة:" أتدري يا أبو هريرة من تكلم منذ ثلاث ؟ قال: لا ، قال ذاك شيطان " ، هذا الشيطان أوصي أبو هريرة لما كان سيمسك به ويرفعه للنبي ﷺ ، وأراد أن يهرب منه ، فقال له أنا سأقول لك نصيحة ووصية وتتركني ولا ترفعني إلى النبي ﷺ ، قال له:" إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإن قرأتها فلم يزل عليك حارس من الله حتى تصبح ",أول ما تقرأ آية الكرسي تجد ملك يقف على رأسك مباشرة ، ملك ، معك السلاح ، الشيطان إنما يغتالك وأنت نائم ، أنت إذا كنت مستيقظًا تذكر الله- عز وجل- ، طول ما أنت ذاكر الشيطان لا يستطيع أن يقرب منك ، أول ما تنام ولا تذكر الله كأنما ألقيت سلاحك ونمت ، فمن السهل جدًا أن يذبحك العدو وأنت نائم ، لأنك نمت وألقيت سلاحك فالله- عز وجل- يكافئك ، كأنما يقول لك كنت ذاكرًا لي طيلة اليوم فكان من جزاء ذكرك لي أنني وكلت بك ملكًا يحميك إلى أن تستيقظ فتستأنف الذكر ، الملك يقف بسلاحه يدافع عنك ، فأنت لما تقول:" وألجأت ظهري إليك " أي احمني حتى لا أغتال وأنا نائم " وفوضت أمري إليك " التفويض عند بعض العلماء يكون بعد التوكل أعلى درجة من التوكل ، يقول: التوكل يكون بالأسباب وبغيرها ، إنما التفويض عادة يكون بعد فقد الأسباب ، مثلما حدث للعبارة ، هذه العبارة بعض الناس الذين أنجاهم الله- عز وجل- قال لأول مرة أفهم معني قوله تعالي:﴿ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾(النمل:63) ، ﴿قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾(الأنعام:63) .قال لم أكن أعرف أن البحر له ظلمة ، الساعة الثانية ليلاً وفي شهر توبة والإنسان أطرافه تثلج ، حتى لو أراد أن يسبح أو يعوم يقف ، أطرافه تجمدت ، وفي بحر ليس له ساحل ، لو أنت بطل السباحة العالمي لا تستطيع أن تعرف إن كنت تمشي بالطول أم بالعرض ، لو أنا أعرف خطوط السير في البحر كنت أعرف أنني أمشي هكذا سأصل إلى الشاطئ الثاني ، لكن أكون أمشي بالطول ، ولا صريخ ، هذا هو التفويض فقد الأسباب كلها .مثل الأخ السعودي ظل نائم على ظهره ويقرأ سورة الكهف وسورة تبارك وترفعه موجة وتضعه موجة حتى لطف الله سبحانه وتعالي به ، وكانت المشكلة إن كان ثاني يوم الجمعة وكانت هناك مباراة لنا وكانت الدنيا كلها واقفة أي الذي يموت ، يموت ، لا أحد ولا صريخ .التفويض: تفقد الأسباب بالكلية فما يبقى إلا اعتماد القلب على الله- عز وجل- ، وأنت رجل نائم ألقيت سلاحك ، لا تملك من أمر نفسك شيئًا فلم امرأتك تكرهك تذبحك وتضعك في أكياس ، ستة عشر كيس ولا ثلاثين كيس وعلى حسب جسدك ، والعز يدخل في هذه المسألة ن ممكن أي حاجة أنت تدخل عمرك ما تقول أنت وضعت سم في الأكل أو تشك فيها أو غير ذلك ، فأنت نائم ، فقدت الأسباب بالكلية لأنك نائم ميت .فانظر إلى الذكر " لا ملجأ ولا منجى إلا إليك " ، أي جهة تهرب منها إلا الله ، تهرب منه إليه ، لكن أنت لما تكون هارب من ظالم تذهب إلى واحد آخر ليحميك ، لكن رب العالمين تهرب منه وتذهب إلى أين ، تهرب منه إليه " لا ملجأ ولا منجى إلا إليك " ." آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت " الأذكار الموظفة مليئة بالمعاني الجميلة ، كل ما تهضم المعني وتعرفه تزداد به إيمانًا ,فلما نقرأ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ ﴾ ، إذا كانت هكذا يسهل عليك عند الموت أن تقول:" لا إله إلا الله " لأن " لا إله إلا الله " هي الأمانة التي قال الله- عز وجل- فيها:﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا ﴾(الأحزاب:72) ، و " لا إله إلا الله " هي الأمانة أيضًا التي وردت في حديث حذيفة في الصحيحين قال:" إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ، فعلموا من الكتاب وعلموا من السنة "الجذر:جذر كل شيء أصله ، أصل الشيء .فالأمانة :هو الإيمان ، الإيمان: الذي هو أصل الكلمة " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، فنزل الإيمان في أصل قلوب الرجال ، فلما نزل القرءان كان الإيمان متقدماً فلم ينكروا آية ، ولم يعترضوا على رب العالمين لا في قليل ولا في كثير ، لأن الإيمان متقدم .كما روى بن ماجه بسند صحيح في مقدمة السنن عن جندب بن عبد الله البجلي – رضي الله عنه- قال: تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرءان فازددنا به إيمانًا .اليوم الجماعة الذين يعترضون على الآيات وعلى الأحاديث وغير ذلك ، ليس عندهم إيمان متقدم ، العملية بيضاء كلها ، ليس فيها أي شيء ، يرد عليه الأحاديث يقول: معذرة أنا لست مقتنع به لأنها أحاديث آحاد ، ولابد أن يبلغ مبلغ التواتر ، مثل عمر بن عبيد واحد أفتي فتوى ، فقال له: إن سمرة بن جندب نقل عن النبي- صلي الله عليه وسلم- كذا وكذا ، قال ما تفعل بسمرة ؟ قبح الله سمرة ,عمر بن عبيد هذا كان يجمع خمسة ألوان من البدع ، كل بدعة تهدم بلد إنسان واحد عنده خمسة ألوان من البدع ، وهذا كانت علامة الصلاة في وجهه كركبة العنز ، تبرز إلى الخارج هكذا ، حتى كان المنصور إذا رآه يخضع لفرط زهده وتجافيه عن الدنيا ، وهذا كلام بن الجوزي ، زاهد متصنع في الظاهر يحوي كل هذه البدع ، والمنصور لما كان يراه كان يقول:
كلكم يمش رويد كلكم طالب ** صيد ، غير عمر بن عبيد .
كلكم تمشون على مهل لأنكم تبحثون على شيء ، كلكم طالب صيد غير عمر بن عبيد فكيف وصل إلى الزهد وعلامة الزهد وهو رجل يجمع خمسة ألوان من البدع ، وهذا كلام سنبسطه إن شاء الله تعالي , فيقول له جندب بن عبد الله البجلي: تعلمنا الإيمان إذًا الأيمان يُتَعلم كيف تتعلم الإيمان ؟ هذا بحث إن شاء الله سنذكره ، لأن فيه ناس تريد أن تؤمن ولا تستطيع أن تؤمن ، يقول لك: كيف أتعلم الإيمان ؟ أنا ممكن أتعلم القراءة والكتابة ، وأتعلم العلم ، وأتعلم الأصول ، لأن أمامي كلام ممكن أحفظه أختصره ، لكن الإيمان هذا ، كيف أتعلم الإيمان ، فالإيمان كان عند الصحابة متقدمًا على الوحي ، لما نزل الوحي قالوا سمعنا وأطعنا ، وحتى في المرات القليلة الذي اعترضوا فيها ، مجرد أن بُين لهم انتهي الأمر .كما في حديث أبو هريرة عند مسلم لما نزلت خواتيم البقرة:﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ﴾(البقرة:284) ، هذه مشكلة ، كل إنسان منا تمر عليه من الخواطر ما لو نفذها لدخل النار ، يريد أن يقتل أو يسرق أو يزني أو يشرب الخمر ، يريد أن يعمل كل حاجة ، خواطر تمر على الإنسان ، فلما نزلت صعب عليهم هذا ﴿ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ﴾ فجاءوا وبركوا على الركب ، وقالوا يا رسول الله جاءت التي لا نستطيع ، لا نقدر على ذلك ، وسواس قهري دخل علي وأسمع سب في قلبي ، وأسمع غض للقرءان في قلبي ، وأنا أكره ذلك وأبكي ليل نهار وأخشى أن أموت على الكفر ، خائف أن تستقر هذه العقائد تستقر في قلبي وأموت على الكفر فماذا أفعل فيها ؟ كيف أدفعها عن نفسي ؟ ، والله عز وجل يقول:﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾(البقرة:286) ، ماذا أعمل ؟ لذلك جاءوا وقالوا لا نستطيع .
فقال لهم:" أتريدون أن تقولوا كما قال بنوا إسرائيل سمعنا وعصينا ، قولوا سمعنا وأطعنا " ، فقالوا سمعنا وأطعنا وزلت بها ألسنتهم ، فأنزل الله- عز وجل- آية الرخصة بعدها﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾ ، فأناط المسألة بعمل الجوارح ، إنما الخواطر التي تمر عليك ألقيها خلف ظهرك ولا تخاف منها .في المرات القليلة التي ما اعترضوا على الشرع ولم يعجبهم الكلام ، لا ، هذا غير وارد عند هذا الجيل ، لكن لما رأوا هذا تحميلًا عليهم ولا يستطيعون جاءوا إشفاقًا على أنفسهم أن يعذبوا بالخواطر ، حتى اعتراضهم أو توقفهم كان بمعني شرعي ، فعلمهم النبي- عليه الصلاة والسلام- قولوا سمعنا وأطعنا لا يعارضون لفظًا قالوا سمعنا وأطعنا وزلت بها ألسنتهم فأنزل الله- عز وجل- آية الرخصة .

انتهى الدرس الحادي عشر
المحاضرة الثانية عشر
كنا ابتدأنا الكلام في المرة الماضية عن الذين يختطفون حكماً من حديث واحد ويتركون بقية الأحاديث أو الآيات ،ومثلنا لذلك بالمرجئة ، وقد تفر ع الكلام .
المرجئة: أي الذين يؤخرون العمال فلا يدخلونها في الإيمان ,ويحتجون بمثل قوله- صلي الله عليه وسلم-:" أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله " قالوا ونحن نقولها ، و على النقيض الخوارج الذين يحتجون بنص واحد لإثبات الحكم كحديث أبي إمامة في صحيح مسلم أن النبي ﷺ ، - قال:" من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها حق امرئ مسلم حرم الله عليه الجنة وأدخله النار ، قالوا: يا رسول الله وإن كان شيئًا يسيرًا ؟ قال وإن كان قضيبًا من آراك " سواك ، واحد أخذ سواك من واحد ، سرقه منه وحلف أنه لم يأخذ هذا السواك منه ، هذا كفر أم معصية ؟ هذه معصية ، لما تأتي على الحديث تجد النبي- ﷺ ، - يقول:" حرَّم الله عليه الجنة وأدخله النار " .فقال: هذا شيء من الكبائر ، وهذا واحد فعل كبيرة حرم الله عليه الجنة وأدخله النار فيكون الذين فعلوا الكبائر سوف يدخلون النار ويخلدون فيها . أهل السنة ليسوا كذلك ، بل إذا أراد أن يثبت حكماً ما جمع كل الأحاديث أو النصوص التي وردت في الباب فسلط بعضها علي بعض ، ممكن أن يكون فيه نص مطلق يسلط عليه المقيد ، أو فيه نص عام يسلط عليه الخاص ، أو فيه نص منسوخ يسلط عليه الناسخ ، أو فيه نص مجمل يسلط عليه المبين وبعد جمع النصوص كلها يخرج بالحكم الصحيح في المسألة .
قال بن الجوزي- رحمه الله تعالي-Sad تَأمَلتُ أحوَالَ التصُّوفَ والزُّهَدِ فوجدهم ما بَينَ جَهلٍ بالشَّرعِ وابتِدَاعٍ بالرَّأي ويَتَدلُونَ بنصوصًا لَا يَفهَمُونَ مَعنَاها ).ثم مثل ابن الجوزي بمثال ، وهذا المثال الذي ذكره مناسب للمتزهدين ، وهو موقفهم من الدنيا ، زاهد: بمعني لفظ الدنيا ، لماذا لفظتم الدنيا ؟ قال: لأن الله - عز وجل- ذمها وحذر منها وبين أن المتكالبين عليها لا خلاق لهم في الآخرة ، لأنه كما قال الله- عز وجل-:﴿ وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ (الزخرف:35) ، فأتوا بمثل هذه النصوص وببعض الأحاديث . قال بن الجوزي- رحمه الله تعالي-Sadفَمِن ذَلك ، أي من النصوص الذين فهموها فهمًا خطأ وبنوا مذهبهم عليها ) ، أنَّهم سِمِعُوا في القُرآَنِ العَزِيزِ:﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾(أل عمران:185) ، أو﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ﴾(الحديد:20) ، كل هذا ذم ثم يأتون علي حديث رواه الإمام مسلم من حديث جابر بن عبد الله " أن النبي ﷺ ، مر مع أصحابه علي شاة ميتة وقد ألقاها أهلها علي قارعة الطريق فقال: ترون هذه هينة علي أهلها ؟ " _أي لو كانت غالية عندهم ولها قيمة كانوا دفنوها ، إنما ماتت رموها علي قارعة الطريق فتكون أرخص ما يكون ، ليس لها قيمة _ " فقال - عليه الصلاة والسلام -:" والله للدُّنيَا أَهونُ على الله من هذا عَلى أَهلِهَ" قال هذه هي الدنيا جيفة يتقاتل عليها كلابها .بن الجوزي: صحح هذه المسألة قال: لا، الدنيا ليست كذلك ، لأن الدنيا فيها مصالح الآدمي وقد امتن الله- تبارك وتعالي- علي الناس بذكر ما ذَلَلَ لهم في هذه الحياة ، عندما تقرأ الثمانية عشر آية التي في افتتاح سورة النحل كلها تفضلٌ من الله عز وجل بذكر الأنعام وأنها تحمل متاعهم وقال الله - عز وجل -: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا﴾(النحل:29) .وهذا جاء علي جهة الامتنان أن الله - عز وجل - يمتن علي عباده بأنه خلق لهم ما في الأرض جميعًا وكذلك قول الله- تبارك وتعالي-:﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾(الأعراف:32) ، فأباح أن يتنعم المرء لفته:وهنا لفتة أود أن أقف عندها وهي تتعلق بمسألة الوقف والابتداء في القرآن ، أنت تريد أن تعرف الذي يقرأ هذا فاهم أم لا ؟ أنظر إلي وقفاته وإلي بداياته إذا بدأ ، مثلًا الذي يفهم المعني الصحيح لا يقف علي قوله تعالي:﴿ خَالِصَةً ﴾ ، ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً ﴾ ،الوقف هذا خطأ ، ما سر خطأه ؟ ﴿خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ نعم ليست هناك نعمة خالصة في الدنيا من النكد والكدر ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ ﴾لعباده: هذه للدنيا كلها ليس للمؤمنين فقط ، فما من نعمة إلا وهي مكدرة ، حتى تستطيع أن تستدل علي هذا المعني بالماء ، الماء الفرات العذب ، السلسبيل ، أليس من الممكن أن الفرد تقف في حلقه المياه ويموت منه ؟ ، وهذه المياه ، ليست لقمة تقف في حلقك ولا أنت تريد أن تبلع ولا غير ذلك ، هذا الماء العذب السلسبيل الفرات ، من الممكن أن الفرد تقف في حلقه المياه ويموت منه ، فمكدر أيضًا . ولذلك الله- عز وجل- ذكر ما يخدم هذا المعني قال تعالي:﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ (الجن:16) ، حرف الألف في ( أسقي) مثل اللقمة في الحلق ، ولذلك أنت ممكن تقف عليه عندما تقرأ:﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ ل ﴾ ، ألست وقفت؟ ( لأسْقَيْنَاهُمْ ) وقفة ، بخلاف شراب أهل الجنة لا يوجد ألف . ﴿ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ﴾(الإنسان:21) ، أنظر (سَقَاهُمْ ) سهلة ، لكن الهمزة الواقفة واقفة فعلًا﴿لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ (الجن:16،17) ، هذا في الدنيا بخلاف شراب أهل الجنة لا يغص المرء أبدًا من شراب في الجنة . لذلك لا توجد نعمة في الدنيا غير مكدرة كل نعمها مكدرة فالذي يفهم لا يقف علي﴿ خَالِصَةً ﴾ ، إنما هي متى تكون فعلًا خالصة ؟ يوم القيامة في الجنة ، فمسألة الوقف والابتداء هذه مسألة تدل علي فهم ، في ذات مرة أحد القراء المشهورين جدًا في سرادق من السرادقات كان يقرأ فقرأ الآية الآتية ، فأنظر إلي وقفه وأنظر إلي فساد ابتداءه قال ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ﴾(لقمان: 13) وقف وبعد ذلك تحذق فقال:﴿ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ فجعل الباء باء قسم ، والباء هنا أساسًا ليست لقسم أبدًا ، حرف جر فعندما يبدأ ﴿ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ أفسد المعني ، لأنه لا وجود لهذا المعني في الآية ، لذلك يفترض أن وقف الابتداء يخدم المعني ولا يؤسس معني غير موجود في الآية .مثلًا:بعض الناس القراء المشهورين يقرأ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾(القصص: 25)فقرأها هكذا ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ﴾وبعد ذلك قال:﴿عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾ المعني ممكن أن يكون مقبول لماذا ؟ لأن فيه بعض الإسرائيليات الذي يوجد فيها المعني هذا ، لكن أن لا أقدر أثبت المعني بهذه الإسرائيليات ، الإسرائيليات تقول: عندما جاءت ابنة الرجل الصالح ورغبت في أن تدله علي البيت قالت له أطلع أمام وأنا ورائك وتقذف له حجر أي اتجه يمين ، وتقذف له حجر اتجه شمال علي أساس لا تمشي أمامه فقد يظهر منها له ، وهذا أيضًا فيه حياء وغير ذلك هذا كلام جميل إذا كان له مساعد .مع أن المتصور أن ممكن تكون البنت عندها حياء ، وغير ذلك ، حتى لما كلمت أباها عرضت أنها تريد أن تتزوجه ، لكن كيف لفت بها ، قالت:﴿ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ ﴾(القصص:26) ، قال هذه عرضت لكن تعريض في غاية اللطف والبعد ، وقليل جدًا الذي يفهم أن البنت عرضت بأنها ممكن تريد أن تتزوج موسى- عليه السلام- .
إِذا الْوَقْفِ وَالابْتِدَاءً إِنَّمَا يُؤَسِّسُ الْمَعْنِيّ وَلَيْسَ لِتَشْيِيدِ مَعْنَىً لَيْسَ فِيْ الْآَيَةِ: وهذه الآية أيضًا تدل على أن الله- عز وجل- أباح لعباده كل شيء في الأرض إلا ما حرمه عليهم الدنيا مزرعة الآخرة ،: أنت كيف تعمل ، وكيف تصل إلى الجنة ؟ إذا لم تكون من أهل الدنيا ، في صحيح مسلم من حديث بعض أصحاب النبي ﷺ ، أن النبي ﷺ قال:" اعلموا أنكم لن ترون ربكم حتى تموتوا " ، رؤية الله- عز وجل- في الجنة فلابد أن يسبق الجنة المزرعة ، مزرعة الآخرة .
فَهَذِهِ الْنَّظْرَةَ الْقَاصِرَةِ إِلَىَ الْدُّنْيَا هِيَ كَانَتْ أَحَدَ الْأَسْبَابِ الْرَئِيْسِيَّةِ لِتُخْلَيْ هَؤُلَاءِ عَنْ الْدُّنْيَا :فتركوا عمارتها ، وكان لهم في ذلك كلام فظيع ، وبن الجوزي كرر هذا المعني في كتاب صيد الخاطر كثيرًا ، مسألة ذم الصوفية الذين ذموا الدنيا وتركوها ، ولم يتمتعوا بالطيبات ولم ينظروا إلى فعل الرسول- عليه الصلاة والسلام- أنه ما امتنع من مباح طيب ، بل كان يأكل الحلوى ويشرب العسل وكان يستعذب له الماء وكان يلبس الثياب الجيدة .حتى التصوف نفسه يقول مشتق من أشياء ، مرة يقول مشتق من الصوف أو من الصفاء ، أو الصفة ، وأشياء أخري ، يقول لك التصوف جاء من أين الاسم ؟ ، فمن ضمن المشتقات لها أنه يأتي من الصوف ، قال لماذا الصوف ؟ لأن عيسى عليه السلام كان يلبس الصوف .
حُكْمُ إِتْبَاعٌ شَرَعَ مِنْ قَبْلِنَا:من أولى أن تبعه ؟ أليس نبينا- صلي الله عليه وسلم- وكان يلبس القطن الناعم ، قال لك البس الصوف الخشن لكي يحك جلدك وكأنك تنام على الإبر ، فأنت لماذا تعذب نفسك ؟ ما هي المصلحة أنك تعذب نفسك ؟ ، والعلماء في شرع من قبلنا يقولون: ليس شرع من قبلنا شرعًا لنا في الأصل لأنه ما سيق لأجلنا ، أو كالذي يقول بعض العلماء الآخرون ، شرع ما قبلنا شرع لنا إذا لم يرد في شرعنا ما يرده فإن ورد في شرعنا ما يرده فالأصل أن نتبع نبينا ﷺ ،.
يقول بن الجوزي- رحمه الله- بعد ذكر بعض النصوص .قال: ( فَبَالَغُوا في هَجرِهَا من غَيرِ بَحثٍ عن حَقيقَتَهَا ، وذلك أنه ما لم يعرف حقيقة الشيء فلا يجوز أن يُمدَح ولا أن يُذَم .)أبو حازم سلمة بن دينار أحد العلماء الكبار من التابعين ممن يروي عن سهل بن سعد وطبقته من الصحابة- رضي الله عنهم- قال له عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: قال، أني لأجد شيئًا يحزنني ، وهذه نظرة العلماء العاملين للدنيا ، عبد الرحمن بن زيد بن أسلم متروك الحديث ، أبوه زيد بن أسلم الثقة الإمام من مشايخ مالك وبن عيينة وهذه الطبقة ، لكن لا يقول أحد أنه متروك فيكون الإسناد ضعيف ، لماذا ؟ لأنه يحكي حكاية ، سؤال ، يقول إني سألت ، فهذه ليست رواية حديث حتى تتوقف علي الإسناد يقول لأبي حازمSad إني لأجد شيئًا يحزنني ، قال وما هو يا بن أخي ؟ قال: حبي للدنيا ، قال: اعلم أن هذا لشيء ما أعاتب نفسي على بعض شيء أباحه الله لي لأن الله قد حبب هذه الدنيا إلينا لتكن معاتبتنا أنفسنا في غير هذا ، ألا يدعونا حبها إلى أن نأخذ شيئًا من شيءٍ يكرهه الله ، ولا أن نمنع شيئًا من شيءٍ أحبه الله ، فإذا نحن فعلنا ذلك لم يضُرنا حبنا إياها) .طالما شيء أنت تأخذه من حل فما الإشكال ؟ الرسول- عليه الصلاة والسلام- رأى رجلاً أشعث الشعر وسخ الثياب ، فقال له:" أربّ مال أنت ؟ عندك فلوس وأموال ، قال:" من أي المال " ؟ عندك إبل أو غنم أو فلوس كثيرة ، قال: من كل المال ، قال له:" إن الله إذا أنعم على عبده أحب أن يرى اثر نعمته عليه " ، طالما عندك فلوس فلتظهر بمظهر جيد لأن ركاكة المظهر فيه نوع شكوى ، طالما أنك تقدر ، أما إذا لم تكن تقدر على مثل هذا فلا شيء عليك .مثل الإنسان يجوع اختيارًا ، أو يجوع اضطرارًا ، الذي يجوع اضطرارًا مثل الصحابة ، لم يجدوا ما يأكلون فكانوا يصبرون ، إنما يجوع اختيارًا لماذا ؟ أمامه الطعام وسيموت من الجوع ، لماذا أنت لا تأكل ؟ يقول أنا أمرن نفسي رياضة ويترك الأكل شيئًا فشيئًا ، فشيئًا ، حتى يحدث له لطف ، يتهيأ له أشياء الشيطان قد يتهيأ للإنسان ويأتي له في صورة رجل صالح ويقول أنا رأيت ملكًا أو غير ذلك .فلماذا تترك نفسك لتجوع ؟ الله ما أراد منك هذا ولا فرض عليك هذا فيأتي المتحذلق بحديث عائشة رضي الله عنها:" أجرك على قدر نصبك " فيقول لك كل ما العمل يكون فيه تعب كل ما يكون أفضل ، أنا رجل غني وممكن أسافر بالطيارة أذهب لكي أقضي عمرة رمضان أو أحج ، يقول لك لا ، أنا أركب سيارة من السيارات القديمة التي تتسبب في الألم لكي يصل متعب ، فيقول أنا أقضي ثلاثة أو أربعة أيام في الطريق لأن" أجرك على قدر نصبك "كل ما تتعب أكثر كل ما تأخذ أجرًا أكبر .
الْمُرَادِ بِقَوْلِ الْرَّسُوْلِ ﷺ ، (أَجْرَكَ عَلَىَ قَدْرِ نَصَبِكِ ):وهذا نفس الفهم المغلوط الذي يحذر منه بن الجوزي ، لا ، " أجرك على قدر نصبك " إذا كانت المشقة لا تنفك عن العمل ، لا تستطيع أن تفصلهم عن بعض ، لكي تصل إلى الهدف لابد أن تركب الجمل ، لا تعرف غير ذلك وإلا لن تصل ، إذا كانت المشقة لازمة للعمل لا تنفك عنه فيكون " أجرك على قدر نصبك " لأن الله- عز وجل- ما قصد إعناتنا قط قال الله- عز وجل-:﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾(البقرة:185)﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾(الحج:78) إنما أراد الله بنا اليسر ، فهذا فهم مغلوط لمعنى المشقة بالنسبة للعمل .فأبو حازم سلمة بن دينار- رحمه الله- يقول له:لا يضرك أن تحب الدنيا إذا كنت لا تتناول شيئًا يكرهه الله- عز وجل- ، ولكن لتكن معاتبنا أنفسنا في غير هذا ، إن الإنسان إذا تجاوز حدود الله تبارك وتعالي . وقد وجدت كلامًا لعلي بن أبي طالب وهو مروي في عدة كتب من كتب الحديث كالمجالسة للديناوري ، وكذم الدنيا لابن أبي الدنيا وكتاريخ بغداد للحافظ الخطيب وتاريخ دمشق لابن عساكر ، وله أكثر من طريق .فسئل علي- رضي الله عنه- عن الدنيا ، وأنظر الصحابة أيضًا رضي الله عنهم كيف كانت رؤيتهم للدنيا ، فقالSad الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار نجا لمن فهم عنها ودار غنى لمن تزود منها مهبط وحي الله ومصلَّي ملائكته ومسجد أنبيائه ومتجر أولياءه ربحوا فيها الرحمة واكتسبوا فيها الجنة ، فمن ذا يذمها وقد أذنت ببَينِهَا ) _أي بفراقها ، الإنسان إذا مات فقد فارقها _( ونادت بفراقها وشبه بسرورها السرور وببلائها البلاء ترهيبًا وترغيبًا ، فيا أيها الذام للدنيا المعلل نفسه متى خدعتك الدنيا أو متى استدامت إليك ؟ أبمصارع أبائك في البِلىَ ، أم بمصارع أمهاتك تحت الثرى ؟ ) .أي ما الذي غرك بطول المقام تعمل فيها عمل من لا يموت وأملك فيها أمل من لا يموت ، ما الذي غرك ؟ قبور آبائك ، أم قبور أمهاتك ، هذا قبر أبيك لا يزعجك وأنت لا تنتبه أنك ستدركه عن قريب ، وكذلك قبر أمك ، أيضًا أنت لست منتبه أنهم ماتوا ، أبيك كان أغنى منك ، لأن ميراث أبيك إنما انقسم علي إخوتك ،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://qqqq.forumegypt.net
 
الْمُحَاضَرَة الْحَادِيَة عَشْرَة والثانية عشرة..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الْمُحَاضَرَة الْسَّابِعَة
» الْمُحَاضَرَة الْثَّانِيَة
» الْمُحَاضَرَة الثَّالِثَة
» الْمُحَاضَرَة الْرَّابِعَة
» الْمُحَاضَرَة الْسَّادِسَة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ :: خطب الجمعه والدروس المفرغه.-
انتقل الى: