مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
نحن فى سعادة غامره بوجودكم معنا نرجوا من الله توفير كل ما يسعدكم فى هذا المنتدى ولكم جزيل الشكر

المدير العام
الشيخ محمدشوقى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ

ْإسلًامى يَجمَعُ أَهلَ العلم والمَعرفة وطالبى العلم الشرعى لاهل السنه والجماعه
 
البوابةالبوابة  الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  محمدشوقىمحمدشوقى  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول      
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
سحابة الكلمات الدلالية
خطبة توثيق أبناء_يسوع_يدخلون_دين_المسيح الملك موزلى سورة محمد الاسلام البسمله أحمد منقول تفسير الحديث ثابت رواية 0 حديث د_خالد_عماره العالم ماذا الكتاب فائدة_لغوية رمضان 06 السنة تدوين
المواضيع الأخيرة
» تدبر آيه كريمه
التجربة أعون ما يستعين به العاقل Emptyالخميس 10 أغسطس 2023, 4:11 am من طرف Admin

» السبي في الكتاب المقدس
التجربة أعون ما يستعين به العاقل Emptyالسبت 15 يوليو 2023, 2:31 pm من طرف Admin

» سؤالات مهمه
التجربة أعون ما يستعين به العاقل Emptyالسبت 15 يوليو 2023, 2:27 pm من طرف Admin

» الأضحية،، شروطها
التجربة أعون ما يستعين به العاقل Emptyالثلاثاء 06 يونيو 2023, 1:51 pm من طرف Admin

» نماذج اليوم من امتحان أعضاء المقارئ،، 14/5/2023
التجربة أعون ما يستعين به العاقل Emptyالأحد 14 مايو 2023, 4:45 pm من طرف Admin

» ليلة القدر،،
التجربة أعون ما يستعين به العاقل Emptyالأربعاء 12 أبريل 2023, 10:44 pm من طرف Admin

» غزوة بدر الكبري،
التجربة أعون ما يستعين به العاقل Emptyالإثنين 10 أبريل 2023, 2:09 am من طرف Admin

» فتح مكه،،
التجربة أعون ما يستعين به العاقل Emptyالإثنين 10 أبريل 2023, 2:08 am من طرف Admin

» كيف تستعد لرمضان
التجربة أعون ما يستعين به العاقل Emptyالأحد 02 أبريل 2023, 10:15 am من طرف Admin

مارس 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
31      
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



الحمدلله على نعمة الاسلام
ايها الاخوه الدعاه الى الله وكذا جميع الزائرين والزائرات مرحبا بكم واهلا نتمنى من الله ان نكون عند حسن ظنكم جميا والله الموفق الى الخير وهو حسبنا ونعم الوكيل
الشيخ محمدشوقى
ُ مُنْتَدَيَاتُ مُلْتَقَى؛ الدُعَاةُ}ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 7 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 7 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 50 بتاريخ الجمعة 25 مارس 2016, 12:22 am

 

 التجربة أعون ما يستعين به العاقل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
الشيخ محمدشوقى المدير العام
Admin


عدد المساهمات : 7484
نقاط : 25526
تاريخ التسجيل : 16/08/2011
العمر : 51
الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001995123161

التجربة أعون ما يستعين به العاقل Empty
مُساهمةموضوع: التجربة أعون ما يستعين به العاقل   التجربة أعون ما يستعين به العاقل Emptyالسبت 17 سبتمبر 2011, 7:58 am

سِلْسِلَة مُحَاضَرَات
مَدْرَسَة الْحَيَاة
لعام : 1428
فَضِيْلَة الْشَّيْخ
أَبِي إِسْحَاق الْحُوَيْنِي
حَفِظَه الْلَّه



مقدمة:

إن الْحَمْد لِلَّه تَعَالَى نَحْمَدُه وَنَسْتَعِيْن بِه وَنَسْتَغْفِرُه وَنَعُوْذ بِاللَّه تَعَالَى مِن شُرُوْر أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَات أَعْمَالِنَا مَن يَهْدِى الْلَّه تَعَالَى فَلَا مُضِل لَه وَمَن يُضْلِل فَلَا هَادِى لَه وَأَشْهَد أَن لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه وَحْدَه لَا شَرِيْك لَه وَأَشْهَد أَن مُحَمَّداً عَبْدُه وَرَسُوْلُه.
أَمَّا بَعــــــد.
فَإِن أَصْدَق الْحَدِيْث كِتَاب الْلَّه تَعَالَي وَأَحْسَن الْهَدْي هَدْي مُحَمَّدٍ صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم ، وَشَّر الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدَعِه وَكِلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَة وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي الْنَّار الْلَّهُم صَلّى عَلَى مُحَمّدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد ، وَبَارِك عَلَى مُحَمدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد.
الْتَّجْرِبَةِ أَعْوَنَ مَا يَسْتَعِيْنُ بِهِ الْعَاقِلُ عَلَىَ مَعْرِفَةِ حَاضِرَهْ وَمُسْتَقْبَلِه:ِ فقد تكرر كثيرًا في القرءان المجيد قصص الأنبياء وقصص الأمم ، وهذا الذي يسميه علماء التاريخ بتجارب الأمم ، والتجربة أعون ما يستعين به العاقل على معرفة حاضره ومستقبله إذ الماضي لا سبيل إلى إيجاده مرة أخرى ، فما ثمَّ إلا الحاضر والمستقبل ، فإذا كان الرجل عاقلاً متأملاً ، استفاد مما مضى لما هو حاضر ولما هو آتٍ ، والعلماء يقولون: أنه يجوز أن نعلق بعض الأحكام على التجربة ,ويُستدل بذلك لما أخرجه الشيخان في الحديث الشهير في معراج النبي- ﷺ -(لمّا فرض الله عليه وعلى أمته خمسين صلاة فمرَّ بموسى- عليه السلام- فقال له ماذا أعطاك ربك قال: أمرني بخمسين صلاة في اليوم والليلة فقال له: إن أمتك لن تستطيع وإنني جربت الناس قبلك وأنني عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسأله التخفيف) ,الشاهد: أنه- عليه السلام- قال للنبي ﷺ( إني جربت الناس قبلك ، وإن أمتك لن تستطيع ) .وفي صحيح مسلم من حديث جُزامة بنت وهب الأسدية أن النبي ﷺ قال:" لقد هممت أن أنهي عن الغِيل فذكرت فارس والروم فإذا هو لا يضر أولادهم "( والغيل )أن يأتي الرجل امرأته وهي ترضع ، أي وهي مرضعة وليس في حال إرضاعها ، إنما وهي في فترة الرضاع ، وهذا هو معنى الغِيل أو الغِيَال أو الغِيلَة ,وهذه الألفاظ كلها وردت في طرق هذا الحديث وفي غيره كحديث أسماء بنت يزيد عند أبي داود وغيره وحديث أبي هريرة عند الطبراني في الأوسط وفي أحاديث أخري كحديث بن عباس بسند صحيح عند الطحاوي في شرح معاني الآثار وعند الطبراني في الكبير ,الغِيل:أن يأتي الرجل امرأته في حال إرضاعها أو في فترة الرضاع ، فاستدل النبي ﷺ بالنظر إلى حال فارس والروم كاد أن ينهى فأباح لما نظر إلى حال هؤلاء وأنه لا يضرهم .
رَأْيَ أَهْلَ الْطِّبُّ فِيْ حَمْلِ الْمَرْأَةُ حَالَ إِرْضَاعِهَا:أهل الطب يقولون إن المرأة إذا حملت في وقت إرضاعها يؤثر ذلك على اللبن وفي حديث أسماء بنت يزيد أن النبي ﷺ قال: " لا تقتلوا أولادكم سرًا فإن الغِيل يدرك الفارس على فرسه فيدعثره " الشاهد من الحديث:أي إذا رضع الولد رضع من أمه وهي حامل فيؤثر ذلك على بنيانه الجسدي فلربما ركب هذا الولد لما صار فارسًا ربما ركب فرسه فيدركه الضعف الناتج عن الرضاع أيام الحمل .فيدعثره عن فرسه: أي يسقطه عن ظهر فرسه ، فكأنما قتل سرًا أي قتل ولا يعلم أحد السبب في سقوطه عن ظهر فرسه ، فالنبي ﷺ استدل بالنظر إلى أن فارس والروم كانوا يفعلون ذلك وكان لا يضرهم .وفي كتاب الله عز وجل في آيات كثيرة جدًا الأمر بالنظر إلى مصائر الأمم قبلنا ، وهذا الذي قالوا عنه أيضًا تجارب الأمم كما قال الله – تبارك وتعالي-﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ * فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ وكما قال تعالي: ﴿وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمْثَالَ﴾( إبراهيم:45) ,الشاهد من الآية:فحذرنا تبارك وتعالي أن ننزل في مساكن الذين ظلموا وألا نعتبر ، والرسول ﷺ كما في حديث بن عمر لما مرَّ بالحجر بديار ثمود استحث راحلته على السير وقال:" إذا دخلتم على هؤلاء المعذبين فأسرعوا " الشاهد من الحديث: الأمر بالإسراع خشية أن يحيق بكم ما حاق بهم ، مع أن هؤلاء موتي ، وما يؤثر أن يمرَّ رجل على قبور كافرين إنما نبه النبي ﷺ لشيء يحتاج إلى بعض تأمل ، وهو أنه إذا قال لك إذا مررت بقبر ميت كافر فأسرع ، فكيف تُساكن أنت الكافر وهو حي ، مع أن الميت لا يؤثر ، فهذا فيه عبرة للذين يُساكنون الكافرين أو يرحلون من بلادهم طواعيةً بغير موجب إلى بلاد الكافرين ,ثم يستوطنون هناك ليس الدين هو الذي دفعهم أو أخرجهم من ديارهم ، لا ، ما أخرجهم إلا الدنيا
يَسْرُدُ الْشَّيْخِ حَفِظَهُ الْلَّهُ قِصَّةَ لِأَحَدٍ الْمُهَاجِرِيْنَ أَثْنَاءِ تَوَاجُدِهِ فِيْ أَمْرِيْكَا:وأنا لا أنسي وأنا كنت في أمريكا مرة ودعانا أستاذ في كلية الهندسة مصري وكان مدرسًا في كلية الهندسة جامعة الأزهر ثم حدث بينه وبين إدارة الكلية مشادة في مسألة الترقيات ، فترك بلده ثم هاجر واستوطن شيكاغو وعُين أستاذًا في الجامعة هناك ,دخل عليه ابنه عمره إحدى عشر سنة والولد لا يعرف حرفًا واحدًا من العربية ، واسمه محمد ، أمه كندية لا تعرف شيئًا قط والرجل يتخاطب في بيته مع امرأته بالإنجليزية ، عنده حوالي ثلاثة أولاد أو أربعة لا يعرف واحد منهم حرفًا من العربية ، حكي لي حكاية وهو يتوجع بعد فوات الأوان .
ملخص الحكاية: ، أنه هناك الخطف للبشر على قدم وساق ، عصابات لخطف الناس يأخذوهم ويبيعونهم قطع غيار ، الذي يحتاج كلية ، والذي يحتاج طحال أو قرنية أو كبد ، قطع غيار ، فهو من عادته أنه يغلق باب الفيلا والولد يلعب داخل الفيلا ، خرج يبحث عن الولد لم يجده،ناداه لم يجده ، جُنَّ جنونه ، قال: خطفوه وسيبيعونه قطع غيار خرج يجري في الشوارع حتى وجد الولد على شاطئ نهر قريب من الفيلا ،وأول ما وجد الولد انهال عليه ركلاً وضربًا ، وهو يضرب الولد مرت دورية شرطه فأمسكت به ، واحد وعشرين يوم حبس وتحقيق لماذا يضرب الولد ؟ .
أنا أريك بعض الآفات للذين يمسحون خدهم بنعلهم:وأشرف ما في الوجه وأرقه وحُرُّه هذا الخد ، فيصل الحال بالإنسان أن يمسح هذا الخد بالنعل ، وهذا هو الذين يرحلون من بلادهم إلى بلاد الكافرين يبحثون عن الدنيا ، وهذه كلها تجارب ، إذ الإنسان لم يستفد من التجارب حق الاستفادة ، سيخسر حاضره ولن يكسب مستقبله ,النظام هناك أنه ممنوع الضرب .
مَالَّذِيَ تَرَتَّبَ عَلَيَّ مَنْعِ الْضَّرْبِ بِالمَدارِسَ ؟ وَمَا مَصْدَرُهُ؟وطبعًا هذا هو الذي انتقل إلى المدارس عندنا ، كان المدرس يستطيع أن يؤدب الولد الآن المدرس لا يستطيع أن يمد يده على الولد ، الولد يقوم بتحرير محضر له في القسم مباشرة ، والأستاذ يظل عاجزًا تمامًا لا يستطيع أن يفعل شيئًا ، هذه كلها ثقافة وسياسة تعليمية انتقلت عندنا ، ما هو المقصود منها ؟ المقصود منها أن ينفلت الولد من يوم أن يولد فلا رقيب ولا حسيب ولا جهة عقوبة ؟، وأُخذ عليه عهد والميثاق أنه لو تكرر منه مثل هذه المسألة سيكون التصرف معه أشد من ذلك ,هذا فضلاً عن الإباحية المطلقة هناك الزنا ، شرب الخمرالدعارة ، كل أنواع الفجور المتوقعة موجودة هناك ,رجل مسلم قرأ القرءان وسمع أحاديث النبي ﷺ يذهب إلى بلاد الكافرين يجالسهم ويلابسهم ويأخذ من أخلاقهم والرسول ﷺ يمر على الحجر من ديار ثمود فيتقنع ويستحث راحلته على سرعة السير في المقابر ويقول:" إذا دخلتم على هؤلاء المعذبين فأسرعوا " ، ثم يأتي الأحياء الذين نهوا عن ذلك وقال ﷺ كما في حديث جرير بن عبد الله- رضي الله عنه-" لا يجامع المشرك إلا مثله " ﷺ " لا تتراءى نارهما " ، لو أوقد رجل مسلم نارًا على قمة جبل وأوقد رجل مشرك نارًا على قمة جبل أخر لكان ينبغي ألا يرى أحدهما نار الأخر ,ولك أن تتصور المسافة التي تكون بين الجبلين ، حتى أن المرء إذا صعد قمة الجبل لا يرى النار المشتعلة على قمة جبل أخر ، وفي هذا حث شديد على المباعدة بقدر المستطاع عن هؤلاء .
الاعتبار التاريخ مسألة في غاية الأهمية ، أمراض الأمم واحدة وموجب العذاب واحد﴿ فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا﴾ (الشمس:14) ، وقال تعالى:﴿ فَكُلا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ﴾(العنكبوت:40) ، فموجب العذاب واحد وأمراض الأمم واحدة .وكما قال علي بن أبي طالب- رضي الله عنه-: (واستدل على ما لم يكن بما كان فإن الأمور اشتباه) أي أن الذي حدث أمس هو هو الذي يحدث اليوم ، هو هو الذي سيحدث غدًا ، ما الجديد في ذلك ؟ الشخوص الذين عاينوا أمس ليس هم الذين يعيشون الآن والذين سيلابثون هذا ليس هم الذين يعيشون الآن ، بل هي أمة تأتي ,كمثل الذي يكون معه خطبة واحدة ويلف الجمهورية بخطبة واحدة فالخطبة قديمة بالنسبة له جديدة لكل مستمع ، كلما دخل بلد فلا يوجد غير هذه الخطبة ، فتكون جديدة على أهل البلد وعلى هؤلاء وهؤلاء ، أما هي بالنسبة له فقديمة ,إنما قدمت لهذا بين يدي هذه المجالس التي ستستمر معنا في هذا الشهر الكريم وما بعده من الأشهر ، والتي كنت عنونتها بعنوان مدرسة الحياة ، ومدرسة الحياة ، التي هي التجارب .
أَفْضَلُ مِنْ يَسْتَفِيْدُ بِالتَّجَارِبِ هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ: عندهم علم وعندهم حكمة وعندهم تأمل ، أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال كما في الصحيحين " كنا نهينا أن نسأل رسول الله ﷺ ، فكان يعجبنا أن يأتي الرجل العاقل من البادية يسأل ونحن نسمع" قال:"يعجبنا أن يأتي الرجل العاقل"لماذا ؟ نهوا عن السؤال ويحتاجون إلى معرفة أشياء ذات بال ، الذي يسأل عن الشيء ذي البال , الرجل العاقل ولذلك يقول سفيان بن عيينة: وقد سأل أصحابه يومًا وهذا السؤال يسأل إليكم أيضًا : من أحوج الناس إلى العلم ؟قال سفيان:أحوج الناس إلى العلم هم أهل العلم ، لماذا ؟ لأنهم منارات الناس ، كلما يريد أحدُنا شيئًا إنما يفزع إلى واحد من أهل العلم ، والجهل بهم قبيح ، وهذا كلام سفيان بن عيينة- رحمه الله- ، ونحن مع رجل عالم له تجربة واسعة وعريضة ، وكلما لابث العالم الناس ،كان على وعظه وإرشاده من البهاء ما لا يكون على كلام حبيث المكتبة ، رجل يحبس نفسه في المكتبة لا يتعامل إلا مع الكتب ، تراه في معالجة المسائل يختلف عن الرجل الذي لابث الناس وعايشهم .
أميز ما يميز الذي لابث الناس عن غيره أنه يستطيع تنزيل الدليل على الواقع :وأرى أن هذه من أجل مهمات العلماء ، ليس من مهمة العالم فقط أن يلقي الدليل ساذجًا إلى السائل ، المسألة الفلانية يقول له دليلها كذا ، أنت ممكن تعطيه الدليل وهو يختلط عليه لا يعرف كيف يتعامل مع الدليل ، فحينئذٍ يعطيه أهل العلم من فقههم وفهمهم فينزلون الدليل على واقع المستفتي .مثلاً: أرسل لي أحد الأشخاص رسالة على المحمول ، يقول فيها:امرأتي تسبني وتسب أهلي بأغلظ أنواع السباب وبصقت في وجهي وجرحتني بالسكين ، وأمرتها أن تجلس من العمل فأبت وقالت أطلق ولا أترك العمل فهل لو طلقتها أكون طالمًا لها ؟ فهذا ماذا نقول له ؟ وأنت أمام المشاكل الذي أنا قلتها وأنت تريد أن تنزل الدليل على الواقع ، فماذا تقول له ، لو امرأة بصقت في وجه زوجها ، وليس ذلك فقط ، إنما هي تقول له لو أبوك خلف رجل طلقني ، فهذا الرجل أفتاك وقال لك أطلقها أم لا ؟ تقول له طلقها أم لا ، هذا الرجل لو سألني أقول له لا تطلقها ، لماذا ؟ لأنك تنفخ في قربة مقطوعة ، لأن شيء واحد مما ذكرته لكم كفيل بطلاقها ، هذا رجل ليس عنده شخصية لا يستطيع أن يتخذ القرار لو حاولت أن توقفه وتجعله رجل سيتخلى عنك ، ولن يعرف أن يقوم بالدور الذي تريده تقول له قف وأدبها وربيها وغير ذلك ، كان رباها قبل أن يسألك لا ينفع لأن مثل هذا من الجناية عليه أن تقول له طلقها ، لكن تقول له إيه ماذا حدث؟ ، وماذا الذي يضر إذا بصقت في وجهك ، ولما تقول أبوك خلف رجل ، فهؤلاء الأولاد من أين ؟ ولو أمسكت لك السكين فأحسن بها الظن ماذا تقول له غير ذلك ، لأن شخصية هذا لا ينفع أن تقول معه غير ذلك ومثل هذا منذ عشرين سنة في هذا العناء والتعب يكمل حياته ، تعود على هذه المسألة ولا يري أن من العار أن يكمل حياته مع امرأته وبصقت في وجهه هو لا يرى ذلك عار ، فأنت لما تقول له طلقها ممكن تأخذه الحمية يطلقها ثم يذهب يبكي لها ويقول لها أنا أريد أن أرجعك ، فيلزم وأنت تتعامل مع الناس أن تعرف .ثانياً: وأنت تفتي الناس إياك أن تفتيهم بقناعتك ، لأنك ممكن تجني عليه لأنه قد يكون على مستواك الشخصي لا تسمح للمرأة مطلقًا أن ترفع طرفها فيك وليس أنها تتكلم ، ولا تنطق ,مثل عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- في الحديث الذي في الصحيحين من حديثه – رضي الله عنه- لما يقول عمر ولما هاجرنا إلى الأنصار ، إذا نساؤنا طفقن يأخذن من أدب نساء الأنصار طبيعة البدو أو الناس الذين هم القرشين وغير ذلك لا يسمح للمرأة تناقش المرأة ليس لها إلا الخدمة والاستمتاع فقط ، بخلاف المدينة تجد الرجل يدلع المرأة ، عندهم رقة في التعامل ويستخدمون الألفاظ الجميلة ومثل ذلك إنما الجماعة القرويون وأهل البدو ليس عندهم هذه القصة ويرون أن هذا ضعف في معاملة النساء , فلما هاجر المهاجرون إلى المدينة عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- يقول: (فطفقن نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار ، فصخبت علي امرأتي ذات يوم فراجعتني ) أنا أريد أن تتأمل الألفاظ التي استخدمها عمر بن الخطاب مجرد أن تراجعه قال: "صخبت على امرأتي "، وصخبت: أي صرخت وعملت ضجة مجرد فقط أن قالت له ما رأيك نعمل هذه بل هذه ، قال: صخبت على امرأتي ذات يوم فراجعتني فتناولت قضيبًا فضربتها ، كيف تراجعني ؟ فقالتSadأو في هذا أنت يا ابن الخطاب) ألا زلت تعيش في الزمن القديم الدنيا تغيرت ، إن أزواج النبي ﷺ يراجعنه ويهجرنه الصبح حتى الليل ، ليس فقط يراجعوه بل يغضبون منه ويهجروه، وأنت تنكر عليَ مراجعتك وأتناول معك الكلام وأعترض فلما سمع عمر هذا ، انزعج وقال أو تفعل حفصة ذلك .
مَتَىَ يَكُوْنُ هَجَرَ الْفِرَاشِ مَعَ الْدَّلِيلِ؟وتأمل الكلام يهجرنه الصبح حتى الليل ، وليس الليل حتى الصبح ، لأن النبي ﷺ قال:" إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح " وأزواج النبي ﷺ لا يقعون في مثل هذه المسألة ، فالهاجرة لفراش زوجها من الليل حتى الصبح وهذا هو الذي يقال فيه هجر الفراش .اليوم أنت ممكن لا تسمح لا امرأتك أن تنظر إليك ، فيأتيك واحد ويقول لك امرأتي عملت كذا وكذا وأقول لها فدفعتني على الباب ، وأنت باعتبار أنك لا تسمح لها أنها تنظر إليك ، ماذا تقول له ؟ ستقول له هذه ارميها من البلكونة أرسلها إلى أهلها ، لابد أن تؤدبها ، لا بد أن تجعلها تأكل التراب ، فأنت في الواقع لما أشرت عليه باعتقادك أنت بطبعك هذا الحامي لا ينفع طبعًا ، لا ينفع أن اعتقادك الشخصي أن تنزله على الناس ،لاحتمال أن يكون الرجل ليس كمثلك ، كما قلنا قصة الرجل السابق .
الْتَّجْرِبَةِ الَّتِيْ تَسْتَفِيْدُهُا مِنْ الْخَلْقِ لَابُدَّ أَنْ يُغَلِّفُهَا الْدَّلِيلِ الْشَّرْعِيِّ :لذلك قلنا أكبر الناس في ميدان التجربة قاطبة هم أهل العلم ، والعلم حاكم وعنده الفهم الذي يستطيع أن ينزل به الدليل على الواقع ، فلما جاء رجل إلى عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- يشتكي له فقال: إن فلانًا سبني ، قال له ماذا قال لك ، قال: قال لي:

خلي المكارم لا تسعى لبغيتها

واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
الشاهد من الكلام: معني هذا البيت يقول له: اقعد أنت لست من أهل المعالي والمجد وغير ذلك ، أنت عملك أن تأكل وتشرب وتقعد على الأرض فهذا ذم فعمر بن الخطاب فال له وقد رأى الرجل متعصب وفلانًا سبني ، فقال له عمر وما تريد ؟ جعلك طاعمًا كاسيًا ، وهذه عمل الملوك يجلس أربعة وعشرين قيراط الأكل يأتي إليه ويلبس في منتهى اليسر والسهولة وغير ذلك ، ماذا تريد من الدنيا غير ذلك ، جعلك طاعمًا كاسيًا ، فقلبها فإذا كان الكلام فيه محتمل للتأويل أنا أستطيع أن أحل مشكلة بهذه المسألة ، فهذا يحتاج إلى فهم .
ولذلك بعض العلماء لما يضع عنوان على حديث أبو هريرة باب( الفهم في العلم ) أورد فيه حديث أبو هريرة في الصحيحين قال فيه أن النبي ﷺ قال:" خرجت المرأتان على زمان داود عليه السلام ، كل امرأة معها ولد أي طفل فجاء الذئب فعدا على أحد الولدين وأكله واختصمت المرأتان على الطفل الباقي ، كل واحدة منهما تقول هذا ولدي لما اختصمتا إلى داود- عليه السلام- قضى به للمرأة الكبرى ،لأن القرائن كلها الظاهرة أن هذا الولد ابنها لأنها تبكي وتصرخ ويظهر عليه أنها متوجعة والمرأة الثانية تقف كالأسطوانة لا تتحرك ، وفي بعض الناس الحزن يقتله فلا يظهر عليه أي أثر ، لا يبكي ولا يتفجع ولا يتكلم بأي قول ، يقف هكذا مصمت ، بسبب شدة الحزن آخر الشوكة تجعله يصرخ حتى تسمعه الدنيا كلها ,فلما قضى داود عليه السلام بالولد للمرأة الكبرى ، فلما خرجتا لقيتا سليمان فاشتكت المرأة الصغرى إلى سليمان- عليه السلام- وقالت إن أباك قضى بهذا لهذه وهو ولدي ، فقال سليمان– عليه السلام- : "ائتوني بسكين أقسمه نصفين" ، كل واحدة تأخذ نصفه ، فحينئذٍ صرخت المرأة الصغرى وقالت لا أريده ، أعطه لها ، لأنه لما يقول أنا سأقسم الولد نصفين وكل واحدة تأخذ نصف ، لن يتفجع على الولد في الحقيقة إلا الأم ، فهذا من باب الفهم في العلم .أنا ممكن يكون عندي الدليل نحن كبشر بعيدًا عن الأنبياء ولا نحسن فهم الدليل ,ولذلك قال تعالي:﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾(وحتى لا يظن ظان أن عدم الفهم في مسألة جزئية يلحق النقص بالإنسان قال الله- عز وجل- : ﴿وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾(الأنبياء:79) .
الرجل الفاضل قد تفوت عليه المسألة فيدركها من هو أقل منه :، كما حكيَ أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب- رضي اله عنه- وقالت:"يا أمير المؤمنين أن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل ، قال لها: بارك الله لك فيه ، فانصرفت المرأة فقال له قائل من الجلوس يا أمير المؤمنين إنها تشتكي زوجها ،"_


وأظنه شريح القاضي _ فقال: قم وأنت قاضي أهل البصرة أو أهل الكوفة " حكم على فهم من يقول له بهذه المسألة قال له أنت تصلح أن تكون قاضيًا ، لأن القاضي لا يحتاج فقط إلى العلم الظاهر بل يحتاج أن يتصرف فيما عنده من الأدلة ، وهذا بطبيعة الحال إنما يكون بالتجربة .
أبو عبيد القاسم بن سلاَّم صاحب الكتاب الشهير غريب الحديث وهو من طبقة أحمد بن حنبل ويحي بن معين ، وكان إبراهيم بن إسحاق الحربي إذا ذكر أبا عبيد يقول: (جبل نفخ فيه الروح) وهذا أعلى درجات التزكية ، جبل نفخ فيه الروح ، قال: كنت أذهب إلى أن الجالس المتمكن إذا نام لا يعيد الوضوء لأن النبي ﷺ يقول:" العينان وكاء السهِ " طالما أن الإنسان جالس ومتمكن يمكن أن يكون متحكم في مسألة الريح فأبو عبيد يوم الجمعة جالس بجانب الإسطوانة العمود ، ورجل يجلس متمكن ثم أخرج ريح فقال له أبو عبيد قم توضأ ، فجعل الرجل يقسم أنه لم يفعل شيئًا من ذلك فغير أبو عبيد مذهبه بسبب هذه الواقعة وذهب إلى ما ذهب إليه جماعات من أهل العلم إلى أن النعاس قليله وكثيره ينقض الوضوء .
فانا أريد أن أقول ونحن بين يدي هذه الخواطر للإمام أبي الفرج بن الجوزي -رحمه الله تعالي- في كتابه صيد الخاطر ، وطبعًا كتاب صيد الخاطر واضح من العنوان أنه يصطاد إذا مرَّ بخاطره شيءٌ يستحق أن يسجل فيسجله وأنا ندمت كثيرًا أنني لم أسجل خواطر كثيرة مرت بي ، احتجت إليها فندَّت عن ذهني وكانت المعاني فيها رائقة ,بن الجوزي يقول أنه فرط فيما مضي من الزمان ثم انتبه إلى هذا الأمر فبدأ كلما خطر عليه شيء يسجله ، وهذه كانت عادة أهل العلم .
فعادة أهل العلم كلما مرَّ عليه شيء ذي بال سجله:يقول محمد بن أبي حاتم الوراق عن الإمام البخاري- رحمه الله- الذي كان ينسخ له كان يقول Sadربما استيقظ في الليلة ثلاثين مرة يسجل شيئًا ثم يطفئ المصباحشيء يخطر بباله )كما قال بن عقيل الحنبلي( أنه لا يحل لي أن أضع ساعة من عمري حتى إذا كلَّ لساني عن مناظرة وبصري عن مطالعة استطرحت ، فأعمل فكري حال استطراحتي فلا أقوم إلا وقد خطر لي ما أسطره ،) حتى في استطراحته يعمل فكره ، هؤلاء هم الذين شغلوا الزمان ، واستغلوا الأعمار الشيء الأخير: أنبه عليه وهو أنني كثيرًا ما أذكر حكايات قيلت لي فبعض الناس قد يلومني ، يقول لي أنا أحكي لك الحكاية وأنت تقصها على الناس أنا لا أقول ما اسمه ولا قلت أين بلده ، هذا مثل ما بال أقوام ، والنبيﷺ لما كان يقول " ما بال أقوام يقولون كذا وكذا " كان يعني أناسًا بأعينهم ، جاء جماعات إلى بيوت النبي- ﷺ يسألوا عن عمله ﷺ فكأنهم تقالوها ، والحديث أنتم تعرفونه ، قال أحدهم أما أنا فأصوم ولا أفطر وقال الثاني وأنا أقوم ولا أنام ، وقال الثالث وأما أنا فلا أتزوج النساء فلما بلغ النبيﷺ هذا الكلام قال الصلاة جامعة وجمع الناس وقال: " ما بال أقوام يقولون كذا وكذا " ، الذين قالوا كذا وكذا هم أناس بأعينهم , فعندما أحكي حكاية ربما حدث تشابه ما بين حكاية الحاكي وحكاية حاكٍ أخر ، لكن على أي حال أنا ما ذكرت اسمه أصلاً ولا قلت هو من أي بلد حتى يقال لي لما قلت ، إنما أقول هذا الكلام من باب التجربة .



كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي- رحمه الله- كتاب ممتع وفيه تجارب بل لعله أشهر واعظ للإسلام على الإطلاق ، كان الخليفة يصلي خلفه ، وكان يقول الكلام على بديهته يحتار المرء كيف أتي به علي البديهة ، وكان يحضر مجلسه مائة ألف ، وأسلم على يديه مائتا ألف ، أما العُصاة الذين تابوا على يديه فحدِّث ولا حرج ، وكان مع هذه الحشمة كثير التصنيف .يقول الذهبي – رحمه الله-( أنا لا أعلم في الإسلام رجلٌ صنَّف مثل هذا الرجل ) صنَّف ستمائة كتاب ، الكتاب يتراوح ما بين ملزمة إلى عشرين مجلدًا هذا مع الوعظ ، وعندما يكون الإنسان واعظاً مسدداً في الوعظ كل الناس تتهافت عليه كل مشاكل الناس عنده ، أي واحد يريد أن يتوب كما يحدث الآن , يأتي ويقول أعطيني وقت لكي أحكي لك عن حياتي الماضية وأقول لك ماذا عملت في حياتي لكي تقول لي أخرج من هذه المظلمة بالطريقة الفلانية ومن هذه المظلمة بالطريقة الفلانية .لو أنك ستعطي للناس من صبرك وحلمك ، ممكن تعطيهم كم ساعة في اليوم مع مراعاة أنك رجل لك مؤلفات ، ولك أسرة ولك حياتك الخاصة ، ممكن تعطيهم كم ساعة في اليوم ، خمس ساعات ، ستسمع كم واحد في اليوم تسمع لخمسة ، ستة ، ومع هذا الجهد الكبير استطاع أن يؤلف ستمائة مؤلف وفي شتي فروع المعرفة ، لم يترك شيء لا حديث ، ولا فقه ، ولا عربية ولا تاريخ ، ولا تفسير ولا بلاغة ولا عروض ، ولا أدب وغير ذلك إلا صنف فيه كتابًا وكتابين وثلاثة وأربعة ، فنحن أمام رجل صاحب تجربة عريضة .
وأنا اخترت هذه الخاطرة لأنها تصلح أن تكون أول خاطرة في الكتاب لأنها آفة كلنا نعاني منها .يقول- رحمه الله-: (قد يَعرِضُ عند سماعِ المواعظ للسامِع يقظةٌ فإذا انفصل عن مجلسِ الذِكر عادت القسوة والغفلة ، فتدبرت السببُ في ذلك ، فَعَرفته ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك ، فالحالة العامة أن القلبَ لا يكون على صفته من اليقظة عند سماع الموعظةِ وبعدها ، لسببين:-
أحدهما:أن المواعظ كالسِيَاط، والسياط لا تُؤلِم بعد انقِضَائِها إِيلَامَهَا وقت وقوعها.ثانيها:أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مُزَاحَ العِلَة ، قد تَخَلَّى بجسمهِ وفكرهِ عن أسباب الدنيا ، وأنصَتَ بحضور قلبه ، فإذا عاد إلى الشواغلِ اجتَذَبَتهُ بِآفَاتِهًا ، فكيف يصح أن يكون كما كان ؟ وهذه حالة تَعُمُ الخلق ، إلا أن أربابَ اليقظة يتفاوتون في بقاء الأَثَر ، فمنهم من يَعزِم بلا تردد ويمضي من غير التفات ، فلو توقف بهم رَكبُ الطَبعِ لضجوا كما قال حنظلة عن نفسه: نافق حَنظلة ، ومنهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلةِ أحيانا ويدعوهم ما تقدم من المواعظِ إلى العمل أحياناً ، فهم كالسُنبلة تُمِيلُها الرياح وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه، كمَاءٍ دَحرَجتَهُ على صفوان)
قَسَمٌ ابْنُ الْجَوْزِيِّ الْنَاسْ فِيْ مُقَابِلِ الْمَوْعِظَةِ ، إِلَىَ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ :يقول أن الإنسان عند سماع الموعظة ، يعرض له نوع يقظة ، أنت أتيت اليوم المسجد ، غافل عن معاني كثيرة أنا تحدثت وقرعت قلبك وسمعك استيقظت على معنى من المعاني ،و هذا المعني ربما أيقظك ولم يوقظ غيرك ، لأن كل إنسان له مقتضى في حياته ، ونحن كنا نقول منذ قليل الفهم في العلم ، أنظر إلى الغباء في العلم ، الصورة بضدها تتميز الأشياء .
من الغباء في العلم:الجماعة الذين اتهموا أبا هريرة بأنه كذب على النبي ﷺ في زيادة ذكر كلب الزرع في الحديث ، " من اقتنى كلبًا ليس كلب زرع ولا ضرع نقص من أجره كل يوم قيراط " ، والفتوى الرسمية التي طلعت لنا هذه الأيام لأن أولاد الذوات يحبون الكلاب ، الولد يركب السيارة والكلب معه يجلس بالكرسي الخلفي ويخرج لسانه لمن يقفون في محطة الأتوبيس في الحر فأولاد الذوات الذين لديهم الكلاب كيف تقول لهم هذا الحديث ، ينقص كل يوم من أجره قيراط ,فيعترض ويقول ماذا يحدث إذا اقتنى المرء كلب إذا كان مالك يقول أن لعاب الكلب طاهر ، فما العلاقة ما بين طهارة لعاب الكلب وما بين حرمة اقتناء الكلب ، هل الكلب حُرِّمَ اقتناءه للعابه ولا لأن النبي ﷺ قال:" إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب أو صورة " ، سواء لعابه طاهر أو غير طاهر ، نعم المالكية إذا كانوا يقولون أن لعاب الكلب طاهر ، فسائر العلماء يخالفونهم في ذلك .
مفهوم العدد عند المالكية : لذلك العدد كان عند المالكية ليس له معني المسألة تعبدية فليغسله سبع مرات ، ليس المقصود سبع مرات ، واحد ، اثنين ، ثلاثة ، أربعة خمسة ستة ، سبعة ، لا ، هم عندهم ماء النار والصابون وغير ذلك يقوم مقام التراب مثلاً خلافًا لما عليه جمهور العلماء وهذا من الأقوال الشاذة ، وكل فترة تجد قول شاذ والزمخشري لما توجع من الأقوال الشاذة ، وكان قديمًا يقول ما مذهبك ؟ حنفي ، أنتم الذين تحلون الخمر ، وأنتم المالكية ، أنتم الذين تقولون الكلب يؤكل ، وأنت الشافعية الذين تقولون يجوز نكاح البنت من الزنا ، وأنتم الحنابلة الذين تقولون أن ربنا جسم ، كل مذهب له ناس يقعدون له على الرصد .يقول الزمخشري:

وإن يسألوني عن مذهبي لم أبُح به

وأكتمهُ كتمانهُ ليَ أسلمُ
فإن حنفياً قلت قالوا بأنني
أبيح لهم الطِلَى وهو الشراب المحرَّمُ
وإن مالكياً قلت قالوا بأنني أبيحُ لهم
أكل الكلاب وهم همُ
وإن شافعياً قلت قالوا بأنني أبيحُ
نكاح البنتِ والبنتُ تحرمُ
وإن حنبلياً قلت قالوا بأنني
حلوليٌ بغيض مجسم
وإن قلت من أهل الحديث وحزبه
يقولون تيسٌ ليس يدري ويفهمُ
تعجبت من هذا الزمان وأهلهِ
ومن ذا من ألسن الناسِ يسلمُ
وأخرني دهري وقدم معشرًا
علي أنهم لا يعلمون وأعلمُ
قالوا: أبو هريرة زاد كلب زرع لأنه كان عنده زرع وكان محتاج إلى هذه الزيادة لكي يكون عنده كلاب يحرصون المزرعة ، فمن الذي قال لكم هذا الكلام ، قالوا بن عمر ، لما روي بن عمر الحديث, قال: سمعت رسول الله يقول:" من اقتني كلبًا ليس كلب حرث ولا ماشية إلا نقص كل يوم من أجره قيراط " ، فقال له واحد أن أبو هريرة يقول: أو كلب زرع ، فقال له أن أبو هريرة كان صاحب زرع قال أنظر كان صاحب زرع ووجد الحديث ليس فيه كلب زرع ، وهو يحتاج أن يأتي بالكلاب لحراسة المزرعة فألف هذه الزيادة علي النبي ﷺ.
لِمَا حُفِظَ أَبُوْ هُرَيْرَةَ هَذِهِ الْزِّيَادَةِ ؟ إنما أنظر إلى أهل العلم ماذا قالوا ؟ قالوا إنما حفظ أبو هريرة هذه الزيادة لاحتياجه إليها ، وأي إنسان يكون محتاجًا إلي شيء من العلم يحفظه ويفوت على غيره ، فلو أنني اليوم سأتكلم عن العفاريت والمس وغير ذلك ، وإذا دخلت الحمام ولم تقل أعوذ بالله من الخبث والخبائث تجد عفريت يمسك مباشرة ، من الذي يمكن أن يأخذ باله من هذه الجزئية ؟، الممسوس، ممكن هذه الجزئية التي أتكلم فيها نصف المجد لا ينتبه لها ، ولا تعنيه ، إنما حفظها المتلبس بها والمحتاج إليها ,الإنسان عندما يتكلم في موعظة من المواعظ لا أتصور أن الموعظة كلها من أولها إلى أخرها ممكن توقظ إنسان من أوله إلى أخره ، لا ، قد يستيقظ بحرف أو بجملة أو بواقعة ، لكنها على أي حال تُحدث نوعاً من اليقظة عند المستمع ، يكون غافل يستيقظ على الموعظة .
يقول ابن الجوزي:أن الموعظة قد تعرض أو قد تسبب يقظة للمستمع بعدما يخرج من المجلس ننسى كثيرًا مما سمعناه ،بن الجوزي كرجل واعظ لابث الناس وخبير يدلنا وسيضع يده على الأسباب الحقيقية ، لماذا ينفعل المرء للموعظة في حال السماع فإذا انفصل عن مجلس التحديث فتر أثر الوعظ عنده ,
يقول ابن الجوزي: ( فتدبرت السببُ في ذلك ، فَعَرفته ، ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك ، فالحالة العامة أن القلبَ لا يكون على صفته من اليقظة عند سماع الموعظةِ وبعدها ، لسببين )فيكون المقصود الأعظم من هذه الموعظة القلب وهذا الذي سندندن عليه إن شاء الله عز وجل .يقول: (الحالة العامة أن القلبَ لا يكون على صفته من اليقظة عند سماع الموعظةِ وبعدها ، لسببين:-أولاً: ( أن المواعظ كالسِيَاط، والسياط لا تُؤلِم بعد انقِضَائِها إِيلَامَهَا وقت وقوعها.)الرسول ﷺ كان إذا وعظ احمرَّ وجهه وانتفخت أوداجه كأنه منذر جيش ، يقول صبَّحكم ومسَّاكم ، فنفهم من هذا الكلام أن الوعظ له سمت ، هذا السمت نحن ممكن نسميه تسميه ربما أتجاوز فيها سمت استفزازي ، وأن الواعظ الحقيقي هو الذي يستطيع أن يستفز المستمع وليس الذي يصعد المنبر ليقول محاضرة ، لا ، الموعظة أمر مختلف ، القصد من الموعظة إيقاظ القلب ممكن لا يكون الهدف إلا إيقاظ القلب ، إذا استيقظ القلب من رقدته استفاد بأقل كلام
سَمَتْ الْمَوْعِظَةِ: الشدة ، الاستفزاز .لذلك يقول للعلماء: إذا لم يكن للكلام مقتضي ينبغي أن توجد له مقتضي لما شُتم خالد بن الوليد و أبو هريرة ، بعض الناس أرسل إلي وقال لي بدل ما أنت تهيج الناس وتستفزهم وغير ذلك ، كنت بمنتهى البساطة تعمل محاضرة في فضل خالد بن الوليد ومحاضرة في فضل أبو هريرة ، وهكذا الناس تستفيد وتعرف من هو خالد بن الوليد ومن هو أبو هريرة ، فأنا لما أحضر والأحداث الجارية والدنيا ساخنة من حولك وأطلع المنبر وأقول لهم سأحدثكم اليوم عن فضائل خالد بن الوليد ، أي إنسان يسمع يقول ما المناسبة ؟ خالد بن الوليد نحن نعرف أنه سيف من سيوف الله ، ولا أحد منا يؤذي خالد ولا يضع من قدر خالد ، فأنت طالع تقول لما لكن عندما أقول لك شُتم خالد ، أنت على الفور تستنكر كيف يُشتم خالد أقول لك اسمع ما الذي قيل عن خالد ، قيل كذا كذا كذا ، فأنا هيئتك أولاً هيئت سمعك هيئت قلبك لمقتضى ما سأقول ، فيكون خالد بن الوليد صار قضية ، أنا لا أريد أن أعطيك معلومة باردة ، أنا أريد أن تكون قضية حياة وهذا الذي يفرق بين إنسان وأخر في الفهم ، الكلام ليس له مقتضي هات له مقتضى ، كما كان النبي- ﷺ يفعل كما في صحيح مسلم( لما مرَّالنبي ﷺ على جدي أسك ميت ، فقال: ﷺ أيكم يشتري هذا بدرهم , قالوا والله يا رسول لو كان حيًا ما اشتريناه إنه أسك).
الشاهد من الحديث: صغير الأذنين أو مقطوع الأذنين ، فالنبي ﷺ لما وقف وقال لهم أيكم يشترى هذا بدرهم كان يريد أن يتلقي جواب أحدهم أن يقول أنا أشتريه لا النبي ﷺ سأل هذا السؤال لأنه يريد أن يقول كلمة .قال:" ترون هذه هينة على أهلها غالية أم رخيصة ، طبعًا لو كانت غالية كانوا دفنوها وبكوا عليها وعملوا لها سرادق من البدع المحدثات الموجودة اليوم ، لكن مباشرة ماتت خذها يا بني من أرجلها وارميها ." ترون هذه هينة على أهلها, قالوا: نعم يا رسول الله ، قال: والله للدنيا أهون عند الله من هذا على أهله " وهذا الذي يريد أن يقوله ﷺ لكن أنا لما أجِد المقتضى وأنا أمامي الآن جدي أسك ميت ملقى على قارعة الطريق لا قيمة له ، ولا استحضرت أن هذا لا يساوي درهم واحد ، لو كان حيًا ما اشتريناه فكيف وقد خرجت منه الروح .فيقول: " والله للدنيا أهون عند الله من هذا على أهله " ، هذا هو الفهم في العلم الإنسان يأتي بالمقتضى إذا لم يكن للكلام مقتضى ، فهو هنا يقول: أن الموعظة كالسياط تجلي القلب وتجلي السمع ، والسياط تؤلم في حال وقوعها أما بعدما يبرد الجلد فينتهي أثر الألم فالموعظة كذلك .ثانياً: ( أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مُزَاحَ العِلَة )مُزَاحَ الْعِلَّةِ: أي ليس عنده عله ، أتى إلى المسجد وقد هيأ نفسه لسماعالموعظة وكما قلت لكم لو أن واحد من الناس ، جاء ليصلي الجمعة دخل وجد مسرح في المسجد وجماعة ممثلين يرقصون على المسرح وغير ذلك ، هل سيقبل هذا الكلام ؟ لا ، لن يقبله ، لماذا ؟ لأنه أتي ليسمع الموعظة ، بالضبط كما لو أنه كان يذهب للمسرح ليضحك ويرى مسرحية كوميدية وغير ذلك وجد واحد لحيته طويلة وانفرجت عنه الستارة وقال لهم: الموت قادم ، الموت قادم ، أنا أتيت لأضحك وأقضي الليلة وتقول الموت قادم ، أعطوني فلوسي ويسب ، نفس الرجل إذا جاء المسجد وجد المسرح قال كيف يحدث هذا في بيت ربنا ؟ ، يذهب للمسرح فلو وجدني في المسرح ممكن يهد الدنيا كما هدها في المسجد ، ما السبب في ذلك ؟ أنه عندما يأتي إلى المكان يكون مزاح العلة ، أتي وهو ينوي أن يسمع ، يفتح أذنه وقلبه لكي يستمع إلى نوع معين من المواعظ ,فيقول: ( الإنسان في حال الموعظة يكون مزاح العلة ،قد تَخَلى بجسمهِ وفكرهِ عن أسباب الدنيا ، وأنصَتَ بحضور قلبه ، فإذا عاد إلىالشواغلِ اجتَذَبَتهُ بِآفَاتِهًا ، فكيف يصح أن يكون كما كان ؟ وهذه حالة تَعُمُ الخلق ) لا يوجد أحد فينا فاضل أو غير فاضل إلا يعرض له هذا ، يكون في المسجد حالته عالية جدًا وبعد أن يترك المسجد ويمشي حالته تقل ، وقال هذه حالة تعم الخلق .( إلا أن أربابَ اليقظة يتفاوتون في بقاء الأَثَر ) هذه الموعظة كم ستظل معك ؟ أسبوع ، عشرة أيام شهر ، سنة ، فهذا الذي يتفاوت فيه الخلق بقاء أثر الموعظة ، على قدر بقاء اليقظة في القلب وكما تعلمون حديث حنظلة الأُسيدى وكان من كتاب رسول الله ﷺ كما في صحيح مسلم " لما لقي أبا بكر في الطريق , فقال كيف أنت يا حنظلة ؟ قال نافق حنظلة ، قال له: أنظر ماذا تقول ، قال: نكون عند النبي ﷺ يحدثنا عن الجنة والنار حتى كأن رأي عين فإذا رجعنا إلى رحالنا عافسنا النساء والأولاد والأموال والضياع نسينا كثيرًا مما سمعنا ، فقال أبو بكر والله إني لأجد ذلك ، فذهبوا إلى النبي ﷺ أول ما دخل حنظلة علي النبي ﷺ قال: نافق حنظلة ، قال: ماذا تقول ؟ قال: يا رسول الله نكون عندك فتحدثنا عن الجنة والنار حتى كأن رأي عين ، فإذا عافسنا النساء والأولاد والضيعات نسينا كثيرًا مما تقول ، قال يا حنظله: لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة علي فرشكم وفي الطرقات " ، أي سيكون رباني لو يدوم على ما يكون عليه في مجلس الوعظ من انتباه القلب الكامل .(لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر ) أي وفي ذكر الله- تبارك وتعالي- ( لصافحتكم الملائكة علي فرشكم وفي الطرقاتولكن يا حنظله ساعة وساعة ) .
من الغباء في الفهم: يأخذ هذه الجزئية فقط ويعمل برنامج اسمه ساعة لقلبك ، لا ساعة ربك هذه لا يقولها ، لا ، ساعة لقلبك على اعتبار أن ساعة الرب هي التعب والغم ، أنت مهموم وهو يريد أن يجعلك تضحك .
ذات مرة سنة ثمانين ذهبت لحضور فرح واحد من أصحابنا ، فجال في رأسه أن يقوم بتشغيل القرءان ، وطبعًا الأفراح في ذلك الزمان كانت فرقة حسب الله وتجد الأنوار والكاسيتات تبث الأغاني وغير ذلك ، وهو كان رجل ملتزم ويريد أن يشغل القرءان ، فكنت واقفاً قبل البيت بقليل فواحد يقول للآخر هل نحن أخطأنا في العنوان أم لا ؟ قال له لما ؟ قال أليس هذا بيت فلان الفلاني ؟ قال نعم ، قال فلماذا يشغلون القرءان القرءان للحزن ، عندما يموت ميت نشغل القرءان ، وصار منطبع في أذهاننا أن ساعة الرب هي ساعة النكد والحزن ، فالمطلوب ساعة للفرفشة ، ساعة لقلبك .
وَمَا عَلِمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ سَاعَةً الْقَلْبُ عَلَىَ الْحَقِيقَةِ هِيَ سَاعَةٌ ذِكِرَ الْرَّبُّ– تَبَارَكَ وَتَعَالَي-هذه هي ساعة القلب وحياة القلب ، والإنسان الذي لا يعرف هذه الحقيقة ميت فعلاً ، لا يعرف معنى الحياة ، قال الله تعالي: :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾(الأنفال:24) ، وقال في شأن القرءان﴿ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا ﴾(يس:70) أي إنسان حي القلب هو الذي ينتفع بقراءة القرءان , فقول النبي- ﷺ " ساعة وساعة " أي أن ساعة الباطل أُذن لك فيها لأنه لا تستقيم حياتك إلا بشيء من هذا ، وربنا- عز وجل- عندما ركبك ، ركبك على هذا ، لابد أن تستجم بساعة باطل الذي قال فيه النبي - ﷺ" كل لهو باطل إلا ملاعبة الرجل امرأته وفرسه وولده والرسول - ﷺلما كان يسابق عائشة مثلاً ، أو كان يخرج لسانه للصبي ، فيظن الصبي أن لسان النبي - ﷺتمرة ، فيريد أن يخطفها فيدخل النبي- ﷺ لسانه ، وهذا استجمام وكان الصحابة كما في الأدب المفرد كانوا يتبادحون بقشر البطيخ حتى إذا جد الجد وجدتهم رجال ، وحديث جابر بن سمرة ، " قيل له: أكان النبي- ﷺيضحك ؟ قال: كنا نذكر أشياءً من أمور الجاهلية نضحك وهو يبتسم " ، طالما ليس فيه فحش ولا مخالفات شرعية كان النبي- ﷺيشاركهم في بعض هذا ، وهذا هو الاستجمام الذي أذن للمرء فيه ، فالنبي- ﷺيقول: " يا حنظله ساعة وساعة ، ساعة وساعة " .أي إذا استجممت ببعض الباطل المباح فهذا مما يعين الدابة على السير إلى آخر الطريق ، وبن الجوزي ذكر ثلاثة أنماط من البشر لا يخرجون عنها في مقابل هذا ، ونتمم الكلام عنها إن شاء الله- عز وجل – فيما يستقبل بإذن الله تعالى .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://qqqq.forumegypt.net
 
التجربة أعون ما يستعين به العاقل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مُلتَقى الدعوةُ والدعاةُ :: خطب الجمعه والدروس المفرغه.-
انتقل الى: