نظرة تاريخية
قبل دخول الإسلام إيران كان غالبية الإيرانيين يدينون بالزرادشتية، وهي ديانة منسوبة للفيلسوف الفارسي الشهير “زرادشت” مع وجود بعض البوذيين واليهود، ولم تنجح المسيحية منذ ظهورها في الدخول للشعب الإيراني حتى بعد انتشارها في أوربا و شمال إفريقيا وأرمينيا، وحتى عصور متأخرة، وفي بداية عصر صدر الإسلام كان فتح بلاد فارس الذي بدأ من بعده تحول أهل إيران إلى الدين الإسلامي.
يشاع كثيرا أن التشيع في إيران بدأ مع تأسيس الدولة الصفوية، وحسب ما يقول البعض إن المذهب الشيعي تم فرضه على الإيرانيين وإجبارهم عليه على يد الشاه إسماعيل الصفوي، لكن التحقيق التاريخي يفيد أن التشيع في إيران كان منتشرا قبل الدولة الصفوية بسنوات طويلة، فيروي المؤرخون أن القائد (مسلم بن عوسجة) هو الذي قام بفتح مناطق أذربيجان، وكان مشهورا بتشيعه لعلي، وكان يدعو الناس هناك للإسلام وفقا لمنظور ولاية اهل البيت ودعم علي بن أبي طالب، ولكن يبدو أيضا أن التشيع ازداد تجذره في إيران خلال عهد الدولة الأموية، حين كانت خراسان في أقصى شرق إيران هي المنفى الرسمي لمعارضي الأمويين من العلويين خلال عهد ولاية زياد بن أبي سفيان، وعبد الله بن زياد على العراق، وخراسان هي التي مهدت للثورة على الحكم الأموي بقيادة أبو مسلم الخراساني الذي تحالف مع العباسيين، وأنهى الدولة الأموية، كما سبق أيضا الدولة الصفوية (الدولة البويهية) وهي دولة أيضا اعتمدت المذهب الشيعي مذهبا رسميا.. وكانت مدن مثل قم وإصفهان وطوس مشهورات بالتشيع قبل عصر الدولة الصفوية بكثير.
ولكن في الواقع مع قيام الدولة الصفوية بدأ التشيع في إيران يزداد قوة ورسوخا، ورافق ذلك بزوغ الدولة العثمانية وتولي السلطان سليم الأول العرش في استنابول، فكانت كل دولة تعتبر مواطنيها مخالفي المذهب رعايا للدولة الأخرى وحين تسوء العلاقة كان كل منهم يقوم بالتنكيل بهم كتصفية حسابات، فقام السلطان سليم بمذبحته الشهيرة في شرق الأناضول، وقام بقتل الآلاف من العلويين، وقام أيضا إسماعيل الصفوي بقتل الآلاف من السنة في تبريز، وظل الوضع هكذا حتى خفت حدته مع ضعف الدولتين وانهيارهما.