هل رواية حفص عن عاصم رواها عدد من الصحابة بلغوا حد التور؟ات
رواية حفص عن عاصم كغيرها من روايات القراءات العشر: كلها متواترة، في طبقة حفص وقبله إلى عصر الصحابة وبعده إلى عصرنا هذا، جيلا عن جيل، وأمة عن أمة... هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم، وقد عقد الإمام ابن الجزري في منجد المقرئين فصلا في أن: القراءات العشر متواترة فرشا وأصولا، حال اجتماعهم وافتراقهم، وحل مشكل ذلك ـ قال في أوله: اعلم أن العلماء بالغوا في ذلك نفيا وإثباتا، وأنا أذكر أقوال كلٍ ثم أبين الحق من ذلك. اهـ.
ثم فصَّل ذلك فأجاد، وختم هذا الفصل بقوله: ومما يزيدك تحقيقا ما قاله أبو حاتم السجستاني قال: أول من تتبع بالبصرة وجوه القراءات وألفها وتتبع الشاذ منها هارون بن موسى الأعور ـ وكان من القراء ـ فكره الناس ذلك وقالوا: قد أساء حين ألفها، وذلك أن القراءة إنما يأخذها قرون وأمة عن أفواه أمة، ولا يلتفت منها إلا ما جاء من راو راو، قلت: يعني أحادا عن آحاد، وقال الحافظ العلامة أبو سعيد خليل كيكلدي العلائي في كتابه: المجموع المذهب ـ وللشيخ شهاب الدين أبي شامة في كتابه المرشد الوجيز وغيره كلام في الفرق بين القراءات السبع والشاذة منها وكلام غيره من متقدمي القراء ما يوهم أن القراءات السبع ليست متواترة كلها، وأن أعلاها ما اجتمع فيه صحة السند وموافقة خط المصحف الإمام والفصيح من لغة العرب، وأنه يكفي فيها الاستفاضة! وليس الأمر كما ذكر هؤلاء، والشبهة دخلت عليهم من انحصار أسانيدها في رجال معروفين وظنوها كاجتهاد الآحاد، قلت: وقد سألت شيخنا إمام الأئمة أبا المعالي ـ رحمه الله تعالى ـ عن هذا الموضع فقال: انحصار الأسانيد في طائفة لا يمنع مجيء القرآن عن غيرهم فلقد كان يتلقاه أهل كل بلد يقرؤه منهم الجم الغفير عن مثلهم وكذلك دائما، والتواتر حاصل لهم. اهـ.
منقول