Admin الشيخ محمدشوقى المدير العام
عدد المساهمات : 7484 نقاط : 25526 تاريخ التسجيل : 16/08/2011 العمر : 51 الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100001995123161
| موضوع: كتاب الفتن السبت 20 أبريل 2013, 11:51 pm | |
| [size=25]مـُـقـَـدِمـَـة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، بديع السماوات والأرض ، خلق كل شئ فقدره تقديرًا ، وأعطى كل شئ خلقه ثم هدى ، أكرمنا بالإسلام ، وأعزنا بالإيمان ، وأنعم علينا بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فهدانا من الضلال وجمعنا من الشتات ، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد فى سبيل الله حتى أتاه اليقين ، فصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين .
و بعد ......
فثمة ظروف وأحوال نحن مقبلون عليها ، لا نعلم عنها اٍلا ما أخبرنا به الله سبحانه وتعالى فى كتبه عن طريق أنبياؤه ، ومن ذلك اليوم الآخر وما يتعلق به من أهوال ، وغيره من المغيبات التى مدارها على التسليم لنصوص الوحى ، اذا وصلت اٍلينا بطريق صحيح سليم ثابت ، ولاسيما اذا كان النص قطعى الثبوت كالقرآن الكريم وما تواتر من الأحاديث الشريفة الصحيحة .
علمًا بأن الشرائع السماوية ، قد تأتى بما تحار فيه العقول ، لكنها لا تأتى بما تحيله العقول .
والعقل السليم المؤمن بالوجود الحق ، وجود خالق الأكوان والعوالم ، يؤيد اليوم الآخر بل يرى ذلك ضرورة لا مندوحة عنها ؛ لأنه يرى أن العدل لا يأخذ مجراه فى الدنيا ، بل كثيرًا ما يسود الظلم والبغى ، وهو يعتقد أن الله سبحانه متصف بكل كمال ، منزه عن كل نقصان ، متصف بالعدل والرحمة ، لا يرضى لعباده الظلم ولا يقره فيهم ، فلا بد من يوم آخر يحقق الله فيه عدله ، فيقتص من الظالم ، ويأخذ لكل ذى حق حقه ، قال عز وجل : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ } [ المؤمنون / 115 ] فالإنسان لاينتهى بالموت ، بل ثمة يوم آخر للحساب والجزاء نحن مقبلون عليه ، ألا وهو يوم الدين ، وقد أخبرت الأنبياء جميعًا أممها بذلك اليوم ، وحذرتهم منه ، وبينت لهم أن حياة الخلائق الحالية فى الدنيا سوف تنتهى بالموت وتنقطع ، فلا يبقى اٍلا الواحد القهار ، وأن الأكوان سوف يظطرب نظامها ويتبدل تركيبها ، غير أن ذلك الوقت ، أو تلك الساعة ، غًيبٌ استأثر الله بعلمه ، فلم يطلع عليه ملكًا مقربًا أو نبيًا مرسلًا .
۞ قال عز وجل : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [ الأعراف / 187 ] .
۞ وقال عز وجل : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَىٰ رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُواْ إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [ النازعات / 42 – 46 ] .
҉ وعن ابن مسعود رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : { لقيت ليلة أسرى بى إبراهيم وموسى وعيسى } قال : { فتذاكروا فى أمر الساعة ، فردوا أمرهم إلى إبراهيم ، فقال : لا علم لى بها ، فردوا الأمر إلى موسى ، فقال : لا علم لى بها ، فردوا الأمر إلى عيسى فقال : أمّا وَجْبتُها فلا يعلمها أحد إلا الله ، ذلك ، وفيما عهد إلى ربى أن الدجال خارج ، قال : ومعى قضيبان ، فإذا رآنى ذاب كما يذوب الرصاص ، قال : فيهلكه الله ... الحديث } مد وابن ماجه والبيهقي والحاكم وصححه وقال : " صحيح على شرط الشيخين " ، ووافقه الذهبى . [color=DarkGreen]وقال البوصيرى فى الزوائد : " هذا إسناد صحيح رجاله ثقات " . وقال أحمد شاكر : " إسناده صحيح " ] .
وكان صلى الله عليه وسلم ينهى أمته عن السؤال عن وقت الساعة ، ويطلب منهم الإعداد لها ، ومع ذلك فقد أخبر أمته بما كان وما سيكون إلى أن تقوم الساعة ، ونالت أشراط الساعة النصيب الأوفر من تلك الأخبار .
وللإخبار بالغيب صور كثيرة ، بعضها صريح مباشر ، وبعضها رمزى إشارى ، وما يذكره أهل الكتاب فى كتبهم المقدسة ، إنما هو رموز غامضة ؛ ولذلك اختلفوا فى تفسيرها اختلافًا كبيرًا ، أما نحن المسلمين ، فقد بين لنا النبى صلى الله عليه وسلم بصراحة ووضوح ما سيكون بين يدى الساعة من أحداث ، صغرى وكبرى ، بعيدة عنها وقريبة منها ، بعضها مضى وانقضى ولم يبق منه إلا الخبر ، وبعضها ظهر ولا يزال يتتتابع ، وبعضها لما يظهر ، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم المتجددة على مَرِّ القرون ، فما من عصر إلا ولرسول الله صلى الله عيله وسلم فيه إخبار عن غيب تراه الأمة ، فيكون معجزة له ، وعاملًا لها من عوامل زيادة الإيمان والتمسك بالإسلام .
҉ عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال : لقد خطبنا النبى ص خُطبة ما ترك فيها شيئا إلى قيام الساعة إلا ذكره ، عَلِمَه من علمه ، وجَهِلَه من جهله ، إن كنت لأرى الشئ قد نسيت ، فأعرفه كما يعرف الرجل إذا غاب عنه ، فرآه فعرفه . [ أخرجه الشيخان وأبو داود ، واللفظ للبخارى ] . وعند مسلم : والله إنى لأعلم الناس بكل فتنة فيما بينى وبين الساعة ، وما بى أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر إلىَّ فى ذلك شيئًا لم يحدِّثه غيرى ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومًا وهو يتحدث عن الفتن ويعدهن : { ومنها ثلاث لا يكدن يذرن شيئًا ، ومنها فتن كرياح الصيف ، ومنها كبار } ، فذهب أولئك الرهط الذين سمعوه معى كلهم غيرى . وعند أحمد قال : أخبرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما من شئ إلا قد سألته ، إلا أنى لم أسأله ما يُخرج أهل المدينة من المدينة . وعند أبى داود 0]قال المعلق على جامع الأصول 10/29 : " وإسناده حسن " ] قال : والله ، ما أدرى أنسى أصحابى أم تناسوا ، والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة إلى إنقضاء الدنيا يبلغ معه ثلاثمائة فصاعدًا ، إلا قد سماه لنا باسمه واسم أبيه واسم قبيلته .
҉ وعن عمرو بن أخطب الأنصارى رضى الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ، ثم صعد المنبر ، فخطبنا حتى حضرت الظهر ، فنزل ثم صلى ، ثم صعد المنبر ، فخطبنا حتى حضر العصر ، ثم نزل فصلى ، ثم صعد المنبر ، فخطبنا حتى غربت الشمس ، فأخبرنا بما كان ، وبما هو كائن ، فأعلمنا أحفظنا . [ أخرجه مسلم وأحمد ] .
҉ وعن عمر رضى الله عنه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامًا ، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم ، وأهل النار منازلهم ، حفظ ذلك من حفظه ، ونسيه من نسيه . [ أخرجه البخارى تعليقًا ، ووصله الطبرانى وأبو نعيم ] . وعند الطبرانى فى الكبير : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الله عز وجل قد رفع لى الدنيا ، فأنا أنظر إليها وإلى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة ، كأنما أنظر إلى كفى } . وأخرجه نعيم بن حماد فى الفتن برقم "2" عن عمر رضى الله عنه وزاد فيه : { إلى كفى هذه ، جَلْيَّان من الله ، جلاه لنبيه ، كما جلا للنبيين قبله } .
إن قيام الساعة الذى يعنى نهاية نظام هذا العالم هو من أعظم الأحداث بعد خلق العالم ، بل إن تغيير النظام الكونى وإيجاد نظام آخر ، حدث يعدل خلق العالم أول مرة ؛ ولذلك تسبقه أحداث كبرى خارقة للعادة ، تكون كالمقدمة له .
والإيمان بأشراط الساعة داخل ضمن الإيمان باليوم الآخر ، فهى من الإيمان بالغيب ، وهى قسمان : صغرى تؤذن بقرب الساعة ، وكبرى تؤذن بوقوع الساعة وحلولها ، وقد اختلف العلماء فى عددها وترتيبها ، واختلافهم فى العدد يعود إلى سببين :
الأول : اختلافهم فى صحة سند الحديث ، فمن تساهل زاد فى عددها ، ومن تشدد ودقق وجدها أقل . الثانى : اختلافهم فى تصنيف بعض الأشراط بين الصغرى والكبرى ؛ فظهور المهدى مثلًا ، عدًّه بعضهم من الصغرى ، ورآه آخرون من الكبرى ، كما ذهب قوم إلى أن طلوع الشمس من مغربها أول الأمارات الكبرى ، ورأى آخرون أن أولها الدجال .
وكثيرًا مايحدث لدى الكلام عن الساعة وأشراطها ، وعمَّا يكون بعدها أن يطوى بعض الرواةِ بعض المشاهد ، أو يفهم بعضهم عمَّن حدَّثه فهمًا خاصًّا ، فيصوغه بعبارته ، فيحدث لبس أو وهم .
وأما اختلافهم فى تسلسل وقوع بعضها ، فسببه أنه ليس ثمة نص صريح يبين ترتيبها حسب وقوعها ، ولا سيما الكبرى ، وقد جاء ذكرها فى الأحاديث مجتمعة بدون ترتيب غالبًا ، فقد عطفت بالواو أو بأو ، وكلاهما لا يفيد الترتيب ، بل إن الحديث الواحد ليختلف ترتيبه بين رواية ورواية ، فـــ ( حديث حذيفة بن أَسِيد الغفارى رضى الله عنه الذى رواه مسلم عنه بلفظين مختلفين فى الترتيب ) ، وكذلك ( حديث أبى هريرة رضى الله عنه ) إحدى الروايتين بالواو ، والأخرى بأو ، وهما لا يدلان على الترتيب . إلا أن تسلسل بعضها يقينى ، فقد ذَكَرَت بعض الروايات الأشراط مرتبة حسب وقوعها ، كما فى ( حديث النواس بن سمعان رضى الله عنه ) ومن ناحية أخرى فإن بعض الروايات ذكرت أن أول الآيات كذا ، وبعضها ذكر أن أول الآيات غير ذلك ، وقد حاول العلماء الجمع والتوفيق بين الروايات ، فأجادوا وأصابوا فى كثير منها ؛ لأن الأوليَّة بينها نسبيَّة ، أو من ناحية مخصوصة ؛ ففى حديث عبد الله بن عمرو رضى الله عنه مرفوعًا : { إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى ... الحديث } أى أول الآيات التى ليست مألوفة ، وهى مخالفة للعادات المستقرة ، فطلوع الشمس من مغربها أول الآيات السماوية ، وخروج الدابة أول الآيات الأرضية ، وهمـــا العلامة الأولى لتغيير أحوال الكون ، وقرب الساعة . وأكثر الخلاف إنما هو فى الأشراط الكبرى ، أمـــا الصغرى ، فأكثرها يُعرف ترتيبه من خلال حدوث بعضها إثر بعض .
ومن الجدير بالذكر أن كون الشئ من أشراط الساعة لا يعنى أنه حرام أو ممنوع ، فإن أشراط الساعة تشتمل على المحرم والواجب والمباح والخير والشر ، فالحُكم يُؤخذ من دليل آخر .
وفى عصرنا الحاضر استولى اليأس على بعض المسلمين ، نتيجة لما يشعرون به من الظلم والمضايقات وعدم الإنصاف عمومًا وخصوصًا ، فجعلوا قضية المهدى المنتظر أملهم الوحيد ، وقد استأنس بعض المعاصرين بمفهوم بعض الروايات ، فرأى أن أيامه قريبة ، بل رأى بعضهم أن النصوص تؤكد أننا أصبحنا على مقربة من ظهور الدجال ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام فسيطرة اليهود على أكثر حكام الأرض ، وتمكِّنهم من رقاب النصارى والمجوس ، وتسخيرهم لمصلحتهم فى تسلطهم على المسلمين ، أكدت عندهم ذلك ، بل إن بعضهم حدد أسماء بعض الزعماء المعاصرين ، وفسر النصوص بها معتمدًا على أحاديث ضعيفة ، أو على روايات أهل الكتاب المفتقرة إلى التوثيق والأسانيد .
هذا ولم يثبت فى تحديد عمر الدنيا أو عمر أمة من الأمم حديث صحيح صريح ، فالصحيح غير الصريح ، والصريح غير الصحيح ، ولعل كتاب الفتن للحافظ نعيم بن حماد المروزى خير شاهد على ذلك . فمؤلف الكتاب مختلَف فيه بين أهل العلم ، والذى يترجح لدى أكثرهم أنه ضعيف لا تقوم به حجة وحده ، وقد روى البخارى عنه مقرونًا ، وعَلَّق له ، وقال عنه النسائى : " قد كثر تفرده عن الأئمة المعروفين بأحاديث كثيرة ، فصار فى حد من لا يُحتَجُ به " . وقال عنه مسلمة بن القاسم : " له أحاديث منكرة فى الملاحم ، انفرد بها " . وقال الذهبى : " نعيم من كبار أوعية العلم ، لكن لا تركن النفس إلى رواياته ، لا يجوز لأحد أن يحتج به ، وقد صنَّف كتاب الفتن ، فأتى به بعجائب ومناكير " . وقال عنه الدار قطنى : " إمام فى السُنَّة كثير الوهم " . وقال عنه صالح بن محمد : " كان نعيم يحدث من حفظه وعنده مناكير كثيرة لايتابع عليها " . ولذلك لم آخذ برواياته مالم يكن لها شواهد من الأحاديث الصحيحة ، أو تفصيل لبعض المعارك ، فكنت أستأنس برواياته التى لم يصل سندها إلى الضعف الفاخش استئناسًا ، وأذكر سندها فى الحاشية إبراء للذمة . [/size] | |
|